أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - هي مسلمة وهو مسيحي، تزوجا زواجاً مدنياًوعلى نهج الرحمن وُرسلِه أجمعين















المزيد.....

هي مسلمة وهو مسيحي، تزوجا زواجاً مدنياًوعلى نهج الرحمن وُرسلِه أجمعين


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 6334 - 2019 / 8 / 28 - 01:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



هي مسلمة وهو مسيحي، تزوجا زواجاً مدنياً
وعلى نهج الرحمن وُرسلِه أجمعين


لم اجد صعوبة في إتخاذ القرار.
لكن الأمانة تقتضي السؤال.
سألته على الهاتف، "لكنك تعرف أني لا أحمل صفة رسمية لفعل ذلك."
جاء رده هادئاً، يكاد يكون مبتسماً: "لا يعنينا هذا الأمر كثيراً او قليلاً".
قال عبارته بالألمانية، وأنا ترجمتها لكما، عزيزي القاريء عزيزتي القارئة، بتصرف.
وهنا، أكاد أنا الأخرى أن ابتسم.
صَّمَتْ.
"لكن الزواج المدني سيسبق الروحي"؟
جاء الرد فوري، "طبعاً".
في الواقع تزوجا قبل ذلك بشهور زواجاً مدنياً.
هو القانون هنا في سويسرا. وهذا القانون يحفظ للزوجين وللمرأة تحديداً حقوقها.
لم أتردد بعد ذلك.
سأكون سعيدة بعقد قرانهما الإسلامي، في مراسم زواج روحي مختلط.
قلتها له. وانا اعني ما أقول.

ليلى إبراهيم إمرأة سورية كردية مسلمة. وتوماس شتاوبلي رجل سويسري مسيحي. احبا بعضهما، وقررا الزواج. مدنياً اولأ.
ثم الزواج، كلٌ على دينه، روحياً.
أكرر الكلمة، "روحياً".
ومغزى ذلك هام، سَأشرحه لاحقاً في هذا المقال.

وما فعلاه يفتح لنا أبواب المستقبل على مصراعيه.
فشكراً لهما على هذه البادرة. شكرا لَهما على شَجاعتهما.


بدأت الحكاية بمكالمة هاتفية من صديقة سويسرية، سيمون فوب، تعمل كقِسيسة في كنيسة بروتستانتيه.
جمعتنا السنين في أكثر من مبادرة او ندوة.
قالت لي: أعرف صديقين يرغبان في عقد زواج روحي مشترك. والزوجة مسلمة. طلبا أن استفسر منك عن إمكانية قياِمك بعقد قَرآنهما إسلامياً".
سألتها نفس السؤالين المذكورين أعلاه (في بداية المقال). وردها جاء بالإيجاب في كل مرة.
ثم استفسرت عن المكان. وهنا وجدتها تتردد. قالت، "هذا هو السؤال. ليلى لا ترى مانعاً في عقد القُرآن في الكنيسة".
أحببت ليلى هذه قبل أن أرها.
من صوتها، أدركت أن سيمون كانت تخشى أن يكون في ذلك جرحاً لأحاسيس دينية.
رددت عليها مؤكدة:" لا ارى مشكلة في ذلك".
أليست الكنيسة بيتاً لله؟

بعد مكالمتها ومكالمة توماس شتاوبلي التي لحقتها، بدأ الترتيب لمراسم الزواج الديني المختلط.
وكنا أربعة، سيمون، وأنا، والقس لوكاس شتوك (بروتستانتي) والأستاذ والمحاضر اللاهوتي في كلية الأديان بجامعة لوتزيرن أورز وينتر (كاثوليكي).
شاركنا اربعتنا في حفل زواج رائع في كنيسة مدينة زوفينجر. تخلله موسيقى كلاسيكية ورقص وأغاني كردية، وترنيمات أعدها فريق ترانيم الكنيسة.
كان ذلك في يوم 16 يوليو من العام الجاري.
ــــــــــــ


عَقَد القرآن مسيحياً القس لوكاس شتوك، وقمت أنا بعقده إسلاميا.
وكان رمز مراسم الزواج غصن الزيتون.
كل منا الأربعة أشرنا إلى غصن الزيتون في الكلمات التي ألقَيناها.
ولم يكن إختيار ليلى وتوماس لغصن الزيتون إعتباطاً.
رسالة سلام..
رسالة محبة.
ورسالة تعايش مشترك.
الأهم، إختيار ليلى لغصن الزيتون يرتبط بمسقط رأسها، عفرين، الذي تم تدميره منذ احتلال تركيا للمنطقة.
وتحديداً حقول الزيتون في عفرين...تلك التي تجرفها جرارات قوات أردوغان عمداً.
لكن هذه قصة اخرى. ليس هذا مكانها.

ـــــــــــ
كيف أَجريتُ مراسم الزواج الإسلامي؟
قرأت سورة الفاتحة.
وضعت المنديل الأبيض على يديهما المتصافحين عكساً.
ثم طلبت منهما أن يكُررا معاً العبارة التالية، كلٌ يقولها بصيغته المؤنثة والمُذكّره: "زوجتك نفسي على نهج الله عز وجل ورسله أجمعين، وعلى المودة والرحمة في اليسر والشدة".


إختيار تلك العبارة جاء بعد تفكير. قرأت المصادر الإسلامية.
تواصلت مع الإمامة أني زونيفيلد الأمريكية من أصول ماليزية، ورئيسة منظمة "مسلمون بقيم معاصرة".
لها تجربة هي ومنظمتها في عقد الزيجات المختلطة منذ أكثر من عقد في الولايات المتحدة.
بعثت لي بصيغة كلاسيكية من المصادر الإسلامية.
وبعد إستشارة للصديق الموسيقار المصري وائل سامي الخولي، عدلت من الصيغة الأولى.
والأهم أن تلك العبارة جاءت بإختيار ليلى
. كنت قد طرحت عليها الصيغتين، وهي أحبت الصيغة الأخيرة.
احببتها انا ايضا.

لماذا؟

لأن مضمونها يعكس واقعنا في القرن الواحد والعشرين.
واقع المرأة في القرن الواحد والعشرين كما يجب أن يكون.
ليلى تزوج نفسها. هي من تزوج نفسها. لأنها هي هي ولية أمرها.
هي ولية أمرها.
تزوج نفسها، وتختار زوجها، وهي بالغة راشدة عاقلة.
هكذا يكون الزواج.
تماماً كما أن توماس يزوج نفسه. يختار زوجته، وهو بالغ راشد عاقل.
و الاثنان يقفان على قدم المساواة، أمام الرحمن وأمام القانون.
يتعهدان لبعضهما البعض بالمودة والرحمة في الضيق واليسر.
أليس هذا جميلاً؟

القس لوكاس شتوك فعل شيئا مشابهاً وطلب منهما أن يكُررا قسماً، إختاراه الإثنان معاً.

ـــــــــ


قلت لكما أن ليلى وتوماس تزوجا زواجا مدنياً اولا.
ما الذي يعنيه هذا؟

يعني ان قوانين الزواج السويسرية التي تحترم الإنسان، وحقوقه، ذكرا كان أو أنثى، هي التي تسري عليهما. وأن عقد القران بصيغتيه الإسلامي والمسيحي كان روحيا. ليست لهما تبعات قانونية من الناحية الدينية او الفقهية.

قوانين الزواج السويسرية المدنية لا تمنع الزواج بسبب الإختلاف في الدين. الإنسان هو من يتزوج. وإذا إختار الإنسان الزواج من شخص آخر له دين آخر، فذاك شأنهما. الدولة لا تفرق بين مواطنيها بسبب دينهم. الدولة تقف محايدة. هذا يعني أنها دولة علمانية. تحترم الإنسان وحقه في الاختيار.

لم يكن هناك مهر.لأن ليلى لا تبيع نفسها. عدا ذلك، فإن القانون المدني يحمي حقوقها المالية المالية.

وعلى الصعيد نفسها، في حال حدوث طلاق، فإن ليلى لن تعاني من قوانين الفقه الإسلامية التي تنتهك حقوقها وتعاملها كقاصر، وتقدم لها "نفقة متعة" كأنها بضاعة متعة.
تلك قوانين عَفى عليها الزمان. تعود إلى عصور غابرة سحيقة في الزمان. وضعها رجال ينتمون إلى عصرهم القروسطي. نحترمهم في إطار عصرهم.. لكن زمانهم ولى، ومعه قواعدها الفقهية.
لاتصلح لنا اليوم.
في الواقع هي ليست فقط مهينة للمرأة والإنسان، هي مهينة للإسلام نفسه.
آن أوان تغييرها.
وليس هناك ما يمنع من تغييرها.
فكل دين يتشكل من خلال البشر، ويعكس الأطار التاريخي والاجتماعي للمرحلة التي خرج ونشأ فيها. الأهم أن الكثير الكثير مما نعتبره جزءا لا يتجزأ من القواعد والتعاليم الدينية وضعه البشر. وضعه بشر.
آن أوان ترك تلك القواعد الفقهية.
آن أوان فعل ذلك.
الدولة التي تحترم الإنسان وتساوي بين مواطنيها لا تطبق قوانين دينية. لأن الأخيرة، أي القوانين الدينية، دائما تفرق بين من "يؤمن" ومن "لا يؤمن".
تُميز بين البشر.
الدولة التي تحترم الإنسان وتساوي بين مواطنيها تطبق قوانين مدنية وتترك الدين لمن يؤمن به في الحيز الخاص.
و الإيمان بالله أو أي دين، لا يقف متناقضاً مع قوانين مدنية تحترم كرامة وحقوق الإنسان، بغض النظر عن جنسه.
الإيمان بالله روحياً.

ــــــــ


توماس وليلى قدما لنا مثلاً، يرى الزواج كما يجب أن يكون.
أي علاقة إنسانية بين شخصين.
إنسان يتزوج من إنسان.
يتزوجان على المودة والإحترام، الرحمة والحب.
والدين شأنهما.
لا يجب أن يمثل عائقاً أمام المحبة والرغبة في العيش المشترك.

إذن أعود إلِيكما من جديد، عزيزتي القارئة، عزيزي القارئ.
أذُّكركما.
التغيير لايَحدث من نفسه.
يحدث عندما نطالب به.
يحَدث بالبشر عندما يُقدمون عليه.
وليلى وتوماس أَقدما عليه.
هما الإثنان، كانا التغيير الذي ارادا رؤيتهما له في هذا العالم.
فسلام عليهما وعلى زيِجتهما.



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخيل السلام الذي تحلم به، ثم اعمل على تحقيقه
- العدالة للطفلة مآب وأكاليل العار
- عن الحجاب والحرم المقدسي الشريف
- تدين بالألوان!
- كل عام واليمن بخير عن السادس والعشرين من سبتمبر
- متضامنة مع وئام شوقي أنا إنسان
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ (4) تَشبهنا وتنفرد عنا
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ (3) يَشبهونا. ونَشبههم.. ...
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ (2) كأني لا أعرف ما تعتب ...
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ سافرت إلى إسرائيل ولم أن ...
- هذه عَورتكم، فتأملوا عن حق خلعِ الحجاب
- لاجئون يمارسون القمع على من يخالفهم في الفكر
- رسالة ٌ إلى أمٍ -مؤمنة-
- ماذا لو كان مسلماً؟
- لِمَ لمْ يرد عليها بالمثل؟ عن عهد التميمي والصفعة
- نحن من يكره -هدوا الكنيسة والكنيس اليهودي على رؤوس اصحابها-
- عندما رميت بالحجاب والبالطو في القمامة
- هي وأنا، يهودية ومسلمة، في الكنيسة معاً
- -اليمن: الآن ستبدأ الحرب الأهلية الفعلية-
- عبدالله رشدي: أي دين تروج له المؤسسات الدينية؟


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - هي مسلمة وهو مسيحي، تزوجا زواجاً مدنياًوعلى نهج الرحمن وُرسلِه أجمعين