أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - الأغتراب الثقافي في العراق..والمنجز الأبداعي















المزيد.....

الأغتراب الثقافي في العراق..والمنجز الأبداعي


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6256 - 2019 / 6 / 10 - 11:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




تقتضي المنهجية العلمية تحديد ثلاثة مفاهيم( الأغتراب ،الثقافة ،الأبداع) ليكون لدينا فهم مشترك بخصوص واحدة من اخطر اشكاليات الدولة والمجتمع والفرد..ولنبدأ بالأغتراب في خمسة تعريفات لمفكرين كبار يختلفون ايديولوجيا.
• الأغتراب هو انفصال او تنافر ينشأ بين الفرد والبيئة الأجتماعية( هيجل).
• هو تلك الحالة التي لا يشعر فيها الانسان بأنه المالك الحقيقي لثرواته وطاقاته،وخضوعه لقوى خارجية لا تمت له بصلة (اريك فروم)
• الأغتراب عن الذات أمر ناجم عن ظروف الحياة المعاشة في عالم يتسم بالعبثية واللامعنى (سارتر)
• الحضارة هي مصدر الأغتراب مع ان الانسان هو الذي اسسها دفاعا عن ذاته ازاء عدوان الطبيعة فجاءت على نحو يتعارض وتحقيق أهدافه ورغباته(فرويد)
• الأغتراب ناجم عن انفصال الأنسان عن الطبيعة عن طريق العمل والأنتاج ،ومع ازدياد قدرته في السيطرة عليها فأنه يواجه نفسه كشخص غريب محاطا باشياء هي من نتاج عمله ومع ذلك تتخطي حدود سيطرته وتكتسب قوة متزايدة(ماركس).

وكان روسو اول من استخدم تعبير (الغربة)حين رأى بعض النواب لا يمثلون الشعب،فوصف الهيأة النيابية بأنها أداة حكم وليس أداة للتعبير عن الأرادة العامة،وأن مجلس النواب(لا يمثلون الشعب ولا يمكن أن يمثلوه،وأن السيادة لا تمارس بالأنابة). وفي مؤلفاته (اللامنتمي،ما بعد اللامنتمي،سقوط الحضارة) توصل ممثل الوجودية الجديدة،كولن ولسن،من تحليله لأعمال كتّاب وفنانيين معروفين (ويلز،كامو،سارتر،فان كوخ،دستيوفسكي..)الى ان حالة الغربة التي عاشوها كانت بسبب وقوفهم ضد المجتمع ومن اجله.

وفيما يخص (الثقافة) سنعتمد تعريف منظمة اليونسكو بأنها(مجموعة من الخصائص الروحية والمادية والفكرية والأنفعالية المميزة لمجتمع او جماعة وتشمل الفن والأدب وأساليب الحياة وطرائق العيش والمنظومات القيمية والتقاليد والمعتقدات).ونضيف بأن الثقافة تعمل على تزويد الأفراد بأساليب التعامل فيما بينهم،وتمدهم بالوسائل التي تمكنهم من حل مشاكلهم وتأمين حاجاتهم..ما يعني انها ليست ترفا او ممارسة هواية لذاتها بل انها ارقى وسيلة انسانية لحفظ بقاء الجنس البشري.
اما الأبداع ،الذي له اكثر من عشرين تعريفا، فنوجزه بانه عملية عقلية ينتج عنها عمل جديد من شخص يتحسس نواقص وفجوات ومشكلات مجتمعه، ويقدم معالجات تستهدف جعل حياة الناس امتع وأجمل.

مفارقة عكس المنطق
أن لا تكون للمبدعين مكانة في الزمن الدكتاتوري فتلك مسألة مفهومة،ولكن أن تتراجع مكانتهم في الزمن الديمقراطي فتلك مفارقة لا تحدث الا في العراق.
ذلك أن النظام الدكتاتوري يرغم العقل المبدع على خدمته. ولأن شخصية المبدع تنفر من الاتجاه التلسطي فأنه اما أن يستجيب دفعا للشر،أو يعيش حالة اغتراب عن نفسه والوطن قد تدفع به الى الانتحار،أو يهاجر الى بلد يحترم شخصه ويقدّر ابداعه. ومن يتأمل واقع العقول العراقية المهاجرة يجد انها أنشأت جامعات وكليات في دول عربية (الخليج،اليمن،ليبيا،الجزائر..)،وأسهمت في تطوير دول أوربية،وقدمت لمجتمعاتها خدمات تتطلب ابداعا(الأطباء العراقيون في بريطانيا مثالا).فأنت حيثما ولّيت وجهك في بلدان العالم تجد العقل العراقي المبدع أمامك..في كل مجالات المعرفة من الطب الى الشعر والفنون التشكيلية والفكر الانساني..ولك أن تفترض لو أنك عدت بنصفهم الى العراق،وخصصت لهم محافظة(ميسان مثلا) لخلقوا منها..جنّة.
والمؤسف ان ديمقراطيتنا فشلت ليس فقط في تهيئة الأجواء لعودة المبدعين،بل أن الموجودين منهم داخل الوطن صاروا بين من أخمد صوته كاتم صوت،او من اختار ان يجاهر بالحقيقة حاملا كفنه على يديه،او من سار على خطى المهاجرين من قبله.وأنها (ديمقراطيتنا) اوصلت المثقف العراقي الى أن يعيش اكثر من محنة اوجعها اثنتان:ادراكه بأنه أصبح فاقد القدرة وعاجز عن تحقيق منجز ابداعي، واحساسه باللامعنى الناجم من رؤيته للاحداث بانها تسير على نحو غير منطقي وغير معقول،وان حياته اصبحت تافهة ولا جدوى من الاستمرار فيها.

الباحث المتابع لما حصل بعد (2003)يجد ان المنجز الأبداعي قد تعطل بالعراق في مجالات المعرفة العلمية والانسانية والآداب والفنون،باستثناء اربع او خمس روايات حظيت بتكريم عربي وليس عراقي،فيما الباقي من المبدعين تراجعت مكانتهم الوظيفية.فمعظم المراكز الوظيفية الرئيسة بمؤسسات الدولة تسند لا على أساس الكفاءة العقلية بل الانتماء الحزبي،لأن أحزاب الاسلام السياسي تفّضل حامل دبلوم معهد من اهل الثقة على خبير دولي حامل دكتوراه في الاقتصاد. وهذه حقيقة واقعة تؤكد( صعود اقارب المسؤولين الكبار،واغلبهم بلا كفاءات،الى شبكات ادارات الدولة التي تتحكم برقاب ومعيشة ومصائر الناس..بتعبير الكاتب عبد المنعم الأعسم) ،وأنه(تم استبدال نظام العائلة الواحدة بنظام العوائل المتعددة واستبدلنا القائد الاوحد بعشرات القادة..بتعبير الدكتور محمد فلحي)،وان الدولة تبنى على مؤسسات رصينة حسب الكفاءة والمهنية فيما واقع الحال يؤكد بأنه (توجد لدينا حكومة بلا دولة هدفها الاستيلاء والمصلحة الخاصة وتهميش الخبرات..بتعبير الاعلامي جاسم فرج).

ان استبعاد المبدعين المستقلين من السلطة التنفيذية كان أحد أهم أسباب خراب الوطن وفقر الناس وتضاعف حالات الانتحار والطلاق والتفكك الأسري،وهو السبب الرئيس وراء سوء الأدارة وشيوع الفساد بأنواعه الثلاثة السياسي والمالي والأداري بحالة تثير الخجل أن يحتل العراق الديمقراطي! الأسلامي!! المراتب الأولى بالفساد بحسب منظمة الشفافية العالمية.
والمشكلة،أن المسؤولين لا يدركون ان الابداع صار اليوم هو المعيار لتقدم المجتمعات وتفوق الدول،وأن الدولة الأكثر احتراما لمبدعيها وتوفيرا لفرص توظيف ابداعهم بخدمة المجتمع،هي الأكثر تطورا وتحقيقا لحياة كريمة لمواطنيها. وما يحيرك أن تراجع مكانة المبدعين في زمن الدكتاتورية كان أحد أسباب انهيارها،وأن الديمقراطية التوافقية لا تلتقط العبرة ولا تدرك ان المبدعين في العراق طاقة هائلة في اعمار الوطن وتطوير العقول..بل ان النظام الديمقراطي تقصّد التضييق عليهم فهاجروا او استكانوا ليخلو الجو لأشخاص اعتبروا العراق غنيمة لهم فانشغلوا بتقاسم ثرواته وخلق الأزمات لألهاء الناس..مصحوبة بحقيقة سيكولوجية (خفية) هي ان قادة احزاب السلطة يدركون يقينا انهم اذا منحوا الفرصة للمبدعين فأنهم سيشيعون الوعي الثقافي بين الناس ويحققون لهم حياة كريمة في وطن يمتلك كل مقومات الرفاهية لأهله..فيفقدهم اهم وسيلتين تضمنان بقاء الطغاة والحكام الفاشلين..الجهل والفقر.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ا(الفندق)..بين الدراما وعلم النفس
- حكّام العراق..ماذا لو خرج الأمام علي الان؟!
- المرجعية الموقرة ثانية.الأستماع للناس وذوي الأختصاص..واجب وف ...
- hالمرأة التي تتزوج عشرة..وتنوي المزيد - تحليل سيكولوجي
- hالمرجعية الموقرة مع التحية - ما هكذا تحلل وتعالج مصائب النا ...
- العراقيون..وسيكولوجيا الأعتذار والخلاف مع الآخر- مداخلة هيفا ...
- الصوم..من منظور سيكولوجي
- اانتحار الشباب- مهداة لمن يفكر ببناء اسيجة على جسور بغداد
- انه المتنبي ياوزارة الثقافة
- التدين في العراق واصنافه
- 9 نيسان.من جموهورية الخوف لجمهورية الفواجع
- الناشرون والتسامح - تقرير صحفي
- كذبات نيسان..بنسخ عراقية
- الشخصية العراقية وخطاب الكراهية- تحليل سيكوبولتك
- نوروز ما أجملك..كورديا وعربيا
- ياني ..في البرلمان العراقي!
- دولة العراق..بيد من الآن؟
- تجمع عقول يدعو للتظاهر وكشف الجناة
- يونس بحري..صديق هتلر الذي مات معدما!
- بعد خلق الازمات ..سيكولوجيا التغافل عن محاسبة الفاسدين


المزيد.....




- ابتكار مذهل.. طلاء ذكي يغيّر لونه تلقائيًا بحسب درجة الحرارة ...
- ُهل تمتلك إيران منشآت نووية أخرى أعمق من فوردو؟ جنرال أمريكي ...
- هل عادت الحياة فعلاً إلى طبيعتها في إسرائيل بعد رفع القيود؟ ...
- وسط ركام بيوتهم المهدمة.. الإيرانيون يحصون خسائرهم بعد وقف إ ...
- مهرجان الصويرة للكناوة: القمبري والقرقاب وأنغام عالمية
- عملية -نارنيا-: أي سلاح استخدمت إسرائيل لقتل العماء النووين ...
- إحياء رأس السنة الهجرية في الأقصى بأعداد محدودة
- صحف عالمية: تحرك أميركي لإنهاء حرب غزة ونتنياهو دفع إيران لت ...
- موفق نظير حيدر المسؤول عن -حاجز الموت- بدمشق
- زهران ممداني.. مرشح الهامش يقلب معادلة النخبة في نيويورك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - الأغتراب الثقافي في العراق..والمنجز الأبداعي