أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - سرد فلسطيني ، المتوكل طه















المزيد.....

سرد فلسطيني ، المتوكل طه


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6246 - 2019 / 5 / 31 - 16:22
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


سرد فلسطيني المتوكل طه
كتاب من القطع المتوسط يقع على ٣٧٠ صفحة من اصدار دار الشيماء للنشر والتوزيع سنة ٢٠١٠.

سرد فلسطيني كتاب في حب فلسطين بكل تجلياتها وآمالها وآلامها، غزير القصص كثيف المعاني، يلتقط صور الحب الفلسطيني فيرسمها لوحة في غاية الجمال، ويجسدها عبر حروف تغزل من بعضها البعض كلمات وضاءة تشعر وانت تقرأها بأنك تسير تحت المطر ولا تبتل، كتاب تتكون فصوله الستة من عوالم ونضالات الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال؛ فتصور طرقاته وآهاته وعاداته ومورثه الشعبي وارثه وتراثه ومآثره بالنضال والاعتقال والمقاومة والاستسهاد ، كتاب فيه سيرة الكل الفلسطيني وهويته الجمعية من خلال استعراض شريحة مقطعية لفترات زمنية معينة خاصة بأحد ابناء فلسطين النجباء المتوكل طه نزال، فهو سيرة يختلط فيها الخاص بالعام فيقدم لنا صورة الفلسطيني الحق والذي نحب.

عبر فصول الكتاب الستة :عباءة الورد(عن الشهداء) ، وسرديات الجنون، نصوص ايلياء( عن القدس)، كشكول الذهب ، ورمل الافعى(عن المعتقل)، وملح يافا حلو(عن الحواجز) عبر هذه الفصول الستة يطوف بنا المتوكل عبر فلسطين بصورتها الحياتية والنضالية فيقدم لنا صور الشهداء وجنازاتهم وحكايا الزغاريد المرافقة لجنازاتهم، وينثر عبق الورد وعطر الريحان على اصعب الذكريات واقساها...

كغيمة تفيض حبا جارفا ومطرا صيبا يفيض خاطر المتوكل بواحا عذبا باحثا عن اجمل سطور الوجع فينا ومستمطرا اجمل ما فينا، بواح لا تحجبه كل ادوات الظلم والطغيان ولا ينفع معه حديد القيد ولا حصار السجان، فتتلون الكلمات تحت قلمه كما يريد وكما تحب فلسطين واهلها، فالمتوكل لونه من طينة هذه الارض وصوته قادم بلسان اجداده اصحاب هذه الارض، وكلماته تبكر بالنهوض كلما غشيتنا العتمة وتلبسنا الغروب، بين يدي المتوكل تتلون الكلمات بكل الوان الفصول ، وفي كتابات المتوكل وحده فقط فصل الربيع يطغى على سائر الوان الفصول....

ذلك البوح لدى المتوكل ينشيء فينا شيئا جميلا نتحسسه دون ان نلمسه، نرقبه دون ان نراه، ننتظره فنجده يزورنا حاملا بيده صندوقا من الفرح، فنعانقه بكل الوان الدموع وبكل اشكال الابتسامة. ذلك البوح القادم الينا من السماء كخيط النور المنبعث فينا منذ الازل ، ذلك البوح الصاعد الى السماء من كل منازل الشهداء، ذلك البوح الغارق بالحب والدموع يُنبت فينا حواكير الريحان والنعنع، وكلما خبت او خربت تلك الحاكورة اعاد المتوكل زراعتها بكل الوان الامل الفلسطيني...

في هذا الكتاب مختارات من كتب سابقة للمتوكل، فهو خلاصة الجمال والابداع، في هذا الكتاب اجمل السرديات والقصص والحكايا وخلاصة اجمل التجارب واحلى الشهادات، في هذا الكتاب تجد القصة والتجربة والمواقف التي تزودك بالحكمة وتبقى على عتباتها تستأخر طرق الباب تريد ان تشبع عينيك مما ترى وتقرأ وتختلق شتى انواع الذرائع لكي تستطيل المكوث بعتباتها لانك تدرك سلفا ان كل ما تقرأه على شاهد هذا البيت لن تستطيع السير بدونه في قادم الايام.

وانت تقرأ هذا الكتاب تنحبس انفاسك ويغادرك الصوت ويبقى الحنين وتدوم الذكريات ويعود الوجع متصدرا كل اشكال الحب والفرح...
في هذا الكتاب لا ينفك المتوكل عن استحضار كل اشكال الاساطير وكافة انواع التجارب والقصص والحكايا في سبيل استيلاد الامل وتلمس طريق النصر..

في هذا الكتاب ينبش المتوكل في الذكريات فيختار اجملها واصدقها، في هذا الكتاب يحفر المتوكل كل سطور التاريخ فيستنطقها بأجمل ما فينا، في هذا الكتاب تسقي امي وامك حواكير الريحان والنعناع ونسقي نحن واياهن اديم هذه الارض فتزهر الكلمات وتمطر الغيمات ويتنشر الفرح.

في هذا الكتاب العبرة والعظة والحكمة الفطنة ، في هذا الكتاب الشهيد والشاهد ، في هذا الكتاب قصة عمي كابور ص١١٩، وقصة الطفل الصغير يمسح عن جسد امه وابيه الدم ويصبغ به وجهه وملابسه ويسأل؟ ما هو الموت؟! ص١٣٢.
في هذا الكتاب قصة دائرة العار وحكمة المراة في حادثة بزرجمهر تلك المراة التي رفعت سترها لان الجموع خالية من الرجال في حكاية جسدها قول جبران:" ما كان لامرأة ان ترفع سترها لو كان في تلك الجموع رجال....ص ١٣٧.
في هذا الكتاب قصة اسمنت الالهة والتي تسمعها عند رغبة قوى الحكم او الاستعمار او الاستبداد في ازالة ما هو مقدس وعند كل شاهد وشيء جميل يعتلي الارض خاصة قبور الانبياء والصحابة والاولياء والمخلصين والمحررين والاولياء ص١٤١.
في هذا الكتاب قصة باقة البسطار ص ١٥٥ ، وقصة ابتسامة الملصق ص ١٥٨ وقصة اولاد اللكع ص ١٦٠ .
في هذا الكتاب نصوص ايلياء شعارات خطت بحروف من ذهب لا استغرب ان رأيتها يوما على جدران الاقصى وحائط البراق ص ١٦٥ ٢٣٠.
في هذا الكتاب قصة اول من حط على هذه الارض وقصة العماليق:
" لقد ترك العماليق بعض نقوشهم التي تقول: سعيدة هي الارض التي تلد الاساطير والشهداء...وحزينة تلك التي تحتاج اليهم ص ٢١٢.
في هذا الكتاب قصة اسبارتكوس حين قُتل مع معظم قادته ص ٢٥٥. في هذا الكتاب سيرة الاعتقال ومسيرة النضال واسماء وحكايا لعشرات المناضلين الذين ترفع لهم القبعات ٢٧٣ ، في هذا الفصل بالذات وعلى ظهر الصفحة ٣٠٢ يخبرنا المتوكل كيف استطاع بعد ثمانية وسبعين يوما من اعتقاله واحتجازه في الخزانة ان يعود الى الحياة وان يخبرنا بما رأى فيها وما يدور في القبر بعد الموت!
في هذا الكتاب تفتخر بوطنية شعبك عندما تقرأ قصة الاذان في السجن، فتجدك تنحاز لآذانك وصلاتك لانها غدت فعلا وطنيا بإمتياز لا سيما بعد اعتقال جيش المؤذنين الفلسطينيين من المسلمين في السجن فانتصر لهم الفلسطيني المسيحي واكمل رفع الاذان رغم انف السجان ص ٣١٧، في هذا الاذان تشعر انك تستمع للنشيد الوطني الفلسطيني فدائي فدائي فدائي...
في هذا الفصل من الكتاب ترى وتسمع وتعيش تجربة تنظيمية قمة في العطاء والطهارة الثورية مثل قصة شاويش القسم ص ٣٢٠، وتبلغ ذروة العنفوان والفخر في هذا الكتاب وانت تطالع قصة المناضل البطل لؤي عبده فتسير معها حرفا حرفا ثم تعيد قراءتها من جديد لانك لم تنتفض وتتهيأ وتعظم السلام وانت تطالعها، فتعيد قراءتها لتعطيها حقها بعد ان تمسح كثيرا من دموع الفخر والعزة من على وجنتيك، كل هذا الفخر وكل هذه الدموع تجدها في الصفحة ٣٧٦ ..
وتكتمل ملامح هذه التجربة بإطلاعك على جيل الرواد الذين كتبوا عن ادب السجون بعد دروس حقيقية في الفخر والعزة والانفة وكذلك الموت ايضا، لكنهم كانوا ابطالا قبل كل ذلك ورفضوا ان يطأطؤا الرؤس وقت العدّ في السجون. ص ٣٤٧.
في هذا الكتاب طرح للاراء السائدة انذاك لكيفية التعامل مع المعتقلين ص ٣٦٤ ، في هذا الكتاب قصة صالون الحرامي ص ٣٦٨، وقصة اسم وتاريخ المركز الحدودي عوجا حفير ٣٧٢ وحكاية الافعى الكبيرة هناك ، والكثير الكثير من حكايا وبطولات الشهداء كحكاية رامي عزت الغزاوي ص ٣٩٠ ، واحسن المتوكل بتسلسله للحكايا منذ دخوله المعتقل وحتى خروجه منه دون ان ينسى ان يسرد لنا في الخاتمة حكاية الكبسولة على ظهر الصفحة ٣٩٨ ومع هذه الكبسولة وصلتنا رسائل وابداعات الاسرى ومنهم المتوكل، وبهذه الطريقة تمّ نقل وحفظ كل ادبيات واسرار السجون!

في هذا الكتاب لغة بكر وفكر حر وحرية ثمنها الكثير، في هذا الكتاب يدفعك المتوكل لان تعانق عنان السماء ويبلغ فيك ذلك المدى المفتوح بين الله والانسان، كل ذلك واكثر ستجده حين تعلم بأن "الشهيد يشهد على دمنا، وبأننا تحدّرنا من سلالة العمالقة الذهبيين" كل ذلك واكثر تجدها في جدال المتوكل مع هذا الكوكب "ما من اغان تُنشدها ايها الكوكب! هنا العويل والقشعريرة والجنون..." لكن كل ذلك العويل والجنون ينتصب رغم شدة الوجع ليسمعك صوت الشهداء حين يصرخون فينا " ان شجاعتكم تجمعنا...ايها المدافعون عن الاحلام"، ليس هذا فحسب؛ بل عندما يعتقد الجميع بأنك قد انكسرت وهزمت وذهبت مع الريح، ما تلبث اسطورة الفينيق ان تستفيق فيك وتبث في روحك نفسا جديدا وكأن تلك الانفاس كانت محملة بكلمات سرية ومربوطة بحبل سري مع ارض الكلام لا يعرف سرها إلا اصحاب الارض الحقيقيين، هي كلمات كالكلمات تجمعت فيها كل اسرار الحياة لكنها مثلك ومثل اسطورتك ترفض ان تموت ، حين تنصت جيدا الى صوت انفاسك القادم من بعيد ستجد تاريخ الاجداد قد تجسد في همس بعض الكلمات التي حملت معها عنوان الحياة من جديد
"شعبك يتنفس في ظهرك، ايها البطل ! فانتصر !"



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليم المقهورين
- الصَبّار
- النهوض في زمن الركود؛ بكر ابو بكر نموذجا
- وداعا يا ذكرين
- رحلة لم تكتمل
- سنكون يوما ما نريد؛ محمود درويش
- موسم الثلج الحار
- شوارع المخيم
- ثمناً للشمس
- يهوذا الاسخريوطي والزواف
- وزير إعلام الحرب
- باب الرحمة
- بين ابو علندا وفرنسا
- ثلاثون قضية استخبارية وأمنية في اسرائيل
- ماجد ابو شرار؛ مسيرة لم تنتهي بعد
- وجدة في الوجدان 2-2
- وجدة؛ مدينة الالفية وعاصمة الثقافة العربية
- صورة الشهيد في رواية الجرمق
- كيف يولد التاريخ في فلسطين؟ -النصوص الدينية نموذجا-
- كيف تُبنى الامم؟


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - سرد فلسطيني ، المتوكل طه