أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - ١٢٣ سنة لولادة رئيس الطائفة















المزيد.....

١٢٣ سنة لولادة رئيس الطائفة


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6254 - 2019 / 6 / 8 - 18:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


١٢٣ سنة لولادة رئيس الطائفة السامرية في إسرائيل
حسني (يفت) بن إبراهيم صدقة الصباحي (هصفري)
١٨٩٤١٩٨٢
123 Years since the Birth of the Head of the Samaritan Community in Israel, Yefet b. Abraham Tsedaka ha-Ṣafri, 1894-1982
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي كتبها حُسني بن راضي (يفت بن رتسون) صدقة (١٩٤٦ ) أحد محرّري الدورية أ. ب. عنه وعن جدّه والد والدته الملقّب بـ ”سيدو“، الذي لعب دورًا رئيسيًا في بلورة شخصيته، والحفيد مدين للجدّ الذي كان قدوة له. نشرت هذه القصّة في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٤٤١٢٤٥، في ١ آب ٢٠١٧، ص. ٢٠٢٢. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني.

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري يعيشون في مائة وستين بيتًا تقريبًا، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحُسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

”حدثت هذه القصّة عندما كنت ابن خمسة عشر ربيعا. كنت في الصف التاسع في المدرسة الثانوية ”كوچل“ في حولون، وعانيت حينها من رِجلي اليمنى نتيجة دوْسي على مِسمار صدِىء عندما كنت ابن خمس سنوات ونصف. في كلّ مرّة كان ”سيدو“ يبحث عن أطبّاء أفضل كي يُنقذ رِجلي التي كانت معرّضة للبتر مرّتين.

وفي عمر خمسة عشر عامًا رقدت في مستشفى ”شيبا“ اثنين وأربعين يومًا، وكانت حالة رجلي آخذة بالتدهور إلى أن أُجريت لي عملية. وكان ”سيدو“ الذي دأب على زيارتي يوميًّا في مستشفى شيبا قد أودعني بأيدي أمهر طبيبي عِظام في البلاد آنذاك، ڤايسمان وحرموش.

في أعقاب التجارب التي استمّرت مدّة طويلة بغية إنقاذ رجلي اليمنى، اتُّخذ القرار ببتر كفّ الرجل (القدم) لإنقاذ بقية الرجل. انقضّ تسعة أطباء، كان من المفروض أن يقوموا بـ”البتر“ على ”سيدو“ الذي وصل المستشفى وقالوا له: ”يا سيّد حسني، انتظرناك أنت أو والدي حفيدك بفارغ الصبر، لأنّنا سنبتر قدم حفيدك وعلينا الحصول على توقيعك على الوثائق المناسبة“. ”سيدو“ ردّ فورًا (حينها جلست على كرسي متنقل/كرسي المقْعَدين ورجل مخدّرة/مبنّجة ساكنة) ”هل أنتم مجانين؟ هل أوقّع على قطع رجل حفيدي؟ أين الدكتور شيبا، مدير المستشفى؟ أريد أن أكلّمه“. أخذ في الحال كرسي المقعدين وجرّني لمكتب الدكتور شيبا.

وصلنا المكتب، توجّه للموظّفة سائلًا ”أين حاييم؟“، أتقصِد دكتور شيبا؟ استفسرت، فأجابها نعم، نعم، فقالت الموظّفة إنّه في جلسة ولا يستطيع استقبالكم الآن. أجابها سيدو: قولي له إنّ حسني هنا ويريد التكلّم معه. قامت الموظّفة ودخلت غرفة الجلسات، همست لدكتور شيبا وبعد عشرين ثانية كان معنا.

يُذكر أنّ الدكتور شيبا كان يقدّر ويبجّل سيدو جدّا، وعلاقة صداقة وطيدة وعميقة ربطتهما ببن تسڤي. تقدّم وعانق سيدو وقال له ”نعم يا حسني، كيف يمكنني مساعدتك؟“. ردّ سيدو ”أنظر، إنّ طاقم أطبّائك قد جُنّ، يريدونني أن أوقّع على بتر قدم حفيدي، هذا مستحيل“.

عانق الدكتور شيبا سيدو وقال ”ولكن يا حسني افهم أنّ هذا القرار لا يتّخذ من لحظة لأخرى. كانت هناك تردّدات كثيرة قبل اتّخاذ القرار ببتر جزء من جسم الإنسان، كما هي الحال بالنسبة لحفيدك، وأنا مشارك في اتّخاذ هذا القرار.“

لم يكن سيدو مستعدًّا للسماع، التفت تجاه الدكتور شيبا وقال له بثقة مطلقة ”الله موجود وهو يرحم ويساعد، ما أنتم إلا أدوات بيديه، أجروا العملية للصبي بدون بتر قدمه وبعد ذلك نُكمل الحديث“. ”ولكن يا حسني، مع كل الاحترام لإيمانك فهنالك حقائق على الأرض“، قال الدكتور شيبا فقاطعه سيدو مجيبًا ”بدون ولكن، أجروا العملية بدون بتر“. جاوب الدكتور شيبا ”حسنًا، ليكن كما تشاء ثم سنرى بعد ذلك!“، كان سيدو راضيًا جدّا وابتسم.

اعتذر البروفيسور شيبا للذين انتظروه في غرفة الجلسات، ورافقنا لغرفة العمليات حيث انتظره تسعة أطبّاء لسماع ما لديه. أعطى البروفيسور شيبا التعليمات ”أَدْخلوا الصبي إلى غرفة العمليات“، ولكن صاح الأطباء يا بروفيسور فردّ عليهم بدون ولكن. ذُهل كل الأطبّاء.أُدخلتُ لغرفة عمليات.

كان بروفيسور شيبا يزورني مرّتين في اليوم، في الأّيام التالية ليطمئن على حالتي في جناح ٢٥ في تل هشومير. كما كان يزورني سيدو مرّتين يوميًا مسافرًا بالباص أربع سفرات. كان ذلك يوم خميس بعد العملية بأسبوع تقريبًا وبروفيسور شيبا تواجد عندي ليسأل عن صحّتي وكذلك والداي وأطباء آخرون من الذين أجروا العملية وكانوا يزورونني بين الفينة والأخرى، وإذا بسيدو يدخل الغرفة ويرى الجميع عندي. وحال دخوله توجّه إليه بروفيسور شيبا وقال له ”يا حسني، يجب أن أتكلّم معك على انفراد“. والداي وأنا خشينا ممّا سيقوله لسيدو.

التفت نحو سيدو الذي كان أطول منه برأس ونصف بالتقريب وقال له ”أريد أن أخبرك بأنّنا اليوم بدأنا بملاحظة علامات تعافٍ في مكان عملية حفيدك، وبناءً على الوضع الراهن يبدو أنّنا لن نحتاج إلى بتر قدم رِجل حفيدك“! ألقى سيدو نظرة عليه من الأعلى إلى الأسفل، وابتسامة عريضة ارتسمت وسأله ”يا بروفيسور شيبا، من أعظم، أنت أم الله؟“. صوّب بروفيسور شيبا نظره إليه رافعًا كلتا يديه وقال ”إنّي أرفع يدي مقابل إله السامريين؛ لا أحد منّا آمن بهذه الإمكانية وها هي تتحقّق أمام عيوننا، رِجل حفيدك أُنقذت“.

أحسستُ بحبّ سيدو الجمّ لي. سالت الدموع من عيني بروفيسور شيبا. عاد إلى الغرفة ليزفّ البشرى على الحاضرين. شعر الأطبّاء وكأنّ ذلك بمثابة انتصار لهم. أجهش أبي وأمّي بالبكاء فرحا. أنا بكيت وفرحت أكثر من الجميع.

هكذا كان سيدو، رحمه الله وأسكنه جنّة عدن مؤبدا“.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كعّابة الحذاء
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال (٦)
- كتاب جديد عن المرأة الفلسطينية في الدراما والمسرح
- صاحب الصوت الناعم الجذّاب
- كتاب الحِداد
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال (٥)
- نُتف من لهجة الرملة
- حلق الخاطىء المسدودُ
- مسبة فقير انقلبت بركة
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال (٤)
- الكتب التي أفادت خليل السكاكيني
- تربية ذقن كعلامة على العمر والاحترام
- هل ترجم القس الفلسطيني إلياس مرمورة التوراة السامرية إلى الع ...
- خُلق الإنسان للعمل
- الوزير ياريف لفين يشكل خطرا على الجمهور
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال (٣)
- ما معنى أن تكون عربيًا في إلْ-عال؟
- العُنوان على قانون القومية
- طبعة ثانية لكتاب عن بيت صفافا
- خلاصة ما أدلى به الكاهن صدقة بن إسحق عام ١٩£ ...


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - ١٢٣ سنة لولادة رئيس الطائفة