أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - في تفسير الظاهرة الإرهابية














المزيد.....

في تفسير الظاهرة الإرهابية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6320 - 2019 / 8 / 14 - 15:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن اختزال الإرهاب في مقاربة واحدة مهما كان دورها كبيراً، لأن هناك عدداً من العوامل تتفاعل معها، وتتدافع فيها لتنتج بالنهاية ما نطلق عليه «الظاهرة الإرهابية». وبالطبع يختلف منظور الباحثين باختلاف خلفياتهم الفكرية والسياسية وتباين ظروف حياتهم ومجتمعاتهم، فضلاً عن اختلاف مناهجهم.
ويستند التفسير الثقافوي - الديني بشقيّه الغربي والإسلاموي إلى ربط العنف والإرهاب بالنصوص الدينية، فالمجاميع الإرهابية تحاول تفسيرها أو تأويلها بما يخدم مشروعها الإرهابي، من دون الأخذ بنظر الاعتبار سياقاتها التاريخية والظروف التي قيلت فيها ومدى توفّر شروطها.
وإذا كنا نعترف بأن ثمة حمولة أيديولوجية تتضمّنها بعض النصوص الدينية، فإن التركيز على ذلك واعتباره القاعدة وليس الاستثناء هو الذي دفع صنّاع القرار والقوى المؤثرة في الغرب بشكل عام لدمغ الإسلام بالإرهاب بزعم أن ثمة جينات إرهابية بين النص الديني والفعل الإرهابي، خصوصاً بعد أحداث ال 11 من سبتمبر / أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، اعتماداً على أطروحة الرهاب من الإسلام «الإسلامفوبيا».
ولعلّ من يميل إلى هذا التفسير أو من يحاول اعتباره العامل الحاسم في الظاهرة الإرهابية، إنما ينطلق من قراءة ميكانيكية جامدة للدين والثقافة، فالعنف والإرهاب وليدا التعصّب والتطرّف، وهذان الأخيران مرتبطان أيضاً بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والتاريخي والتربوي وبقية العوامل المؤثرة فيه داخلياً وخارجياً، وبالطبع من دون نسيان درجة الوعي الثقافي والديني.
أما أصحاب التفسير النفساني للظاهرة الإرهابية، فإنهم ينطلقون من اعتبار العوامل السيكولوجية المتأثّرة بالوضع السسيولوجي والاقتصادي للإرهابيين، هو الذي يقودهم للانخراط في الأعمال الإرهابية، بما فيها تفجير أنفسهم والانتحار وصولاً إلى تحقيق الهدف، وبقدر ما يكون مثل هذا التفسير صحيحاً، لكنه يبقى محدوداً وينطبق على حالات ضئيلة، بسبب إحباطات حياتية وشعور باللّاجدوى واستجابة لما هو غير عقلاني كتعويض عن حالات اليأس والقنوط، التي يظل الفرد أو المجموعة تتخبّط فيها لدرجة يستولي عليها مثل هذا الشعور، حيث يُقدم الإرهابي على إقناع نفسه أولاً بأنه ينفّذ واجباً، فما بالك حين يكون «أمراً إلهياً» فيلقى الثواب عنه في الآخرة، لكن مثل تلك الحالات لا يمكن تعميمها، كما أن نتائج الإحباط والشعور باليأس لا تقود كلها إلى نتائج واحدة.
وتستند أطروحة التفسير الاجتماعوي إلى واقع الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، وبشكل خاص إلى الفقر والعوز، وتتفاعل مع الجوانب النفسية، فتنتج ردود فعل حادة في ظلّ الشعور بالاستلاب والبطالة وتردّي الأوضاع المعيشية والصحية، وهو ما يوفّر مغريات للبحث عن أمن مادي ونفسي واجتماعي، وحين تكون الفرص شحيحة والظروف غير متكافئة، فقد يميل بعض الأفراد أو الجماعات المهمّشة إلى الإرهاب جزعاً ولا مبالاة، خصوصاً في ظروفهم البائسة. والأمر يشمل حتى بعض مسلمي أوروبا، فإضافة إلى عدم قدرة بعضهم على الاندماج، فإن ظروف حياة أوساط غير قليلة منهم مزرية، ولا سيّما بعد موجة اللاجئين التي ارتفعت وتيرتها في السنوات الأخيرة على نحو لا مثيل له تاريخياً، حيث فشلت سياسات العديد من البلدان في دمجهم مثلما هي إسبانيا وبلجيكا وفرنسا وغيرها، وهو ما يسهم في تغذية عوامل التوتر لدى الجاليات المسلمة.
وقد تمكن «داعش» من التغلغل في صفوفها واستقطاب المئات من المسلمين أو المتحوّلين دينياً إلى صفوفه، وذلك عبر التشكيك بجدوى العيش في تلك المجتمعات «غير العادلة» أو «الكافرة» أو المنقوصة الإيمان أو المشوّهة، ولا سيّما الشعور بفقدان الأمن الاجتماعي والإنساني.
في حين يذهب التفسير الجيوبوليتيكي إلى الصراع التاريخي على المصالح والنفوذ، ولا سيّما السياسي والديني وما تركه من حساسيات ومرارات قديمة وراهنة، وإذا كان هذا التفسير غربياً يقوم على «الإسلامفوبيا» فإنه في البلدان العربية والإسلامية يحمل لافتة «الويستفوبيا»، تلك التي تعتبر الغرب كلّه شروراً واستعلاء وعنصرية، استناداً إلى ترسّبات التاريخ وقراءة أحادية قائمة في الذاكرة الجمعية للناس تلك التي تتغذى على صدمة الاستعمار وما تركته على العرب والمسلمين، إضافة إلى استمرار الحروب والصراعات والنزاعات بشأن الموارد الطبيعية الأخرى في المنطقة مع وجود «إسرائيل» ودورها العدواني التوسعي الإحلالي.
وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار العوامل المختلفة في فهم الظاهرة الإرهابية وتفسيرها، فإن مواجهتها عند ذاك ستكون مستندة إلى معطيات علمية وخبرات ميدانية وتجارب حياتية متراكمة وأدوات تجريبية ضرورية، إذْ ليس هناك نظرية جاهزة ومتكاملة تصلح لجميع المجتمعات، ويتطلّب الأمر معرفة ما لدى الإرهابيين من أفكار وخطط وبرامج.
وإذا كانت المقاربة الأمنية والعسكرية ضرورية ولا غنى عنها، فهي آخر العلاج، وينبغي أن تكون مقترنة باحترام كرامة الإنسان في إطار منظومة قوانين تكون درعاً واقية من جهة، ومقدمة لخطاب إقناعي وعقلاني مدعوم من الناس من جهة أخرى، فلم يعد نافعاً الخطاب العاطفي وردّة الفعل العشوائية وهكذا نحتاج إلى عمل تربوي طويل الأمد لبناء الإنسان، ويمكن للإعلام أن يلعب دوراً مؤثراً، خصوصاً إذا احتوى على الحقائق واستند إلى العلم والمعرفة، مثلما يمكن للمجتمع المدني أن يكون رديفاً للدولة وفاعلاً مجتمعياً في المجابهة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلد الفصاحة والشعر يحتفي بالمفكر العراقي عبد الحسين شعبان
- «الاسلاموفوبيا» و«الويستفوبيا»
- «تفاهة الشر»
- 67 دقيقة.. مانديلا!
- نوري عبد الرزاق- الذاكرة والزمن الجميل
- الفساد ضد الفساد
- «سلطانات الرمل»
- «عبء» الديمقراطية!
- حين يُضرب السفير البولندي في «تل أبيب»!
- إيران و«تخوم الحرب»!
- أوجاع العرب وكوابيس المستقبل
- «ما بعد» العدالة الانتقالية
- تشويه معنى التضامن الدولي
- مفهوم السلطة بين الأمّة والملّة
- نابولي تحتضن للمرّة الثانية اجتماع حقوقيي البحر المتوسط
- بلند الحيدري خفقة الإبداع وريادة ما قبل الحداثة
- تحديات العمل الإنساني
- «ألغاز إرهابية»
- «عدالة» لاهاي!
- العراق: تفاعلات القوة ومعادلات التوازن


المزيد.....




- حكم العيسى.. من هو القيادي البارز في -حماس- الذي أعلنت إسرائ ...
- نهائي درامي - إنجلترا تهزم ألمانيا وتتوج بأمم أوروبا تحت 21 ...
- هل تنجح مساع واشنطن لوقف الحرب في السودان ؟
- اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تطال الجنود الإسرائيليي ...
- -مسيرة الفخر- تشعل التوتر مجددا بين المجر والاتحاد الأوروبي ...
- لأول مرة منذ ثلاة عقود، بريطانيا تعيد العمل بالردع النووي ال ...
- كوريا الشمالية تفتتح أكبر منتجع سياحي .. مخصص للسياح الأجان ...
- إيران تشيع جثامين قادة وعلماء نوويين قضوا في الهجوم الإسرائي ...
- هل تعرف كيف تحمي نفسك وعائلتك من لدغة القراد في كل فصول السن ...
- مقتل عدة أطفال من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - في تفسير الظاهرة الإرهابية