|
من اجل تنظيم عمل باعة البسطيات ومسؤولية الدولة!
نادية محمود
الحوار المتمدن-العدد: 6222 - 2019 / 5 / 6 - 02:37
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
اختتم مقتدى الصدر تغريداته حول "الآفات" منتقدا انتشار الباعة المتجولين والجنابر في الطرق قائلا ان "انتشار الباعة المتجولين و(الجنابر) والعربات يسبب ازدحاما واضرارا بالطريق وجمال المنطقة"، و " ان كان تقصيرا من الحكومات الا ان لقمة العيش لا تكون على حساب الضرر العام". واذن ان كان ل"لقمة العيش" اهمية، وان الصالح العام يجب ان يؤخذ به فما هو حل الدولة للمسألة؟ من الواضح ان موضوع باعة البسطيات يقض مضجع الاحزاب، والحكومة، ومحاربتهم اصبحت سياسة ثابتة. دفاعا عن اصحاب المحلات، الذين يرون في اصحاب البسطيات الذين يبيعون باسعار اقل من اصحاب المحلات، بانهم منافسين لهم ويريدون طردهم من السوق. مصطفة الحكومة والاحزاب والميلشيات مع اصحاب المحلات، تاركة الالاف المؤلفة من العاملين في هذه المهنة في مهب غارات الاحزاب والميلشيات والبلدية وقيامهم بتدمير البضاعة الصغيرة التي يعتاش عليها هؤلاء الباعة. لا قانون بلديات ولا قانون لتنظيم باعة الشارع، بل تصريحات اعتباطية وتصرفات فردية، واجتهادات من قبل اناس لا يقبلوا بوصفهم باقل " قادة للمجتمع"، الا انهم بدون سياسة وبدون قانون وبدون تنظيم، وبدون ان يزعج اي منهم نفسه بالتفكير والاقرار بان عمل باعة الشارع واصحاب البسطيات، جاء ليبقى، وانه مهما فعلوا ومهما دمروا ومهما صادروا من بضاعة، فان الالاف المؤلفة ستعود للعمل فيه لانها مصدر معيشتها الوحيد الذي لا بديل لهم عنه. لم يكلف احد نفسه من الحكومة والاحزاب للاقرار وللاعتراف بان باعة الشارع ليست ظاهرة "مشوهة للجمال، وضرر للصالح العام" في مدن لم تشهد اساسا اي اعمار، بل تعيش في مزابل مثل مدن العراق في الجنوب، في مدن لم تعمر فيها لا مجاري مياه ولا تعبيد طرق. واذا افترضنا جدلا بان كان هنالك اضرار ب"الجمال" فانهم باعتبارهم في السلطة، عليهم القيام بالتخطيط والعمل على ضمان" الجمال" - الذي لم يره احد- وبين حاجة الناس للعمل. يجب ان تقر هذه الاحزاب اولا وقبل كل شيء بحق وشرعية وجود هؤلاء الباعة، كمصدر معيشة لهم، وبدون اي مساس بهذا الحق. لانه حق للاستمرار بالعيش. ليس هنالك دولة في العالم تخلو من هؤلاء الباعة، الا انه دائما يجري تنظيم عمل باعة الشارع بقوانين، ووضعت لهم حقوقا، وباحترام تام لمهنتهم وانسانيتهم. ان البيع في الشارع هو عمل ونشاط اقتصادي، لن ينتهي ابدا بالهجمة على اصحاب البسطيات. لم تكلف الحكومة واحزابها نفسها بتشكيل اية هيئات او لجان لتنظيم عمل العاملين في هذا القطاع. في الوقت الذي يجب على الحكومة نفسها ان تقر وتنظم عمل باعة البسطيات. ان تقوم بتخصيص اماكن لهم، ووفق البقعة الجغرافية للمنطقة التي يعمل ويريد باعة الشارع العمل فيها. وايجاد المؤسسات اللازمة لادارة وتنظيم وحماية عمل العاملين في هذا القطاع. وان تقوم الحكومة بتخصيص الكادر البشري لتنظيم عملهم، بما فيه اشراك البائعين انفسهم في عمل هكذا مؤسسات. بتسجيل هؤلاء الباعة، بتنظيم نشاطهم، تنظيم شروط عملهم و توضح وتحدد حقوقهم وواجباتهم، ومحميين بالقانون، ولديهم كامل الحق بالاعتراض على اي سلوك او اعتداء او تجاوز عليهم، ورفع دعوى على اي شخص يتعرض لكرامتهم ولمهنتهم ومحاكمته. كل ما فعلته الحكومة هو بدلا من ان يشرعوا قانونا ونظاما لتنظيم عمل هذه الفئة من الكادحين قاموا قبل ثلاثة اعوام فقط بطرح مسودة قانون واردات البلديات، الذي سعوا لاسلمة المجتمع من خلاله عبر حشر قانون لحظر بيع المشروبات الكحولية في ثنايا المسودة التي لاقت رفضا واسعا لها، ثم تم وضعها على الرف. هذا ليس للقول، اننا نعيش في بلد يحكمه القانون على الاطلاق، فالقوانين تشرع لكي لا تنفذ في العراق، بل لا يتلفت اليها ولا يلتزم بها احد. انظروا الى قانون تجريم " الدكة العشائرية" واعتبارها عملا ارهابيا. قبل ان يجف حبر القانون تواجهت عشيرتان في البصرة وقصفت بعضها البعض، مدفعيا، واستخدمت تقنيات عالية، منها طائرات التصوير! انظروا الى قانون العمل 137 لعام 2015، والذي يجرّم فيه التحرش الجنسي في اماكن العمل، والحال يكاد لا يخلوا مكان من هذه الانتهاكات، دون ان تمس شعرة من رأس منتهك! فوجود او عدم وجود قانون لا يغير من الامر شيء. والامثلة كثيرة. ولكن هنا نتحدث عن باعة او اصحاب البسطيات في العراق، والذي بلغ عددهم وحسب احصائيات 2015 "46 الفاً و41 " بائعا متجولا، وتشكل "نسبة العاملين من الاناث 1% . لا نعلم مدى دقة تلك الاحصائيات، الا انه من المؤكد ان تعدادهم الان - في عام 2019- مع توجه كل عام وجبات جديدة من الخريجين الى سوق العمل في ازدياد! الا انه ورغم هذه النسبة الكبيرة وبدلا من المضي الى وضع تنظيم وقانون لعمل باعة الشارع او باعة البسطيات او الجنابر، ينظر "قائد الاصلاح"- اضافة الى امانة بغداد، والحكومة ذاتها- الى وجود هذه الفئة من العاملين على انهم " سبب في الازدحام، ويضرون بالطريق، ويسيئون الى جمال المنطقة"!! ويلجأون من اجل تحسين جمال المدينة، الى تحطيم عربات الباعة، وبضاعتهم وسحقها واتلافها وتركها في الشوارع مضيفين الى جمال المدينة" جمالا اخر"! وسط ذهول وحنق وغضب الباعة والمتبضعين. لم يتركوا لاصحاب البسطيات وباعة المفرد الا سبيلا واحدا لا غير، الا وهو سبيل تنظيم انفسهم من اجل تثبيت حقهم في مزاولة المهنة التي توفر لهم سبيل عيش،وان يوحدوا جهودهم وعبر مدن العراق كافة من اجل اسماع صوتهم للحيلولة وايقاف هذا التدمير المتواصل لعملهم ولبضائعهم، والهجمة على سبيل العيش المضني والوحيد الذي يمتلكوه.
#نادية_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هو المسؤول عن انتحار الشباب؟
-
لا للهجمة على حق العمل لاصحاب البسطيات
-
-قانون جنسية جديد-، ام تحويل العراق الى باحة خلفية لايران؟
-
الفتوى العشائرية لاغتصاب وقتل النساء!
-
يوم الثامن من اذار- يوم المرأة العالمي ودور الرجل في تحرر ال
...
-
حول احياء يوم الثامن من اذار في العراق
-
العاطلون عن العمل واعادة توزيع الثروة
-
مناطق نفوذ!
-
الام تستهدف الولايات المتحدة بطلبها نزع سلاح الميلشيات في ال
...
-
الخطاب الشعبوي لمؤتمر برلين! الشعبويون ممثلوا اية جماهير؟
-
كلمة في مراسيم تأبين الرفيق جبار مصطفى (جلال محمد) في 4 كانو
...
-
عمالة رخيصة وعمال بلا حقوق – قطاع الكهرباء نموذجا!
-
بحث حول حركة السترات الصفراء (في ندوة عامة عقدت في بغداد)
-
-الاقتصاد السياسي- للميلشيات في العراق
-
الرأسمالية لا تملك حلا لمطالب الستر الصفراء لا في فرنسا ولا
...
-
عالم واحد ونضال واحد: فرنسا، ايران والعراق!
-
بضعة كلمات بمناسبة اليوم العالمي للعنف ضد النساء
-
-سكن- النواب أو-معيشة- العاملين بعقود في قطاع الكهرباء؟
-
سائرون يطالب ب-عفو عام-عن متظاهري البصرة! العفو عن ماذا؟ وعن
...
-
قتل المثليين في العراق- ودوران الارض حول الشمس!
المزيد.....
-
للموظفين والمتقاعدين 25 مليون دينار سلفة مصرف الرافدين بأقسا
...
-
حكومة إسرائيل تتجه لاعتماد -موازنة تقشف- وسط حربي غزة ولبنان
...
-
حربا غزة ولبنان تدفعان إسرائيل نحو موازنة تقشف
-
وزارة المالية العراقية توضح mof.gov.iq موعد صرف رواتب المتقا
...
-
حقيقة زيادة رواتب التقاعد العراق 5000 دينار.. وزارة المالية
...
-
طهران تستدعي القائم بالاعمال الالماني لديها احتجاجا على قرار
...
-
طهران تستدعي القائم بالأعمال الالماني احتجاجا على القرار غير
...
-
الجمل يدعو العمال إلى التمسك بروح أكتوبر والوقوف أمام من يحا
...
-
من احتفالية عمال مصر بذكرى انتصارات اكتوبر.. رئيس نقابة البت
...
-
وزارة المــالية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر 50
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|