أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود قبيلات - صفحة أخرى في كتابٍ أسود كبير














المزيد.....

صفحة أخرى في كتابٍ أسود كبير


سعود قبيلات

الحوار المتمدن-العدد: 6218 - 2019 / 5 / 2 - 00:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



صدر الحكم، أمس، بالسجن لمدّة سنتين، على الشابّ الوطنيّ الشجاع صبري المشاعلة. وجريمة صبري التي أُخِذَ بها إلى السجن هي كلمة.. لكنّها ليست أيّ كلمة، بل كلمة حُرّة وصادقة وشجاعة.

إنَّ سنيّ عمر صبري المشاعلة ليست رخيصة عنده ولا عند رفاقه من الوطنيين الأحرار؛ ولكن، بالنسبة له، مصلحة الوطن والشعب أغلى بكثير وأعزِّ مِنْ سنيّ عمره.

على أيّة حال، صبري ليس أوَّل أردنيّ يُعتَقَل (أو يُسجَن) على كلمة حُرّة؛ فطوال المائة سنة الماضية، أُعتُقِلَ ألوف الأردنيين، وسُجِنوا، ومُنِعوا من العمل والسفر، مٍنْ دون أنْ يكونوا قد فعلوا شيئاً سوى أنَّه كانت لهم كلمتهم الحُرّة التي أشهروها في وجوه ناهبيهم ومضطهِديهم.

الأردنيّون أُخِذَ وطنهم منهم عنوة ونُهِبَ، وحُرِموا من التنمية الوطنيّة والاستقلال والنهوض، وحيل بينهم وبين حقِّهم في تقرير مصيرهم مثل كلّ الشعوب، وقُطِع مسار تطوّرهم الداخليّ الطبيعيّ وفُرِضَ عليهم مسارٌ آخر خارجيّ بدلاً منه، وحُكِّمَتْ برقابهم سلطة فاسدة مستبدّة مرتبطة بالاستعمار؛ لكنّهم، رغم ذلك كلّه، لم يستخدِموا في وجه مضطهِديهم وناهبيهم سوى الكلمة ردّوا بها (ويردّون) على عنف المعتقلات والسجون وتقييد الحُرّيّة ومختلف أوجه بطش السلطة.

وبعد كلّ هذا الزمن الطويل، وكلّ هذه التضحيات الجسام، لم يتوقَّف المستبدّون والفاسدون عن التصدِّي للكلمة الوطنيّة والديمقراطيّة الحرّة بالبطش والقوّة. وبالمقابل، لم يتوقَّف الوطنيّون الشجعان عن إشهارها في وجوههم، جيلاً بعد جيل.

لكن، يجدر الانتباه، هنا، إلى الوضع البائس والمتردّي الذي بلغته السلطة، الآن، بعد كلّ هذا القمع والتنكيل.

القانون الذي حُكِمَ بموجبه صبري المشاعلة فُصِّلَ خصِّيصاً لحماية أبرز رموز الفساد والاستبداد من النقد والتشهير. ومَنْ كان وراء تفصيله هم بالتحديد رموز الفساد والاستبداد أنفسهم.

وبالاستناد إلى هذا القانون، نفسه، يوجد الآن في المعتقلات والسجون عددٌ غير قليل من المعتقلين والسجناء (والمطلوبين أيضاً). ومنهم، على سبيل المثال: الأستاذ معاوية الشواورة، وعلي الدماني، وأبو سويلم المشاقبة، والمنذر الربيحات، ومحمد السنيد، وعامر عودة الغويين وآخرون.

وهذا يكشف كم هي الكلمة مهمّة وقويّة ومؤثِّرة.. بخلاف ما يظنّ كثيرون؛ لكن شرط أنْ تكون حُرّة وشُجاعة وصادقة.

وكلمة صبري، بالإضافة إلى كونها حُرّة وشُجاعة وصادقة، فهي أيضاً كلمة ثمينة، بل غالية الثمن؛ إذ أنَّه يدفع مقابلها، الآن، مِنْ أغلى سنيّ عمره.

لو كان وطننا سيّداً وشعبنا حُرّاً، لما كان السجن مكاناً لصبري المشاعلة ورفاقه من الوطنيين الأحرار، بل لكان مكاناً لرموز الفساد والاستبداد والتفريط بمقدّرات الوطن ومصالحه وحقوقه.

لكنّ وطننا ليس سيّداً (وليس بخير أيضاً) وشعبنا ليس حرّاً، وما يتحكّم بنا هو منطق القوّة القهريّة وليس منطق الحقّ.

على أيّة حال،

لسنا قلقين أو خائفين على صبري المشاعلة؛ فهو شابّ حُرّ شُجاع، وعندما نزل إلى ميدان الكفاح الوطنيّ كان يُدرك حجم التضحيات التي سيترتّب عليه أنْ يجود بها، وقد أقدم على ذلك بلا تردّد. ولكن، بالمقابل، هل ستتخلَّص سلطة الفساد والاستبداد مِنْ قلقها وخوفها الآن؟

اسم صبري سُطِّرَ، أمس، بأحرفٍ مِنْ نور، في سِجِلّ الكفاح الوطنيّ الأردنيّ المجيد. فهل سيتغيَّر الآن سِجِلّ العار والشنار الذي دُوِّنَتْ فيه أسماء الفاسدين والمستبدّين وباعة البلاد؟!

عندما أُعتُقِلَ صبري ورفاقه وزُجَّ بهم في السجون، كانت القاعدة الاجتماعيّة لسلطة الفساد والاستبداد قد انحدرت إلى الحضيض، فهل سيتحسَّن وضعها الآن؟

لقد أدرك أجدادنا، من الوطنيين الأردنيين، في وقتٍ مبكِّرٍ، عِظَم الكارثة التي أُخِذَ شعبهم وبلدهم إليها. وضِمن المحاولات الكثيرة والمتنوّعة التي بذلوها – آنذاك – لإنقاذ شعبهم وبلدهم، هي قيامهم، في العام 1929، بكتابة رسالةً مطوَّلة، باسم اللجنة التنفيذيّة للمؤتمر الوطنيّ الأردنيّ الأوّل، ووجَّهوها إلى «عصبة الأمم المتّحدة» شارحين فيها بالتفصيل وبالوثائق حيثيّات وأبعاد «القضيّة الأردنيّة». وقد اختاروا لهذه الرسالة عنواناً لافتاً ومعبِّراً هو «الكتاب الأسود في القضيّة الأردنيّة العربيّة». ومِنْ ضمن ما ورد فيها، كلامٌ كثير وموثَّق عن مصادرة الحُرّيّات وزَجِّ الوطنيين الأردنيين في السجون والمعتقلات وتزوير إرادة الشعب.

تجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ هذه «الرسالة» صدرتْ عن مطبعة دار الأيتام في القدس في العام 1929، على شكل كتابٍ عدد صفحاته حوالي مائتي صفحة وهو من القطع الكبير.

فإذا كانت الطبعة الأولى (والمبكِّرة) من «الكتاب الأسود»، التي أصدرها الأجداد، بهذا الحجم، فكم سيكون حجم هذا الكتاب لو قام الأحفاد بإصدار طبعةٍ جديدة («مزيدة ومنقَّحة») منه الآن؟ بل كم مجلّداً سنحتاج؟

الحُرّيّة لصبري المشاعلة ورفاقه السجناء والمعتقلين والمطلوبين؛

بل الحُرّيّة لوطننا وشعبنا كلّه.



#سعود_قبيلات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتفاضة نيسان.. نقد ذاتي وتلمّس لجدول أعمال المرحلة
- حمدان القصيدة.. و«قصيدة حمدان»..
- ما بين نيسان الانتفاضة ونيساننا الحاليّ
- أحزنني جدّاً حريق كاتدرائيّة نوتردام ولكن..
- عندما اُتُّهِمتُ بتهمة نقل الرسائل!
- «وصيَّة بليخانوف».. أهي وصيّة أم تصفية حساب؟
- هنديّ أحمر في «ملقا»!
- اجتمَعوا بدعوى التصدّي.. والنتيجة مخيّبة
- ثورة تشرين الأوَّل/أكتوبر وانهيار الاتّحاد السوفييتيّ
- كلمة موجّهة إلى الحِراك الأردنيّ وإلى الشعب الأردنيّ
- نصفا الساعة الفارغ والملآن.. في «الشرق» و«الغرب»
- وِشْ عرَّفك بالمراجل يا رِدِيّ الحَيل؟!
- «إسرائيل» دولة ديمقراطيّة جدّاً
- خطاب التحرّر الوطنيّ ونقائضه
- بعض الذين فاهوا بآياتهم ومضوا
- لماذا يكرهوننا؟
- فجوة حضاريَّة هائلة
- ليس رغماً عن التاريخ
- عندما «اختفت» الطبقة العاملة!
- أيَة دولة إسلاميَّة تلك التي تريدون؟


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود قبيلات - صفحة أخرى في كتابٍ أسود كبير