محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6250 - 2019 / 6 / 4 - 13:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثلاث مشكلات بثلاث إشكالات
د. محمد أحمد الزعبي
31.05.2019
المشكلة الأولى : عود إلى قضية خاشقجي :
بينما كنت اقلب بعض أوراقي القديمة ، عثرت على مشروع مقالة يعود تاريخها الى المرحلة الأولى من أزمة الإغتيال ، وقد حملت تلك المقالة عنواناً يشير الى الصمت العربي والإسلامي على هذه العملية التي تتعارض مع كل من القيم والأخلاق العربية والإسلامية . لقد كانت الأفكارالأساسية لتلك المقالة المنسيّة هي :
.إشكالية الخبر العاجل : ذلك أننا كمشاهدين ، بتنا بعد عملية " المنشار" لانرى ولانسمع على شاشات التلفاز، سوى الأخبار العاجلة المتعلقة بالتحقيقات التركية في عملية اغتيال المرحوم جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول ، خبر عاجل ) ، بصورة بدأ هذا المفهوم يفقد أهميته الإعلامية ، بل ومصداقيته عند السامع والمشاهد . علماً أن الإنشغال العالمي في هذه القضية قد فاق كل الانشغالات السابقة والمتعددة باغتيال عدد كبير من الصحفيين والصحفيات ، ولا سيما في كل من العراق وسورية ومصر
ويعود سبب هذا الإهتمام العالمي الكبير بقضية الخاشقجي - برأينا – إلى ارتباط هذه القضية بدول كبرى ثلاث هي تركيا وأمريكا والمملكة العربية السعودية ، وهي دول ، كما لايخفى على أحد ، تمتلك وسائل إعلام متطورة ، وتتلقى أوامرها عادة من أعلى سلطة في الدولة ، ذلك أن النظامين في إمريكا وتركيا هما نظامان رئاسيان ، وفي السعودية نظام ملكي غير دستوري . هذا مع العلم أن العلاقات بين كل من أمريكا والسعودية مع تركيا ليست ودية ، في حين أنها بين أمريكاوالسعودية سمن على عسل . بل ويعتقد الكاتب أن اختيار اسطنبول بالذات لتنفيذ هذه العملية الهمجية ، كان موجهاً ضد أردوغان شخصياً ، ولعل هذا هو السبب في استعصائها على الحل ، حتى هذه اللحظة ، بل ولربما باتت مرشحة للطي والتجاوز والنسيان ، ولا سيما في ظل التحالف غير المرئية أبعاده بين ترامب وبوتن من جهة ، وترامب ومحمد بن سلمان من جهة ثانية ، وترمب ونتنياهو من جهة ثالثة ،
إن مطالبة البعض بتشكيل لجنة دولية ( من الأمم المتحدة ) ، لمتابعة التحقيق في هذه القضية ، إنما يعني تطبيقياً ، طمس هذا الموضوع ، بعد إزاحة الدور التركي منه ، حيث سيتولى البترو دولار تحقيق ماعجز الجميع عن تحقيقه ، أعني دفن الموضوع كاملاً الى جانب جثة المرحوم الخاشقجي ، الذي يعرف السعوديون وحدهم مكان هذه الجثة ، وعندها سيتفرغ كل من ترامب ومحد بن سلمان وبوتين على مانظن ( وإن بعض الظن إثم ) لمحاولة دفن حزب العدالة والتنمية في تركيا ، إلى جانب جثة الخاشقجي ، كونه حزباً إسلامياً تتعارض قيمه الإسلامية ، مع قيمهم البترودولارية ، وليست نتائج الإنتخابات البلدية الأخيرة في تركيا عامة ، وفي اسطنبول خاصة ، سوى قمة جبل الجليد الذي لم تتكشف أبعاده بعد .
المشكلة الثانية ، البنتاغون العربي ، وبنتاغون مجلس الأمن الدولي :
البنتاغون مفهوم هندسي يشير إلى شكل هندسي ذي أضلاع خمسة ، وتشير إضافة الصفة اللاحقة لهذا المفهوم ، إلى الدول الخمسة الملحقة بكل من هذين المفهومين ،أما بنتاغون مجلس الأمن الدولي ( عنوان الخاطرة الثانية ) فيتكون من دول الفيتو النووية الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، وهي : الولايات المتحدة الأمريكية ، روسيا الإتحادية ، المملكة المتحدة ، فرنسا ، والصين الشعبية . في حين يتكون البنتاغون العربي ( أيضاً عنوان الخاطرة الثانية ) من : المملكة العربية السعودية (م ب س )، جمهورية مصر العربية ( ع ف السيسي ) ،الإمارات العربية المتحدة ( م ب ز ) الجمهورية العربية السورية ( بشار بن حافظ الأسد ) ، ويبقى التزاحم قائماً لملئ الضلع الخامس من البنتاجون العربي بين : المملكة الأردنية الهاشمية ، وسودان( المجلس العسكري) ، وقطر .
يتميز البنتاجون الأول بأنه المالك العالمي الرئيسي للتكنولوجيا ( التقنية ) المتطورة في العالم ، وبالتالي فإن مصالحه الوطنية تتمثل في فتح أسواق الدول غير المتطورة التي لاتملك هذه المنتجات ، من جهة ، ولكنها تملك ثمنها عداً ونقداً من جهة اخرى ، وهي هنا بصورة أساسية الدول النفطية التي تمثل العمود الفقري لل ( البنتاجون العربي) ، وفي مقدمتها (مملكة م ب س ) و( إمارة م ب ز ) ، و ( إمارة تميم بن حمد آل خليفة ) ، الذين يمكنهم به شراء منتجات بنتاغون مجلس الأمن الدولي ( الذين سبق أن ذكرناهم ) المدنية والعسكرية ، مقابل أن نقوم يفوم هذا البنتاغون ، بمهام الثورة المضادة للربيع العربي وبالتالي حمايتهم من عدوى هذا الربيع ، وأيضاً من الفيروسات الخاشقجية (!!) التي لايرغبونها . إن التداخل بين مصالح هذين البنتاغونين ، ولا سيما بعد غياب الإتحاد السوفييتي عن ساحة مجلس الأمن في نهاية ثمانينات القرن الماضي ، اقتضي ( وهذا من وجهة نظر الكاتب ) تكليف بوتين / روسيا الإتحادية ( نيابة عن الجميع ) بحماية نظام بشارالأسد ، الذي يقوم هو أيضاً( نيابة عن البنتاغونين ) باستكمال مهمة أبيه حافظ في حماية إسرائيل ، ومنع وصول الإسلاميين إلى السلطة في سورية .
إن مارأيناه ونراه في مجلس الأمن ، من قرارات وبيانات رئاسية ، حول دول الربيع العربي عامة ، وحول سورية خاصة ، سواء منها ماوقع فريسة للفيتو الروسي المصطنع ، أومافلت منه ، سواء ما صدر تحت الفصل السادس أوالفصل السابع (!!) ، فإنها بقيت جميعها حبراً على ورق ، وهو ماينطبق على كل القرارات التي صدرت حول القضية الفاسطينية ، منذ عام 1947 وحتى اليوم .
المشكلة الثالثة : ماحدث ويحدث في السودان :
إن ماحدث صبيحة هذا اليوم ( الإثنين 3/6/2019 م الموافق 29 رمضان 1440 هج) ، من لجوء المجلس العسكري في الخرطوم إلى فض الإعتصام الشعبي بالقوة ، وباستخدام الرصاص الحي ، بحيث وصل عدد ضحاياهذه العملية المؤسفة والمؤلمة إلى 30شهيداً و116 جريحاَ ، إنما يذكرني بالدور المؤسف والمؤلم الذي سبق أن مارسه الجيش السوري ( العقائدي !! ) ضد ثورة آذار السورية عام 2011 . وكنت ـ كمواطن عربي ـ أتمنى أن يكون الجيش السوداني قد استفاد من التجربة السورية ، ومن تجارب دول الربيع العربي الأخرى ، ولكن مابينته وتبينه أحداث 29 رمضان 1440 هج في الخرطوم ، أن من استفاد من أحداث سورية وأحداث الربيع العربي ، هم جماعة البنتاغون العربي المذكورين أعلاه . وليس الجيش السوداني . ولعل مقارنة ماقام به المجلس العسكري في السودان في الأمس واليوم ، مع ماقام به الجيش " العقائدي " في سوريا ( منذ عام 2011 وحتى اليوم ) من تدمير وقتل وتهجيرطال نصف الشعب السوري ، يسمح للمجلس العسكري السوداني ولرعاته الإقليميين المعروفين عربياً ودولياً ، بأن يجادلوا بأن ماقاموا به في الخرطوم ( 30 شهيداَ فقط !!)، مقارنة بما قام به بشار الأسد في سورية ( مليون شهيد )، يعتبر وفق رؤيتهم أمراً مايزال في حدود المعقول والمقبول ، الف إشارة تعجب واستفهام واستنكار
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟