أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - كرة القدم : ليست مجرد لعبة !















المزيد.....

كرة القدم : ليست مجرد لعبة !


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6266 - 2019 / 6 / 20 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كرة القدم ليست مجرد لعبة رياضية , انها كبر من ذلك بكثير ربما اصبحت مجال حرب غير اخلاقية تستعمل فيها كل الوسائل من اجل الربح . لعبة تحولت من مجال للفرجة و المتعة الى فضاء مزدحم بالسياسة و الايديولوجيا و المال و الخرافة و العنف .
مؤخرا , في مباراة لكرة القدم بين فريقين عربيين في نهائي عصبة الابطال بين الترجي التونسي و الوداد الرياضي , توقف كل شئ و تحول النقاش العمومي الى نقاش حول كرة القدم , لا حديث يعلو على وقائع المباراة و اسباب توقفها و مسارات ما بعد التوقف , و عن المؤامرة و البيع و الفساد و عن مصير الكأس و اجتماعات ادارة الكاف لتقرير في مصير المباراة / المعركة .
النقاش كان كثيفا و متضخما مليئا بالتفاصيل الكثيرة , مما يقود الى استنتاج اساسي ان كرة القدم اصبحت انشغالا يوميا للمواطن و ربما قضية وطنية تحضي بالأولوية المطلقة في سلم اولويات مواطن مقهور .
حكم المباراة انتهت صلاحيته , و صفارته لم يعد لها معنى . توقف كل شئ , وحدهم السياسيون يعيشون اسوأ لحظاتهم , رغبة في ايجاد مخرج امن لتفريق حشود بشرية قد تفعل أي شئ وكل شئ .
نزل رئيس الكونفدرالية الى الملعب و كل الطاقم الاداري في سوك مرفوض رياضيا , توقفت المباراة , و اعلن الترجي فائزا بقرار من رئيس الحكومة التونسية و لدواعي امنية !
بتونس هناك فوبيا من التجمعات , و من الحضور الجماهيري , انها الدولة العربية التي دشنت شرارة التغيير فيما سمي بموجة الربيع العربي بعد حادثة احراق البوعزيزي لنفسه فالأمن اولا و الامن اخيرا , الحشود لا يمكن التحكم فيها لا بإرضاء كبريائها , هكذا فكر المسؤولون في ايجاد حل امني لمباراة كانت سياسية و تجارية قبل ان تكون رياضية .
كرة القدم اصبحت فعلا سياسيا ورهانا اقتصاديا و منتوجا معولما , تعمل من خلالها نظم و شركات العولمة على نشر قيمها , ربما هي الاداة الاكثر فعالية لنشر قيم العولمة و صناعة مواطن عالمي لا يهتم بتراثه و قيم مجتمعه , لأنه مشغول بأخبار الفرق العالمية و اخبار نجوم كرة القدم , انجازاتهم , انتقالاتهم وكل التفاصيل الصغيرة و الكبيرة حول حياة الفريق و النادي و اللاعبين
ان العولمة و عبر كرة القدم استطاعت توحيد الزمن رغم اختلاف الجغرافيا . اكثر من مليار و نصف مشاهد و في لحظة واحدة يتشاركون نفس الزمان ويعيشون نفس الحدث ويتقاسمون نفس الاحساس انه زمن كرة القدم - كاس العالم – مثلا او مباراة الريال وبرشلونة او الريفير و بوكا جونيور و غيرها .
يقول إدواردو غاليانو: "كلما تحولت هذه الرياضة إلى صناعة, يتم استبعاد الجمال الذي يتولد من متعة اللعب لمجرد اللعب" , فكرة القدم لم تعد لعبة و رياضة تسود فيها الروح الرياضية ومؤسسة عل قيم المحبة و التعارف و التنافس الشريف , و انما اصبحت صناعة و تجارة و سياسة و أمن .
مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي, أصبحت كرة القدم لعبة عالمية, فقد انتشرت وتعممت في مناطق نفود الاستعمار الانجليزي في مناطق مختلفة من العالم، وأدى ذلك إلى إنشاء الاتحاد الدولي لكرة القدم, والذي يُعرف اختصاراً بالفيفا (FIFA) عام 1901م.
تعد كرة القدم أكثر أنواع الألعاب الرياضية العالمية شعبيةً وحضوراً, إذ يتجاوز جمهورها المليار متفرج حول العالم وهو رقم مهم ومغري للشركات كسوق تجارية مربحة . انها لعبة لا تعرف حدوداً جغرافية أو هويات دينية أو عرقية أو قومية, بل هي أشبه بلغة عالمية توحّد البشر , و هي الوسيلة الوحيدة لتوحيد هم خلال التظاهرات الرياضية الكبرى, سواء تظاهرات كاس العالم او الديربيات العالمية مثل الريال و برشلونة و الريفير و بوكاجونيور , ليفربول و المان سيتي , اليوفي و الانتير و غيرها من المباريات التي تشد كل الانظار, حيت تختفي كل الفوارق و كل الخصومات و لا تبق غير خصومة كرة القدم و العنف الناتج عن كرة القدم في حالة الغضب الجماهيري .
لذا, فكرة القدم لها جاذبية سحرية وهذا سر قوتها و قيمتها, لدرجة ان إدواردو غاليانو اعتبرها بالديانة الجديدة [[1]].بعض عشاق و مشجعي اللاعب الارجنتيني ماردونا قاموا ببناء كنيسة المارادونية (Iglesia Maradoniana) والتي تعرف أيضاً باسم كنيسة مارادونا، هي كنيسة تم تكريسها في مدينة روساريو بالأرجنتين تقديسا لاسم ماردونا حيت اعتبر صور من صور الرب على الارض و قد اسست هده الكنيسة في 30 اكتوبر 1998 وهو تخليدا لذكرى ميلاه .
لا احد ينكر القيمة الفرجوية لكرة القدم حيت اصبحت وسيلة للترفيه الإنساني, كمجال للتنفيس من ضغوط الحياة المعاصرة وإيقاعها السريع. لكنها اصبحت قناة من قنوات الفعل السياسي و وسيلة ومن سائل التأثير الايديولوجي , من اجل صناعة رأي عام موالي او مضاد لأي نظام سياسي , في الكثير من المباريات تتحول مباريات كرة القدم الى استمرار لسياسة حربية تخاض على ارضية الملعب و في قنوات التلفاز و في البرامج و الاخبار و الندوات و في شبكات التواصل الاجتماعي من اجل خلق تعبئة وطنية : مباراة ايران و الولايات المتحدة الامريكية ؟ و مباريات قطر ضد الامارات و السعودية الاخيرة .
البعد السياسي للعبة لا يعني غياب الابعاد الفرجوية و اجواء المتعة النفسية التي تصنعها , لان الفضاء الذي يوفره فعل التشجيع يمنح الأفراد قدرة خلاقة على إعادة صياغة ذواتهم وبناء عوالم جديدة في اطار جمعي عبر حشود يختار ها الفرد بطواعية, من اجل التعبير عن ذاته في اطار حماسي يشكل فرصة لتفريغ كل المكبوتات , و بالتالي تحقيق راحة نفسية و تحقيق توازن ربما كان مفقودا بسبب كثرة الضغوطات الاجتماعية , و هو ما يقود الى فرضية ام الملاعب تشكل عيادة جمعية للتفريغ و العلاج .
كرة القدم تعتبر من اهم اليات العولمة لبناء هويات جديدة مؤسسة على قيم نمطية بتفكيك اسس الهويات المحلية و المتمايزة , و استبدالها بهوية واحدة و معولمة .تملك نفس الخصائص حيت يصبح لاعبي كرة القدم ملهمي الشباب في تثبيت القيم و انماط السلوك الجديدة , بما يقود الى انتاج مواطن عالمي يتنفس كرة القدم .
وفي مستوى آخر, توظّف النظم الحاكمة في الدول النامية كرة القدم لأغراض دعائية, على سبيل المثال: رأينا كيف يوظّف نظام السيسي تأهُّل المنتخب المصري إلى كأس العالم ويقدّمه على أنه منجز من منجزات نظامه. و كيف سوقت ايران انتصاراتها على السعودية و الامارات على انه انتصار على مشروع الحصار .
و يعتبر بعض انصار الفريق الارجنتيني ان الهدف الدي سجله دييغو ماردونا في مرمى الانجليز في كأس العالم 1986 ، عندما قام بمراوغة ستة لاعبين من المنتخب الإنجليزي ثم حارس المرمى , كان انتقاما سياسيا من القوات البريطانية , و رد الاعتبار لكبرياء الجيش الارجنتيني على هزيمته في حرب جزر الوكلاند عام 1982. لدرجة أعتبره البعض أنه الإله مارادونا , خاصة عندما علّق على هذا الهدف وقال: إن يد الله هي التي أحرزت هذا الهدف .
وعلى الرغم من كل ذلك, لا تزال كرة القدم تلعب دوراً هاماً في تكريس التعايش, والتقارب الانساني, حيث إنّ أماكن الفُرجة والتشجيع تمثل نقطة التقاء وتقارب بين المشجعين, ومن خلالها يكونون فضاء مشترك إنساني.
كرة القدم اصبحت فعلا تجاريا , وهنا يكمن اصل المشكل , حيت الربح المادي و الخسارة هو الهاجس الاساسي المتحكم في المباريات لاسيما ضغط شركات الرهان الرياضي , بمعنى لعبة بمثابة ارض حرب ومواجهة مفتوحة تستعمل فيها كافة الوسائل من اجل غاية وحيدة , الربح و المزيد من الربح .
انها طريق للصراع و التنافس الغير الاخلاقي لان الامر لا يتعلق بفوز عادي و مقابل خسارة عادية تنتصر في الاخير الروح الرياضية , و الافضل هو من يفز و يخرج الجمهور راضيا مستمتعا بأداء كروي في اطار من المتعة و الفرجة بعيدا عن منطق التشنج و التعصب .
ان تصبح كرة القدم فعلا تجاريا معناه البحث عن الانتصار بكافة الطرق و هو ما يفتح الباب امام المنطق المكيافيلي حيت الغاية تبرر الوسيلة , لاسيما في دول العالم الثالث حيت شبكات الانتماء و الوطنية و الغيرة ترتبط بكرة القرق و بالندي و الفريق المحلي او الوطني .
لا يمكن ان تنتصر قيم كرة القدم المؤسسة على التنافس الرياضي الشريف حين تصبح الرياضة فعلا تجاريا , لان خسارة من شانها الحاق خسائر بالبورصة و خسائر لشركات الرهان الرياضي و خسائر امنية نتيجة الشغب و العنف المتزايد و ارتفاع منسوب الحقد و التخريب .
و لعل الاحداث المأساوية في التاسع و العشرين من ماي 1985 بملعب "هيزل" حيت أحداث شغب فائقة الخطورة بسبب مشجعي فريقي ليفربول و جيفنتوس بمناسبة نهائي الكأس الأوربية هي الأحداث التي خلفت 39 قتيلا . فأصبحت الرياضة وكرة القدم طريقا للقتل الجماعي . او انها لعبة قاتلة حين ارتبطت بظاهرة الهوليكانز .
حين تحولت لعبة كرة القدم من فعل فرجة و فعل رياضي مؤسس على قيم المحبة و التعارف و الفرجة , الى فعل سياسي و تجاري وامني اصبحت فعلا معقدا تستفيد منه مؤسسات العولمة الباحثة عن الربح الصافي, و لو على حساب الكثير من الخسائر و المعاناة .
كرة القدم فعل شعبي ساهمت الى حد كبير في دمقرطة اللعبة , لأنها كانت لعبة شارع و كانت موضوع فرجة للجميع , لكن الامور تغيرت بسبب مسلسل و تأثيرات العولمة اللعبة تغير كل شئ , اصبحت لعبة نخبة حيت نجوم كرة القدم لم يعدوا يصنعون بشكل تلقائي في الازقة و الشوارع و احياء المدن القديمة كما هو الحال في التجربة البرازيلية .
الان تغير كل شئ اصبحت الاكاديميات هي المصنع الاول للنجوم و المدارس الخاصة بالأندية , و هو ما يعيد طرح اشكالية الى أي حد ما زالت كرة القدم لعبة شعبية مفتوحة امام الجميع , و للجميع سواء في ممارستها او حتى في الفرجة مادام اغلب ان نقل المباريات اصبحت مملوكة لشركات و بشكل حصري ؟
كرة القدم لم تعد لعبة شارع و ليست لعبة محدودة بحدود المستطيل الاخضر , و انا هي ظاهرة مركبة يتداخل فيها السياسي بالتجاري بالاقتصادي و بالقيمي و الثقافي و الاجتماعي مما يجعلها ظاهرة معقدة تزداد تعقيدا كلما ازداد تدفق المال حولها .
ربما المال يقود الى الخراب و العنف واستبدال البعد الفرجوي بالبعد التكتيكي , لان المهم هو الفوز باي ثمن , و ان الفرجة ليس انجازا , لان الاهم هو تحقيق اكبر قدر من الارباح و لو على حساب القيم الرياضية .




#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع الافتراضي و التصور الدوركايمي : قراءة في طبيعة التحو ...
- العنف و الهوية السائلة.
- وفاة مرسي : الديموقراطية طريق للموت ؟
- شفافية الشر!
- اللغة العامية وصناعة الفوضى
- الشغل و الشرط الانساني : مقاربة فلسفية
- اللامعقول و اللامل : تأمل اجتماعي في مظاهر الهشاشة الاجتماعي ...
- الهيدورة حين يصبح الثرات قمامة : تأمل سوسيولوجي
- الزواج و البقر : دراسة مقارنة في النسق الثقافي بين منطقتي قب ...
- ساخبر الله بكل شئ !
- زواج الكونترا : التجارة الممنوعة !
- الحق : مقاربة فلسفية
- مفهوم المجتمع المدني : بين هيجل وماركس
- الشباب و الهوية السائلة
- الطريق الى السعادة ! رؤية من داخل الفكر الاسلامي .
- الحقيقة ! ماذا يخفي هذا المفهوم ؟
- السياسة و الحجاب .
- الصفقة مع الشيطان
- واقعة جمعة اسحيم: عنف العنف ؟
- الانا و الاخر : مسارات الائتلاف و الاختلاف .


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - كرة القدم : ليست مجرد لعبة !