أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ملهم الملائكة - يوميات عراقي- ضربات نقيب شملان*














المزيد.....

يوميات عراقي- ضربات نقيب شملان*


ملهم الملائكة
(Mulham Al Malaika)


الحوار المتمدن-العدد: 6285 - 2019 / 7 / 9 - 21:07
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كل ما في النقيب شملان كبير، رأسه أكبر من جسده، كتفه أكبر من وسطه، قدماه أكبر من ساقيه، أسنانه أنياب كبيرة، شاربه غليظ لكنه متفرق. يأكل بشراهة بأصابعه وهو ينفخ، ويتكلم بصوت عالٍ، ويدّعي نسباً لشيخ عشيرة كبرى، وهو رفيق من حيث لا ندري.

النقيب شملان (إسم مستعار) كان آمر بطرية مدفعية ميدان في عام 1981 من قادسية صدام، وقد التقيته بضع مرات وهو ينفخ على مائدة الطعام والزبد يتدفق من فمه مدرارا. لم يكن بدينا، لكنّ بدنه كان مشوهاً.
زارنا وفد من "حرائر العراق" قادمات برفقة إحدى مذيعات التلفزيون العراقي الجميلات، واستقبل الوفد بترحاب كبير، واستضيف في ملاجئ القيادة، وكُرّم بذبيحة، وبعد الغذاء أعلنت كبرى الزائرات عن رغبتها وسائر الحرائر في مشاهدة "بطولات جيشنا وهو يتصدى للعدوان الفارسي المجوسي"، فصدر الأمر بأخذهن إلى مرصد المدفعية الذي يديره النقيب شملان، ليشاهدن من المرصد حركات العدو وما يفعله به "جنود صدام النشامى".
جرى تقسيم الوفد على ثلاث عجلات واز، تحركت بتوقيتات متفرقة لتفادي رصد العدو، ورافقتُ إحدى العجلات.
في مرصد "السنجاب" في قاطع العمليات الأوسط، استقبلنا النقيب شملان، وقد ارتدى عدة القتال كاملة، والخوذة الحديدة الروسية الثقيلة قد طوقت رأسه، وإلى يمينه تدلى قنباص روسي، وإلى يساره تدلى مسدس مكاروف روسي، وفي يده ملف خرائط مغلفة بالفابلون، وقد أشّرت عليها موضع قطعاتنا، ومواضع العدو على مستوى فوج مشاة متقابل.
قادنا عبر خندق متلوٍ يصعد إلى قمة جبيل ارتفاعه 400 متر، وأخذ يشرح عبر النواظير ونواظم المدفعية المثبتة في المرصد، ما يصيب العدو من ضربات المدفعية. سألت إحدى الحرائر إن كان يمكن رؤية جنود العدو، فقال لها شملان، نعم أحيانا، هم عموما يخافون الحركة نهارا بسبب ضرباتنا الدقيقة. لكن سنحاول أن نعرض لكم بعض حركاتهم.
ودعا الجمع إلى التحلق حول النواظير والنواظم وبدأ يصف لهنّ ما يشاهدون، هل ترون الحديدة السوداء؟ إنها دبابة مدمرة للعدو، قربها مواضع جنود، هل ترونهم...هذا أحدهم يتحرك وبيده أبريق.
انظروا اقصى يسار الدبابة، هذا جندي جالس في الشمس، وبيده صحيفة أو كتاب كما يبدو. انظروا انظروا إلى اليمين، هذه شاحنة تنقل جنودا، يبدو أنهم رجعوا من الإجازة، انظروا أنهم يترجلون من السيارة.
قالت كبيرة الوفد: لماذا لا ترميهم، فتقتل كثيراً منهم، إنّه هدف سهل؟
ضحك النقيب شملان وقال: إنهم مثل الدود، ونقتل منهم عشرات ومئات، وإكراما لكنّ ولزيارتكنّ سننفذ ضربة عليهم. وطلب عبر الهاتف من رعيل مدفعية (مدفعين) أن يتهيأ. ثم بدأ بتمرير إحداثيات الهدف لهم، وعيّن النقاط الدالة، ثم أصدر أمر إطلاق النار، فدوت أصوات مدفعية الميدان الروسية لتدك الهدف.
وانتظر الجمع أن يرى القذائف، انتظرنا، ثم سمعنا صوت الانفجارين. نظرنا معا إلى الهدف، فلم نجد أثرا للانفجارين، لا دخان، والجنود مازالوا يتحلقون حول شاحنة يبدو أنها جلبت لهم أرزاقا.
تساءلت الحرائر من النقيب شملان عن مصير القنبلتين، فأجاب أنهما أصابتا الهدف ودمرتاه.
وتعجب الجمع لأنّه لم ير سقوط القنبلتين؟ فقال النقيب شملان: القذائف سقطت خلف خطوط العدو، وقتلت ما لا يقل عن 10 من جنود الفرس المجوس! وهذا يحدث كل يوم خاصة في أوقات توزيع الأرزاق.
سكتت الحرائر عن السؤال احتراما لقصة النقيب، وبعد دقائق، انطلقنا في طريق العودة، ليذهبن عن مقر اللواء إلى الفرقة ثم يعدن إلى العاصمة قبل حلول الظلام.
في الموقف المسائي للفوج لذلك اليوم جاء ما يلي:
الموقف المسائي ل "ف 3، ل مش 5، فق مش 8، فل 2" حتى الساعة 1700 من يوم ...1981." اصابة جنديين من فصيل حجاب الفوج على بعد 500 متر غرب الدبابة المحترقة بنيران صديقة، إصابة أحدهما خفيفة وتم إخلاؤه الى المنطقة الإدارية للفوج، وإصابة الآخر متوسطة وجرى اخلاؤه إلى و. م. ط 144".
وكانت ضربات النقيب شملان "الصديقة" التي أصابت "جنود صدام النشامى" حديث بهو الضباط في مقر اللواء ذلك اليوم، وتوقع كثيرون أن تلحق به عقوبة كبرى قد تصل للسجن لهذا الخطأ الشنيع!
قبل نهاية العام، قُبل النقيب شملان في كلية الأركان، وجرى ايفاده إلى أكاديمية كوتا في باكستان لإتمام الدراسة ونيل شهادة ماجستير علوم عسكرية يحمل بموجبها شارة الركن الحمراء.

*هذه الوقائع، مشاهدات في حرب السنوات الثمان التي أؤكد على تسميتها "قادسية صدام" لأنّها حربه وحده، وقبلها العراقيون وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا صدام"، فأزهق صدام أرواحهم، وسفك دماءهم، وكافأ أهلهم بسيارات وبيوت وأموال. أنقل اليوميات كما عشتها وعاشها أغلب ذكور العراق المكلفين بالخدمة الإلزامية ضباطاً وجنوداً ومراتب. بعضها شهدته بنفسي، وأخرى رواها لي بأمانة شهود عيان.



#ملهم_الملائكة (هاشتاغ)       Mulham_Al_Malaika#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزوجة الجميلة - لعنة مستحبة تتقدم عليها العشيقة!
- قيلَ وقالَ وكثُرَ السؤال!
- الثمانينات في الذاكرة العراقية- ما لا يعرفه عراقيو الألفية ا ...
- العراق البريطاني والعراق الأمريكي
- عن الرؤساء الخالدين والجنود المجهولين
- الأكثرية والأقلية - تبادل أدوار بملابس دامية
- 8 شباط - بديهيات قتلت عبد الكريم قاسم
- أين اليسار عن حشود المهاجرين إلى أوروبا ؟
- رغم الدماء مازال العراق العراقي فتياً !
- الحرب على نادية الأيزيدية الفائزة بجائزة نوبل
- بعد قرن من ثورة أكتوبر، أين تقف حرية المرأة ؟
- علم العراق- لواء الوطن أم بيرق الوهم؟
- صديقي أسعد ورحلته من البصرة إلى القمة
- وداعاً للهوية الحمراء فالناس تريد الاشتراكية
- آسو براون الإيرانية الألمانية التائهة !
- بعد قرن على ثورة أكتوبر، ماذا تحتاج الشيوعية؟
- -الرئيس- ومسدس الريس
- الزعيم ومسدس الزعيم
- الحب اليساري والحب اليميني
- سميّة العذراء حسب إرادة الكاهن


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ملهم الملائكة - يوميات عراقي- ضربات نقيب شملان*