أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود قبيلات - حِراك «الرابع».. وحُمَّى رمضان القادم















المزيد.....

حِراك «الرابع».. وحُمَّى رمضان القادم


سعود قبيلات

الحوار المتمدن-العدد: 6221 - 2019 / 5 / 5 - 18:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



العديد من المواطنين الأردنيين لديهم التزام ثابت لا يحيدون عنه أو يتنازلون إلا لـِ«الشديد القويّ».

في مساء كلّ خميس، يلتقي هؤلاء على «الدوّار الرابع» في العاصمة الأردنيّة عمّان. ومع أنَّ عددهم تراجع بشكلٍ ملحوظ، في المدّة الأخيرة؛ إلا أنَّ الطيف السياسيّ والاجتماعيّ والمناطقي الذي يمثِّلونه لا يزال واسعاً ويُعَدُّ نواةً صلبةً ثابتةً لأيّ انطلاقةٍ جديدة.

إنَّهم يجيئون مِنْ مختلف المناطق والمحافظات. ومنهم رجال دولة سابقون (مِنْ مناصب مختلفة، يبلغ بعضها منصب الوزير السابق أو المحافظ السابق أو السفير السابق والنائب السابق)، وضبّاط متقاعدون مِنْ مختلف الرُّتب العسكريّة (يبلغ بعضها رتبة الفريق الركن)، بل وأيضاً ضبّاط أمن ومخابرات متقاعدون (مِنْ رُتَب مختلفة يبلغ بعضها رتبة اللواء)، وكادحون، وحراكيّون، ومناضلون يساريّون وقوميّون، وإسلاميّون، وليبراليّون، وأكاديميّون، وكُتّاب ومثقَّفون وفنّانون، وطلّاب جامعيّون، رجال ونساء، كبار في السنّ وصغار. منهم مَنْ سُجِنَ سابقاً، «ومنهم مَنْ ينتظر، وما بدَّلوا تبديلاً».

وليس نادراً أنْ ترى أحدهم وقد جاء بكرسيٍّ على شكل عكّازة.. فإذا ما وقف أو مشى طواه، ثمَّ إذا أصابه شيءٌ من التعب وأراد الجلوس فتحه وجلس عليه. وليس نادراً، كذلك، أنْ ترى وجوهاً جديدة في كلّ خميس.

إنَّ مثل هذه الظواهر الإنسانيّة الدالّة، بل شديدة البلاغة، لا يمكن لعقلٍ حصيفٍ إلّا أنْ يراها، ويدقِّق النظر فيها، ثمّ يسعى إلى استخلاص العِبَرِ منها.

يقف الشُّبّان الحِراكيّون، عادةً، في حلقةٍ أقرب إلى الشارع الرئيس ويشرعون بالهتاف. بينما يقف الأكبر سنّاً على مقربة منهم على شكل حلقاتٍ صغيرة أو كبيرة، فيتابعونهم بهدوء بينما هم يديرون حواراتِ متنوّعة.. بعضهم مع بعض. وتنفضّ هذه الحلقات باستمرار لتتشكّل مِنْ جديد في أماكن أخرى مختلفة، إذ أنَّ الكثير من المشاركين في الوقفات يحبّون متابعة التحرّك في الساحة ليلتقوا بالمزيد مِنْ معارفهم ورفاقهم وأصدقائهم. وكذلك، يتحرَّك مشغِّلو البثّ المباشر، باستمرار، ليلتقطوا المزيد من الصور الحيّة ويُجروا المزيد من المقابلات السياسيّة.

ولم تعد الهتافات تقتصر على المطالب الاجتماعيّة والاقتصاديّة وحدها، بل إنَّها تعدَّتها إلى المطالب السياسيّة: حكومة صاحبة ولاية عامّة، وبرلمان منتخب بالكامل انتخاباً ديمقراطيّاً نزيهاً يحقِّق التمثيل الصحيح للشعب، وأنْ تقترن المسؤوليّة بالمساءلة، ويتمّ تفعيل مبدأ «الشعب مصدر السلطات» الدستوريّ، ويُنجَزَ برنامج التحرّر الوطنيّ، وتُلغى التبعيّة.. الخ.

كما لم تعد الحكومات هي هدف النقد؛ فالحكومات لا تأتي مِنْ تلقاء نفسها، كما أنَّها مجرَّد أقنعة وواجهات شكليّة وليست هي صاحبة الولاية العامّة. صاحب الولاية العامّة الفعليّة الوحيد في البلاد هو الملك. أمّا أسطوانة «الحكومات المتعاقبة» ومسؤوليّتها عن ما وصلنا إليه، فلم تعد تقنع أحداً. فحين تتكرَّر الظاهرة، على مساحة طويلة من الزمن والمرَّات، على الإنسان العاقل أنْ يبحث عن سبب تكرارها.

مع الزمن، أصبح هناك نوع مِنْ روح الجماعة المتآلفة يربط «جماعة الرابع» - إذا صحّ التعبير – بعضهم ببعض.

فهل هي مجرّد جماعة معزولة و«راكبة راسها»؟

«غيتو» سياسيّ، مثلاً، أو ما شابه؟

لا.

إنَّها، برأيي، المجموعة الأطول نفساً والأكثر عزيمةً وتصميماً وشعوراً بالمسؤوليّة بين مختلف أوساط الشعب. وفي كلّ التجارب التاريخيّة، وفي كلّ مكان، الطليعة الواعية صاحبة الإرادة والتصميم وذات النفس الطويل، التي تلتقي إرادتها القويّة مع إرادة غالبيّة الشعب وتعبِّر بجرأة عن مطالب الشعب، هي التي تقود عمليّة التغيير، وليس الفئات السلبيّة والمتقاعسة.

يدرك «جماعة الرابع» أنَّ الوضع في البلاد لا يمكن أنْ يستمرّ على هذا النحو إلى ما لا نهاية؛ فعصابة الفساد والاستبداد لم يعد لديها قدرة على اجتراح المزيد من الحلول الزائفة التي يمكن أنْ تطيل بعمرها عن طريق تسكين مشاكل البلاد مؤقَّتاً؛ فليس أمامها الآن سوى أنْ تواصل الانحدار المتسارع على هذا المنحدر الحادّ الذي وضعت نفسها ووضعت البلاد عليه إلى أنْ تبلغ الهاوية. وأهل الرابع لا يهمّهم ما الذي يمكن أنْ تفعله هذه العصابة بنفسها؛ ما يهمّهم هو أنْ يحموا بلادهم وشعبهم من المصير الكارثيّ الخطير الذي توشك أنْ تقودهما إليه.

والبلاد تقف، الآن، فعلاً، على حافّة هاوية.

ففي ظلّ تجريف النظام للحياة السياسيّة خلال عقود طوال الذي أدَّى إلى غياب القيادات الوطنيّة والأحزاب القادرة على القيادة، يُخشى أنْ لا يقود انفجار الوضع المحتوم إلى التغيير، بل إلى الفوضى.. حالة تشبه نموذج الصومال أو ليبيا.

لذلك، يصرّ أهل الرابع على الانتظام في الوقوف على الرابع كلّ يوم خميس بغضّ النظر عن الظروف والأعداد.. حتَّى لو لم يكن الطقس مواتياً، وحتَّى لو لم يزد عدد المشاركين عن مائة. فهم يعملون، بدأب، مِنْ أجل أنْ يكون ثمَّة عنوان واضح تذهب إليه الناس، عند انفجار الوضع، لتنجز التغيير الديمقراطيّ المنشود، بدلاً مِنْ تذهب إلى العنف والفوضى.

ولكن، ماذا بالنسبة للناس المعتصمين في بيوتهم؟

هل هم مع الرابع أم ضدّه؟

أو، بالمقابل، هل هم مع النظام أم ضدّه؟

البثّ المباشر الذي يطلقه الحِراكيّون من اعتصام الرابع كلّ خميس يحظى بمتابعات عالية من الناس المعتصمين في بيوتهم. ما يؤكِّد اهتمامهم الكبير بما يجري هناك.

ومِنْ ناحية أخرى، فالمشاكل والأوضاع التي استدعت غضب الغالبيّة العظمى من الناس، لم تُحَلّ، وهي لن تختفي مِنْ تلقاء نفسها، بل إنَّها في ازدياد وتفاقم، والنظام يصرّ على متابعة السياسات نفسها التي أوصلتْ الناس والبلاد إلى هذا الوضع الصعب الذي وصلنا إليه الآن.

إنَّهم يتابعون تحميل الناس أعباء سياساتهم الفاشلة والمدمِّرة، وليس لديهم أدنى استعداد للشعور بالمسؤوليّة والمشاركة في تحمّل أعباء هذه السياسات التي اقترفوها هم أنفسهم.

إذا كان لدى النظام عقل (وهذا ما لم نرَ مؤشِّراتٍ واضحةً تدلّ عليه حتّى الآن)، فإنَّه سيرى أنَّ حالة السكون الموجودة الآن هي بالتأكيد أخطر بكثير على النظام من الدوّار الرابع. لأنَّه لا أحد يعرف كيف سينفجر غضب الناس، أو لماذا وأين، ولا ما هي الأشكال التي سيتّخذها وماذا ستكون نتائجه وأمداؤه. فهذا الصمت شديد الاحتقان، وهو، عندما ينفجر، ينفجر دفعةً واحدة وليس على أقساط. وإذا ما خرج الناس عندها مِنْ بيوتهم، فلا شيء يمكن أنْ يردّهم إليها إلا التغيير الجذريّ الشامل.

أُعلِنَتْ، أمس، نتائج دراسة ميدانيّة لموقف الأردنيين مِنْ حِراك الرابع، أجراها مركز «نما» الذي يديره خبير استطلاعات الرأي المعروف الدكتور فارس بريزات. وقد كشفت الدراسة عن المؤشِّرات الملفتة التالية: تبلغ النسبة الإجماليّة العامَّة للناس الذين يؤيِّدون حراك الرابع الآن 63%. في حين أنَّها تبلغ 70% بين مَنْ يحملون شهادة أعلى من الثانوية العامّة. والنسبة الأعلى تأييداً للاحتجاجات موجودة في «إقليم الجنوب».

ويوضِّح الدكتور بريزات بأنَّ نسبة مؤيّدي الاحتجاجات في عزّ ما سُمِّي «الربيع العربيّ» (في العام 2012 بالتحديد) كانت بحدود 13% فقط، بحسب دراسة أخرى.

والآن، ثمَّة صراع محموم على رمضان. يعمل الحِراك بجدّ واجتهاد للاستفادة بالطقوس الاجتماعيّة والشعبيّة لشهر رمضان (السهرات الرمضانيّة والخروج إلى الشوارع والمقاهي.. الخ). وفي خلفيّة الذهن ما جرى في رمضان الماضي. في حين تشير المظاهر الملموسة إلى وجود غرف عمليّات لدى النظام تعمل بدأب مِنْ أجل إحباط هذه المساعي وإعاقتها. وفي المدَّة الأخيرة، قامت دائرة المخابرات باستدعاءاتٍ مكثَّفة للعديد من الشباب والبنات من نشطاء الحِراك، بغية دفعهم إلى اليأس والإحباط. ولكن، اليأس والإحباط، حتَّى لو افترضنا أنَّه تمّ الوصول إليهما، لن يفيدا النظام بشيء، فهما سرعان ما يتحوّلان إلى جمرٍ يتَّقدُ تحت الرماد.

ما أكثر ما يصادف المرء، هذه الأيّام، مَنْ يسأله، قائلاً:

إلى أين تتّجه الأوضاع في البلاد، وماذا سيحدث في رمضان القادم؟

هذا السؤال يعمل الكثيرون الآن مِنْ أجل ضمان الإجابة العمليّة عليه؛ ولكن، مَنْ سيقرِّر الجواب الحقيقيّ في النهاية هم الناس المعتصمون في بيوتهم حتَّى الآن.



#سعود_قبيلات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحة أخرى في كتابٍ أسود كبير
- انتفاضة نيسان.. نقد ذاتي وتلمّس لجدول أعمال المرحلة
- حمدان القصيدة.. و«قصيدة حمدان»..
- ما بين نيسان الانتفاضة ونيساننا الحاليّ
- أحزنني جدّاً حريق كاتدرائيّة نوتردام ولكن..
- عندما اُتُّهِمتُ بتهمة نقل الرسائل!
- «وصيَّة بليخانوف».. أهي وصيّة أم تصفية حساب؟
- هنديّ أحمر في «ملقا»!
- اجتمَعوا بدعوى التصدّي.. والنتيجة مخيّبة
- ثورة تشرين الأوَّل/أكتوبر وانهيار الاتّحاد السوفييتيّ
- كلمة موجّهة إلى الحِراك الأردنيّ وإلى الشعب الأردنيّ
- نصفا الساعة الفارغ والملآن.. في «الشرق» و«الغرب»
- وِشْ عرَّفك بالمراجل يا رِدِيّ الحَيل؟!
- «إسرائيل» دولة ديمقراطيّة جدّاً
- خطاب التحرّر الوطنيّ ونقائضه
- بعض الذين فاهوا بآياتهم ومضوا
- لماذا يكرهوننا؟
- فجوة حضاريَّة هائلة
- ليس رغماً عن التاريخ
- عندما «اختفت» الطبقة العاملة!


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود قبيلات - حِراك «الرابع».. وحُمَّى رمضان القادم