أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى انصالي - شهر رمضان...كيف تحول الصيام إلى طابو مقدس؟













المزيد.....

شهر رمضان...كيف تحول الصيام إلى طابو مقدس؟


مصطفى انصالي
(Inssali Mustapha)


الحوار المتمدن-العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 21:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المعلوم في الدين بالضرورة أن الإسلام دين يبنى على أركانه الخمس : شهادة فصلاة وزكاة ثم صوم فحج، خمسة أعمدة يستند عليها هذا البنيان ويشيد من خلالها المسلم دينه وعلاقته بربه. وبما أن كل بناء يحتاج إلى أساس متين يقام عليه والذي بدونه سينهار، فإن المسلمين يعتقدون بأن هذا الأساس هو ركن الصلاة والتي في عرفهم هي عماد الدين وفضلا عن ذلك هي أول ما يسألون عنه يوم القيامة فإن صلحت صلحت سائر أعمالهم وإن فسدت فسدت أيضا سائر أعمالهم، لكن ورغم الأهمية الكبيرة التي أولاها الدين لشعيرة الصلاة فإن عدم أدائها لا ينفي عنك صفة مسلم، فعامة المسلمين لا يستنكرون عدم إقبال أبنائهم وأصدقائهم على طقس الصلاة، بل هناك أسر بأكملها لا تستشعر أدنى حرج في عدم ممارستها لهذا الطقس ولا ترى في ذلك مسا بكونهم مسلمين. فصفة المسلم ثابتة بالصلاة أو بدونها وهذا ما تؤكده حتى فتاوى فقهاء عصرنا الذين تخلو في شق كبير منهم عن تكفير تارك الصلاة ليصبح مجرد مسلم عاص. نحن متسامحون إذن مع من لا يقيم الصلاة، وعندما يطرح علينا السؤال: هل تصلي ؟ نجيب بدون حرج بالنفي، نقول لا بدون خوف.
هذه "اللا" التي تصدر عنا بخصوص الصلاة تصبح نافية لك ولدينك ولهويتك عندما يتعلق الأمر بشعيرة الصيام. فأن تصلي أولا تصلي هذا شأنك الخاص، لكن أن تصوم أو لا تصوم ليس شأنا خاصا بك، لقد تحول الصيام إلى شأن عام فيه الكثير بينك وبين الناس والقليل بينك وبين الله، صار طقسا الاجتماعي فيه يفوق الديني بكثير، فعدم صومك ليس في الحقيقة خروجا عن الدين بل هو في عمقه اقصاء من/وخروج عن مجتمع.
الصلاة إذن لا تلغي اسلامك لكن الصيام يفعل، وما يجعله كذلك ليس هو كونه ركنا من أركان الدين -فالصلاة اولى منه بذلك- بل لأنه ركن من أركان المجتمع، فالدولة لا تعاقبنا على ترك الصلاة لكن بإمكانها أن تعاقبك على ترك الصيام.
هذه الهالة التي يضفيها المجتمع على صوم رمضان والذي تزكيه الدولة بقوانينها هو بالضبط أحد اهم الأسباب التي تسموا بهذه الشعيرة لكي تصبح طقسا مقدسا يفوق بكثير باقي الشعائر الدينية الأخرى، وليس قصدي من وراء ذالك أن الصيام يكون بإكراه وقوة القوانين، فلطالما أثار استغرابي إصرار جدتي على مخالفة نصائح الطبيب الذي يحذرها من خطر الصيام في رمضان لكنها دوما تضرب بنصائح الطبيب عرض الحائط وتجسد الطقس تاركة أمر صحتها بيد الله. كما لن انسى أيضا ذلك الإصرار الكبير الذي شاهدته من تلاميذ السنة الثانية باكالوريا وهم يقبلون على اجتياز امتحان سيحدد جزءا كبيرا من مستقبلهم رافضين أن يكون الامتحان عائقا يجعلهم يحرمون أنفسهم من لذة تجسيد شعيرة الصوم ، بل وحتى بعض الأصدقاء الذين يوحي خطابهم بأنهم لا دينيين تجدهم بدورهم قد انصاعوا طواعية منهم للخضوع لهاته الهالة الغريبة التي يفرضها عليم شهر رمضان منصهرين بذلك في روح عرقهم ومجتمعهم ومبررين خضوعهم هذا بمبررات واهية لا تقنع حتى ضعاف العقول درءا للتناقض الحاصل بين أقوالهم وأفعالهم . أما القلة القليلة التي تتجرأ على اقتحام هذا الطقس وعدم تجسيده فهي وإن استطاعت التخلص جزيئا من سلطة المجتمع تجدها عاجزة عن تخلصها من وسواسها القهري الذي يجعلها متوجسة وخائفة من حصول ذلك العقاب الآني الذي يردده على مسامعهم كل الصائمين.
أمثلة وغيرها إن دلت على شيء فإنها تدل على أن الأساس الذي يبنى عليه الدين هو هذا الصيام الذي يدوم شهرا بأكمله داعيا إيانا إلى الامساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الشمس حتى غروبها، إمساك يحاول المسلم من خلاله أن يقدم صورة عن نفسه كإنسان لم يوجد ليأكل ويشرب ويتزاوج فقط، تقدمه على أساس أنه يرفض أن يكون مجرد جسد بل هو كائن عاقل قادر على عقل غرائزه وشهواته البهيمية، فمن خلال صيامه يعطي المسلم للعالم درسا في صراع الانسان مع طبيعته الداخلية عبر محاولة انتصاره على الجوع والعطش ليعبر بذلك عن قوة ارادة يعترف له بها حتى المخالفون له في الدين والثقافة. لكن المشكل الكبير هو عندما يتحول هذا الطقس من قوة إرادة فردية تحاول القضاء على الوحش الموجود بداخلنا إلى إرادة قوة جماعية تصبح هي نفسها وحشا يخيف كل من حاول أن ينظر إلى الصيام بنظارات غير تلك التي يرتديها مجتمعه. فالدين بشكل عام علاقة ثنائية بين الله والعبد عندما يتدخل فيها المجتمع تصبح كلها طقوس خالية من الروح فيخسر المسلم بذلك لا جسده فقط بل وروحه أيضا.



#مصطفى_انصالي (هاشتاغ)       Inssali_Mustapha#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إما الحرية وإما الأمن ؟ أبدا الإثنان معا و إلا فلا.
- رسالة إلى الحكومة المغربية: إحذروا ثورة التلاميذ
- إن الدين عند الله الانسان
- الإسلام كما أراه
- الصورة : ديكتاتورية ناعمة(1)
- من سرق صلاة الجمعة


المزيد.....




- النيجر تعلن مقتل زعيم بوكو حرام بغارة جوية
- مؤتمر -غزة مسؤولية إسلامية وإنسانية- في إسطنبول ينطلق بنداء ...
- متى ستحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نفسها؟
- من يتحمل المسؤولية عن العنف الطائفي في سوريا؟
- بمشاركة نحو 100 عالم دين.. انطلاق -مؤتمر غزة- في إسطنبول
- 45 ألفا أدّوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- رغم تشديد إجراءات الاحتلال.. آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الج ...
- النيجر: الجيش يؤكد مقتل زعيم في جماعة بوكو حرام جراء ثلاث ضر ...
- -التعاون الإسلامي- تؤكد مركزية قضية القدس في وجدان الأمة الإ ...
- حريق المسجد الأقصى.. هل انطفأت النيران أم تحولت لأشكال جديدة ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى انصالي - شهر رمضان...كيف تحول الصيام إلى طابو مقدس؟