أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - العراق: هل ضاعت الهوية الوطنية؟














المزيد.....

العراق: هل ضاعت الهوية الوطنية؟


جورج منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6163 - 2019 / 3 / 4 - 07:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر الهوية الوطنية بمثابة بطاقة الانتماء الى الوطن الواحد، وتتجسد في خصائص موحدة لجميع المواطنين الذين يجمعهم التاريخ والجغرافيا واللغة والتعابير الخاصة بالدولة، كالعلم وشعار الدولة والنشيد الوطني والتقويم والهوية الجامعة في حدود جغرافية محددة تتنوع فيها الثقافات ويغنيها التنوع الثقافي والاثني والقومي والديني والمذهب.

ان موضوع الهوية الوطنية الذي يشغل مساحة واسعة من المبادئ الوطنية ويحتل اهمية في ضمان حقوق الفرد والمجتمع على المستويات المحلية وفي المواثيق والدساتير الديمقراطية والشرعية الدولية لحقوق الانسان، يشكل الاطار العام لسياسة الدولة الوطنية، التي تتجاوز الهويات العرقية وتبني استراتيجيات تعمق الهوية الجامعة لوطن واحد موحد، يحترم التعددية الثقافية والهويات الفرعية والاجتماعية المختلفة، التي هي بمثابة نتاج لتاريخ تليد وحضارات عريقة حملت معها خزينا من التنوع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وابعادا ديناميكية.


وتتشكل الهويات الخاصة عبر تكوينات الهوية والتفاعل المشترك واحترام مبادئ حقوق الحوار والقيم التي تبني الانسان الذي يحتل الوطن جزءا كبيرا من شخصيته ومكانة خاصة في ضمن تكوينه، لهذا تراه يضحي من اجله بالغالي والنفيس ويثأر من اعدائه إذا تطلب الامر، ويحدد وجوده وانتماءه وتفرده واشتراكه مع الآخر المختلف ذات الهويات المكتسبة التي تركز على مقومات الهوية الوطنية بالدرجة الاساس.


ان عمر العراق الحديث يقترب اليوم من القرن الواحد، وهو الذي تأسس في العام 1921 بعد قرابة 300 سنة من الحكم العثماني على ثلات ولايات، بغداد والموصل والبصرة، دون ان تظهر لديه ملامح للهوية الوطنية او يعيش ابناء الوطن الواحد دون تمييز بين قومية او دين او مذهب. ولم تصل درجة الوطنية فيه الى ان يتساوى الجميع امام القانون، وان يشعر العربي انه اخ الكردي والشيعي اخ السني والمسلم اخ المسيحي والصابئي والايزيدي والكاكئي والشبكي...الخ.

ان العراق، ومنذ تشريع دستوره الاول في العام 1925 لم يقم على اسس المواطنة، ولم يؤسس النظام الملكي على ثوابت الهوية الوطنية، بل ظل خليطا غير متجانس من المواطنة التي رفضت الانتماءات الفرعية. كما عمل نظام صدام حسين على تأسيس دولة الرعايا، لا دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع تحت خيمة الوطن، يتفيأ بظله وينعم من خيراته ويتنقل بحرية ضمن حدوده.


بالمقابل، لم تقدم احزاب الاسلام السياسي، التي استولت على مقاليد الحكم بعد عام 2003، اي اشارة ايجابية لتحسين صورة الهوية الوطنية الممزقة والمهشمة، التي اختزلها صدام حسين في حزبه الوحيد وشخصه الاوحد، إذ انها انشغلت في تعزيز نفوذها وتوسيع صلاحياتها ضمن مخطط للاستحواذ على ما تبقى من مقدرات البلاد والسيطرة على المال العام عبر الفساد المنظم، سواء من خلال عقود النفط التي تدر اموالا طائلة والمشاريع الوهمية التي لم يرمنها الشعب شيئا ولم يسمع عنها إلا في التقاريرالدولية التي تكشف احيانا ملفات الفساد في العراق.

ان فشل احزاب الاسلام السياسي في بناء وطن للجميع وهوية جامعة تجلى في صراع الهويات والاقتتال الداخلي ودوامة الاحتقانات الطائفية تحت مسميات القومية والدين والمذهب، ما ادى الى بروز الهويات الفرعية، الشيعية والسنية والكردية، ومن ثم بدأت عملية الانشطارات والمشاكل الداخلية: الشيعية- الشيعية والسنية- السنية والكردية- الكردية.

ان العراق يقف اليوم على اعتاب مرحلة تاريخية، استحوذت عليه الهويات المتنافرة الطائفية والمذهبية والاثنية، التي لا تعترف بالآخر المقابل، بل بمفهوم الهوية الوطنية الذي يرفض التخندق وينظر الى المواطن انسانا بغض النظر عن الانتماءات الجغرافية والبيئية. وهو احوج ما يكون الى هوية وطنية موحدة وجبش وطني يكون ولاؤه الاول للوطن، ولا يحتاج الى الميليشيات السائبة التي تتفرعن عندما تريد وتكبرعندما لا نريد.

ان التهميش والاضطهاد الذي تعرضت له المكونات والطوائف في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية، كان سببا في تعميق الصراع على الهويات الفرعية بدلا عن الهوية الوطنية التي لم تستطع ان تكون مظلة لجميع المكونات العراقية على حد سواء. وتتحمل النخب السياسية والثقافية والمراجع الدينية جزءا كبيرا من المسؤولية لجهة ضمان حقوق جميع المواطنين القومية والدينية، ونبذ الطائفية والتمييز واتاحة الحريات المدنية وتعزيز الديمقراطية.

فهل حقا ضاعت الهوية الوطنية العراقية، ام ان تجارب الماضي الفاشلة ستكون حافزا للنهوض بالعراق وطنا للجميع وهوية وطنية جامعة يحترم الهويات الفرعية لا يلغيها او يشطب عليها؟



#جورج_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: 70 جعجعة بلا طحن
- تفاؤل عراقي رغم التركة الثقيلة
- ألعراق... الفرهود الاكبر!
- ألحكومة العراقية: شكرا، الشروط غير متوافرة!
- ألعراق: صراع الديكة!!
- ألعراق: أما لليل ان ينجلي؟
- العراق: سلمتك بيد الله!!
- العراق: هل من بصيص أمل؟
- هل دم النساء العراقيات مباح وقتلهن مستباح؟
- ما الجدوى من الانتخابات البرلمانية في العراق؟
- في وداع دانا جلال: العاشق والحالم ابدا
- المرأة الكردستانية.. ضحية المجتمع الذكوري والتقاليد البالية
- الحقوق الاجتماعية والدينية لأتباع الديانات والمذاهب في العرا ...
- جهد أكاديمي وبحثي كبير للدكتور كاظم حبيب
- تحية الى الدكتور كاظم حبيب في عيد ميلاده الخامس والسبعين
- لمحات من عراق القرن العشرين
- دور منظمات المجتمع المدني في العملية الانتخابية
- مستلزمات النهوض بحركة منظمات المجتمع المدني
- منظمات المجتمع المدني وأهمية التمويل الحكومي والدولي لنشاطات ...
- العلمانية واحدة من أهم خصائص المجتمع المدني الديمقراطي الحدي ...


المزيد.....




- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟
- وداعا للوهن!.. علاج ثوري قد يكون مفتاح الشباب الدائم للعضلات ...
- الذكاء الاصطناعي -يفكّر- كالبشر دون تدريب!
- وكالة -مهر-: دوي انفجار شمال شرقي العاصمة الإيرانية طهران
- -‌أكسيوس-: اقتراح لعقد اجتماع بين إدارة ترامب وإيران هذا الأ ...
- وزير الدفاع الأمريكي: سياستنا في الشرق الأوسط دفاعية ولا ني ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - العراق: هل ضاعت الهوية الوطنية؟