أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جواد - مواطن من الدرجة الثالثة عندما نختفي ونصبح ظلا














المزيد.....

مواطن من الدرجة الثالثة عندما نختفي ونصبح ظلا


محمد جواد

الحوار المتمدن-العدد: 6282 - 2019 / 7 / 6 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من فوائد العزلة أنها يمكن أن تثبت لك إنسانيتك من عدمها، لكن ليس بأن تعتزل الناس بل تخالطهم، لأن أعتكاف البشر المحيطين بك، لايمكن أن يوقظ أنسانيتك.
هذا ما دفعني للحديث مع (ص.ج) الذي يعمل عامل نظافة في إحدى دوائر الدولة العراقية، وله من العمر ٤٧، لكن بنيته تحوي بأنه قارب السبعين.
تحدث بتنهيده حزينه، كأن جزءاً من روحه تخرج مع كل حرف ينطق به، كان مليئا بالمعاناة.. يعتصره الفقر وفاقة المعيشة، لا يعرف معنى الرغبات العادية للحياة أبدا.
بدأ بقص نضال سنوات عمره، والألم والحزن يعتصره.. ضاع شبابي بين التجنيد الإلزامي للنظام البعثي، و بين أنتفاضة التسعينات، حتى بدأت أتخبط بين خناجر الحصار، التي قتلت كل أملٍ في داخلي، ولم تبصر زهرة حياتي أي شكل من أشكال الحياة، عانيت ألم الفقد أحياناً كثيرة، حتى تساقطت قواي مع تساقط آخر أوراق الخريف، حينها أصبحت ثملاً في طيات الجوع والفقر، حتى سقوط النظام الدكتاتوري في ٢٠٠٣.
عندها توقف وأشعل سيجارا وبدى كأن روحه تحترق و تخرج مع كل نفخة دخان، وأكمل قصة معاناته: كأن سقوط النظام الدكتاتوري هو بريق الأمل المنشود لنا نحن الفقراء، كنا نتوسم خيراً بتوفر العمل، كانت أقصى أحلامنا أن نجد عملا يوفر قوت يومنا.. أحلامنا بسيطة، دائماً ما نحلم على قدر بساطتنا.
أبتسامه ساخرة من الوضع الحالي، تلاها كلام بنبرة حزينة، كأنه يتيم قُتِلَ أبواه أمام عيناه.. لم أجد أي عمل أستطيع أن أسد به رمقي، حتى بدأت أصبح كالظل، وبدأت الناس لا تلاحظ وجودي في المكان، فالفقير في بلدي منبوذ ياصديقي.. بعد أن تقاسم الساسة كعكة وطني، والتهموا الأخضر واليابس فيه، عندها في نهاية قواي العمرية عند بلوغي الأربعين، أستطعت أن أجد عقداً حكومياً بمبلغ ١٤٠ الف دينار لأعالة نفسي وزوجتي..
هل تعلم ياصديقي أن كل ممتلكاتي عبارة عن ثلاث ملابس فقط، وإلى الآن مازلت أتنقل من بيت إيجار إلى آخر، فأنا لا أملك شبرا في وطني..
بعد أن أكمل حكايته الحزينه، فهمت كم أن الحياة بائسة بعيوننا، وكم هي بسيطة رغم ألمها بأعينهم.. فهو مازال قنوع جداً بما يملك، لأنه عند كل وقفة في حكايته كان يردد، الحمد والشكر على ما أملك!
يبدوا أن الصراع من أجل المال والسلطة هو ديدن الحياة، ويمكن أن يكون هذا الصراع هداما أو عقيماً وهو الصراع الذي لا يؤدي إلى حل، كما يفعل ساستنا.. لكن هناك من هم خارج قوقعة هذا الصراع، لا يأملون سوى بلقمة عيشهم، فهم مازالوا مواطنين من الدرجة الثالثة..



#محمد_جواد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاقد الدين لا يعطى سلطة
- أقتلونا كي نتجذر
- الأعلام الدكتاتوري
- السياسة في العراق.. العجيب والأعجب
- رأس السنة العراقية بنكهة الطائفية
- مائة عام على أنتهاك السيادة
- مرض يجب أستئصاله
- نفايات فكرية!
- فكر الطبقية والنظرة الدولية


المزيد.....




- مصر: صافي الأصول الأجنبية للبنوك يسجل رقمًا قياسيًا..وخبراء ...
- نيابة أمن الدولة تُخلي سبيل 33 من المحبوسين -السياسيين- بينه ...
- حملة مقاطعة -شاورمر- في السعودية تثير جدلا عن الشركات الوطني ...
- ثورة -الفاتح-.. احتفالات في ليبيا تشعل جدلا عن إرث معمر القذ ...
- بلجيكا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية وتفرض عقوبات على إسرائي ...
- إسرائيل تحشد الآلاف من جنود الاحتياط استعدادا للهجوم على مدي ...
- ليبيا.. نحو حسم عسكري في طرابلس؟
- الاختفاء القسري في سوريا... هل تداوي العدالة الجرح المفتوح؟ ...
- إذاعة الجيش الإسرائيلي: 40 ألف جندي احتياط يستعدون لاحتلال م ...
- حماس: على مجلس الأمن وقف الإبادة بغزة وواشنطن مسؤولة عن تعطي ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جواد - مواطن من الدرجة الثالثة عندما نختفي ونصبح ظلا