أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إلهام مانع - العدالة للطفلة مآب وأكاليل العار














المزيد.....

العدالة للطفلة مآب وأكاليل العار


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 6244 - 2019 / 5 / 29 - 18:01
المحور: حقوق الانسان
    


العدالة للطفلة مآب
وأكاليل العار


عادة لا أنشر صوراً مؤذية. جثة، أو إنسان تعرض للتعذيب. احتراماً لكرامة ذلك الإنسان.
هذه المرة لم اتمكن من الإلتزام بقاعدتي.
هذه المرة لم ارَ سوى حجم الظلم والأذى الذي تعرضت له مآب.
كان لابد من نشر ماحدث لها، حتى يراها العالم بأسره.

طفلة في العاشرة من عمرها.
من اليمن.
وفي الواقع ليس مهما فعلاً أين تعيش.
فمنطقُتنا اصَبحت تعج بما نسمية "جرائم الشرف". لعل الأفضل ان نسميها باسمها، أكاليل العار، عار مجتمعاتنا. تلك التي لا ترى في الطفلة، الفتاة، المرأة، كياناً له كرامة وحقوق متساوية. كيان مستقل. له إحترامه.
بل تراه مصدراً للعار.

مآب الطفلة تعيش مع عمها بعد طلاق والديها.
بعد زيارة لوالدتها، عذبها والدها لمدة ست ساعات حتى تعترف بأنها ارتكبت "فاحشة".
بأنها تمارس الجنس مع "الأولاد" بسبب والدتها.
ذكرتني بالشيخ الداعية السعودي، فيحان الغامدي، الذي قتل ابنته ذات الخمس سنوات لنفس السبب. شك في سلوكها وهي في الخامسة من عمرها. وعذبها هو الأخر.

بعد التعذيب سجل عم مآب فيديو لها، يحقق معها، يريد أن يثبت جريمتها. وجهها منفوخ ازرق بالكدمات، ملابسها ممزقة، شعرها منفوش، خائفة، ترتعش، وهو يسألها، "هل علمّتكي أمك كيف يلعب الأولاد بكي؟" وهي ترد بخوف "ايوه"، وصوتها خافت كأنين صامت.
لم يكن إنساناً من صور ذلك الفيديو.
لم يكن إنساناً.
فقد آدميته.
والغريب انه تصور أنه بذلك "يُثبت التهمة عليها".
أية تهمة؟
لم يجد هو في فيلمه أية جريمة؟
لم يجد في تعذيب الطفلة أية جريمة؟
لم يجد فيما يفعله هو أية جريمة؟
بأي ذنب قتلت؟
أسألكم/ن بكل غال لديكم/ن، بأي ذنب قتلت؟
بأي ذنب قتلت هذه الطفلة؟

كل ذنبها، وكل الطفلات والفتيات اللاتي قتلن في اليمن، كما اشارت تدوينة لمنظمة الحراك النسوي اليمني على التويتر "أنهن إناث ولدن في مجتمع لايراهن إلا كجسد يمثل الشرف والعار".

إكليل العار الأكبر هو في قوانيننا، تلك المستمدة من فقه قديم يعود إلى قرون وسطى. ينتمي إلى عصره.
المادة 59 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني ينص على التالي:" لا يقتص من الاصل بفرعه وانما يحكم بالدية او الارش على حسب الأحوال».
ما الذي يعنيه هذا؟
ما يعنيه هذا أن الأب الذي يقتل إبنته أو أبنه لا يعاقب، بل يدفع ديه او مبلغاً يتم الإتفاق عليه. لأن الأب هو الأصل (كالشجرة) والابنة والابن هما الفرع (كفروع الشجرة).
بكلمات اخرى، القانون يعتبر الابنة والابن امتداداً للأب، وهو له الحق في أن يُؤدبهما كما يرى ولو قتلهما فالمسألة تظل خفيفة يمكن التعامل معها بتعويض مالي.

ولذلك لم يكن غريباً أن تبُريء المحكمة السعودية فيحان الغامدي الذي قتل ابنته ذات الخمسة أعوام، وعذر المحكمة أنه "أَسرف في تأديبها". كأن التأديب يؤدي إلى كسر الجماجم والضلوع.
ولولا الضجة الإعلامية ما دخل السجن. لكنه في النهاية خرج، بصمت قاتل، وكأن حياة الطفلة، كرامتها، حقوقها، لا معنى له في قاموس تلك المحاكم والقوانين التي يحكمون بها.

الطفلة مآب قُتلت في عام 2014. ولم تبدأ محاكمة والدها إلا هذا الشهر في اليمن. والمحاكمة حدثت وتحدث في السر. كيف ستحكم المحكمة؟ هل ستقول أنه "أسرف في تأديبها" هي الأخرى؟ هل ستتجاهل الكسور والكدمات والرصاصات ورميها من فوق مرتفع؟ هل ستتجاهل الفيديو؟ هل ستتجاهل إنسانيتها؟

نريد عدالة تحترم كيان هذه الطفلة، وتصر على أن قتلها كان جريمة، وقاتلها مجرم سينال عقابه.

الطفلة مآب قتلت بدون ذنب.
قتلها أبوها.
ذاك الذي "شك في سلوكها".
عقله يضج بوسوسة جنسية.
لكن الوسوسة تعكس رؤية مجتمعية.
مجتمع بأسره، مهووس بالطفلة، الفتاة والمرأة.
وسوسة عار.
والنتيجة انها عُذبت، وصورت ثم قتلت. والرجل مقتنع انه يؤدبها.
أليس هذا مخيفاً؟



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الحجاب والحرم المقدسي الشريف
- تدين بالألوان!
- كل عام واليمن بخير عن السادس والعشرين من سبتمبر
- متضامنة مع وئام شوقي أنا إنسان
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ (4) تَشبهنا وتنفرد عنا
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ (3) يَشبهونا. ونَشبههم.. ...
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ (2) كأني لا أعرف ما تعتب ...
- إذا لم نكن نحن رسل السلام، فمن إذن؟ سافرت إلى إسرائيل ولم أن ...
- هذه عَورتكم، فتأملوا عن حق خلعِ الحجاب
- لاجئون يمارسون القمع على من يخالفهم في الفكر
- رسالة ٌ إلى أمٍ -مؤمنة-
- ماذا لو كان مسلماً؟
- لِمَ لمْ يرد عليها بالمثل؟ عن عهد التميمي والصفعة
- نحن من يكره -هدوا الكنيسة والكنيس اليهودي على رؤوس اصحابها-
- عندما رميت بالحجاب والبالطو في القمامة
- هي وأنا، يهودية ومسلمة، في الكنيسة معاً
- -اليمن: الآن ستبدأ الحرب الأهلية الفعلية-
- عبدالله رشدي: أي دين تروج له المؤسسات الدينية؟
- -الدعوة- و-الدُعاة- هو ترويج للفكر الإسلاموي السياسي
- المرتد لايُقتل ولو طارت عنزة! عن السبسي والأزهر وداعش


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إلهام مانع - العدالة للطفلة مآب وأكاليل العار