أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد المهداوي - طيفُ أبي نوَّاس














المزيد.....

طيفُ أبي نوَّاس


أحمد المهداوي

الحوار المتمدن-العدد: 6256 - 2019 / 6 / 10 - 19:43
المحور: الادب والفن
    


على ضفاف المساء كنَّا جالسين نقضمُ الغيمَ من السَّماء وحيدين بلا قمرْ
هناك طيفٌ مرَّ من دروب بغداد يقصدُ الطَّريق إلى الأهواز في السَّفرْ
يمشي الهُوَينا وحيدًا غارقًا في بئر الزَّمان، يحتضرْ
تائهٌ في اللَّيل يستجدي عطف السَّماء، يرتقُ الغيم والشَّجرْ
يمُرُّ على حزنه القديمِ لا يلقِ إليه بالسَّلمْ
تطاول اللَّيل البهيمُ على ذا الطَّيفِ حتَّى كأنَّ الفجر عن بزوغه
قد أحجمْ
يمشي، يهرولُ، يجري عسى يدرك الفجر البعيد في رُبى الأهواز قبل أن يرتدَّ للوجود البصرْ
بلا ذاكرةٍ يمشي يلاحقُ الخلود في الدُّجى، يضمُّ أشلاءه
إليه قبل أن يداهمهُ القدرْ
يمضي بعيدا خلف موج الرِّمال الصَّامت
يرسمُ آثار حلمه المخبَّئ
في جيوبِ العُمرْ
مرَّ كأن لم ير أخيلة الظِّلال فوق التَّلِّ، مرَّ بنا كأن لم يرنا هناك جالسين مُذ نوى السَّفرْ
مرَّ بنا كأن لم يكن...ومرَّ كأنَّه غيمةٌ ضائعةٌ تجري بلا مستقرْ
مضى، ولمْ يأسف عمَّا منه قد صدرْ
مضى تاركًا إيَّانا بلا قمرٍ...بعدما ابتلعت دموعه القمرْ
مضى، ولم يمضِ الزَّمانُ، ولمْ يأتِ الفجرُ المُنتظرْ

رمى على عينِ السَّماء صاحبي كومةً من حجرْ
ناثرًا معها دموعهُ الحبلى على الطَّريق، في كلِّ ناحيَّةٍ قد نثرْ
ربِّ قد عظُمت ذنوبيَ
كثرةً، وأنت أعلمُ
بما في النُّفوس، وما حوى الحجرْ
ففُكَّ عنِّي حصار نفسي، وإلَّا تماديتُ على حُرمة القدرْ
هذا المُدامُ في يدي يئنُّ في خُلوة السَّهرْ
يطلُبني منِّي أفأستجيبُ، أم لك أستجيبُ ساعة السَّحرْ ؟!
كن لي، فإن لم تكن لي فمن لي في الحُلول والسَّفرْ ؟!
أنا الغريبُ عنِّي في غابة الأحزان، قابضٌ على روحي، أشيعُ في الملكوت الخبرْ
من وجعي بكيتُ في خلوتي، أبثُّ للسَّماء حسرتي...ولكنِّي عن الفعل ذاك أحجمتُ، وقلتُ:
مالي لأبكي على ما ولَّى، ومرْ
دعِ البُكاء للنَّادمين في الأسحارِ
ودعْ لي المُدام، والسَّهرْ
وليت أن لم يأت فجر الطَّيف المنتظرْ

حتَّى إذا دنت السَّاعة، وانشقَّ القمرْ
دنوتُ من نفسي أهذا اليومُ يومُ الله المُنتظرْ ؟!
هبْ أنَّني تبتُ إلى الله، وكنتُ من أهل الفِردوس
أهُنالك الخلودُ المُنتظرْ ؟!
لستُ أراني أهلا لها، ولا هي لي أهلٌ، ولا أقوى على لظى سقرْ
أرأيت يا إلهي إن لم يكن شئٌ ممَّا سقانا مُرَّه الأنبيَّاء،
ولم تكن ديَّانتُنا إلَّا مكرٌ من القدماء،
فكانت الحياة، إن هي إلَّا حياتنا الدُّنيا نموتُ ونحيى وما نحن بمبعوثين من جوف القبرْ،
ومالنا في الأُخرى من مستقرْ
أيكون الموتُ حينذاك متمَّ هذا القدرْ ؟!

في مثل هذا قلتُ من قبلُ متَّكئا على خيال القمرْ
دعِ المساجد للــعبَّاد تسكنها...وطف بنا حول خمَّارٍ ليسقينا
ما قال ربُّك ويلٌ للَّذين سكروا....ولكن قال ويلٌ للمـصلِّينا
قالوا: صهٍ...يا نافق الذِّكر قد أغواك من زمنٍ شُربُ الخمرْ
قلتُ: إذا ما غواني خمرٌ فربَّما من ذاك أستفيقُ، لكنَّ من غوتهُ ديَّانةُ القومِ فليس يستفيقُ من الأمرْ
دعْ عنك لومي يا من تلومُني، ودعني وجهًا لوجهٍ مع القدرْ،
واقصد سبيلك في الدُّجى، ودع طيف الغريب مستمرًّا في السَّفرْ
فلربَّما أدرك نفسهُ قبل أن يدركهُ الفجرُ المُنتظرْ



#أحمد_المهداوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنثى...نعمْ
- حوار مع الله على مائدة الموت
- خلف الجبال المسائية
- أبناء الله (2)
- أبناء الله
- ولادة وبعث
- نحن أولى بالشَّك من إبراهيم


المزيد.....




- جودي فوستر: السينما العربية غائبة في أمريكا
- -غزال- العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير ال ...
- الممثل التركي بوراك أوزجيفيت يُنتخب -ملكًا- من معجبيه في روس ...
- المخرج التونسي محمد علي النهدي يخوض -معركة الحياة- في -الجول ...
- سقوط الرواية الطائفية في جريمة زيدل بحمص.. ما الحقيقة؟
- منى زكي تعلّق على الآراء المتباينة حول الإعلان الترويجي لفيل ...
- ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
- المغرب : مهرجان مراكش الدولي للسينما يستهل فعالياته في نسخته ...
- تكريم مستحق لراوية المغربية في خامس أيام مهرجان مراكش
- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد المهداوي - طيفُ أبي نوَّاس