أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - العراق: 70 جعجعة بلا طحن














المزيد.....

العراق: 70 جعجعة بلا طحن


جورج منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6147 - 2019 / 2 / 16 - 05:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعرف عن العراقيين حنكتهم وفكاهتهم وتعليقاتهم السياسية الساخرة، وهم يتباهون كونهم"مفتحين باللبن" ولا تفوتهم شاردة او واردة، إلا وعلقوا عليها. إذ انهم من اكتوى بنارالسياسيين المتنفذين والفساد الذي يزكم انوفهم منذ ست عشرة سنة، وهم يفهمون جيدا، انه كلما اراد مسؤول في الدولة تسويف قضية ما وطمس معالمها ورميها في سلة المهملات، فإنه يقوم بتشكيل لجنة خاصة بها. فما بال العراقيين اليوم، وقد شكل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي "المجلس الاعلى لمكافحة الفساد"، واصدرمن اجله امرديواني رقم 70 بتاريخ 31 كانون الاول (ديسمبر) 2018 ورصد الاموال له.

لقد جاء تشكيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، بعد ان سئم المواطن من الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وانعدمت الثقة بينه وبين المسؤولين في الدولة ولم يتلق غير الوعود الفارغة. الحكومة التي لم تقدم له خبزا يسد به رمقه ولا وقودا يتدفء به او كساء يغطيه ويقيه برودة الشتاء ولا كهرباء تخفف عنه حرارة الصيف اللاهب ولا دواء يشفيه ولا مستشفيات تعالجه ولا مدارس مناسبة لاطفاله.

لا اعتقد ان المواطن العراقي سوف يفرح وتنفرج اساريره ولن يتوهم بان المجلس الجديد سيكافح الفساد ويعاقب المفسدين، لان في العراق "هيأة النزاهة" التي تشكلت بموجب الامر المرقم الصادر عن مجلس الحكم في عام 2004، و"ديوان الرقابة المالية الاتحادي" الذي تأسس في عام 2011 حسب الامر المرقم 31 ويرتبط بمجلس النواب، و"مكاتب المفتشين العموميين" التي اسسستها سلطة الائتلاف تحت رقم 57 لسنة 2004، وكلها تكلف خزينة الدولة اموالا طائلة دون ان تقدم شيئا في مكافحة الفساد.

ألم يكن من الاهمية بمكان ان يتم دعم هذه الهيئات والتشكيلات وان تمنح الصلاحيات والاستقلالية الكافية لممارسة عملها في كشف الفساد وتحويل الملفات الى القضاء والمحاكم لمعاقبة المفسدين، بدلا عن تأسيس مجلس جديد ليكون بديلا او بمثابة الغاء هيأة النزاهة وديوان الرقابة ومكاتب المفتشين؟

ان تشكيل المجلس الاعلى وضم هيئات مستقلة تحت يافطته، يعتبر تدخلا في شؤون هيأة النزاهة، باعتبارها كيانا مستقلا، يرتبط بالسلطة التشريعية وتحديدا بمجلس النواب، ولا يحق لرئيس الوزراء الاشراف على عملها او درجها ضمن خانة المجلس الاعلى، كون ان رئيس الوزراء يمثل السلطة التنفيذية، وعلى العراق ان يسير باتجاه فصل السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ان التجربة العراقية الفاشلة في مكافحة الفساد، تذكرني بتجربة سنغافورة الناجحة. يكتب رئيس وزراء سنغافورة الاسبق (لي كون يو)، الذي قضى ثلاثين عاما من حكمه في محاربة الفساد وتعزيز الاقتصاد وفتح ابواب الاستثمارات وتحسين المستوى المعيشي للشعب، في مذكراته (من العالم الثالث الى الاول) عن قصة سنغافورة في الازدهار وطريقتها في مكافحة الفساد الذي بدأ من قمة هرم الدولة الى اسفله، واصبحت الدولة الاقل فسادا باحتلالها المرتبة الرابعة في العالم. التجربة التي بدأت في عام 1975 عندما ادانت احدى محاكم سنغافورة وزير البيئة لقيامه، هو وعائلته، برحلة مجانية الى اندونيسيا، على حساب رجل اعمال. واصدرت حكما عليه بالسجن لاربع سنوات وصادرت ممتلكاته، التي كسبها عن طريق الثراء غير المشروع.

ان العراق لا يحتاج الى مجلس جديد، بقدر حاجته الى حملة لكشف الفاسدين ومقاضاتهم والى ارادة قوية وصارمة وقرارات شجاعة ومحاكمات جادة وعادلة لحيتان الفساد وكبار المسؤولين المتهمين بالسرقات والاستيلاء على ممتلكات الآخرين والاثراء على حساب المال العام، والى خطوات عملية لمكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة، إذ ان في هيأة النزاهة 13 الف ملف فساد ينتظرالاجراءات اللازمة.

ان العراقيين لا ينتظرون من المجلس الاعلى لمكافحة الفساد اطلاق الشعارات الطنانة ولا الوعود الجوفاء ولا ان يكون حلقة زائدة ورقما جديدا مضافا الى ما تم تشكيله خلال السنوات الست عشرة الماضية من هيئات مشابهة، ولا ان يتحول الامر الديواني رقم 70 الى جعجعة بلا طحين.



#جورج_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاؤل عراقي رغم التركة الثقيلة
- ألعراق... الفرهود الاكبر!
- ألحكومة العراقية: شكرا، الشروط غير متوافرة!
- ألعراق: صراع الديكة!!
- ألعراق: أما لليل ان ينجلي؟
- العراق: سلمتك بيد الله!!
- العراق: هل من بصيص أمل؟
- هل دم النساء العراقيات مباح وقتلهن مستباح؟
- ما الجدوى من الانتخابات البرلمانية في العراق؟
- في وداع دانا جلال: العاشق والحالم ابدا
- المرأة الكردستانية.. ضحية المجتمع الذكوري والتقاليد البالية
- الحقوق الاجتماعية والدينية لأتباع الديانات والمذاهب في العرا ...
- جهد أكاديمي وبحثي كبير للدكتور كاظم حبيب
- تحية الى الدكتور كاظم حبيب في عيد ميلاده الخامس والسبعين
- لمحات من عراق القرن العشرين
- دور منظمات المجتمع المدني في العملية الانتخابية
- مستلزمات النهوض بحركة منظمات المجتمع المدني
- منظمات المجتمع المدني وأهمية التمويل الحكومي والدولي لنشاطات ...
- العلمانية واحدة من أهم خصائص المجتمع المدني الديمقراطي الحدي ...
- المبادئ الأساسية لأي مصالحة وطنية في العراق


المزيد.....




- ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
- مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين ...
- منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
- لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى ...
- إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض ...
- إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م ...
- مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
- اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
- طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
- ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - العراق: 70 جعجعة بلا طحن