أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - التنوير بخرافات حداثية














المزيد.....

التنوير بخرافات حداثية


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6242 - 2019 / 5 / 27 - 20:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التنوير بخرافات حداثية :
==============
في برنامجه ( لعلهم يفقهون ) أنكر خالد الجندي وجود ممارسة للجنس في الجنة ، قال :
إن الحالة الجنسية والاخراجية تنتهي ( طبعا لما يدخل الانسان الجنة ) ، ولن يكون هناك إنجاب ، والأدوات (الأجهزة) التناسلية ستنتهي (ستختفي) لأن وظيفتها سيتم تعويضها بأخري ، وقال أيضا : مفيش علاقات جنسية في الجنة ، وقال : إن مناطق اللذة الداخلية ستتعدل أيضاً، وربنا قادر على أن يضع اللذة في النظر أو ملمس اليد أو نسمة هواء تمرّ عليك، فلا تَقِس العلاقات الجنسية على البشر وتنتظر أن تجدها في الآخرة، لأن كل شخص لذّته قد تختلف عن الآخر، وفي الآخرة لن تكون هناك عاطفة بدليل قول الله تعالى {يوم يفر المرء من أبيه) .
لن أتحدث عن ردود كثير من الخرافيين الذين يخالفونه في كيقية ابتداع الخرافة علي ما صرح به خالد الجندي ، فأنتم تعرفون حجم ومقدار المضحكات المبكيات الشائعة عن الجنس في الجنة التي يشيعونها بأسانيد وتفاسير ما أنزل الله لها من سلطان ويعتبرون من يخالفها مجدف ومنكر لمكاقآت الله للمخلصين من عباده ، تعرفون بالطبع القصص المتعلقة بالقوة الجنسية للمؤمن في الجنة والتي تبلغ أحيانا قوة مائة رجل ، وتسمعون ليل نهار ما يقولونه عن مقدار لذة الرجل في الجنة ، وعن عدد الأيام أو الشهور أو السنوات التي تمر بينما المؤمن لم ينته بعد من إنهاء مرة جماع واحدة .
لن أتحدث عن ذلك فأنا معني هنا بالسياق الذي ينكر خالد الجندي من خلاله مسألة الجنس في الجنة ، حيث يأتي حديثه هذا وفق منطق ما يسميه خالد الجندي وأمثاله منطق الاعتدال ، وفي سياق ما يدعون أنه إصلاح للخطاب الديني ، بل يذهبون إلي الادعاء بأن مثل هذا الكلام هو نوع من التنوير ، في حين أنك تري بوضوح كيف يحاول خالد الجندي وأمثاله معالجة الخرافات التراثية بخرافات حديثة.
أنظر كيف يقلب خرافة الجنس الشائعة والتي بموجبها يرتكب الظلاميون أفعال القتل والذبح والسلخ والحرق والتدمير والتخريب وصناعة المآسي، أنظر في حديث خالد الجندي لتري كيف يقلب لنا الخرافة علي وجهها ، ويقدمها لنا في صورة مختلفة ، يلغي الجنس المباشر ، ويخترع ممارسة جنسية أخري تحقق اللذة للرجل عن طريق نظرة العين ، وملمس اليد ، أو كما يقول عن طريق نسمة هواء تمر علي المؤمن في الجنة .
هذه المحاولات التي يقوم بها خالد الجندي وكثير من رجال الدين والتي يسمونها اعتدالا ، أو إصلاحا للخطاب الديني ـ أو مواجهة الانحراف والتطرف ما هي إلا عمليات ترقيع لن تؤدي إلي أي تغيير جوهري في مضمون الخطاب الديني الانتقائي الذي ينطلق من أكثر الجوانب في التراث الاسلامي بعدا عن العقل والتي موضعها في ضمائرنا حتي صارت بالنسبة لنا كمسلمين دينا وثقافة وفكرا سيطر بموجبها هذا الخطاب علي أفئدة ووجدانات وعقول وأرواح المسلمين الذين يؤمنون بمذهبية رجال الدين هؤلاء ، في حين أن النراث الاسلامي غني ومفعم بكثير من الاتجاهات العقلية والانسانية والعلمية والحضارية التي استحقت الحضارة الاسلامية بموجبها حق الحضور بين الحضارات الانسانية المختلفة ، إنه لشيء محير ومثير للشك والريبة إذ لماذا هذا الجانب فقط من ابن تيمية بينما لهذا الفقيه جوانب نقدية شديدة التوهج؟ ، ولماذا هذا الجانب فقط من أبي حامد الغزالي ؟، ثم لماذا يتم إهمال ابن رشد ، وابن خلدون ، وابن عربي وغيرهم من مفكري الحضارة الاسلامية؟ ، أليس إنتاج هؤلاء تراثيا أيضا ؟ ، هل يستطيع من يسمون أنفسهم حراس الشريعة وأسود السنة وسدنة الخطاب الديني الشائع أن يحدثونا عن التراث المعتزلي؟ ، الم يكن فكر المعتزلة جزءا مهما جدا من الحركة الدينية التراثية بامتياز ؟؟!! ، ثم لماذا انقطعنا بهذه الصورة المثيرة للشك عن أداء الشيخ علي عبد الرازق ، أو الشيخ محمد عبده في سبيلهما لاصلاح الخطاب الديني؟؟.
أسئلة كثيرة يثيرها هذا الترقيع المضحك للخرافات التي لعبوا أدوارا مختلفة في إشاعتها في ظروف سياسية مختلفة .
إن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن هؤلاء الرجال لا يمكنهم القيام بأي دور في عمليات الاصلاح أو التنوير ، فالتنوير ليس ترقيعا ولا إعادة صياغة ولا لوي لعنق الخرافات ولا محاولة قلبها علي وجهها ، التنوير مسألة أخري تبدأ من إعادة الاعتبار إلي العقل ثم النظر بموجبه في التراث حتي يمكن الانطلاق مما فيه من نقد وفلسفة وعلم وعقلانية يمكنها أن تقودنا إلي تغيير دفة اتجاهاتنا بحيث نكون قادرين علي إنتاج المعرفة التي تمكننا من صياغة حياة تليق بنا كبشر ، فإن فرض الماضي علي حاضرنا هو نوع من الانتحار .
إن التوجه إلي رجال الدين أو الاعتقاد بأن الاصلاح الديني هو مهمة يمكنهم القيام بها هو اعتقاد خاطيء ينطوي علي فهم قاصر للأسس التي يقوم عليها الخطاب الديني ، فهؤلاء الرجال لن يتنازلوا مطلقا عن خطاب منحهم القدسية ، ومنحهم مراكز متميزة في الضمير الاسلامي ، ومنحهم أوضاعا سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية حققت لهم السيطرة الكاملة علي العقل وعلي الروح حتي أنهم الآن في إمكانهم إرباك الموقف السياسي والاجتماعي بمجمله بكلمة واحدة.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات في شأن من شئون حبيبتي
- البذرة التي تنمو فينا كل يوم
- أُنظر من بعيد لكي تري نفسك بوضوح
- بعض الغبار الذي يهب من الجنوب
- بدون عنوان
- الوهم المقدس
- آل كابوني والاخوان
- ورقة عثرت عليها بين علب الدواء
- أوهام
- أنا أحب النساء
- بين دخول الاسلام إلي مصر ودخول العرب إليها
- الصحيح والعقلاني
- أيها الكهنة هذه ليست لغتنا
- المرجعية واحدة
- كتاب الشعب وكتاب الدولة
- الحصار من كل الجهات
- المال والرأسمال
- التطوير بين التلفيق والترقيع
- المرأة ، والحب والزواج وكثير من الأكاذيب والجرائم


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - التنوير بخرافات حداثية