أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - سوريا وإشكالية الأقليات















المزيد.....

سوريا وإشكالية الأقليات


محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 6261 - 2019 / 6 / 15 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سورية وإشكالية الأقليات

14.06.2019
د. محمد أحمد الزعبي
1. لاشك أن دراسة الظواهر الاجتماعية ومنها ظاهرة الأكثرية والأقلية ، تختلف اختلافا جذريا عن دراسة الظواهر الطبيعية من حيث أن الدارس أو الباحث في الظواهر الاجتماعية هو نفسه جزء من المشهد الإجتماعي الذي يدرسه ،وبالتالي فإن القارئ الفطن لا يحتاج إلى كبير عناء ، لكي يحكم من المكتوب على الكاتب ، وفيما إذا كان هذا الكاتب ينتمي إلى هذا الطرف أو ذاك . حتى في حالة حرصه الشديد على توخّي الموضوعية والحيادية فيما يكتب ، أوالتخفي وراء بعض العبارات اللغوية التي يمكن أن تفضح أكثر مما تستر . وتزداد هذه الإشكالية ( دراسة الظواهر الإجتماعية ) تعقيداً في وطننا العربي ومنه سورية ، حيث ماتزال العلاقات العشائرية والقبلية ، وما تزال الأمية السياسية والثقافية واللغوية تلعب دورا أساسيا فيها ، وبما في ذلك ماسنطلق عليه هنا اسم " الأمية الديموقراطية " .
2. ونرغب أن نشير هنا إلى واحدة من الظواهر الإجتماعية التي شهدناها بأنفسنا ذات يوم ، الا وهي ، العلاقة الإنسانية بين المريض والطبيب ، إذ لا يزال يدور في ذاكرتي مشهد تلك الطفلة البريئة التي أصابها من جملة ما أصاب سلاح بشار الأسد الكيماوي الذي قصف به غوطة دمشق وزهق أرواح مئات المواطنين والمواطنات الذين كان معظمهم من الأطفال النائمين في أحضان آمهاتهم فجر يوم الثلاثاء في 21 آب 2013 ، حيث كانت هذه الطفلة البريئة وهي تفيق من الإغماء تسأل الطبيب المعالج " عمو أنا عايشة ؟ " ، فيجيبها الطبيب " عمو إنت عائشة " . شاهدي هنا أن كلا من الطبيب والطفلة المريضة لم يكونا معنيين بما يجري خارج المستشفى ، وإنما كانا معنيين بالحياة نفسها كقيمة إنسانية ، قبل أن تكون قيمة سياسية أو اجتماعية ، أقلية وأكثرية .
3.وإذا ماتوقفنا عند المفهوم الأخير( الأقلية والأكثرية ) قليلاً ، فلابد من الإشارة إلى أن التعريف السوسيولوجي للأكثرية والأقلية يختلف بين بلد وآخر ، فالأكثرية في هذا البلد يمكن أن تكون أقلية في بلد آخر ، والخلافات بين الأكثرية والأقلية هنا ، يمكن أن تتحول إلى تعاون وتلاحم في بلد آخر يكون الطرفان معا فيه أقلية . وبصورة عامة ، فإن مفهوم الأكثرية والأقلية ‘ ينطوي على عدة أبعاد أبرزها مثلث ، البعد الإثني ، والبعد الديني ، والبعد الطائفي ، وبما أن هذه الأبعاد الثلاثة متداخلة ومتشابكة ( الأكراد كمسلمين سنة ، المسيحيون والعلويون والدروز والإسماعيليون كعرب ) ، يصبح الباحث أمام إشكالية معقدة ، بل وتبدو في بعض الحالات عصية على الحل ، ولاسيما حين تدخل العشائرية / القبلية كبعد رابع ، ويدخل الإحصاء العددي كبعد خامس ( السنة والشيعة في العراق ) ، ويدخل الجهل والأمية كبعد سادس ، ويدخل التزوير لنتائج الإستفتاءات والانتخابات كبعد سابع ، فسيصبح الباحث أمام خلطة اجتماعية كيماوية عجيبة ، يصعب عليه فرز وتحديد وملاحقة تفاصيلها.
4.نظريا يبدو أن " الهروب إلى الأمام " يمثل حلاً صحيحا وعملياً ، وأعني به الهروب إلى حل " المواطنة والديموقراطية " اللذين يرى الكاتب فيهما حلا لهذه الإشكاليات المعقدة والمتداخلة بين مفهومي الأقلية والأكثرية . بيد أن كلا من المواطنة والديموقراطية تحتاجان - عملياً - إلى مواطنين ترقى مستوياتهم السياسية والأخلاقية والوطنية إلى مستواهما ، أي إلى مواطنين يؤمنون حقاً بمبدأي المواطنة والديموقراطية . إن غياب أو تغييب مثل هؤلاء المواطنين ، يعتبر غياباً أو تغييباً لكل من المواطنة والديموقراطية على حد سواء . ومن جهة أخرى ، فإن " الديموقراطية " التي يقبل بها البعض ، ولكن " بشرط " ، ألا يصل بواسطتها هذا التيار أو ذاك إلى سدة الحكم (!!) ، والتي سنطلق عليها اسم " الديموقراطية المشروطة " ، إنما تعتبر برأينا ديكتاتورية مقنعة تقوم على رفض الآخر وعزله ، وبالتالي فهي نوع من الهروب إلى الوراء وليس إلى الأمام .
5. الحل العملي والممكن برأينا ، لحل إشكالية الأقليات هو العمل الوطني العقلاني والعلمي الهادف إلى خلق/ تكوين مواطن يعي ويطبق مفهوم المواطنة والديموقراطية ، أي القبول بالآخر المختلف . والتعامل معه على أنه إن لم يكن أخا له في الدين أو الجنس أو العرق أو الطائفة أو الجيل أو المستوى الثقافي ، فهو أخ له في الإنسانية ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم (الحجرات 13 ) . إن تكوين مثل هذا المواطن الصالح والواعي ، إنما تقع مسؤوليته على الجماعة الاجتماعية كلها بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالأحزاب السياسية مروراً بالمدرسة والمسجد والكنيسة والنقابات المهنية ووسائل الإعلام المختلفة وأيضاً بالدستور ، الذي يحمي العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات للجميع دونما استثناء ، وتكون " الحرية " هي العمود الفقري الذي تستند إليه كافة هذه الجهات المسؤولة عن تكوين المواطن وعن كافة أشكال المواقف والسلوك ولا سيما مثلث المواطنة والديموقراطية والدستور ، والذي هو المثلث الذهبي لكل من الأكثرية والأقلية على حد سواء .
6. أما في سورية ، ولأنها محكومة بالحديد والنار من قبل آقلية طائفية منذ عام1970 ( إن لم نقل قبل ) فإن مفهوم الأكثرية والأقلية ينطوي على بعد ثامن هو " النفاق " . من حيث أن من يمالئون النظام ( الموالاة ) ، سواء أكان ارتزاقاً أو خوفا أو من وقع الحافر على الحافر ، فإنهم غالباً ما يجانبون الحقيقة في كتاباتهم حول التركيبة الديموًغرافية للشعب السوري ، أي أنهم يكذبون ويزورون ، و يرفعون النسب المئوية لهذا المكوّن الديموغرافي ، ويخفضونه لذاك ، بحيث تبدو سورية في كتاباتهم وإحصاءاتهم كما لو كانت مجرد بلد أقليات ، حيث لاتزيد نسبة المكون الأساسي لمجتمعها ( السنة) وفق أحدهم الـ 45% !!، أي أفل من نصف السكان ، وإذن فإن حكم عائلة الإسد هو حكم طبيعي ومشروع وليس حكم أقلية طائفية معينة وصلت إلى الحكم عن طريق البسطار والدبابة ، والحماية الأجنبية ، كما يشيع البعض !.
7.لقد همس في أذني ذات يوم المرحوم اللواء أحمد سويداني عام 1967 ) وكان هذا قبل أن يلجأ إلى بغداد هرباً من الإعتقال والسجن : ( إن من أوصل الحمار ( هذا قوله ) إلى المئذنة ، هو من سينزله عنها ). لقد عاد أبو وائل من بغداد عام 1970 ( متوهماً أن حافظ سيسمح له بالإقامة في بيته وبين أفراد أسرته بعيداً عن كل ماله علاقة بالسياسة ) ، ولكن نتيجة هذه الثقة كانت ، أكثر من عقدين في سجن من دعاه ذات يوم " أخي وأبي " والحمار مايزال فوق المئذنة ، بل وورث الحكم بعد موته عام 2000 لجحش من نسله ، هو من يحكم سوريا اليوم . ولكن وبعد ثورة آذار 2011 المجيدة ، لم يعد لا حمار أحمد سويداني ، ولا وريثه بشار هو من يجلس على كرسي الحكم في سورية ، وإنما الدب الروسي ذو الرأسين ، والذي سنطلق عليه إسم " بوتنياهو " ( بوتين + نتنياهو ) . وأرغب أن أشير في إطار هذه الفقرة أيضاً ، إلى أنني التقيت بحافظ الأسد ذات يوم ، وسألته : رفيق حافظ ، لماذا لاتفرج عن أحمد سويداني ؟ ، فكا ن جوابه الواضح ، والذي كان يمثل تهديداً مبطناً لي أيضاً هو التالي : ( رفيق محمد ، إن من يدخل السجن عندي لايمكن ان يخرج منه !!) . لقد خرج أبو وائل من السجن بعد وفاة الديكتاتورالكبير ، وبعد أن قضى مايربو على العقدين فيه ، ولكنه توفي بعد بضعة أشهرمن خروجه من السجن ، ولكن تحت وطأة المرض ، بل الأمراض التي خرجت معه من هذا السجن .
8. والخلاصة : إن التداخل بين الفئات المختلفة للتركيبة الإجتماعية - السكانية في سورية ، تجعل من الصعب على الباحث تحديد نسبها المئوية ، من جهة ، وملاحقة تفاصيلها السوسيولوجية بدقة وبموضوعية ، من جهة أخرى ، ذلك أن الباحث في الظواهر الإجتماعية ، هو جزء من المشهد الإجتماعي الذي يبحثه ، كما سبق أن أشرنا ، وبالتالي فإنه يصعب عليه أن ينأى بنفسه عما يجري حوله ، بيد أن العودة إلى وقائع التاريخ ( الإسلامي والعربي والسوري )،القريب منه والبعيد ، إنما تشير بما لايقبل الشك ، إلى أن الشعب السوري بكل مكوناته الإجتماعية ، كان قبل مجيء عائلة الأسد ومرتزقتها إلى الحكم ، وقبل استقوائها بالقوى الأجنبية ، كان واحداً وموحداً ، وفي إطار تعايش أخوي ، لافضل فيه لمواطن على أخر إلاّ بالتقوى . فلعن الله من أفسد هذا التعايش الأخوي ، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيت الزجاجي والحجر وولي الفقيه
- ثلاث مشكلات بثلاث إشكالات
- الربيع العربي وجدلية التراث والمعاصرة
- بشار الأسد والمنطقة الخضراء في بغداد
- الحضارة التي تحفر قبرها
- مدخل منهجي لنظرية المعرفة في الفكر الإسلامي
- نظرية المعرفة بين الوعي والواقع
- تحديث الفكر العربي - مدخل منهجي
- هضببة الجولان والمتهمون الأربعة - خواطر وذكريات
- عرس الفيجارو
- جدلية الأزمنة الثلاثة
- في الذكرى الثامنة لثورة الحرية والكرامة
- خاطرتان من وحي اليوم العالمي للمرأة
- حوار حول سورية
- نحن الشعب اليمني العظيم أنتم تقتلونا
- حول مسرحيةتأهيل بشار من يؤهل من ؟ كيف؟ ولماذا؟
- الثورة السورية في عامها الرابع ( إعادة نشر )
- ثلاث خواطر حول مايجري
- العلمانية بين العلم والعالم
- حزب البعث وعائلةالأسد خطوتان إلى الوراء


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - سوريا وإشكالية الأقليات