أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم احميداني - مفارقات صائم














المزيد.....

مفارقات صائم


عبد الرحيم احميداني

الحوار المتمدن-العدد: 6243 - 2019 / 5 / 28 - 04:45
المحور: الادب والفن
    


لخمة راس لعالم بلا خرائط

عبد الودود . ودود بما فيه الكفاية لحد يجعله حيوانا أليفا قابلا للترويض ، وديع لحظة المعاشرة الزوجية ، وناقم أيام المنع بعيد الفصح من الأشهر الحُرُم ، يفتح عينيه أول أيام رمضان على جثة ممددة إلى جانبه ، صوت شخيرها يعلو كصوت محرك يحتاج للتشحيم ، صدأ يتعدى الصوت الذي تصدره ليمتد الى شعرها المنفوش الذي يتمرد كل ليلة وهي مضطجعة كأنه شظايا قنبلة عنقودية ، يتفحصها باشمئزاز وهي تخور. بعينين جاحظتين ينظر للأسفل لعله يرى شيئا يسر ناظريه ويشفي غليل ما فُرض عليه قسرا من حظر عملي لكل الرغبات. يبلع ريقه ويمسح بسبابته ما عٙلِقٙ بشاربه من بصاق، وقد برزت تفاحة آدم من عنقه الطويل الشبيه بمالك الحزين. بحزن يغادر المنزل وهو يستعيد بالله من الشيطان الرجيم واهب الحرية ومانح اللذات وأصل كل الشرور ، يذهب لعمله كمن يدفع يهوديا للمسجد، دون أن يغسل فمه الذي تفوح منه رائحة الجيفة كأنه بركة راكدة تحوي مياهًا آسنة، بما أن الأكل كل الأكل حرام، وبما أن معجون الأسنان هو الآخر قد يهدد نيته في الصيام ..
يركب الحافلة وهو يرقب أسارير وجوه عابسة تشكو الإفلاس والذبول بسبب نقص في هرمون "الإندروفين "واضطراب في النوم ، تختلط رائحة الغازات السامة المنبعثة من الأمعاء التي تفاعلت فيها الحريرة والبقدونس والكرفس وماغُمس بزيت المحرك واللبن الحامض المنتهي الصلاحية كأنها مفاعل "تشرنوبل"، أيادي معلقة بسقف الحافلة تمنح لصاحبها فرصة البوح بما في الغابات الاستوائية من عفونة ورطوبة ، كل المدخنين ينتظرون ساعة الصفر ليعلن جرس" باڤلوف "عن انتهاء الحظر ببداية الله أكبر ... باسم الله . باسم الله الذي خلق من الأفيون أفقا ، عبارة يرددها عبد الودود في نفسه ثم يوقد أول سيجارة له في هذا اليوم كأنه يتلو أول جملة من سِفر التكوين .في البدأ كانت الكلمة وكان التبغ والأفيون سُنّةً اجتمعت عليها كل الشعوب فوحد بها كريستوف كولومبوس البشرية بعد غزوه للهنود الحمر .
بِلُغة أهل العرفان والمتصوفة يعشقها حد الكشف ، وبثرثرة نجيب محفوظ يغازلها كما يغازل المساطيل النرجيلة والخمرة على صوت آذان الفجر، بعد يوم مضني يلاقيها وقد طال انتظاره بكل لوعة وسهاد ، يرتشفها بشبقية حتى ينهي مابها من حياة وموت وقد تبخرت معها أحلامه الشاحبة ، يتمدد كسلوقي يخرج من معركة جنسية بتحقيق رعشة " الأورغازم ". بشفطتين أو ثلاث ينهي وجود السيجارة بالفعل وبالقوة وقد تقعرت وجنتاه كأنهما حفر الگولف، يتوسطهما شاربٌ بٙدٙوِي يصلح أن يكون مشجابا لحزمة ثوم ، ونتؤ شبيه بنقار الخشب تعلوه حواجب كثة توحي بالشر والمكر.
يخرج بسرعة للمقهى ليرثي أطلال رجولته الضائعة بضياع مجد السلف الصالح لقبائل بني قريضة حين أجّرت توراتها لمسلمي يثرب لكي يقيموا عليه شريعة الجهل والدم ويحفلوا بوحي ورقة بن نوفل. تأملات حالمة بأجنحة منكسرة ، لا تقوم برتقها إلا السجائر واللفافات التي تعوض عبد الودود عن ما تلقفه وعاشه ويعايشه من إخفاقات ، من غزوة أُحد الى سقوط الأندلس واجتياح بغداد من أجل إرساء الديمقراطية بمنتجعات الهجن والظأن بشبه الجزيرة العربية، التي زينت بكارتها المفتضة بساعات ذهبية ومطاعم" الماكدونالدز " مقابل خريطة للشرق الأوسخ الجديد ومن تبعهم بخزي الى يوم السّغٙبة.
كلما صام عبد الودود إلا وتذكر سنوات القحط والجوع والقمل وسنوات النكبة وسنوات الرصاص وجِزية "ترامب" من مكة وقصف اليمن من طرف الاخوة الأعداء ، وزيادة ساعةٍ إرضاءً للسيد "كارلوس غصن" حتى يبيعنا في سوق النخاسة مع قطع الغيار ، عجاف هي أيامنا وليالينا ، نعاني العجز وقلة الحيلة التي تفرضها طقوس الطهرانية من أتباع بني كليبة والرواقيين الذين أضلو طريق الحقيقة والفضيلة. وتهافتو بتهافت شيوخ الرقية على النيك والصلاة على الحاكم الملهم والدعاء له بدوام الصحة.
عبد الودود أمازيغي بفكر قومجي نموذج للانسان المهدور والمغدور الذي ضاعت ملامح هويته بين الأديولوجيا والميثافيتمين ، نموذج لسيكولوجيا من طوب تشكلت على أنقاض صراع العروش وما يضمه من سيكسو سوسيولوجيا وفانطازيا الخلق المفعمة بالخطابة والميطافور، هي كرونولوجيا شاهدة على الهزيمة وعقلية الفضيحة وما خلفته من أعطاب نفسية وعضوية بخير أمة أُنزلت بنزول قطرات الحيض ، لتكرر نفسها في حفل التفاهة مع "ساري كول وفرس النهر نيبا " كأنه عوْدٌ أبدي للسطحية والانحطاط ، أمة لن يداويها غير ماء الرجال من العلماء ، ومدافع نابوليون نُصرة لحقوق الأقليات و الابتعاد عن عدالة السماء بثورة حمراء .
ودود لازال جالسا ينتظر مزمار السحور وينتظر النفخ في السور عله يعجل قليلا بهذه الأوجاع، فبالناي والمزمار لايحدث انتصار، هذا ما توصلت له قريحة نزار ، نقعد في الجوامع تنابيلا كسالى نشطر الأبيات ونؤلف الامثالٙ ونشحد النصر على عدونا من عنده تعالى ، لا المعلقات ولا البخور ولا الرقوق تفي بصناعة إنسان بكامل عقله وإنسانيته، فما بالشارب يا ودود ولا في ثقافة القضيب بل في الروح العطب .
هل من طريقة لهبوط مستوى الأدرينالين غير نبتة الخشخاش؟ خشخاش هي حياتنا دخان هي أمانينا ، قصب هياكلنا قصب. يرن هاتف أحد المصطافين بالمقهى وهو يغني " الحياة حلوة بس نفهمها " يعم الصمت بين" لاعبي البارتشي " ويتوقف النرد عن تطايره، وتمتد الأذان لتلتقط الأخبار لأن الوقت بلا معنى، والحشد المحلق حوله يحتاج شئ لتمضية الوقت المتثاقل ، تتجه الأنظار إليه كأنه أوتي فعلا منكرا ، ينتهي فيعود الجميع لاتمام الدرس الخصوصي في النميمة مابين علم الكس وفقه النهد تماما كعنتريات المقرئ أبو زيد في الفزياء والدفاع عن لغة الضاض، وثنائية الحلال و الحرام و كيفية التخلص من الجنابة وفوز البارصا ومشاهدة "السيتكومات" التي تعاني "الأنيميا".
يقضي عبد الودود معظم أيامه بين المصنع والمقهى ثم يعود الى فراشه كالزومبي وقد ترددت في ذهنه أغنية " يوم يشبه يوم حياتي هذه،حياتي لي تمنيت تكون ماشي هذه "



#عبد_الرحيم_احميداني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة مستوحاة من تجربة واقعية مع قليل من البهرات
- على خطاك يا ماما فرنسا
- المثلية الجنسية بين الفكر والتكفير بين الماضي والحاضر
- من الميثولوجيا إلى فلسفة الدين
- الذكاء الاصطناعي هو خلق جديد أم مجرد آلة ؟
- سلطة النحن وضياع الذات


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم احميداني - مفارقات صائم