سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 6305 - 2019 / 7 / 29 - 20:57
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
هذه هي الشهادة الثالثة التي وصلتني من مختون
-----------------------------
في يوم ختاني لم تكن لدي اية فكرة عما سيحدث لي، حيث انه لم يطلعني احد بشكل مباشر عما سيحدث ذلك اليوم. وحتى ابان التحضير له، اي قبل ايام .. كانو يخبرونني اننا نستعد لحفلة صغيرة .
ففي صبيحة يوم ختاني ايقظتني امي وعلى وجهها ابتسامة غير اعتيادية، وقالت لي اليوم ستكون انت البطل يا صلاح، اننا نستعد لحفلك. في تلك اللحظة احسست بالفرحة. لقد ظهر ان الحفل اللذي كانو يحظرون له هو حفلي انا في اخر المطاف، لقد قلت لنفسي : "كم انا محظوظ لان لي اهلا يحبونني لهذه الدرجة .."، ولكم ان تتخيلوا كيف تكون فرحة طفل في الثالثة او الرابعة من عمره عندما يبتسم له والداه و يقيمان له حفلة، لقد كانت سعادتي لا توصف ..
بعدها اتوني بزي غريب ,لم اكن اراه سوى في التلفاز، لقد كان زيا تقليديا (على الاغلب اندلسي) علمت فيما بعد انه من التقاليد الباسه للمختون، وبعد ان لبسته اخذني ابي في السيارة. استغربت ان ياخذني ابي في السيارة، فسالته :"الى اين نحن ذاهبان يا ابي ؟" فقال لي :"نحن ذاهبان الى عمو، انه يريد ان يراك في يوم حفلك"، واستمر باخباري باني ساكون بطل هذا اليوم .. اما انا ، فقد كنت اصدق كل كلمة اخبر بها، وارتاح لها ارتياح الطفل لكلام والديه ..
بعدها نزلنا عند طبيب، استغربت مرة اخرى .. ولكني دخلت مع ابى بكل هدوء، الا انني لم اكن مرتاحا ابدا و شعرت بارتياب شديد.
عند دخولنا وجدت طابورا من الفتيان بمثل عمري تقريبا، و يلبسون زيا مثل اللذي البسه، شعرت باستغراب شديد فسالت ابي : "ابي ,لماذا نحن عند الطبيب ؟ و لماذا هؤلاء يلبسون زيا مثل اللذي البسه ؟ ولماذا هذا الطبيب لا يبدو كغيره من الاطباء ؟ ما الذي يجري ؟"
عندها اجابني ابي بان هؤلاء ابطال هذا اليوم مثلي تماما، انظر كم هم شجعان سيكون عمو فخورا بكم ..
عندها شعرت ان ابي يخفي عني شيئا ما :" الامر مريب، وكانني احلم او اهذي، لقد كان امس فقط يوما عاديا .. لماذا اليوم تبدل الجميع واجد نفسي بزي غريب عند طبيب ؟ انا لست مريضا .."
عندها سمعت صرخة لم اسمع مثلها بحياتي، لقد كانت صرخة طفل ختن قبلي، لقد كانت صرخة بكل ما اوتي الطفل من قوة للصراخ. لقد افزعني ذلك كثيرا، و بعد ان سكت الطفل سالت ابي :"ابي، ما الذي يجري لذلك الطفل ؟ هل هو بخير ؟" عندها اجابني ابي :"اهدئ ,انه فقط يخاف من الطبيب، تماما مثلما كنت تخاف انت من الحلاق .. انت على عكسه لا تخاف من الطبيب فانت متعود على لقاءه .."عندها عرفت ان ابي يخدعني، فحتى طفل مثلي يمكنه ان يعرف يقينا ان تلك صرخة الم فظيع وليست صرخة خوف من الغرباء .. لقد زاد شكي في كلام ابي عندما رايت وجوه الفتيان الاخرين، فبعظهم خائف، والاخر يبكي واخر لا يفهم ماللذي يجري حوله ...
بعدها قال لي ابي : "لقد حان دورنا" .. لم اكن اعلم ما الذي يجب علي ان افعله ..، لكن ابى امسك يدي و اخذني الى قاعة الطبيب.
لم يكن ذلك الطبيب ودودا كما صوره لي ابي .. حيث انه لم يتفوه معي باية كلمة .. لقد كان يسال ابي بضعة اسئلة، ثم امره ان يجعلني استلقي على السرير ..، فقال لي ابي :"استلقي هنا "
فاستلقيت وسالت ابي : "ابي ,ماذا يجري ؟ لم كل هذا ؟"
عندها بدا الطبيب يعد حقنة، ففزعت قليلا، لكن انا كنت متعودا على الحقن.. فكرت انه ربما كان الولد اللذي قبلي يصرخ بسبب الحقنة، ان كان الامر كذلك فهذا امر مريح ..
بعدها امر الطبيب والدي ان يمسكني جيدا، عندها استغربت :"لمذا كل الامساك ؟ من اجل حقتة؟ هذا مبالغ فيه ؟ " ..عندها ثبتني والدي على السرير.. لم استطع التحرك ابدا .. صرخت في وجهه : "تمهل ما الذي تفعله، انت تالمني، لمذا تكبلني هكذا؟".. عندها فكرت مع نفسي : "مهلا.. انه يثبتني و انا مستلق على ظهري ؟ ماهذا؟ اين سيحقن تلك الحقنة ؟؟ ". عندها شعرت بهلع شديد..و بدا يتبادر بذهني: "انه سيحقنها في رقبتي او ربما في عيني، ربما بطني و ربما قضيبي .."
لقد شعرت بالخيانة من طرف والداي.. لقد امضا اليوم كله بالكذب علي.. ، لاجد نفسي بالنهاية مكبلا من طرف ابي، مع طبيب مجنون.. و للصراحة لم اكن اعلم ان كنت ساخرج حيا من هناك .. فقد تبادر الى ذهني في تلك اللحظة اطفال شعب المايا اللذين كانو يقدمون قرابينا من قبل والديهم ( فقد كنت طفلا مثقفا نوعا ما و اشاهد وثائقيات الاطفال) .
عندها استسلمت ..,لا امل فقوتي لم تحركني انشا واحدا، لقد سلمت امري لما ينتظرني، لقد قلت في نفسي : "تبا، لقد كانت تلك الفترة القصيرة التي عشتها تمثيلا، وانا صدقته كالاحمق، لقد كانا يمثلان انهما يحبانني، لاقدم كقربان في اخر المطاف.."، طبعا لقد تخيلت امورا لا حقيقة لها واساس لها من الصحة ... ولكن حتى جعل طفل يصل الى هذه الدرجة من التخيلات بسبب الياس اعتبره امرا اجراميا
بعدها اخذ الطبيب الحقنة و غرسها في قضيبي، لكم ان تتخيلو فظاعة ذلك الالم .. لقد كان فظيعا .
في ذروة تلك الصرخة فكرت :"هذا ما كانو يصرخون بسببه، انه فعلا مؤلم، ان الصراخ يكاد لاينقص من الالم شيئا .."
عندها بدات افقد الوعي بسرعة ..، لقد كانت حقنة تخدير ... في الواقع لقد كنت مخدرا عندما قام بختني، لكن تلك الحقة كان فيها الم يكفي لاخظاع سيد الرجال فما بالك بطفل صغير ..اتذكر ان اخر كلماتي قبل ان افقد الوعي كانت :"ابي ,لماذا ؟ لماذا فعلتم بي هذا ؟لماذا كذبتم علي ؟.."
للصراحة لقد كنت محظوظا نوعا ما ..، فهناك اطفال من مدينتي كانو يختنون من دون تخدير، واخرون يختنون عند الحلاق، نعم عند الحلاق بكل ما تحمله العملية والمكان والادواة المستعملة من اخطار على حياة الطفل.
.
دعوة للشهادة
--------
بامكانكم دائما تقديم شهاداتكم كمختونين على عنواني [email protected] وسوف انشرها على صفحتي، ولاحقًا في شريط، دون ذكر اسمكم
من يهمه المزيد عن الختان، وتفاديا للتكرار أحيلكم إلى كتابي
ختان الذكور والاناث عند اليهود والمسيحيين والمسلمين: الجدل الديني والطبي والاجتماعي والقانوني، أمازون، 2012، 766 صفحة
يمكنكم تحميله وتحميل كل كتبي العربية مجانا من مدونتي بالنقر على كلمة مجانا مقابل الكتاب الذي تريدون تحميله. كما يمكنكم شراءها ورقيا من أمازون لدعم ابحاثي
https://blog.sami-aldeeb.com/mes-livres/
وإلى حلقاتي https://www.youtube.com/playlist?list=PLzMT3msR0dRkVd6jq77oUWEDBl6_dICq8
في نظري الختان اذي يجرى على طفل دون سبب طبي هو جريمة. ولا أرى مانع من أن يقرر البالغ ختان نفسه أو يقطع أنفه. فللبالغ الحق في الجنون
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://sami-aldeeb.com/livres-books
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb
https://www.patreon.com/samialdeeb
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟