|
أبناء الله
أحمد المهداوي
الحوار المتمدن-العدد: 6165 - 2019 / 3 / 6 - 18:07
المحور:
الادب والفن
- التَّاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثَّاني، يبدو وكأنَّ الشمس لن تشرق، الجو رطبٌ، مبلل وضبابي، عمَّ السُّكون أرجاء المدينة في تلك السَّاعة من اليوم، لم يكن يُسمعُ سوى دبيب أرجل المُشاة المُلتحقين بأعمالهم على الأرصفة، جلُّ المنازل ما تزالُ تغُطُّ في النَّوم، مطفأة الأنوار، قد ارتسمت على نوافذها دموعُ النَّدى الصَّباحية، إلَّا ثلاثةُ بيوتٍ ليست بمُحاذاة بعضها البعض كانت مُستيقظةً، يروحُ ويجيئ أهلُها في الباحاتِ الثَّلاث في قلقٍ وتوتُّر، ولرُبَّما صادفتِ اللَّحظةُ أن تئنَّ الأُمَّهات الثَّلاث في المنازل المُتباعدة في نفسِ الآن، كلٌّ منهُنَّ تصرُخُ وتُناجي بطريقتِها:
- فاطمة: إلهي أسألُك التَّساهيل إنَّها لحظةُ مخاضي...آه
- ميرنا: أنقذيني أيَّتُها الأمُّ العذراء إنَّني أحتضر...وقد أخذت بتلابيبِ زوجِها...أوف...افعل شيئًا باتريس
- تَمارَا: يا الله يا ربَّنا، يا ملك الكون، يا من قدستنا بوصاياك، وأوصيتنا أن نضيء يوم السَّبت ارحم ضعفِي في يومِ ميلاد مولودي
رُبَّما اليوم، يوم سعد تَمارَا إنَّه يومُ السَّبت، يومُ الرَّاحة، يوم العبادة، اليوم الأسبوعي المقدس، قامت في اللَّيلة السَّابقة بإشعال الشُّموع بشقِّ الأنفس، وانتِظار مجيئِ زوجِها يربعام من أجل أن يطُوف بها وهي تُشعل شموع يومِ السَّبت كما جرتِ العادة، إلَّا أن المخاض داهمها حتَّى صبيحة السَّبت، ولم يصل الزَّوج إلى البيتِ إلَّا في تلك السَّاعة، وجد تَمارَا على الفِراشِ تُصارعُ نوباتِ المخاضِ لوحدِها وهي تتعلَّقُ بطرفِ ثوبٍ غطَّى الحائط، وتقولُ الكلماتِ ذاتِها إيمانًا مِنها بِمُساعدة الرَّب لها، ما إن سمِعَ يربعام صُراخها حتَّى هرعَ نحوها، فأمسكَ بيدها وطفِقَ يمسَحُ عن جبينِها العرق ثُمَّ يُقبِّله مُردِّدا:
- ليكُنِ الرَّبُّ في عونِك حبيبتي...سامحيني على تأخُّري
بدا وكأنَّها بلغت ذِروة القهر من نوباتِ المخاض، وهي تشهقُ وتزفر بقوَّة، يتصاعدُ خلالها صدرُها نحو الأعلى ثمَّ يخبو عائدًا إلى ما كان عليه، صارخةً:
- نادي الأُخت سارة في الحال...اسرع يا رجل
قامَ يربعام من فوره، وآثارُ الإرتباك تبدو على مُحيَّاه وتحرُّكاته:
- حاضر...حاضر...في الحال أناديها
ثُمَّ انطلق مُسرعًا إلى بيت الأخت سارة طالبًا المُساعدة:
- تَمارَا...تَمارا...وهو يشيرُ بيدِه بين حالتيِّ الخوف والقلق
- ما الخطبُ أخي يربعام ؟!...ماذا أصاب تَمارَا ؟!
- قد أجاءها المَخاض السَّاعة...إنَّها على وشك الولادة...اسرعي أرجوك
- لا تقلق يربعام سيكون كلُّ شئٍ بخير...ليكن الرَّبُّ معنا
انطلقا معًا إلى البيتِ بُغية إسعاف تَمارَا من أجل الولادة، كانت هي الأخرى تتلوَّى من الوجع منتظِرةً الفرج، بعد لحظاتٍ دخلت الأخت سارة، وطلبت من يربعام بعض الماء السَّاخن، وبعض الشَّراشف، وأخذت بيد تَمارَا وطلبت منها أن تستلقي على ظهرها وتفتح ساقيها، وأن تأخذ نفسا عميقًا، وتدفع بكلِّ قِواها، وكذلك فعلت، لكنَّ الأمر لم يكُن يسيرًا لم تلِد تَمارَا إلَّا بشِقِّ الأنفُس...
#أحمد_المهداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولادة وبعث
-
نحن أولى بالشَّك من إبراهيم
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|