أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد كشكار - تصوّرٌ سياسيٌّ غيرُ مبرّرٍ، لا عمليًّا ولا نظريًّا، لكنه تصوّرٌ سائدٌ في مجتمعِنا، متجذِّرٌ عند المثقفينَ منّا وغير المثقفينَ، وعصيٌّ عن الدحضِ والتكذيبِ!














المزيد.....

تصوّرٌ سياسيٌّ غيرُ مبرّرٍ، لا عمليًّا ولا نظريًّا، لكنه تصوّرٌ سائدٌ في مجتمعِنا، متجذِّرٌ عند المثقفينَ منّا وغير المثقفينَ، وعصيٌّ عن الدحضِ والتكذيبِ!


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6292 - 2019 / 7 / 16 - 09:33
المحور: المجتمع المدني
    


ما هو هذ التصوّر غير العلمي؟: المسئول السياسي (وزير، برلماني، نقابي، رئيس حزب، رئيس بلدية، عضو مجلس بلدي، إلخ.) يجب أن يكون من حَمَلَةِ قفة من الشهائد العلمية (دكتور، طبيب، مهندس، أستاذ جامعي، إلخ.).
ما هو هذ التصوّر المغاير الذي أتبنّاه أنا؟ (أعي أنني أحلم ولا داعي لتذكيري بذلك): ما يجب أن يتوفر في المسئول السياسي هو "الصدق في القول والإخلاص في العمل" قبل الكفاءة والشهائد، ولو حدثت معجزة في زمن العلم فمرحبًا بها، أعني بها مسئول سياسي عالِم أمين وصادق. أوافق شاعرنا العظيم منوّر صمادح فيما قاله وأبصمُ عليه بالعشرة: "شيئان في بلدي قد خيبا أملي *** الصدق في القول والإخلاص في العمل".

1. التكذيب العملي لهذا التصوّر الخاطئ والسائد في مجتمعِنا:
أذكركم بأمثلة من التاريخ القديم والحديث: 1. أبدأ بخير الأنام، محمد صلى الله عليه وسلم، حسب السيرة، لقد كان نبيًّا أميًّا، أي لا يقرأ ولا يكتب (المؤرخ هشام جعيط ينفي ذلك)، وكان يُلقَّب بـ"الصادق الأمين" (الصفتان الوحيدتان التي أشترطهما في المسئول السياسي العصري، ولا يهمني كثيرًا إذا كان إسلاميًّا أو يساريًّا، "أما التجمعيين اللاّ.. ولّ نشرب كأس دواء" عملاً بالحكمة اليهودية: "إن لدغنا مرة فتبًّا له وإن لدغنا مرتين فتبًّا لنا".. "الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها" و"اطلب العلمَ ولو في الصين" (حديث شريف). 2. عمر المختار، بطل المقاومة الليبية وشهيدها ضد الطليان كان "مِدِّبْ" صغار. 3. فرحات حشاد، مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 (UGTT) لم يتجاوز التعليم الابتدائي.
وأخرى من التاريخ المعاصر: 1. ليش فاليزا، مؤسس نقابة تضامن ومحطم الشيوعية في بولونيا ورئيس دولتها (1990-1995) كان عاملاً مختصًّا في الخِراطة. 2. ماو، مؤسس الجمهورية الشعبية وباعث الشيوعية في الصين وقائدها الأوحد (1949-1976) كان مدرّس ترشيحي. 3. وزير تربية في عهد جيسكار كان دون مستوى الباكلوريا. 4. جل وزراء بن علي كانوا دكاترة وأساتذة جامعيين، لكنهم كانوا جميعًا للدكتاتورية منبطحين وللشعب قامعين.

2. التكذيب النظري لهذا التصوّر الخاطئ والسائد في مجتمعِنا:
مِن كثرة ما خيّب ظني أصحاب الكفاءات والشهائد من المسئولين السياسيين في عهد بن علي، أصبحتُ أفضّل المسئول السياسي الصادق، حتى ولو كان مستوى إعدادي، على المسئول السياسي غير الصادق، حتى ولو كان دكتورًا في اختصاصه. وذلك للأسباب التالية: 1. الجِدّ والصدق والأمانة والشجاعة والحس السليم (Le bon sens)، ملَكات مقسمة بين خلق الله بعدلٍ. والمفارقة الغريبة أن الفرد التونسي، كلما علت شهائده وزادت ثقافته، كلما هَزُلَ جِدّه ونقص صدقه وخفّت أمانته وقلّت شجاعته وذهب حسه السليم (ملاحظة شخصية غير قابلة للتعميم). 2. يبدو لي أن المسئول السياسي يحتاج في مهمته لهذه الملكات الخمس مجمّعةً أكثر ألف مرة من احتياجه إلى دكتورا في الديداكتيك أو الاقتصاد أو الطب. الكفاءات والشهائد مطلوبة لدى مساعدي الوزير القارين في وزاراتهم أما الوزير، وفي كل الدول دون استثناء، قد ينتقل من وزارة إلى وزارة، فهل يمكن أن أن يجمع بين اختصاصات كل الوزارات، الوزير يقوم بدور المنسق بين المختصين والمنفذ لسياسات الدولة، وليس منفذًا لاختصاص علمي يتطلب كفاءة علمية. 3. دساتير العالَم أجمع لا تشترط في المرشح لأعلى منصب سياسي في الدولة، الرئاسة، أيَّ شهادة جامعية وأيَّ كفاءة علمية، فما بالك بما هو دون ذلك.

3. التكذيب المحلي لهذا التصوّر الخاطئ والسائد في مجتمعِنا (بلدية حمام الشط نموذجًا):
أكتفي بعرض ثلاثة أمثلة من الواقع الذي أعيشه يوميًّا وأعاينه في طريقي ذَهَاباً وإياباً، صباحًا إلى مقهى الشيحي "التعيسة التي لم تعد تعيسة"، ومساءً إلى مقهى البلميرا (تدمر): 1. مقاولٌ يقوم بأشغال لصالح البلدية في شارع البيئة (الموازي لطريق سوسة)، أزال طبقة الأسفلت (الزفت) وكشف عن الطبقة السفلى فانتشر الغبار وعمّ المنازل المجاورة والتي وراءها أين يقع منزلي في الصف الثالث من جهة الجبل. الحل بسيط وواضح جدًّا ويتمثل في رش الطريق بالماء صباحًا ومساءً. لم يفعلها المقاول حتى تاريخ كتابة هذه السطور ولم تراقبه البلدية. رشُّ الطريق بالماء، هذا الإجراء الابتدائي (élémentaire)، هل يتطلب شهائد أو كفاءات؟ 2. شارع البيئة هو وجه حمام الشط والإنسان النظيف يغسل وجهه على الأقل مرة كل صباح. شارع البيئة هذا، كل 200م يعترضك فيه كَومٌ من الزبالة، داخل الحاويات وخارج الحاويات، المفروض يُسمونه "شارع الزبالة" وليس شارع البيئة. جَمْعُ الزبالة صباحًا ومساءً، هذا الإجراء الابتدائي، هل يتطلب شهائد أو كفاءات؟ 3. أمام بيتي، نهج باردو، توجد حفرة صغيرة في الطريق عمرها من عمر الثورة. ترميمُها، هذا الإجراء الابتدائي، هل يتطلب شهائد أو كفاءات؟ كلها إجراءات ابتدائية، تنفيذها لا يتطلب، لا شهائد ولا كفاءات، بل يتطلب جِدًّا وصدقًا وأمانةً وشجاعةً وحسًّا سليمًا (Un bon sens)، ملَكات مقسمة بين خلق الله بعدلٍ، لكنها للأسف الشديد غير متوفرة في مسئولينا السياسيين المحليين، جميع أعضاء مجلسنا البلدي المنتخَبين الموقرين، وعددهم 24!

إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" جبران

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 15 جويلية 2019.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشتِ العروبة والأخوّة والشهامة: وزارةُ التربيةِ الفرنسيةِ أ ...
- السيدا، مرض يعادي المرأة أكثر من الرجل: نساء وفقيرات، العقوب ...
- أبلغُ وأقصرُ تعريفٍ للعلم سمعتُه على لسان -المغفور له- مؤرّخ ...
- أخافُ على تونس من أن ينتشر فيها يومًا هذا الوباء، لو واصلت ح ...
- بانتْ سعادُ.. فاستبشرتُ بها خيرًا سعادُ.. خيبتْ حسنَ ظني بها ...
- ما يعجب القرّاء، ليس بالضرورة هو نفسه أفضل ما نشر الكاتب!
- نقاش دار بين ثلاثة، اليوم مساءً في مقهى البلميرا (تَدْمُرْ) ...
- عَجَبِي!
- الحُكّام والبيروقراطية النقابية؟
- اليوم مساءً، تعرّضتُ إلى عملية تحيّل في العاصمة
- توضيحٌ حول تدوينتي الأخيرة التي أثارت سُخط بعض أصدقائي المار ...
- وكما هو الشأن عند الحيوانات، النباتات أيضًا تتأثر بما هو -فو ...
- سيناريو خيالي محتمَل لنتائج الانتخابات التشريعية التونسية ال ...
- ما زلتُ أسعدُ كثيرًا بصحبة علماء -فوق الوراثي- (les biologis ...
- حزب -النهضة- التونسي ومناوئوه اليساريون والتجمعيون؟
- علماء -فوق الوراثي- (les biologistes de l’épigénétique) أنتج ...
- -معجزات- علماء -فوق الوراثي-: مخلوقة فاقدة العينين والنظرْ، ...
- بلاغ نابع من -جواجي- مختص في تعلمية -فوق الوراثي المخي-
- الجديد الجديد في علم -ما فوق الوراثي-؟
- أحدثُ تعريفٍ لعلم -ما فوق الوراثي أو التخلّق- (l’épigenèse)


المزيد.....




- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد كشكار - تصوّرٌ سياسيٌّ غيرُ مبرّرٍ، لا عمليًّا ولا نظريًّا، لكنه تصوّرٌ سائدٌ في مجتمعِنا، متجذِّرٌ عند المثقفينَ منّا وغير المثقفينَ، وعصيٌّ عن الدحضِ والتكذيبِ!