أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفرفار العياشي - حين لا ننصت للواقع ينتقم














المزيد.....

حين لا ننصت للواقع ينتقم


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6268 - 2019 / 6 / 22 - 13:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العبارة للسوسيولوجي جاك بيرك الداعي إلى ضرورة الإنصات للواقع وهو يتشكل أو في طور التشكل، والإنصات له حتى لا ينتقم، وهو ما يعني إتاحة فرصة له لكي يتكلم دون اختزال أو تجزيئ. الأحداث المتوالية والعنف السيال بشوارعنا ومؤسساتنا التعليمية من طرف أطفال يثير الكثير من الدهشة. هؤلاء الأطفال أطلقوا على أنفسهم جيل 2000 لم يسمع لهم أحد، فأصبحوا الآن واقعا عنيفا ينتقم من الجميع حتى من البنايات والمؤسسات. حجم العنف كبير مما يعني أن المشكل عميق ومعقد وأن بنية الخلل جدرية بنيوية ومعقدة، وأن جيل 2000 جيل يتكلم لغة العنف و ربما يلهو بها ويستمتع.
البعض يحلو له تسمية الإنفجار التلاميذي بثورة طلابية قادمة وقادرة على تصحيح الإختلالات وإنجاز ما عجز عن فعله الكبار والأحزاب والنقابات وكل مؤسسات الوساطة. بين 1968 و 2018 توجد مسافة اختلاف ربما هي مسافة غير قابلة للقياس بين حدثين: الثورة الطلابية بفرنسا وعنف التلاميذ ببلدي. يصعب مقارنة ما لا يقارن من حيث الأهداف والرهانات والسياق والنتائج، لكن هناك نقطة مشتركة بين الحدثين، إنها شرارة البداية. هما حدثان خارج الحسابات ولا يخضعان لأية حسابات ولا يمكن استيعابهما داخل نسق مؤسسي وإنما هما عبارة عن انبثاق لفعل غير متوقع.
فالشباب الفرنسي خرج ثائرا لأن الدولة آنذاك لم تنصت له، فخرج محتجا ومعه مفكري فرنسا، والنتيجة ثورة غيرت وجه أروبا. قد تكون حكاية الطالب الفرنسي ووزيرالشباب الشرارة التي أشعلت الثورة والذي طلب من وزير الشباب ولاعة لكي يشعل سيجارته. الأمر أغضب الوزير والوفد المرافق له، واعتبروا الأمر تنقيص من قيمة الوزير وانتقاصا من هيبة الدولة الفرنسية، وازداد غضب الوفد المرافق للوزير حين سأل الشاب الوزير عن هل يعرف الوزير المشاكل الجنسية للشباب الفرنسي؟ أجابه الوزير غاضبا: ارم نفسك في الماء لكي تبرد.
الحدث البسيط / الشرارة تحول إلى احتجاج طلابي بعد أن حاولت الجامعة طرد الطالب، ومن ثمة إلى ثورة كبيرة وعظيمة لأنها ثورة مزدوجة على الجامعة وعلى المجتمع الذي خلق هذه الجامعة التي لا تهتم بمشاكل ورغبات الطلاب الشباب. عدم إنصات الجامعة للشباب جعلهم ينتقمون ويثورون من أجل الهدم وإعادة بناء نظام جديد يستوعب آرائهم وأفكارهم ورفض كل القيم القديمة الموروثة من زمن الحرب حيث العنصرية واستغلال الأقليات والدولة القمعية والتضييق على الحريات وهيمنة الرأسمال وتوحشه والإغتراب، فكانت ثورة 1968 ثورة على نظام حول الإنسان.
ثورة 1968 كانت ضد الأنظمة الشمولية وثورة من أجل الحرية، لذا فالثورة في نظر الطلاب الفرنسيين ليست مرحلة، وإنما ثورة على النظام، وعلى الدولة، وعلى المجتمع وكل القيم القديمة
ربما الإيديولوجيا الوحيدة لهذه الثورة هي إديولوجيا الحياة. إنها ثورة نقلت أوربا بكاملها من مرحلة الحداثة إلى مرحلة ما بعد الحداثة في نظر المفكر العربي عبد الوهاب المسيري. أما ما يقع من عنف تلاميذي نتيجة قرار ترسيم ساعة إضافية فيشكل محطة أساسية لقرع أجراس الخطر. إننا أمام جيل جديد بقيم جديدة، ربما عدم الإنصات له سيجعله ينتقم من كل ما يقف أمامه.
هناك إجماع على أن القرار الحكومي كان قرارا معيبا من حيث سياق وظروف اتخاذه والجهة التي فرضته وسرعة تنفيذه واستعجالية نشره في الجريدة الرسمية. صحيح أن تأثير القرار سيكون مرحليا فقط خلال ثلاث أشهر فقط، وأن الجهات المختصة أعدت صيغا لملاءمة التوقيت المدرسي مع القرار. ومع ذلك فالأمر لن يقنع المحتجين.
بين ولاعة لإشعال سيجارة كانت سببا في إشعال ثورة غيرت وجه أوربا لكنها ثورة فكرية وقيمية وبحس شبابي. وبين ساعة ربما مفعولها على المدى الطويل سيكون مفيدا من خلال ربح الوقت وتغيير خريطة التدبير الزمني الأسري وأفضلية النوم باكرا والإستيقاظ باكرا. هناك مسافة اختلاف كبيرة.
لو أن وزير الشباب الفرنسي منح للشاب ولاعة، ربما لن تكون هناك ثورة على الأقل سنة 1968، أما هنا حتى لو تراجعت الحكومة عن قرار الساعة تحت ضغط شعبوي طافح، فالإحتجاج سيستمر لسبب بسيط أن الأطفال مجرد أدوات سياسية لجهات تحارب في الخفاء. بغض النظر عن سياق العنف و رهاناته، فإنه يبقى عنفا يستحق أن يدرس لأنه عنف بنيوي.
أصبح لزاما أن ننصت لهم لكي نتكلم لغتهم إن اردنا التواصل معهم. وتدبير العنف القائم في عقلياتهم قبل أن يكون سلوكا مرئيا في الشوارع والمؤسسات.



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف الملاعب : حين تصبح الرياضة فعلا سياسيا .
- كرة القدم : ليست مجرد لعبة !
- المجتمع الافتراضي و التصور الدوركايمي : قراءة في طبيعة التحو ...
- العنف و الهوية السائلة.
- وفاة مرسي : الديموقراطية طريق للموت ؟
- شفافية الشر!
- اللغة العامية وصناعة الفوضى
- الشغل و الشرط الانساني : مقاربة فلسفية
- اللامعقول و اللامل : تأمل اجتماعي في مظاهر الهشاشة الاجتماعي ...
- الهيدورة حين يصبح الثرات قمامة : تأمل سوسيولوجي
- الزواج و البقر : دراسة مقارنة في النسق الثقافي بين منطقتي قب ...
- ساخبر الله بكل شئ !
- زواج الكونترا : التجارة الممنوعة !
- الحق : مقاربة فلسفية
- مفهوم المجتمع المدني : بين هيجل وماركس
- الشباب و الهوية السائلة
- الطريق الى السعادة ! رؤية من داخل الفكر الاسلامي .
- الحقيقة ! ماذا يخفي هذا المفهوم ؟
- السياسة و الحجاب .
- الصفقة مع الشيطان


المزيد.....




- أجزاء من فئران بشرائح خبز -توست- تدفع بالشركة لاستدعاء المنت ...
- مسؤولون يوضحون -نافذة فرصة- تراها روسيا بهجماتها في أوكرانيا ...
- مصر.. ساويرس يثير تفاعلا برد على أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل
- العثور على بقايا فئران سوداء في منتج غذائي ياباني شهير
- سيئول وواشنطن وطوكيو تؤكد عزمها على مواجهة تهديدات كوريا الش ...
- حُمّى تصيب الاتحاد الأوروبي
- خبير عسكري: التدريبات الروسية بالأسلحة النووية التكتيكية إشا ...
- التحضير لمحاكمة قادة أوكرانيا
- المقاتلون من فرنسا يحتمون بأقبية -تشاسوف يار-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفرفار العياشي - حين لا ننصت للواقع ينتقم