أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثاق بيات الضيفي - بشرية بلا هوية !!!















المزيد.....

بشرية بلا هوية !!!


ميثاق بيات الضيفي

الحوار المتمدن-العدد: 6301 - 2019 / 7 / 25 - 15:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بشرية بلا هوية !!!
بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي
لا يعرف الإنسان نفسه إلا عبر هويته... لكننا بلا هويات حية... وبلا أفكار حية... وبلا أحلام حقيقية... فأينه مستقبل الهوية؟ وكيف ستكون هويتنا؟؟ ونحن الأكثر تفككا وتضييعا !!!

لا ينتمي الدين أو الأيديولوجية ولا حتى الثقافة إلى حيز المعلومات في تسونامي الفضاء الافتراضي الذي يكون فيه الخضوع لكل شيء ولأي شيء بشاكلة انحراف معين عن النسخ البسيط للواقع, وهذه وجهة نظر تشابكاتها أكثر تعقيدًا في العالم لأنها لا تتعلق بتكرار قواعده بل بوضع قواعد بديلة له، وكل كائن افتراضي لابد له كي يعيش إن يعيش على معلومات أطول منه عمرا، غير إننا ألان لسنا مهتمين بجريدة الأمس ولا بمعلوماتها لكننا لربما يمكننا قراءة روايات القرن الماضي ولذلك نرى إن مساحة المعلومات في هذا الصدد هي تكتيكية افتراضية إستراتيجية، فيتطابق كائن المعلومات مع الواقع بهذه النقطة في الزمان والمكان، وعبر ذلك تعتمد الظاهرية على الذاكرة لأنها تركز على ما كانت عليه، فلذلك يتضح أن الشخص المعاصر ليس لديه فهم للمستقبل وهو يحاول ببساطة أن يأخذ من ما حدث بالفعل وهو خطأ جوهري لأن الشخص لن يكون قادرا على معرفة إلا ما تم بالفعل من دون الاسباب ولا المقاصد وسيعجز عن إدراك الأمر وفهمه وتحليله. فتبنى الحروب علﯽ محاولة لتغﯾﯾر الھوﯾة وعالم اليوم لا يختلف عن عالم الماضي فتعمل الهوية بمثابة "شبكة" معينة تُلقى على الحيز المادي والخيالي وتربطها ببعضها البعض وحسب مفهوم السرد الاستراتيجي الذي يعتمده الجيش الأمريكي والذي بموجبه يغطي فقط رؤية العالم من وجهة نظر الهوية، ولا يعتمد السرد الاستراتيجي على اللغة على الرغم من أن اللغة هي بلا شك عنصرا أساسيا في الثقافة لكنها قد تكون موجهة للأدب نحو الأنماط الأخرى كما أن توجيه الحياة نفسها لا يمكن أن يكون عبر الأدب فقط فهناك الكلمات والأساطير والأفكار والتي لا تزال أكثر أهمية من الأفعال والأشياء والواقع. وحروب الهوية شائعة بين الدول المختلفة فعلى الصعيد الغربي أثبت نموذج "بوتقة الانصهار الأمريكية" أنه ناجح، وقد أظهر وصول شخص دونالد ترامب لمنصب الرئاسة الأمريكية أن قدر حرب الهويات على اشدها حين شعر الجانب التقليدي للشعب الأمريكي بقوة "الأجانب" على أراضيه ولذلك نرجح وبقوة قيام حرب أهلية أمريكية مستقبلية لكنها لن تكون حرب دموية إنما حرب ثقافية على غرار الصراع بين الثقافة التقليدية والثقافة المضادة.
الهوية و اللغة و الثقافة، كلها آليات مختلفة تسلط الضوء على عناصر مهمة في العالم من حولنا فالحروب التي تفرزها تلك الاليات تخاض من جهات غير تابعة للدولة وعبرها يختفي التمييز بين الحرب والسلام، وتصبح العمليات النفسية هي السلاح المهيمن فيها، والهدف الرئيس هو تدمير الدعم العام لسلوكيات الجانب المهاجم، وتلك هي حروب هوية التي تتضح وتتحقق عندما يحاول أحد الطرفين فرض هويته الخاصة من جهة أخرى. وهذا هو الذي يفسر الزيادة في الدعاية التي ترافقها، فيتم شن الحرب الحديثة في البعد الإنساني لذلك من الضروري معرفة ثقافة العدو، لا إن نرفض ببساطة السلوك البشري القائم على أنه غير عقلاني مما يعني إننا نظهر فشلًا كبيرًا في فهم البعد الإنساني الحقيقي لان الحروب على همجيتها لكنها هي من جوهر طموح الإنسان، والناس كائنات عقلانية حتى عندما تسترشد بمبادئ ومفاهيم مختلفة عنك فالمشكلة إذن تتأرجح بشرط التوصل إلى فهم لتلك المبادئ والأفكار. وعبر كل ذلك فما هو مستقبل البشرية؟ وأين هو مكان الهوية في ذلك؟ الغريب في الموضوع انه ومن مفارقات التقدم إن تم تحليل سيناريوهات التطوير المحتملة المختلفة فمن الواضح أن الذكاء يجب أن يركز على القضايا الشوكية السلبية المحتملة في المستقبل وهنا يُذكر بوضوح أن الربيع العربي قد أثبت أن الدول ضعيفة في مواجهة التهديدات التي لا تتصرف بها وسائل القوة التقليدية، غير إننا وبذات الوقت نرى إننا حتى لو استمرينا بذات خططنا وبذات إستراتيجياتنا فأننا سنستمر كدول عرضة للصدمات المستقبلية لأننا سنتمحور حول الإدارة المركزية والفساد السياسي والاقتصاد القائم على الاستثمار والصادرات من أجل النمو ومع إن الغرب يرى إن عوامل الصمود تتمحور في الإدارة اللامركزية والاقتصاد المتنوع والمجتمع الشامل وموارد الأرض الكبيرة والتنوع البيولوجي وإمدادات الطاقة الآمنة والقوة العسكرية العالمية، غير إن التركيز لا يجدر إن يكون فقط على العوامل المادية، لأن المرجح أن يكون تحديد استدامة الدول أفضل مؤشر للنجاح في التغلب على الفوضى والدمار في المستقبل من الوسائل التقليدية لنفس القوة المادية ومن المرجح أن تكون الدول الناجحة في الغد هي تلك التي تستثمر في البنية التحتية والمعرفة والعلاقات التي يمكنها تحمل الصدمات الاقتصادية أو البيئية أو العامة أو السيبرانية.
ينظر إلى معظم بلاد الشرق الاوسط على أنها توليفة للسلطوية والفساد والقومية وكل هذا هو حقيقة بديهية لأولئك الذين يعيشون في المنطقة ومن ناحية أخرى يدفع الناس هنا ثمن هذه الحقائق بالدم والحياة إن لم يكن هم فأحبائهم، وعبر هذا وذاك نستطع الجزم إن هويتنا متعلقة بتحديد الأفكار والهويات لتترجم ماهية نحن ولتعكس الأفكار الفردية عن أنفسنا ودورنا في العالم وتقدم بتمثيلاتها إرشادات أخلاقية ونورا يشع عبر زجاجًا ضوئيًا لنفهم من خلاله المستقبل وننتقل إليه، كما وتحدد الهوية من ينتمي إلى الجماعة والمجتمع والدولة والثقافة والحضارة، وعلى الرغم من كونها مستمرة، فإن الأفكار والهويات ليست ثابتة فتتفاعل مع بعضها البعض مما يقوضها أو يعززها وكيف ينبغي أن يتعامل الناس معها لأنها تتأثر بالتنميات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتكنولوجية وغيرها. ويتمثل أحد الاستنتاجات في تعزيز الهويات العابرة للحدود أن المعلومات والأفكار في غضون العشرين سنة القادمة سوف تتحرك بحرية عبر الحدود ومن المتوقع أنه نتيجة لذلك فإن التوترات بين الجماعات الدينية المختلفة وبين المجتمعات الدينية والعلمانية ستزداد، وإن توقع التبادل المتسارع للأفكار والمعلومات يثبت مرة أخرى أن الدول العربية ما زالت غير قادر على تحمل مثل هذا التحرك الحر للمعلومات، وإذا فعلت ذلك، فإنها لن تكون الدول العربية التي نعرفها، ومن ذلك نخرج إن عالم العرب الأكثر اتساقا مع تضييع الهوية سيزيد بدلا من أن يحد من الاختلافات في الأفكار والهويات، فبيئة المعلومات تفكك السكان ووقائعها المتصورة التي لا نهاية لها، وتقوض الفهم المشترك للأحداث العالمية كما ستعمل على تحدي هذه المثل العليا كحرية التعبير وسوق الأفكار.
ولو اردنا إن نصف وقتنا فسنجد أن الواقع قد اختفى وغابت الرموز والخطوط القديمة وحدود حياتنا انقسمت إلى آلاف الشظايا وحتى الحقيقة لم نعد نراها إلا بأيقونة المعلومة السياسية التي تصلنا عبر صندوق البريد الإلكتروني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وليس ما نراه بأعيننا وفي مجتمعاتنا، فكل شيء أصبح سياسيا حتى اختيارنا للكلمات صار سياسياً ، وملابسنا سياسية ، وترفيهنا سياسيا، كما ويجب أن نكون شخصا سياسيا واحدًا أو آخرًا ، لأن كل شيء تشابه مع كل شيء. وهناك حقيقة أن عالم المستقبل لن يصبح أكثر تعقيدا فحسب، بل سيكون مرتبطا بالعديد من المخاطر الجديدة على البشرية والهوية، وسيعتمد القادة السياسيين على الهوية لتعبئة مؤيديهم ولتفعيل السيطرة السياسية وستكون مجموعات الهوية أكثر تأثيراً وبعضها سيكون ذا طبيعة عابرة للحدود الوطنية، وفي موازاة ذلك سيحدث تآكل لتقليد التسامح، كما ستصبح الهوية الدينية مرنة فتخيل الشخص الذي سيذهب إلى المعابد الدينية في المستقبل ما الذي سيبحث عنه بداخل جدرانها؟ إن كان هو فاقدا لميزة وقدرة التواصل الروحي!! وسوف يحتاج حقيقة لنوع من الوعي ولنوع من البساطة ولإمكانية الاتصال الروحي ، وللصدق ، والإخلاص ، والإيجاز ، وإن وعيه سيؤدي إلى طلب لفهم معنى ما يحدث، أي لإصلاح لغة العبادة لتتلائم مع فهمه المتجزئ والمتشظي، فعندئذ في لغة الأجيال الجديدة سينشأ صراع بين متطلبات الوضوح والبساطة ومن ناحية أخرى بين المعاني المتشعبة وفحوى النصوص الدينية. وستزول في الوقت ذاته تيارات المعلومات القديمة وسيتم استبدالها بمعلومات جديدة عبر الوسائط الاجتماعية أو التدفقات الافتراضية، إذ يمكن لوسائل الإعلام الاجتماعية أن تحول الهوية الفردية بطريقة متناقضة وتزيد من الشعور بالوحدة، ومع إن نظرية المعلومات كانت قد وضعت منذ زمن طويل ووضعت لتكون فيها المعرفة والحكمة على قمة الهرم وفي أسفلها كان يستقر مفهوم الحقيقة، غير انه ينبغي علينا التأكيد أن عالم اليوم أصبح مليئًا بالمعلومات ولكن ليس المعرفة التي انعدمت فيه!! إذ وبطريقة غريبة فإن التكرار في المعلومات قد أغلق الطريق أمام المعرفة، فألان نحن نعرف أقل فأقل، ويوم اثر يوم ستزيد الأجهزة الرقمية من جهلنا وسلب هويتنا وبشكل أسرع وأفظع !!!



#ميثاق_بيات_الضيفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نون النسوة - بين نمق الانوثة... ونزق الارهاب -!!!
- صدمات المستقبل !!!
- الحرب العالمية الاولى... ماذا جلبت للبشرية ؟؟؟
- اوكسجين الفساد !!!
- مؤامرات سلوكية !!!
- الصوت الصامت !!!
- أهات قلوب العرب !!!
- حياتنا... بين الهذر والنذر !!!
- المسرحية الرقمية !!!
- الكوميديا الديمقراطية !!!
- طمطمة الطغيان !!!
- الخداع المفبرك
- العزلة الدلالية... والتحولات العقلية
- محاكمة الوعي الجماعي !!!
- الفساد... تحت المطرقة العلمية
- تسييس النقابات العمالية العربية
- في السياسة... كيف يصبح كل شيء... من كان دون شيء؟
- ادراك العدالة المرتبكة !!!
- غاية ميكافيلي... لا تبررها الوسيلة !!!
- لسنا مبالين... فهل ذلك يعقل؟؟؟


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثاق بيات الضيفي - بشرية بلا هوية !!!