أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 27















المزيد.....



المسار- العدد 27


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 6216 - 2019 / 4 / 30 - 01:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



العدد /27/ نيسان /إبريل 2019
--------------------------------------------------------------------------

1. بيان بمناسبة عيد الجلاء

ياجماهير شعبنا السوري الواحد العظيم....
نحتفل اليوم بالذكرى الثالثة والسبعون لعيد الجلاء،جلاء آخر جندي أجنبي عن أرض سوريا الحبيبة في ١٧ نيسان من العام ١٩٤٦. إنه عيد أعيادنا القومية والوطنية، وأكبر إنجاز حققه شعبنا في تاريخه الحديث.
لقد توج الجلاء مسار نضال طويل ضد الاحتلال بصيغة الانتداب ،منذ معركة ميسلون بقيادة البطل يوسف العظمة، إلى ثورة الشيخ صالح العلي، إلى ثورة إبراهيم هنانو، ومن ثم إلى الثورة السورية الكبرى في العام ١٩٢٥ بقيادة سلطان باشا الأطرش، مقدما أغلى التضحيات وأثمن الدماء. ما أشبه اليوم بالبارحة، إذ أدرك شعبنا بأن نضاله من أجل الحرية، يجب أن يأخذ أشكالا ً أخرى، فلجأ إلى النضال السياسي، المظاهرات والإضرابات والعصيان المدني. لقد شكل الإضراب والعصيان لعام ١٩٣٦أحسن علامة مضيئة في تاريخ شعبنا المجيد، أجبر من خلاله الإستعمار الفرنسي على توقيع معاهدة ١٩٣٦ . لقد ترافق نضال شعبنا بالمطالبة بالحرية مع المطالبة بالدستور، كعنوان لدولة القانون والحقوق المدنية للفرد، والديموقراطية في إدارة المجتمع.
يا جماهير شعبنا في المعارضة والموالاة..
لقد استلهم حزبنا ، الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي) ،الدروس من تجربة النضال من أجل الجلاء، فوقفنا في أزمة2011-2019 ضد العنف المسلح، وضد الطائفية السياسية، وضد التدخل العسكري الخارجي ،داعين للنضال المدني والأهلي السلمي من اجل نيل الحرية والكرامة، وبناء دولة الحق والقانون، وتطبيق مبادىء حقوق الإنسان، هذه الأهداف التي يتفق عليها ويؤيدها أغلبية شعبنا في المعارضة والموالاة.
إن الذي أدى إلى الأزمة السورية ،وإلى الانقسام الحالي في صفوف شعبنا، يعود إلى أسباب عديدة، يأتي على رأسها غياب الحريات وقتل الحياة السياسية والانفراد بالسلطة وقمع وضرب المعارضة الوطنية،وقد رأينا عند اندلاع المظاهرات السلمية في عام2011 لجوء النظام إلى استعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين، وقتل أعداد كبيرة منهم ،وزج الآلاف بالسجون، وممارسة التعذيب الوحشي ، مقدماً بهذا تبريراً غير مباشر لظهور العسكرة، والأسلمة، والثورة المضادة، والتدخل الخارجي لقوى اقليمية ودولية أصبحت ممسكة بمسار الأزمة السورية.
لقد ناضل حزبنا ولايزال من أجل الحل السياسي للأزمة السورية على أساس (بيان جنيف1 ) والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن بهذا الخصوص وعلى رأسها القرار ٢٢٥٤ .
إننا نسعى في نفس الوقت إلى التغيير الديموقراطي وبناء دولة الحريات للشعب،والقانون والعدالة الاجتماعية في بلد أصبح الانقسام الطبقي واضحاً فيه بين فقراء وأثرياء ولدوا من رحم السلطة ،وإلى جلاء كافة القوات غير السورية ،النظامية وغير النظامية،المتواجدة الآن على الأرض السورية .
دمشق - 17نيسان2019 الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)
----------------------------------------------------------------
2. افتتاحية العدد:
من سيملأ فراغ انحسار تيّار الإسلام السِّياسي؟
يعيش الاسلاميون في العالم منذ سقوط حكم «الاخوان المسلمون» في القاهرة يوم 3 يوليو 2013 ما عاشته الحركة الشيوعية العالمية عقب تفكّك الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من عام 1991 إثر سنتين ونصف السنة من هزيمة موسكو في الحرب الباردة ومن ثمّ تفكّك الكتلة السوفياتية: شعور بالهزيمة السياسية والفكرية مع عدم القدرة على تقديم بديل فكري - سياسي يتجاوز حالة الهزيمة إلى حالة جديدة، كما فعل لينين بعد صدمته بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني(الحزب الأكبر في "الأممية الثانية") عندما وافق في آب 1914 على اعتمادات الحرب التي طلبتها الأركان الألمانية حيث قام بتأسيس بديل فكري - سياسي عن «الأممية الثانية» من خلال كتابي «الامبريالية» (1916) وموضوعات نيسان» (1917) ، من دونه ما كان من الممكن أن يصل لما وصل إليه من استلام السلطة عقب ثورة أوكتوبر1917، حيث طلب من حزبه، في المؤتمر الذي قدّم فيه موضوعاته، خلع القميص القديم، الاشتراكي الديمقراطي، وارتداء قميص شيوعي.
الاسلاميون، الآن، ما زالوا في حالة صدمة في مصر وهم في حالة تراجع دفاعي تنظيمياً وسياسياً، ولم يوحوا بأنّهم في حالة مراجعة فكرية للتجربة والمفاهيم والسياسات، بعد فشل في سنة أولى حكم لتنظيم سياسي عمره أربعة وثمانون عاماً هو بمثابة المركز - الأم للتنظيمات الاسلامية بين طنجة وجاكارتا. مباشرة، دفع «اخوان» تونس وليبيا وسوريا فاتورة سقوط مرسي. في 2014، مع وضوح إدارة الظهر الأميركي لـ «الاسلام السياسي» بعد زواج قصير لـ «الاخوان المسلمين» مع واشنطن عامي 2011 و2012 صعدوا من خلاله للسّلطة في تونس والقاهرة وتصدّروا واجهة المعارضة السورية وصاروا مشاركين في السلطة في صنعاء وطرابلس الغرب، قامت «السلفية الجهادية»، بفصائلها المختلفة المرتبطة مباشرة بالقاعدة (النصرة) أو المرتبطة فكرياً (كتائب أحرار الشام) أو المختلفة سياسياً وتنظيمياً من دون الفكر مع القاعدة مثل تنظيم داعش، باستلام دفة «الاسلام السياسي» بدلاً من «الاخوان». هذا يجعل الغرب الأميركي -الأوروبي أثناء حربه المعلنة ضد «السلفية الجهادية» التي وصلت لاستصدار القرار 2170 من مجلس الأمن ضد «داعش» والنصرة» في15آب2014 ولتشكيل تحالف دولي – اقليمي ضد "داعش"، في حالة من عدم التمييز بين شقي تيار الاسلام السياسي. وعلى ما يبدو ستغض واشنطن النظر عن اتجاه حلفائها في الرياض والقاهرة للبطش بالاثنين.
هناك فراغ بدأ يتوضّح عن هذا الانحسار لتيار الاسلام السياسي، وخصوصاً بعد فشل «الاخوان» في حكم القاهرة، وبعد أن دخل الاسلام السياسي السوري في تجربتين فاشلتين في 1979- 1982 و2011 – 2019 أنتجت كوارث وهزائم وخسائر مؤلمة، دفعت فاتورتها أولاً البيئة الحاضنة للتجربتين: القاهرة ودمشق هما البوصلة لاتجاهات التيارات الفكرية - السياسية العربية حيث تتبعهما العواصم الأخرى، وهذا بدأ منذ عام 1919 مع المرحلة الليبرالية عبر حزب «الوفد» ثم «الكتلة الوطنية» في دمشق عام1928، وفي عام 1952 مع عبد الناصر والبعث ومد الحركة العروبية، ثم مع صعود الطبعة الاخوانية للإسلام السياسي منذ أواسط السبعينيات في مصر وسوريا. الآن، في مصر وسوريا، هناك اتِّجاه كبير عند المسلمين السُّنة للانفضاض عن «الاسلام السياسي» في التنظيم والاتجاه السياسي، والأهم في الفكر والثقافة وحتّى في المظاهر والزي وأيضاً في السلوك الفردي والاجتماعي. ساهم الفشل السياسي في توليد ذلك، ويساعد التطرّف والعنف وظهور وحشية «داعش» وتناقض سلوكياتها مع المجتمعات المحلية في تسريع ذلك، كما أنّ قدرة الأوساط الاجتماعية على شم الرياح السياسية واتجاهاتها، وهو ما يفتقده أغلب السياسيين والمثقفين العرب ومعهم الكثير من كتبة الصحف ومعلقي الفضائيات، يجعلهم ينزلون من مركب الإسلام السياسي الذي هو في اتجاه الغرق بعد أن أعلنت واشنطن الحرب عليه، وهي التي لم تخض حرباً عالمية إلاّ وكسبتها، كما حصل ضد القيصر الألماني وهتلر والسوفيات.
هناك الآن فراغ سياسي في المجتمعات العربية بين الرباط والكويت ناتج من بدء انحسار تيَّار الاسلام السياسي: هذا الفراغ غير مسبوق، عندما سارع العروبيون لملء فراغ انحسار الليبراليين عقب نكبة فلسطين عام 1948 وعندما سارع الاسلاميون لملء فراغ العروبيون الذين انحسر نفوذهم المجتمعي بفرعيهم الناصري والبعثي عقب هزيمة حزيران 1967 وتوضَّح وبان هذا الانحسار عقب وفاة الرئيس عبدالناصر في 28 أيلول 1970. في حالات بدء المد السياسي، كما الليبرالي بالعشرينيات والعروبي بالخمسينيات والاسلامي بالسبعينيات، كان الفكر والثقافة يسبقان السياسة والتنظيم، وفي حالة الليبراليين مع مظاهر التحرّر الاجتماعي وفي حالة الاسلاميين مع مظاهر المحافظة الاجتماعية في الزي والسلوك. كان «الاجتماعي» يترافق مع «الفكري» والثقافي» والسياسي» والتنظيمي». تأتي عدم مسبوقية هذا الفراغ من كون بدائل تيَّار الاسلام السياسي المنحسر غير ظاهرة في الملعب، أو حواليه، إذا حسبنا بأنَّ البديل من الاسلاميين لن يكون خارج التيارات الفكرية -السياسية الثلاث: الليبرالية – العروبية -الماركسية، التي تصدّرت وسادت مع الاسلاميين الساحة السياسية العربية منذ عشرينيات القرن الماضي. هذه التيارات الثلاث في حالة ترهّل وضعف وانعدام اللياقة الفكرية – السياسية لكي تكون بديلاً سياسياً – تنظيمياً عن الاسلام السياسي، ما دام الماركسيون لم يفيقوا بعد من صدمة سقوط موسكو، والعروبيون كذلك من صدمة تراجعهم بعد فشل التجربتين الناصرية والبعثية في حكم القاهرة وبغداد ودمشق، فيما الليبراليون العرب المعاصرون عبر طبعة «الليبرالية الجديدة» قد سقطوا من خلال ذيليتهم للإسلاميين، كما في «اعلان دمشق»، ومن خلال التحاقيتهم بواشنطن التي كانت عامَّة عند (الاخوان المسلمون)السوريون وعند "الليبراليون الجدد"السوريون،وعند جميع "الليبراليون الجدد "العرب، فيما لم تكن الذيلية للإسلاميين عامة عندهم، حيث كان الليبراليون الجدد المصريون والتونسيون بعيدون، بخلاف السوريين، عن الاسلاميين وفي تناقض معهم، وإن ابتلوا بمرض عضال وهو الارتماء والاستعانة بالديكتاتور الحاكم من أجل مواجهة الاسلاميين، وهو ما فعلوه في حالات زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعبدالفتاح السيسي.
هل يستطيع التيّار الماركسي في سوريا أن يملأ فراغ انحسار التيار الاسلامي السياسي،أويساهم مع تيّارات أخرى في ذلك؟:هذا لا يمكن أن يتم ،ويبدأ في التحقق، بدون تحرّر الكثير من الماركسيين السوريين من العداء ل"الأكثرية سواء كانت دينية أوقومية"، ومن نزعة العداء للعروبة والاسلام ،والتي هي ناشئة عن حمل الموروث الثقافي- الاجتماعي لبيئاتهم من قبل الكثيرين منهم (وليس الكل) إلى "ماركسيتهم"، ومن دون التحرّر من "نزعة عبادة الأقليات "،والسكوت عن ارتكابات أحزاب "الأقليات" كمايجري الآن من ماركسيين ويساريين كثر عرب سوريين تجاه (حزب الاتحاد الديمقراطي)الكردي الذي يشكّل غطاءاً سورياً للوجود الأميركي العسكري في سوريا(بل و تجاوز حدود السكوت نحو التواطؤ عبر المشاركة في مؤتمرات وحوارات تحت مظلّة ذلك الحزب في أماكن تبعد أمتاراً قليلة عن القواعد الأميركية في عين عيسى أوعين العرب وفي المؤتمر الأخير ،المنعقد في 27-28 آذار 2019 في عين العرب، لما أسموه "الحوار السوري – السوري" رفضوا مشروع قرار قدّمه فاتح جاموس: " وهكذا كان تحفّظنا حتميا وصريحا بصوت عال على محتوى مشروع البيان، وكنّا الطرف الوحيد أيضا، وكانت اقتراحاتنا لقبولنا بالبيان على الشكل التالي:
- إدانة القرار الأمريكي بالموافقة على ضم الكيان الصهيوني لأراضي الجولان السوري المحتل، وإدانة الاحتلال التركي أيضا....
- وعدم الموافقة على اعتبار مشروع الإدارة الذاتية مشروعا قابلا للتعميم على المستوى السوري، والاكتفاء بالإقرار أنّه أحد المشاريع، أو خارطة طريق، كغيره من المشاريع الأخرى التي تحملها أطراف الانقسام الوطني الأخرى وأنّ الحل النهائي هو حل بيني لمختلف المشاريع والخرائط.
وعندما لم نتمكّن من تطوير المشروع تحفّظنا، ورفضنا الموافقة عليه" وفق التعبير الحرفي لفاتح جاموس، فيما ملؤوا الدنيا ضجيجاً ضد هيئة التنسيق الوطنية نتيجة حضورها مؤتمر الرياض للمعارضة السورية عام 2015الذي جاء انعقاده بناءاً على مقرّرات مؤتمر فيينا الثاني (14تشرين ثاني2015) الذي حضرته الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن مع دول أخرى وبالتأكيد لوكان المؤتمر في طهران أو لوحضر صالح مسلم زعيم(حزب الاتحاد الديمقراطي)ذلك المؤتمر لكانوا لن ينبسوا ببنت شفة ،مع العلم بأنّ صالح مسلم كان ضمن 20صوتاً من أصل 22الذين صوّتوا بنعم على الذهاب لذلك المؤتمر في المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية ،ثم جاء الفيتو التركي ضد حضوره مع صمت أميركي.
هناك سجل سلبي مليء بالخطايا والأخطاء للشيوعيين العرب يجب تقديم بديل عنه في المستقبل يتضمن التالي: تأييد قيام دولة اسرائيل عام1948- الوقوف ضد وحدة 1958السورية المصرية من قبل الشيوعيين السوريين- وقوف الشيوعيين العراقيين ضد اندماج العراق في فترة مابعد14تموز1958مع دولة الوحدة السورية المصرية- وقوف الحزب الشيوعي العراقي مع مصطفى البرزاني الذي كان متحالفاً مع اسرائيل وشاه ايران والولايات المتحدة- وقوف الشيوعيين الجزائريين ضد تأييد ثورة الجزائر حتى عام1957لبعد ثلاث سنوات من قيامها ووقوفهم مع بقاء اللغة الفرنسية لغة للإدارة الجزائرية وضد حملة تعريب الجزائر التي قام بها هواري بومدين.
-----------------------------------------------------------------------------------------

3. الإرهاب: دين وثقافة أم بنية اجتماعية- اقتصادية
نادر عازر
تزايدت، مؤخّراً، وتيرة تفسيرات ظهور التنظيمات المتطرفة والإرهابية في الشرق والغرب، التي تلصق المشكلة، سريعاً، بالدين والثقافة. معظم هذه التفسيرات سطحية ومتسرعة، ويبحث أصحابها عن إجابات مبسطة وشعبوية لمشاكل معقدة، تزيح عنهم عناء البحث عن الأسباب الحقيقية لظهور التطرف والإرهاب.
إحدى النقاط المشتركة التي تجمع الإرهابيين، سواء كانوا من تنظيمات إسلامية مثل داعش والقاعدة، أو مسيحية يمينية بيضاء أو نازية أو يهودية أو هندوسية أو بوذية، هي أنّها انتقام من إرهاب "الآخر".
بحسب العديد من المحللين والتقارير، وكما بات معروفاً على نطاق واسع، فإنَّ معظم قادة وأمراء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والعناصر المهمة فيه ينحدرون من الاستخبارات والجيش العراقي أيام صدام حسين، حيث فقد معظمهم كلَّ ما كان لديهم بعد الحرب الأمريكية وعملية اجتثاث البعث، وكان العديد منهم غير متزمِّت دينياً على الإطلاق. إنَّ الحرب الأمريكية على العراق ودمارها للبلد كان السبب المُمهِّد لظهور داعش، وإنَّ الوضع الاجتماعي-الاقتصادي المتدهور في الدول الغنية، والدعاية الضخمة، تسبَّب في زيادة عدد منتسبيه.
أمَّا تنظيم القاعدة فقد نشأ إثر الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وتلقَّى دعماً وسلاحاً من الولايات المتحدة والسعودية ودول وجهات أخرى، متمكِّناً من استقطاب عدد كبير من الشباب من أنحاء العالم، وخاصَّة العربي، بعد سنوات الهزائم والنكسات والديكتاتورية والوضع الاقتصادي المتدهور، التي شكّلت جميعها بيئة خصبة للتطرف.
في نيجيريا ظهرت حركة "بوكو حرام" بسبب الوضع الاجتماعي-الاقتصادي السائد، في بلد عانى من الاستعمار لعقود طويلة، وبعد استقلاله واستمرار الفساد والظلم تركَّزت الثروة في جنوب البلاد المسيحي، وأصبح ٦٠٪ من سكان الدولة الأكبر اقتصاداً في أفريقيا تحت خط الفقر، يعيشون بأقل من دولار أمريكي واحد في اليوم.
وفي ظروف تاريخية مشابهة ظهرت حركة "الشباب" الإرهابية في الصومال.
في تقرير لمؤسسة Global Financial Integrity فإنه مقابل كل مليارين دولار تدخل إلى الدول الفقيرة، يخرج منها خمسة مليارات دولار، هذا يعني أنَّ ما يحصل هو نهب مباشر للدول الفقيرة، كما أنَّ تقارير المؤسسة تظهر أنَّ الفرق في جودة الحياة بين سكان الدول الغنية والفقيرة لم يكن بهذا المستوى أبداً في التاريخ.
وبحسب مؤسسة أوكسفام فإنَّ الثروة تواصل تراكمها، بشكل متسارع، لدى نخبة صغيرة جداً، فيما يزداد الفقراء فقراً.
إنَّ ما قاد معظم هؤلاء الناس إلى التطرُّف لم يكن "صحوة دينية" مفاجأة نزلت من السماء، ولا "ثقافة سيئة" ظهرت من تحت الأرض، وإنَّما عقود طويلة من الإذلال التاريخي والاستعمار والنهب الممنهج لثرواتهم ومواردهم. وبعدها أجبرت دولهم على الالتحاق بالسوق الدولية "الحرَّة"، حيث تتنافس الدول النامية الفقيرة مع الدول المتطورة الغنية، ما أغرق الدول الفقيرة في دوامة ديون كونها تستورد أكثر بكثير مما تصدِّر، وفي النهاية يجري لوم الدول والشعوب الضحية على أنَّها "كسولة" وأنَها مسؤولة بشكل مباشر عن فقرها.
ومع ازدياد تواتر الحروب واتِّساع رقع الدمار والتدخلات الخارجية في هذه البلاد، ومع استمرار الاستبداد والقمع والفساد من قبل الحكام الذي أدَّى لتصاعد الفوارق الطبقية وتدمير البنية الاجتماعية، ومع صعود نخب مرتبطة بالدول الإقليمية والكبرى المعتدية على دولنا، ومع تهاوي الطبقة الوسطى، وتواصل غرق الفقراء بالفقر وتوسُّع شريحتهم، ومع التدهور في جميع المجالات، تشكَّلت بيئة خصبة جاهزة لظهور المجموعات المتطرفة بمختلف ألوانها، ودرجة وحشيّتها، تمكَّنت بسهولة من استقطاب عشرات الآلاف من الشباب والشابات الفاقدين لأي أمل بحياة أفضل.
إنَّ جذر الإرهاب ليس دينياً ولا ثقافياً وإنَّما يعود للبنية الاجتماعية-الاقتصادية السائدة على مدى فترات طويلة، التي تتوارث من جيل إلى آخر، وهي تؤدّي بماتحويه من فروق طبيقية إلى غضب كامن ينتهي بانفجار اجتماعي. الإرهاب المعاصر تعود جذوره لسلسلة طويلة من النهب والحروب والظلم العالمي الذي مهدت له الدول الرأسمالية الغنية المعتدية علينا منذ زمن طويل، وأشعلته الليبرالية الجديدة بآلياتها الأكثر وحشية.
إنَّ الثقافة والسياسة هما بُنيَتين كالمرآة تعكسان البنية الاجتماعية-الاقتصادية المتشابكة وتتغَّيران بتغّيرها، فهما ليستا ثابتتين على الإطلاق، وبالتالي فإنَّ وجود ثقافة أو دين "وحشي" أو "مسالم"، بشكل دائم، ليس أمراً صحيحاً، ولا ثابتاً عبر التاريخ ولا الجغرافيا، وإنَّما متغِّير بتغُّير الشروط الاجتماعية- الاقتصادية وظروف الحياة، وأمامنا تاريخ البشرية الواسع المؤكِّد، بمعظمه، لهذه الجدلية.
الثقافة والدين لا يمكن أن يكونا على الإطلاق جذراً مباشراً للإرهاب والحروب، فهما لطالما تمَّ استغلالهما، عبر التاريخ، من أجل تغليف الأسباب الأساسية لتجييش النَّاس وتعبئتهم.
يتغاضى العديد من المتسرعين عن الحقائق التاريخية، ويخلطون الأحداث، ويتجاهلون جميع الحروب المدمِّرة الأخرى التي نفَّذتها ما تسمى اليوم بالشعوب والدول الحضارية والديمقراطية والإنسانية، التي مرت بظروف مشابهة، وحطمتها الحروب الدينية الدموية بين الكاثوليك والبروتستانت (حرب الثلاثين عاماً) التي دخلت فيها معظم الدول الأوروبية، وحرب المائة عام بين فرنسا وبريطانيا، والحرب العالمية الأولى والثانية، وحتى الحرب الكورية واليابانية وحرب فييتنام والحرب الباردة، وقبلها بكثير كانت فترة استعمار العالم الجديد لأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا ونيوزيلندا وأفريقيا ودولنا العربية، وكلُّ هذه المعارك والحروب تسبَّبت بمقتل مئات الملايين من البشر وخلّفت مآسي هائلة، لا تقارن بما يحدث الآن في بلادنا العربية، فهل حروبهم كانت نتيجة ثقافة أو دين؟ أم أسبابها الأساسية اقتصادية-اجتماعية؟ كان ورائها المنافسة والتوسع والهيمنة والبحث عن أسواق جديدة وأيدي عاملة رخيصة ومواد خام.
أمَّا في الجانب الغني من العالم تظهر الأحزاب والحركات والأفراد اليمينيين المتطرفين رداً على تردِّي مستوى معيشتهم، الذي هو أصلاً جيد على حساب الدول الفقيرة. إنَّ زيادة الفوارق بين الأغنياء والفقراء في الدول المتقدمة وفي زمننا المعاصر، عززته ما سُمِّي بإصلاحات الليبرالية الجديدة، التي وعدت بحياة أفضل ورفاه لا مثيل له، إلاَّ أنَّها أفقدت الآلاف وظائفهم ومساكنهم، ليتمَّ في النهاية إلقاء اللوم على الضعفاء في مجتمعاتهم من مهاجرين أجانب وعاطلين عن العمل ومرضى. كما أنَّ ما حفَّز الإرهاب اليميني المتطرف والنازي هو رد فعل على الإرهاب الذي نفَّذه متطرفو الدول الفقيرة، ما تسبَّب بسلسلة لا تنتهي من ردود الأفعال، منشأها الأول والأساسي البنى الاقتصادية-الاجتماعية.
طالما بقينا هانئين قانعين تحت براثن الاستبداد والفقر، ولم نعمل من أجل بلاد ديمقراطية تنهض نهضتها وتزيل عنها قرون الذل، ثم تنتقل إلى نظام اجتماعي- اقتصادي أرقى من الحالي، ليس ضرورياً أن نستغرب ظهور الإرهاب، الذي هو أساساً رد فعل على الظلم الداخلي والخارجي.
الإرهاب لا يحارب بالورود والحب ولا بالقصف والإعدامات، لإنَّ ما يجب أن نحاربه هو المرض الاجتماعي-الاقتصادي نفسه وليس أعراضه.
-----------------
4. دروس الحراك الاجتماعي الجزائري -
- محمد سيد رصاص - جريدة الأخبار،6نيسان2019 -

في سوريا مابعد 16تشرين ثاني1970وفي مصر مابعد15مايو1971وفي جزائر مابعد وفاة هواري بومدين يوم27ديسمبر1978هناك نموذج للسُّلطة مبني على تحالف (المؤسسة العسكرية- رجال الأعمال- الاسلام الرسمي).جرت محاولة للاصطدام بهذا النموذج من قبل (الاسلام السياسي الأصولي الإخواني)في سوريا من خلال أحداث حزيران1979-شباط1982وفشلت.حصل انفجار اجتماعي جزائري واسع عبر مظاهرات5-11أوكتوبر1988ضد هذا النموذج اضطرَّت بسببه المجموعة الحاكمة الجزائرية إلى فتح نافذة التعددية الحزبية، بعد أن كانت مرتكئة إلى واجهة الحزب الواحد، ثمَّ خوفاً من أن ينطبق عليها قول فريدريك إنجلز:"إن الخسارة هي مصير أية حكومة تسمح لحركة معادية تتطلع إلى إسقاطها بالعمل في إطار القوانين" اضطرَّت المؤسسة العسكرية إلى القيام بانقلاب11يناير1992الذي منع اكتمال المسار الانتخابي البرلماني الذي كانت جولته الأولى تشير إلى فوز (الجبهة الاسلامية للإنقاذ)بأغلبية المقاعد،وهو ماأدخل الجزائر في حرب أهليَّة استغرقت عشر سنوات ذهب بها مايفوق المائة ألف قتيل. في 25يناير2011انفجر هذا النموذج للحكم في مصر وقد كان وصول (الاخوان المسلمون) للسلطة في يوم30يونيو2012عبر الانتخابات الرئاسية مؤشِّراً إلى بداية لعملية الإطاحة بنموذج حكم (المؤسسة العسكرية- رجال الأعمال- الاسلام الرسمي)،وهو ماسارعت أطرافه ،مستغلة دعم دول الخليج التي خافت من مد الأصولية الاسلامية وتداعياته عليها وبداية تخلي باراك أباما عن تحالفه المبني على عجل منذ سقوط حسني مبارك في 11فبراير2011مع (الاخوان المسلمون)،إلى تكرار الانقلاب الجزائري للجنرال خالد نزار على الاسلاميين في 11يناير1992عبر انقلاب السيسي في 3يوليو2013.في سوريا 18آذار2011انفجر هذا النموذج عبر حراك اجتماعي معارض واسع ولكن عملية تحول الانفجار السوري إلى أزمة دولية واقليمية قد ساعدت أطراف نموذج (المؤسسة العسكرية- رجال الأعمال- الاسلام الرسمي)على عدم السقوط وجعل الحراك الاجتماعي المعارض الذي امتطاه منذ خريف2011(الاسلام الأصولي) ثمَّ (الاسلام السلفي الجهادي) فاشلاً .
في هذا الصدد ، كانت هناك تقديرات بأنَّ فشل" الربيع العربي "،الذي نتج عن انفجار البنية الاجتماعية لخمس جمهوريات عربية في عام2011ولومع شيء من "الاستثناء التونسي" الذي كان ناجحاً إلى حد معين في تحقيق (الانتقال من الديكتاتورية إلى الديموقراطية)،كان يعني عودة إلى الركون العربي الاجتماعي إلى "مملكة الصمت"،وفي فترة2016-2018كان هناك عودة ،في المزاج الاجتماعي العربي العام ،إلى مقولات "ليتها لم تكن" و"السكون أفضل من الحركة"و"شوكان صاير علينا..كنا في أفضل حال...نأكل ونشرب وننام بسلام واطمئنان"،وهو شيء لوحظ في فرنسة مابعد فشل الثورة الفرنسية1789-1815وعودة آل بوربون للسلطة بعد هزيمة نابليون بونابرت في معركة واترلو أمام جيوش بريطانية – بروسية- نمساوية- روسية متحالفة ضده. كان الانفجار الاجتماعي السوداني منذ 19ديسمبر2018بوجه سلطة الفريق عمر البشير( وهي مبنية على نموذج تحالفي للمؤسسة العسكرية مع الاسلام السياسي منذ يوم30يونيو1989) مؤشراً معاكساً لتلك النزعة السكونية المحافظة التي سادت أغلب العرب في سنوات ثلاثة من الزمن،ثم جاء الانفجار الجزائري الاجتماعي الجزائري في 16فبراير2019ليكون الأكبر عربياً لدرجة أنَّه كان أقوى بموجاته المليونية من انفجار25يناير-11فبراير2011بوجه حسني مبارك.
يمكن ،هنا،دراسة الحراك الاجتماعي الجزائري الذي أجبر مؤسسة السلطة الجزائرية على الدفع باتجاه استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه في 2إبريل.كان الحراك قد بدأ في 16فبراير بعد عشرة أيام من الاعلان عن نية بوتفليقة الترشح للعهدة الخامسة.في 11مارس أعلن عدم نيته للترشح بعد أن قدَّم أوراق ترشحه (أوقدمت نيابة عنه)في 2مارس.لاحقاً تمَّ الاعلان عن الغاء الانتخابات وأنَّه هناك ستكون فترة انتقالية وحوار وطني ينتهيان بانتخابات رئاسية في بداية العام2020مع بقاء بوتفليقة بالفترة المذكورة بعد انتهاء مدته الرئاسية في 28إبريل2019.جرى التراجع عن ذلك بعد تصريح قائد المؤسسة العسكرية (الجنرال أحمد قايد صالح) في 26مارس بضرورة تفعيل(المادة102)التي تقول بشغور منصب الرئيس بداعي المرض،وقد لوحظ عدم اجتماع المجلس الدستوري بعد تصريح الجنرال فيما اجتمع مباشرة وأقر بحدوث الشغور في المنصب الرئاسي عقب استقالة بوتفليقة. هنا،يمكن تسجيل بأنَّ السلطة بكافة مؤسساتها ،المؤسسة العسكرية- الرئاسة- الحزب الحاكم،قد رقصت على ايقاع ضغط الحراك الاجتماعي وليس على ايقاعها الخاص كمالم تحاول القيام بمقاومة هذا الايقاع كماجرى في النصف الثاني من عام1991بعد اعتقال الصف الأول من قيادات (الجبهة الاسلامية للإنقاذ)،عباسي مدني وعلي بلحاج،في 30يونيو،قبل أن تقوم بضربه في 11يناير1992.حاولت السلطة مخادعة الحراك كمافي 11مارس2019،ولكنها لم تنجح،ثم ظهر التناقض بين (المؤسسة العسكرية) و(الرئاسة)،وهو ملفت للنظر،في يومي الثلاثاء 26مارس والثلاثاء 2إبريل ، بين (الشغور)و(الاستقالة).كان بوتفليقة أول مدني،رغم أن المؤسسة العسكرية هي التي جلبته عام1999كواجهة رئاسية، يستطيع القيام بتقليم بعض أظافر المؤسسة العسكرية،ولكن يبدو بعد مرضه عام2013 أنَّها قد عادت للتحكم ولكن مع مقاومات من مؤسسة (الرئاسة)المتحالفة مع رجال الأعمال أوبعضهم ومع حزب جبهة التحرير الذي انفلت من أيدي العسكر عام2019 وفي عهد عبدالحميد المهري أيام مابعد انقلاب1992حتَّى إزاحته من منصبه كأمين عام للحزب عام1996،وهو ،كتناقض أوتباين بين المؤسستين، قد ساهم في تظهيره الحراك الجزائري بوضوح عام2019. لم تكن المؤسسة العسكرية عام2019 سوى لاعب من بين مؤسسات السلطة وليس اللاعب الأول والمقرر كمافي 1991-1992. هناك مؤشرات على أن حراك مابعد 16فبراير2019قد ساهم في انفراط نموذج حكم (المؤسسة العسكرية – رجال الأعمال- الاسلام الرسمي)في الجزائر،وفي أن هذا النموذج الذي صمد ضد اسلاميي التسعينيات وهزمهم لم يعد قائماً بعد حراك اجتماعي قوي أثبت بأنَّ سلطة (المجتمع)في امكانها تحدِّي وزعزعة السلطة الحاكمة في بلد عربي .


5. الانتخابات المحلية التركية
(31آذار2019 )

- اعداد هيئة التحرير-
في انتخابات هي الأخيرة قبل عام 2023، حيث ستكون الذكرى المئوية للاحتفال بتأسيس الجمهوري التركية، وحيث ستشهد تركيا حينها انتخابات عامة وبلدية في العام نفسه، أسفرت الانتخابات التركية المحليّة التي جرت مؤخراً عن نتائج وصفها العديد بالمفاجئة، فيما رآها آخرون بمثابة انتقال طبيعي للسياسة التركية بعد الأزمات والاضطرابات التي مرت بها على الصعيدين الداخلي والخارجي منذ الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2014، وأبرزها محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 وتبعاتها على الصعيد الداخلي، وخصوصاً تردِّي الوضع الاقتصادي التركي في العام المنصرم الذي شهد نسبة تضخّم تجاوزت ال20%، وزيادة في نسبة البطالة، وتراجع في مؤشرات النمو الاقتصادي.
وتعدُّ هذه الانتخابات هي التجربة الانتخابية العاشرة في العقد الأخير منذ عام 2009، حيث جرت الانتخابات المحلية عامي 2009 و2014، فيما جرت الانتخابات العامة (البرلمانية) في 2011 ومرتين في 2015، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية عام 2014، واستفتائين لتعديل الدستور في 2010 و2017.
وتنقسم البلديات في تركيا إلى قسمين الأول يضم 30 بلدية كبرى، يضم كل منها ما يزيد على 750 ألف نسمة، والقسم الثاني يضم 51 بلدية، يقل تعداد سكانها عن القسم الأول، وتحظى الانتخابات التركية بأهمية في السياسات الداخلية خصوصاً مع التوجه الموجود داخل السياسة التركية إلى اعتماد درجة أكبر من اللامركزية، وتعتبر بمثابة البوصلة للثقل السياسي للقوى الفاعلة في الداخل التركي.
النتائج:
ولعلّ أبرز النقاط الإيجابية بما يتعلّق بهذه الانتخابات المحلية هي المشاركة الكبيرة في التصويت التي وصلت إلى "84.6%" من خلال 194 ألفاً و678 صندوقاً انتخابياً، والمنافسة المحتدمة بين تحالف "الشعب/الجمهور" الذي يضم حزب" العدالة والتنمية" وحزب "الحركة القومية"، وعلى الجانب الآخر تحالف "الأمة" الذي يتصدره حزب" الشعب الجمهوري" والحزب "الجيد"، إلى جانب "حزب الشعوب الديموقراطي" وحزب"السعادة" وغيرهم، المنافسة التي بلغت ذروتها في بلدية "إسطنبول"، ولم يتبين حتى ساعات الانتخابات الأخيرة هوية الفائز في هذه الدائرة الانتخابية حتى حسمت اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات في 18نيسان النتيجة لصالح أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري، خصوصاً وأن كلا التحالفين أعلنا فوز مرشحهما، مما خلق جدلاً كبيراً مع تقديم حزب "العدالة والتنمية" لطعون في نتائج الانتخابات في "إسطنبول"، وكان رئيس اللجنة العليا للانتخابات "سعدي غوفن" أعلن تقدّم مرشح المعارضة "أكرم إمام أوغلو" على رئيس الوزراء السابق ومرشح الحزب "العدالة والتنمية" "بن علي يلدرم" بفارق ضئيل جداً، وهذه ستكون المرة الأولى التي يصل فيها مرشح لحزب "الشعب" إلى رئاسة بلدية "إسطنبول" منذ أن كان "أردوغان" نفسه عمدة للمدينة.
وعلى الرغم من حصول حزب "العدالة والتنمية" على 44.3% من الأصوات مكنّته من الفوز في 15 من مجموع البلديات الكبرى التي يبلغ عددها ال30 بلدية، وفي 24 من أصل 51 من بلديات المدن، إلاّ أنَّها ستكون المرة الأولى في تاريخ تركيا التي سيقود فيها حزب "الشعب الجمهوري" البلديات الثلاثة الكبرى "إسطنبول"، و"أنقرة"، و"أزمير"، الذي فاز بما مجموعه 11 بلدية كبرى و10 من بلديات المدن بحصده ل30,12%، يليهما حزب "الحركة القومية" الذي فاز ببلدية كبرى و10 من بلديات المدن بتحقيقه لنسبة 7.31% من نسبة الأصوات، وحزب "الشعوب الديموقراطي" الذي حقق 4.24% من الأصوات ليربح المعركة الانتخابية في 3 من البلديات الكبرى و5 من بلديات المدن، وحقق الحزب الشيوعي ممثلاً بمرشحه "فاتح أوغلو" الفوز في ولاية "تونج إيلي"، وهي المرة الأولى التي يتولى فيها عضو من الحزب الشيوعي مسؤولية ولاية من الولايات التركية الواحدة والخمسون في تاريخ تركيا، فيما حقق الحزب "الجيد" 7.45% إلاَّ أنَّه لم يربح معاركه الانتخابية في أيّ من البلديات.
*جدول: عدد بلديات المدن وبلديات المدن الكبرى ونسبة كل حزب في كل تركيا في انتخابات 31 آذار/مارس 2019:

اسم الحزب عدد البلديات الكبرى التي فاز بها من أصل 30 بلدية عدد الولايات التي فاز بها من أصل 51 ولاية تركية النسبة العامة في تركيا
حزب العدالة والتنمية 15/30 24/51 44.33%
حزب الشعب الجمهوري 11/30 10/51 30.12%
حزب الحركة القومية 1/30 10/51 7.31%
حزب الشعوب الديمقراطي 3/30 5/51 4.24%
الحزب الجيد 0/30 0/51 7.45%
الحزب الشيوعي 0/30 1/51 0.16%
مستقل 0/30 1/51 0.97%

التغيرات:
على غير الانتخابات البلدية السابقة تمَّت هذه الانتخابات من خلال صيغة التحالفات، ومقارنة بالانتخابات العامة في عام 2018، فإنَّ تحالف "الشعب" قد حقَّق نسبة 51.6% في الانتخابات المحلية فيما حقَّق 53.4% في الانتخابات العامة في العام المنصرم، ليرى البعض في هذا تراجعاً طفيفاً، ومن الصعب في صيغة التحالفات تقدير الأصوات التي جلبها كل حزب بدقة شديدة، وبالتَّالي مدى تأثير كل حزب بمفرده على أصوات الناخبين.
وفي حين شهدنا في أصوات حزب "العدالة والتنمية" انخفاضاً ضئيلاً في الانتخابات البلدية مقارنة بالانتخابات السابقة، وربح الكثير من المعارك الانتخابية وخصوصاً في 3 مدن في شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية، إلَّا أنِّه غير خسارته المتوقعة في "أنقرة" بسبب التفوّق الذي ظهر لمرشح حزب "الشعب الجمهوري" "منصور ياواش" في استطلاعات الرأي التي جرت سابقاً على منافسه مرشح "العدالة والتنمية" ""محمد أوزهاسكي"، وغير المتوقعة و-غير الرسمية حتى الآن- في "إسطنبول"، فإنَّنا عندما ننظر إلى خارطة الانتخابات البلدية في تركيا نلاحظ أنَّ حزب "الشعب الجمهوري" المعارض الذي حصل على 30% من الأصوات قد حصل على 14 مليون صوت مقارنة ب11.35 مليون صوت في الانتخابات العامة قبل تسعة أشهر، وحقَّق تقدماً في منطقة "الأناضول" والعاصمة "أنقرة" إلى "البحر الأسود"، وهذه المناطق مع اسطنبول وأزمير تضمّ أكثر المراكز الاقتصادية والحضرية في تركيا، كما أنَّ "العدالة والتنمية" خسر مدينة "أنطاليا" الساحلية التي لطالما كانت ساحة للنزاع بين المحافظين والعلمانيين فيها، بعد أن ربح فيها في انتخابات 2014.
ويعتبر حزب "الشعب الجمهوري" نفسه رابحاً في هذه الانتخابات بعد ما حقَّق أهدافه، وتولَّى مسؤولية عدة بلديات أساسية تشمل العاصمتين السياسية "أنقرة" والاقتصادية "إسطنبول" إضافة لأزمير، ورفع عدد البلديات الكبرى التي فاز بها من 6 بلديات من أصل 30 بلدية عام 2014 إلى 11 بلدية عام 2019.
فيما حقَّق هذين الحزبين حوالي 75% من الأصوات فإنَّ أحزاب أخرى كانت قد شهدت تراجعاً كبيراً، مثل الحزب "الجيد" من خمسة ملايين في الانتخابات العامة الأخيرة إلى 3.5 مليون في الانتخابات البلدية، كما أنَّ حزب "الحركة القومية" وهو من الأحزاب القومية الكردية أيضاً شهد انخفاضاً كبيراً في نسبة المصوتين من حوالي 5.6 مليون حصل عليها في انتخابات 2018 إلى 3.5 مليون في الانتخابات الأخيرة، الذي استطاع الفوز في 11 بلدية بعد أن كان فائزاً في انتخابات 2014 في 8 بلديات، على الرغم من انشقاق الحزب "الجيد" عنه، الذي حصد نفس نسبة الأصوات تقريباً دون أن يفوز في أي بلدية.
ويعدُّ حزب "الشعوب الديموقراطي" الكرديّ هو الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات عند مقارنتها بالانتخابات العامة، حيث هبط عدد أصواته من 5.86 مليون صوت إلى حوالي مليوني صوت، وانخفض عدد المصوِّتين له من 164 ألفاً إلى ما يقلّ عن 20 ألفاً، وأبرز خسائره كانت مدينة "شرناق" الجنوبية الشرقية التي خسرها لصالح مرشح "العدالة والتنمية" على الرغم من تحقيقه ل70% من الأصوات قبل تسعة أشهر، فيما استطاع الفوز في ثلاث من المدن الكبرى بالجنوب الشرقي التركي هي "ديار بكر" و"وان" و"ماردين".



6. تعريف مفهوم : الصراع الطبقي

من المعلوم أنَّه في كل مجتمع تتصادم مطامح البعض مع مطامح البعض الآخر وأنَّ الحياة الاجتماعية مليئة بالتناقضات، وأنَّ التاريخ يكشف لنا عن الصراع الذي بين الشعوب والمجتمعات، كما يقوم داخل الشعوب والمجتمعات نفسها، وأنّه يبين لنا أيضا مراحل متعاقبة من الثورة والرجعية، من السلم والحروب، من الركود والتقدّم السريع أو الانحطاط. إنَّ الماركسية قد رسمت النهج الموجه الذي يتيح اكتشاف وجود القوانين في هذا التعقيد والتشوّش الظاهر، ونعني بهذا نظرية الصراع الطبقي. فقط دراسة مجمل المطامح لدى جميع اعضاء مجتمع ما أو عدد من المجتمعات تسمح بتحديد نتيجة هذه المطامح تحديدا علميا. هذا مع العلم أنَّ المطامح المتناقضة يولدها تباين الاوضاع و شروط الحياة لدى الطبقات التي ينقسم اليها كل مجتمع. يقول ماركس في "البيان الشيوعي": "إنَّ تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف انجلس فيما بعد: ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات. فالحر و العبد، والنبيل والعامي، والسيّد الاقطاعي وألقن، والمعلّم والصانع، أي باختصار، المضطهدون والمضطهدين، كانوا في تعارض دائم وكانت بينهم حرب مستمرّة، تارة ظاهرة، وتارة مستترة، حرب كانت تنتهي دائما إمّا بانقلاب ثوري يشمل المجتمع باسره وإمّا بانهيار الطبقتين معا...أمّا المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من احشاء المجتمع الاقطاعي الهالك فإنّه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة محل القديمة وأوجد ظروفا جديد ة للاضطهاد واشكالا جديدة للنضال بدلا من القديمة. إلاّ أنَّ ما يميز عصرنا الحاضر، عصر البرجوازية، هو أنّه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة. فانّ المجتمع أخذ بالانقسام، أكثر فأكثر، الى معسكرين فسيحين متعارضين، الى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر: هما البرجوازية والبروليتاريا". ومنذ الثورة الفرنسية الكبرى كشف تاريخ اوروبا في عد د من البلدان على نحو بديهي خاص عن السبب الحقيقي للأحداث وهو صراع الطبقات. فمنذ عهد عودة الملكية ظهر في فرنسا عدد من المؤرخين (تييري وغيزو ومينيه وتيير) الذين كانوا مجبرين عند تلخيصهم لما كان يحدث أن يعترفوا بأنَّ الصراع الطبقي موجود وأنَّه المفتاح الذي يتيح فهم كل تاريخ فرنسا. ولكن المرحلة الحديثة الاخيرة، مرحلة انتصار البرجوازية التام، والمؤسسات التمثيلية والاقتراع الموسع (ان لم يكن العام)، مرحلة الصحافة اليومية الزهيدة الثمن، التي تتغلغل بين الجماهير الخ. هذه المرحلة قد أثبتت بمزيد من الجلاء أيضا (ولو أحيانا على نحو وحيد الجانب و "سلمي" و "دستوري") أن َّالصراع الطبقي هو محرك الاحداث. إنَّ المقتطف التالي من "البيان الشيوعي" يبيّن لنا ما طلبه ماركس من علم الاجتماع من وجهة نظر التحليل الموضوعي لأوضاع كل طبقة من طبقات المجتمع الحديث بالارتباط مع تحليل تطور هذه الطبقة: "وليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن أمام البرجوازية وجها لوجه إلاَّ طبقة واحدة ثورية حقا هي البروليتاريا. إنَّ جميع الطبقات الاخرى تنحط وتنقرض في النهاية مع نمو الصناعة الكبرى أمَّا البروليتاريا فهي – خلافا لذلك – أخص وأساس منتجات هذه الصناعة. إنَّ الشريحة السفلى من الطبقة المتوسطة وصغار الصناعيين والباعة والحرفيين والفلاحين تحارب البرجوازية من أجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست إذن ثورية بل محافظة وأكثر من محافظة أيضا أنهَّا رجعية. إذ أنَّها تريد أن تدور عجلة التاريخ الى الوراء. وإن حدث و كانت ثورية فذلك لأنَّها في حالة انتقال الى صفوف البروليتاريا وبذلك لا تدافع عن مصالحها الانية بل عن مصالحها المستقبلية وهي تتخلى عن وجهة نظرها الخاصة لتتخذ لنفسها وجهة نظر البروليتاريا". وفي جملة من المؤلفات التاريخية اعطى ماركس امثلة ساطعة وعميقة عن علم التاريخ المادي وعن تحليل ظروف كل طبقة بذاتها وأحيانا ظروف مختلف الجماعات والفئات في الطبقة الواحدة وبين على نحو ساطع لماذا وكيف "ان كل نضال طبقي هو نضال سياسي". إنَّ المقطع الذي استشهدنا به آنفا يبيّن بوضوح كم هي معقد ة شبكة العلاقات الاجتماعية والدرجات الانتقالية بين طبقة واخرى وبين الماضي والمستقبل التي يحللها ماركس ليظهر حاصل كل التطور التاريخي. إن نظرية ماركس تجد تأكيدها وتطبيقها الاكثر عمقا وشمولا وتفصيلا في مذهبه الاقتصادي
من كتاب لينين "حول ماركس"

...................................................


7. اليسار والدّين في السودان... الحزب الشيوعيّ السودانيّ

د. حيدر إبراهيم علي

نشرت الجماعة الإسلامية دستوراً ينصّ على أنّ الغرض هو تحقيق الإسلام في واقع الحياة عن طريق قيام جمهورية إسلامية حرة كاملة السيادة، وتنصّ فقرة أخرى في الدستور على إلغاء الإقطاع، وتحويل ملكية الأرض إلى ملكية جماعية، وتوزيعها على قاعدة الأرض لمن يفلحها. إلغاء النظام الرأسمالي إطلاقًا وتحويل وسائل الإنتاج والتوزيع إلى ملكية جماعية. انتهى هذا الصراع داخل الحركة الإسلامية بانتصار الجناح المحافظ، المعادي بشدة لكل الأفكار الاشتراكية وللحزب الشيوعي، فقد عقد الإسلاميون ما يسمى «مؤتمر العيد »، في 21 آب (أغسطس1954) ، وكان من أهم القرارات:
1ـاختيار اسم الإخوان المسلمين.
2ـ علنية الدعوة.
3ـالاهتمام بقضية الدستور الإسلامي
كانت هذه نهاية دور (بابكر كرار) وحركة التحرير داخل التيار الإسلامي. ويكتب الترابي عن فترة النشأة والتكوين: «كانت قضية العهد هي تقرير المصير أو تحديد الهوية، وكانت الدعاوى تتنازع بين الأصالة السياسية الوطنية المتحدة مع مصر، أو المستقلة عنها، والاصطباغ بصبغة الغرب في الشرق، وكان الشباب والطلاب بوعيهم ووزنهم هم أطراف النزاع وموضوعه. وفي ثنايا هذه الظروف، ووسط الطلاب، نشأت الحركة من عناصر طلابية تائبة إلى الدين، من بعد ما غشيت بعضهم غاشية الشيوعية، واستفزت بعضهم أطروحاتها السافرة في تحدي الدين عقيدة وخلقاً، وأثارت غيرهم غلية التصورات والأنماط الحياتية التي فرضها التعليم النظامي، الذي يسوسه الإنجليز » . من الواضح أنّ الحركة كانت ردّة فعل يعادي الشيوعية وعملية التحديث، وتوصلت إلى أنّ الترياق المضرّ للتوجهين؛ هو العودة إلى أصول الإسلام الأولى، ووجدت في الدعوة للدستور الإسلامي الحلّ، وكان هذا الاختيار بسبب غلبة عناصر القانونيين على تكوين الجماعة الأولى. شكلت الدعوة للدستور الإسلامي استنزافاً للعقل السياسي السوداني، وأدخلت البلاد في نفق مظلم أدّى إلى الكارثة التي تعيشها البلاد الآن، التي أدت إلى فصل الجنوب؛ فقد جرت الحركة الإسلامية السودانية إلى نقاش عقيم حول صلاحية الدستور الإسلامي في ظروف السودان، ورغم أنّ الإسلاميين لم يقدموا أي تصور لمشروع دستور إسلامي مفصل، إلاّ أنّهم شغلوا الناس بالشعارات فقط، لكنّه طغى على كلّ القضايا الحيوية التي تواجه مجتمعات ما بعد الاستقلال، وبالتحديد الوحدة الوطنية والتنمية، لكنّ الجهد كلّه انصبّ على الصراع والنقاش حول الدستور الإسلامي، واستطاعت الحركة أن تلعب على العاطفة الدينية، وأن تقوم بابتزاز الأحزاب التقليدية بسبب مرجعيتها الطائفية الدينية، وجاء في مقررات المؤتمر التأسيس يضرورة الاهتمام بموضوع الدستور الإسلامي:
«قضية التشريع قضية مبسطة ومدخل سهل لعرض الأزمة الدينية، ويمكن أن تجمع حولها كلّ العناصر ذات الخلفية أو الثقافة الدينية في أرضية مشتركة .» وقد نجحت حركة الإخوان في عرض قضية الدستور الإسلامي من خلال معركة الجبهة الإسلامية للدستور؛ التي تكونت في دار جماعة التبشير الإسلامي في أم درمان، في يوم 10 كانون الأول ديسمبر1955 . ومنذ ذلك الوقت، شغل الإخوان الساحة السياسية السودانية بالجدل حول الدستور الإسلامي في الصحف والبرلمان، وتعطلت أعمال اللجنة المكلفة بوضع دستور دائم للبلاد، بسبب معارضة المسيحيين والجنوبيين والشيوعيين والليبراليين، لمشروع الدستور الإسلامي، وفشل السودانيون في وضع دستور دائم حتى تم حلّ الجمعية التأسيسية،بانقلاب 25 أيار –مايو- 1969 ، وقام الإخوان المسلمون بالترويج والخلط بين رفض الشيوعيين للدستور الإسلامي باعتباره عداء للإسلام، ودشّنت حملة تربص وملاحقة للشيوعيين. ولكن سبب هذه الهجمة هو ازدياد نفوذ الحزب الشيوعي، قبل وبعد ثورة 21 أكتوبر 1964 ؛ فقد هندس الشيوعيون الإضراب السياسي العام الذي عجَل بسقوط النظام الدكتاتوري، كما أنّهم سيطروا على مجلس الوزراء الذي أعقب الثورة، وكان لهم ثمانية وزراء من أعضاء في الحزب، أو متعاطفين معه.أشاع الإخوان المسلمون الانطباع بوجود خطر شيوعي، ما جعلهم يكسبون الأحزاب التقليدية الطائفية إلى صفوفهم، خاصّة بعد أن اكتسح الحزب الشيوعي دوائر الخريجين في انتخابات عام 1965 ؛ حيث فاز 11 نائباً شيوعياً في 15 مقعداً مخصصين لخريجي الجامعات.
عقب الثورة، أخذ الإخوان اسم جبهة الميثاق الإسلامي، وجاء في أول بند من إستراتيجية عملها:
«تأمين الجهة الداخلية بمحاربة الحزب الشيوعي ومؤامرات الاستعمار الغربي » .
ويكتب عمر ابراهيم مكي عن برلمان تلك الفترة عن جبهة الميثاق الإسلامي: «لكنّ الحرج الذي لازمها أن أصبحت معارضة الدرجة الثانية، بسبب تفوق اليسار في عدد النواب ، وبدأ تفكير الإسلاميين في إزاحة هذه العقبة وشرعوا في التآمر والتركيزأكثر على دينية الدولة"، ويوضّح الحزب الشيوعي السوداني هذا الوضع في مؤتمره الرابع 1967: «تحت راية الدعوة للإسلام شنّت الثورة المضادة معاركها ضدّ قوى التقدم والحزب الشيوعي، وهي ستظل بهذه الراية في محاولتها الرامية لمنع تلاحم الحزب الشيوعي بالحركة الجماهرية، وتحوّله إلى قوة مؤثِّرة في سير الأحداث بوطننا لتأخير الثورة الوطنية الديمقراطية، إنّ لجوء الثورة المضادة إلى هذا السلاح يؤكّد إفلاسها السياسي، فقد ظلّت القوى الرجعية تعمل في إطار الحركة السياسية العقلانية على الرغم من استنادها بين جماهيرها على الدجل باسم الدين، لكنّ تصاعد نشاط الجماهير حتى بين قواعدها، بعد أكتوبر1964، أشهر إفلاسها ودفع بها إلى ترك الحياة السياسية العلمانية، ونشر جوٍّ من الدجل اليميني مسّ كل أوجه الحياة في بلادنا، يهدف في النهاية إلى قيام سلطة رجعية باسم الدين، وقد كانت تجربة حزبنا في النضال ضدّ هذه الموجة غنية؛ فرغم كلّ العقبات استطاع الحزب الشيوعي، بدفاعه عن الحياة السياسية العلمانية، واعتماداً على تراثه في النضال دفاعاً عن مصالح الجماهير، وتجارب هذه الجماهير معه، أن يواجه الموجات العاتية، وأن يحسر هذه الهستيريا الرامية لتضليل الجماهير، وهذا حسن.لكن علينا أن نقر أنَّ السلاح الفكري للثورة المضادة واتجاهاته الدائمة لفرض العنف على حركة الثورة تسير دائماً تحت مظلة التهريج والدجل باسم الدين، لهذا فلا يكفي في مواجهة هذا الموقف الاقتناع بالدفاع عن الحياة السياسية العلمانية، وشعار فصل السياسة عن الدين. صحيح أنّ هذا هو الموقف المبدئي الذي ندافع عنه لرفع وعي الجماهير السياسي، وشحذ إدراكها الاجتماعي والوطني والطبقي، ومن أجل وحدة بلادنا التي لا يمكن أن تبني فوق تعصب جاهز باسم الدين، تختبئ من ورائه المصالح الطبقية للرجعية، ومصالح هذه الطبقات في قهر القوميات الجنوبية بفرض دكتاتورية عليها ومنعها من حرية الاعتقاد والحركة السياسية. صحيح أيضاً؛ أنّ خطّ حزبنا بين الجماهير في الدفاع المستميت عن مصالحها،وفي الاقتراب اليومي من طرق معيشتها وتقاليدها السياسية والاجتماعية، سيجعل هذه الجماهير تقتنع بتجاربها ببطلان الهستيريا الرجعية، وتكشف الدجل الطبقي الذي تحاول القوى الرجعية إلباسه مسوح الدين، لكنّ هذا وحده لا يكفي لمواجهة خطر مستمر من الهجوم الفكري، أصبح لزاماً على حزبنا أن ينمي خطه الدعائي حول قضية الدين، وعلاقته بحركة التقدم الاجتماعي، فقد جرت محاولات متقطعة وينقصها التوفر على الدراسة العميقة، والإلمام بعلم الفلسفة من
جوانبه المختلفة، ولا تشكل خطاً دعائياً ثابتاً لحزبنا . ولا تقتصر أهمية هذا الخطّ الدعائي العميق على الردود لما يثار من قبل أجهزة الدعاية الرجعية؛ بل يتعدى ذلك إلى جعل الدين الإسلامي عاملاً يخدم المصالح الأساسية لجماهير الشعب، لا أداة في يد المستغلين والقوى الرجعية التي لا ترتبط بثرى هذا الوطن في مصالحها وتطلعاتها، ونحن في حاجة إلى هذا الخط على المستوى الفلسفي؛ إذ تجري محاولات دائبة في معاهد التعليم للتخلي عن الحياة العلمانية، وتربية جيل بتزوير الأفكار الإسلامية ضدّ التقدم الاجتماعي والاشتراكية، قوام حياته اعتزال المجتمع وتحطيمه لكلّ ما أنجز محلياً، وكجزء من البشرية، لمواجهة هذا الوضع الخطير أصبح لزاماً على حزبنا أن يدخل بين الطلاب، لابصفته داعية للنضال السياسي؛ بل كقوة فكرية تتصدى لهذا الخطر وتواجهه بخط يضع الدين في مكانه بين حركة الشعوب » .ويضيف التقرير : «في ميدان العمل الفكري والدعائي ... العمل الدعائي ركن مهم في نضالنا، فإلى جانب عديد من القضايا الأخرى ينبغي أن نكرس جهدًا مهمًا من جهدنا لتصفية النفوذ الفكري للتكوينات السياسية التقليدية بين الجماهير. إنّ المهمات التي تواجهنا في هذا الميدان ليست سهلة؛ فهذا النفوذ الفكري الرجعي سنده مؤسسات طائفية وعشائرية ومواقع اقتصادية، وعناصر تعمل في جهاز الدولة في التعليم والإدارة والقضاء والقوات المسلحة وغيرها، والجماهير التي تقع تحت هذا النفوذ لا تقتصر على سكان المناطق المتخلفة؛ بل تمتدّ إلى مناطق الإنتاج الزراعي الحديث، وإلى أقسام من المثقفين والطلاب، بل ومن العمال أيضاً. إنّ تحرير الجماهير من النفوذ الفكري للتكوينات السياسية الرجعية جميعها، وعلى الأخص الإخوان المسلمين والصادق المهدي، يشكّل أحد الأسس الرئيسة لانتصار الثورة السودانية، ولدعم النشاط التقدمي: فما هي مهامنا هنا؟ أن ندرس في مناطقنا المختلفة القضايا المتصلة بثورة التغيير الاجتماعي، وأن نعمل على حلّ تلك القضايا لمصلحة الكادحين، لأنّ ذلك هو الأساس المادي لتصفية الأفكار الرجعية.".
الحزب الشيوعي السوداني، في إستراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية، المنجزات الفكرية والسياسية للمؤتمر الرابع للحزب، بدون ناشر ولا تاريخ، أن نعطي اهتماماً خاصاً للعمل الدعائي وسط الطلاب، في مختلف
المستويات، لتصفية نفوذ الإخوان المسلمين بينهم. ومع احتدام الصراع ضدّ الشيوعية، كان لا بدّ من أن يقوم الحزب بتوضيح موقفه بجلاء من الدين؛ لذلك أفرد في هذا حيزاً مقدراً لموضوع الدين في أدبياته المتعددة، خاصّة في التحضير للمؤتمر الخامس(2009)، وفي فصل بعنوان «الدين والسياسة » يكتب: "لا نؤسّس لموقف جديد لشأن مسألة الدين والدولة، بقدر ما نسعى لتطوير رؤيتنا التي تبلورت معاً، لاحتياجات الأولى لنشأة حزبنا، ونسجل في الوقت ذاته نقداً ذاتياً لتقصيرنا في تطويرها، خلال العقود الماضية، وفق ما ألزمنا به أنفسنا في المؤتمر الرابع.
تتأسّس هذه الرؤية على احترام حزبنا لمقدسات شعبنا وأديانه، الإسلام والمسيحية، والأديان الإفريقية، باعتبارها مكوّناً أساسياً من مكونات وعيه ووجدانه وهويته، وبالتالي؛ نرفض أيّة دعوة تتلبس موقف حزبنا، تنسخ أو تستهين بدور الدين
في حياة الفرد والأسرة، وفي تماسك لجهة المجتمع وحياته الروحية وقيمة الأخلاقية، وتطلعاته للعدالة الاجتماعية، ونعدّها دعوة قاصرة وبائنة الخطل. •فوق ذلك يستلهم حزبنا أرفع القيم والمقاصد لنصرة المستضعفين، وشحذ هممهم، وحشد قواهم من أجل الديمقراطية والتغيير الاجتماعي، وذلك على قاعدة الاحترام والتسامح الديني في بلادنا متعددة الأديان والمعتقدات كنزوع فطري، يتوجّب علينا الإعلاء من شأنه وتطويره، وتخليصه من علل الاستعلاء به، كما بالثقافة أو اللغة أو العرق، وما يتولّد عن ذلك من مرارات متبادلة بين مكونات شعبنا.
•يرفض حزبنا أن يصبح الدين أداة نزاع في سياق الصراع الاجتماعي، وأن نتخذ لهذا السبب بالذات موقف المعارضة، الفكرية والسياسية، الحازمة ضدّ أيّ مسعى من أيّ قوة اجتماعية، لاستغلاله في تحقيق أيّ مصالح اقتصادية أو سياسية،
وننطلق في موقفنا هذا من حقيقة أنّ معيار الأغلبية والأقلية معيار سياسي لا ينسحب على قضايا الفكر والثقافة والمعتقد الديني، التي لا تحسم بالتصويت. •يبحث الحزب الشيوعي عن أصل استلاب إنسان بلادنا وعذاباته في عمق الصراع السياسي والاجتماعي، حول علاقات الإنتاج الاجتماعية، ويتخذ هذا الصراع في الوقت الراهن، مثلما ظلّ يتخذ من عقود طوال شكل ومضمون المواجهة بين مشروعين متوازيين تماماً، مشروع الدولة الدينية من جهة، الذي تقف وراءه وتدعمه القوى الظلامية التي تتخذ من قدسية الدين دثاراً ودرعاً أيديولوجياً، لتحقيق مصالحها الاقتصادية السياسية الدنيوية الضيقة، ومشروع الدولة المدينة الديمقراطية من جهة أخرى، الذي ترفع لواءه قوى الاستنارة والعقلانية السياسية التي تتطلع إلى نظام حكم يراعي خصائص التعدد والتنوع، الذي تتميز بهما أمتنا مما يصون وحدتها الوطنية واستغلال بلادنا وسلامة أراضينا .»

---------------------------------------------------

8. وثيقة:
هذه الوثيقة التي تمَّ على أساسها تأسيس (تجمع اليسار الماركسي- تيم)كانت حصيلة مفاوضات لتشكيل نص الوثيقة وهيكلة التجمُّع استغرقت عاماً ونصف حتَّى يوم التوقيع في 20نيسان2007بجلسات بلغ عددها ثلاث وثلاثون جلسة.
الوثيقة التأسيسية ل (تجمُّع اليسار الماركسي في سورية- تيم)
2007 / 4 / 27 موقع "الحوار المتمدِّن"
مقدِّمة:
----------
إنَّ الرأسمالية التي تعمل لتكييف نفسها وفق معطيات وظروف القرن الحادي والعشرين إثر زوال عدوها الأقوى,وإثر تسارع الثورة العلمية-التقنية,تدخل مرحلة جديدة من تطوّرها تزداد فيها شراسة ووحشية,ولاتجد رادعاً قوياً ومنظماً يقف في وجهها.ويبدو واضحاً أنَّ ماكان يسمى بالعالم الثالث هو الموضوع الأشدُّ سخونة لنشاطها من أجل تشديد نهب ثرواته وتعميق واحكام سيطرتها عليه,وفي القلب من هذا العالم تأتي منطقة الشرق الأوسط ومنها عالمنا العربي.
في هذا الظرف الدولي المضطرب بتغيراته العاصفة,يتميَّز الوضع العربي بشكل عام بالضعف والتمزُّق وهو الآن في أسوأ حالاته,وتسود في غالبية الدول العربية أنظمة حكم استبدادية تعتمد من أجل استمرار سيطرتها على القمع أساساً أوعلى الخارج الإمبريالي أوعلى الأمرين معاً,وقد أدخلت بلدانها في أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة.وفي المقابل-وبسبب فشل الأحزاب القومية والاشتراكية والديموقراطية في تحقيق أهدافها-تشهد المنطقة العربية عامة بروز موجة اسلامية بتيَّارات مختلفة: تيَّارات منخرطة في العمل الديموقراطي السلمي ,وتيَّارات مقاومة للإحتلال,وتيَّارات متطرِّفة تكفيرية وعنيفة.
- إنَّ المنطقة العربية,وشعوبها وقواها الوطنية والديموقراطية,تواجه ثلاثة مخاطر داهمة تهدِّد حاضرها ومستقبلها,هي أولاً:المخططات التي ترسم للمنطقة من قبل مراكز النفوذ الامبريالية رعاة المشروع الصهيوني,والتي تتعارض مع مصالح هذه الشعوب,ثانياً:أنظمة الإستبداد,ثالثاً:القوى التكفيرية ..إنَّ هذه المخاطر متداخلة ومتشابكة بحيث لايمكن الفصل بينها,ولامجال للخروج من هذا المأزق إلاَّبالتغيير الوطني الديموقراطي كمدخل لمواجهة كافّة المخاطر.
- وسوريا اليوم هي احدى البلدان التي تعيش ضمن هذا الواقع الصعب,وتواجه مرحلة حاسمة في تاريخها,فبالرّغم من أنَّ الضغوط تستهدف النظام أولاً إلاَّ أنَّها تتجاوزه بتسارع واضح إلى الوطن المتصف داخلياً بالهشاشة وضعف التماسك الاجتماعي نظراً لغياب الحريات الديموقراطية وسيطرة الأحكام العرفية وقانون الطوارىء وسياسات القمع ضد القوى الوطنية والتقدمية والديموقراطية,والاعتقالات بسبب الموقف والرأي السياسي,ونظراً لتدهور الوضع المعيشي للجماهير,والفساد الإداري ونهب الاقتصاد الوطني.
إنَّ هذه الظروف العالمية والاقليمية والمحلية- خاصَّة مع ظهور مواجهات الموجة الليبرالية وتراجعها وفقدان مصداقيتها كنموذج بديل للنموذج الاشتراكي أوالديموقراطي الاجتماعي لاسيما في الأطراف الرأسمالية- يجب أن تحفِّز قوى اليسار في سوريا لتشكيل حركات سياسية فاعلة في مستقبل البلاد,بحيث تعمل وتناضل مع القوى الوطنية والديموقراطية الأخرى لإيجاد الوسيلة والأداة لبديل وطني ديموقراطي,والإنتقال من الإستبداد إلى الديموقراطية الذي يعتبر المدخل الأساسي لمستقبل سوريا ولتحقيق أهداف الشعب المختلفة,سياسياً,واقتصاديا- اجتماعياً,ووطنياً.
-وفي مواجهة الظروف الدولية والاقليمية والمحلية,وللخروج من الأزمة التي تعيشها قوى اليسار السوري,فقد تداعت مجموعة من الأحزاب والقوى والأفراد والمجموعات الماركسية في سوريا إلى حوار فيما بينها للخروج بمشروع يشكّل اسهاماً لمواجهة تحدّيات المرحلة الراهنة,عبر تشكيل إطار يساري ماركسي يعبر عن مصالح وطموحات أوسع قطاعات الشعب السوري.
وبعد سلسلة من الحوارات الجادة والمسؤولة فقد توصَّلت القوى والأحزاب والشخصيات الموقِّعة أدناه إلى تأسيس تجمُّع يحمل اسم(تجمُّع اليسار الماركسي في سوريا)الذي هو:إطار سياسي مفتوح للأحزاب والمجموعات والأفراد الذين يتبنون الماركسية (عند بعضهم)والماركسية-اللينينية(عند بعضهم الآخر)منهجاً في التحليل والممارسة,ويوافقون على الوثائق التأسيسية لهذا التجمع.
-يقوم التجمُّع على توافقات نظرية,اقتصادية- اجتماعية,وسياسية أساسية,ويسعى من خلال الحوار والممارسة المشتركة للوصول إلى حزب موحد لليسار الماركسي في سوريا,والتجمُّع ليس موجَّهاً ضدَّ أيٍّ من القوى الماركسية الأخرى ,بل هو يدعوها إلى الحوار من أجل إقامة وحدة قوى , تقف موقف التناقض الشامل والعميق مع المنظومة الرأسمالية من منظورقوى العمل بكافة شرائحها وفئاتها وممثليها,وتقف في جبهة المعارضة السياسية للإستبداد بكافّة أشكاله.
-يصدر التجمع وثائق ومنشورات,مع التأكيد على تمتع الأطراف المشاركة باستقلاليتها التنظيمية والبرنامجية والسياسية,وحرية تحالفاتها المختلفة مع أولوية احترام تنفيذ توافقات هذا التجمع.
ينطلق التجمع في نضاله من الأسس والمبادىء التالية:
أولاً,في المستوى النظري:
----------------------
1-يتبنَّى التجمُّع النظرية الماركسية منهجاً في التحليل والممارسة,ويعتبر اسهامات جميع الماركسيين في النظرية وفي الحركة الاشتراكية العالمية تراث الهام وتعلُّم,ويتعامل مع جميع هذه الاسهامات بطريقة نقدية.
2-يقر التجمُّع بوجود خلافات بين أطرافه,وبمشروعية هذه الخلافات على قاعدة حرية الاجتهاد,ويكون حل الخلافات عن طريق الحوار الديموقراطي.
3-الماركسية فكر تاريخي ونسبي مشروط بزمان ومكان محدّدين,ولايمكن اعتبارها بناءً مكتملاً وناجزاً بشكل نهائي,ينطبق عليها ماكشفته الماركسية ذاتها من قوانين تحكم الفكر وتطوره,ولابد أن تخضع هي ذاتها أيضاً للتطوّر الحي الذي يدفعها إلى تجاوز مايشيخ منها.
4-يرى التجمُّع أنَّ تحقيق مستقبل انساني مزدهر للبشرية ,وتمتُّع أفرادها بأوسع إطار من الحرية,والثقافة والرقي المعرفي والمسلكي والأخلاقي,وبإشباع حاجاتهم المادية والروحية- مرهون بإقامة نظام ينهي استغلال الانسان للإنسان,وينهي استلابه وعبوديته لحاجات الحياة الأساسية وللمسيطرين عليها عبر تملكهم وسيطرتهم على قوى ووسائل الإنتاج,وهو النظام الذي نفهمه على أنَّه هو النظام الاشتراكي,كما ير ى التجمُّع أنَّ العمل من أجل مستقبل كهذا للبشرية مسؤولية عليا لامحيد عنها.ولايتعارض ماسبق مع ادراك التجمع بأنَّ نضاله على الصعيد المرحلي يندرج في سياق استكمال مهام المرحلة الوطنية الديموقراطية.
5-الماركسية ليست تقليداً جامداً أونصوصاً مقدَّسة,بل هي مرشد للعمل,والتجدُّد من سماتها الأساسية,والماركسية ليست وصفة جاهزة,وكل بلد بإمكانه إضافة اسهامه وممارسته وفق ظروفه الخاصة.
6- الإشتراكية والديموقراطية صنوان لاينفصمان,وإن الهدف الأساسي للإشتراكية هو سعادة الإنسان المادية والروحية,ولأنَّ مشروع الطبقة العاملة السياسي مشروع انساني, فالتجمُّع يناضل من أجل حماية واحترام حقوق الإنسان وقيمه العليا.
7-يؤيِّد التجمُّع نضال جميع الشعوب المضطهَدة من أجل انتزاع حقوقها القومية والديموقراطية وحقّها في تقرير مصيرها بنفسها,ويحارب الإرهاب ويدين العنف الذي يستهدف المدنيين.
8- يدعم التجمُّع ويساند كل جهد فكري وعملي لنشر الوعي والثقافة الديموقراطية الوطنية والقومية والاجتماعية المستنيرة والمناوئة للتعصُّب والتزمُّت والانغلاق بكافة أشكاله وألوانه,كما يكافح ضد الوعي والثقافة والممارسة التي تكرِّس أوتخدم الطائفية أوالعشائرية أوالتعصُّب القومي و العرقي والديني,ويحارب كل وعي أوممارسة تميِّز بين البشر على هذه الأسس ,ويناضل لتكريس مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين في الحقوق والواجبات مساواة حقيقية يحميها القانون والدولة كما يحميها الوعي الديموقراطي والثقافة الانسانية الرفيعة.
ثانياً,في المستوى العالمي:
1-يرفض التجمُّع المشاريع الإمبريالية الهادفة إلى التحكُّم والهيمنة على العالم,ويناضل من أجل إقامة نظام دولي عادل سياسياً واقتصادياً.
2-يدعو التجمُّع إلى رفض الحروب العدوانية,ويدعو إلى السلام بين الدول,وإلى حل الخلافات الدولية عن طريق الحوار,وشرعة الأمم المتحدة,ويدعو أيضاً إلى تعزيز دور الأمم المتحدة وتخليصها من هيمنة الإمبريالية الأميركية,واحترام مصالح الشعوب,بحيث تغدو هيئة تحمي السلام العالمي وتنصف الشعوب والأمم المستضعفة في سبيل تنميتها وصوغ مستقبل عادل للبشرية.
3-يدعو التجمُّع إلى نزع أسلحة الدمار الشامل,وإلى تضامن الشعوب من أجل تنميتها المتبادلة.
4-يستنكر التجمُّع الاستغلال الجشع للطبيعة,ويدعو إلى حماية الكرة الأرضية وإلى تحسين البيئة.
5-يناضل التجمُّع من أجل إقامة مراكز للتنسيق والتشاور بين الماركسيين على المستويات العربية والاقليمية والعالمية.
6-يؤازر التجمُّع ويشجِّع كافة التيَّارات والتجمُّعات العالمية والاقليمية والعربية التي تخدم الأهداف المشتركة,ويسعى لدعم ومساندة نشاطاتها ,والانخراط فيها.


ثالثاً,في مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي:
-----------------------------------------------------------
1-رفض المشاريع الأميركية الزاحفة إلى المنطقة ومواجهتها,ومناهضة مرفقاتها المتمثِّلة بالاحتلال والتحكُّم,بما في ذلك مشروع"الشرق الأوسط الكبير".
2-إقامة أفضل العلاقات مع الجماهير الشعبية والقوى التقدمية والديموقراطية في المنطقة والعالم.
3-دعم الحركات الوطنية المقاومة للإحتلال وتأكيد حق الشعوب في مقاومة المحتلين.
4- مساندة الشعب العربي الفلسطيني في نضاله من أجل تحرير أرضه, وتقرير مصيره,وعودة اللاجئين, وكذلك دعم الشعب العراقي في نضاله لتحرير وطنه من الاحتلال الأميركي ,وإقامة دولته الوطنية الديموقراطية الموحدة.
رابعاً,في المستوى الوطني:
---------------------------------
آ-على الصعيد السياسي:
---------------------------- 1-سوريا جزء من الوطن العربي والشعوب العربية,التي تشكِّل امتدادها القومي الطبيعي والتاريخي,الأمر الذي لايتنافى مع وجود وحقوق القوميات الأخرى,وخاصَّة الكردية,والتي تشكِّل بمجموعها مع العرب النسيج الوطني السوري.
2-يعتبر التجمُّع أنَّ تحرير كافَّة الأراضي السورية المحتلَّة(وخاصة الجولان),بكافة الوسائل والطرق الممكنة,مسؤولية وطنية عليا.
3-يعمل التجمُّع من أجل ايجاد حل ديموقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا ضمن إطار وحدة الوطن السوري أرضاً وشعباً,ويحترم ماتقره الماركسية في هذا الصدد من الناحية المبدئية.
4- مكافحة والغاء التمييز بين المواطنين السوريين بسبب الدين أوالطائفة أوالجنس أوالعرق,سواء كان معلناً أومستتراً,وضمان المساواة الحقيقية والتامَّة لكافة المواطنين في الحقوق والواجبات,والعمل لتمتين اللحمة الوطنية وتعميقها على كل مستويات المجتمع.
5-رفع حالة الطوارىء والغاء الأحكام العرفية,ومنع هيمنة الأجهزة الأمنية على الحياة العامة.
6النِّظام القائم نظام رأسمالي يتطوَّر بتسارع نحو الإندماج بالسوق الرأسمالي العالمي,وهو ذو شكل حكم استبدادي,يستغل الدّولة والمجتمع لصالحه,ويتسبّب في نخر الدولة وقوانينها بآليات الفساد,وهو مايؤدي(بالتكامل مع دور البورجوازية السورية عموماً) إلى توسيع الفوارق الطبقية ويوصل الوضع إلى انسدادات وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية مستفحلة.

وعلى ضوء ذلك,يعمل التجمُّع من أجل انهاء احتكار السلطة وإقامة نظام ديموقراطي تعدّدي يقوم على فصل السلطات والتداول السلمي للسّلطة عبر صناديق الاقتراع,وذلك بالنضال والعمل على:
آ-الغاء كافة مواد الدستور التي تعرقل ذلك,وخاصّة المادة الثامنة منه.
ب-اطلاق الحريات الديموقراطية ,بمافيها حرية التعبير عن الرأي وحرية وسائل الإعلام والتنظيم والتظاهر والإضراب.
ج-الغاء المحاكم والقوانين الإستثنائية ,واصدار قانون ديموقراطي للأحزاب والجمعيات والمطبوعات,واصدار قانون جديد للإنتخاب يعتمد سوريا دائرة انتخابية واحدة ومبدأ النسبية بهدف تعزيز اللحمة الوطنية وابراز أهمية الإنتماء السياسي,على أن تشارك جميع القوى السياسية والفعاليات الاحتماعية والثقافية في صياغة القوانين السالفة الذكر.
د- اطلاق سراح كافة السجناء السياسيين وإعادة الاعتبار والحقوق المدنية والمادية لهم وللملاحقين السياسيين السابقين وانهاء ملف المفقودين وعودة جميع المنفيين والملاحقين من دون مساءلة.

7-يعمل التجمُّع على إقامة أوسع تحالف بين كافة القوى الوطنية والديموقراطية والعلمانية لتحقيق الأهداف الوطنية والديموقراطية المشتركة.
8-يحدِّد التجمُّع موقعه من شتى القوى والطروحات السياسية,وامكانيات لقائه أومعارضته لها,على ضوء القضايا الأساسية الثلاث التي يناضل لتحقيقها : المسألة الديموقراطية التي تعتبر المدخل الأساسي لمستقبل سوريا ولتحقيق أهداف الشعب المختلفة(سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ووطنياً),والمسألة الوطنية(الموقف من مشاريع الإمبريالية,ولاسيما التحالف الأميركي-الصهيوني),وقضية المصالح الإقتصادية والمعيشية للطبقات الشعبية.
ورغم أنَّ نهج التجمُّع وسياسته تضعانه في موقع المعارضة للنظام,إلاَّ أنَّه يدعو في الوقت نفسه للحوار الشامل مع كل الأطراف داخل الوطن, وهو سيلحظ ويقيم في حينه أي خطوة أوفعل سياسي أومبادرة قد تحصل من أي طرف,مهما كان موقعه,على ضوء القضايا الأساسية المذكورة آنفاً ومنطوق هذه الوثيقة.
9-الدعوة والتلاقي مع كل القوى الوطنية السورية الساعية إلى عقد مؤتمر وطني عام,لإخراج سوريا من أزمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية,والعمل على صياغة ميثاق وطني للعمل السياسي.
ب-على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي :
--------------------------------------------------
1-إنَّ جملة التطوّرات والسياسات الاقتصادية-الاجتماعية,التي رعتها رأسمالية الدولة في سوريا, على مدى العقود الأربعة الماضية,أدَّت إلى تركيبة اجتماعية طبقية جديدة,ودفعتها(وتدفعها)إلى تحوُّل نحو ارتكاز اجتماعي-اقتصادي جديد,كماأدَّت(وتؤدّي)تلك السياسات إلى مجموعة أزمات(منها هبوط فئات وشرائح أكثر اتساعاً تحت خط الفقر-تفاقم ظاهرة البطالة لاسيما في قطاع الشباب-الاستغلال المتفاقم للطبقة العاملة-تسارع نضوب النفط- التهديد الاستراتيجي والاستغلال الجائر للمخزون المائي).
2-يعرب التجمُّع عن قناعته بإمكانية وضرورة تحقيق تنمية مكثفة وسريعة في مختلف حقول الاستثمار والانتاج في سوريا,شرط وضع وتبنّي سياسات وخطط استثمار صائبة,تشجِّع نمو قوى ومستلزمات الانتاج,لاسيما في المجالات التي تُطوِّر القاعدة المادية للإنتاج الصناعي والزراعي.
3-يناضل التجمُّع في المرحلة الراهنة من أجل تحسين المستوى المعيشي للجماهير الشعبية والدفاع عن حقوق العمال والفلاحين وسائر الكادحين والفئات الوسطى,ومن أجل توزيع أقل ظلماً للثروة,ومحاربة الفساد,وربط الأجور بالأسعار.
4-النضال من أجل قطاع دولة قوي في الإقتصاد,بعد اصلاحه جذرياً وتحصينه ضدَّ الفساد والنهب البيروقراطي وضدَّ تدخُّلات أجهزة السلطة المختلفة لحسابات خاصَّة.
5-محاربة كافَّة أشكال الفساد,ومحاربة البرجوازية البيروقراطية والكومبرادورية,وتشجيع العملية الإنتاجية في كل الحقول بغض النظر عن مالكيها(قطاع دولة أوخاص).


. خامساً, في هيكلية التجمُّع وتنظيم عمله:
-------------------------------------------------------------------------------
1-ينشىء التجمُّع قيادة مركزية تضم مندوبين اثنين عن كل فصيل موقِّع على الوثيقة التأسيسية للتجمُّع,ومن مستقلين يتم تمثيلهم في القيادة .
2-يتم ترشيح أي مستقل يوافق على الوثيقة التأسيسية للتجمع للمشاركة في القيادة المركزية من فصيلين موقعين على الوثيقة التأسيسية,وينال موافقة بقية الفصائل,وفي حال تعذُّر التوافق يمكن أن يتم قبوله بأكثرية ثلثي القيادة المركزية في نهاية أربعة أشهر من ذلك.
3-لايجوز أن تتجاوز نسبة المستقلين في القيادة المركزية حدود ربع الأصوات.
4-يتم قبول أي فصيل يوافق على الوثيقة التأسيسية للتجمع إذا نال الأكثرية المطلقة للأصوات في القيادة المركزية للتجمُّع.
5-ينشىء التجمُّع لجاناً للمحافظات من أعضاء فصائله, ومن المستقلين,بقرار من القيادة المركزية,تكون مهمتها تنسيق نشاطات التجمُّع في المحافظة والإشراف عليها وتحويل توجهاته وقرارات قيادته إلى أعمال ملموسة,وقبول المستقلين.
6-ينظم التجمُّع ماليته وفق ضوابط محددة تقرّرها القيادة المركزية حسب ماتراه مناسباً.
7-يصدر التجمُّع جريدة سياسية تنطق باسمه,وتقرّر القيادة المركزية دوريتها وتعيّن لها هيئة تحرير خاصّة ,تعمل وفق توجيهاتها.
8-يصدر التجمُّع مجلة فكرية تكون منبراً مفتوحاً للفكر اليساري-الديموقراطي,والماركسي منه خصوصاً,وتعيِّن قيادة التجمُّع هيئة تحريرها التي تضع خطّة عملها السنوية وتشرف على تنفيذها بعد اقرارها من قيادة التجمُّع.
9- يصدر التجمُّع مجلة داخلية يحررها أعضاؤه,وتكون منبراًحرّاً و مفتوحاً لهم جميعاً لممارسة النقد في الحقول التي يرونها ضرورية للإرتقاء بعمل التجمُّع وزيادة فعاليته وتقييم أداء هيئاته المختلفة,على أن يكون صدورها الزامياً بمجرّد توفّر مواد النشر.تعيٍّن قيادة التجمُّع هيئة الاشراف على هذه المجلة,كما تصدر لائحة تنِّظم عملية النشر وشروطها,ولايحق للقيادة بعد هذا ايقاف صدور المجلة إلابإجماع الأصوات .
10-يعقد التجمُّع اجتماعاً تداولياً سنوياً وفق لائحة تنظيمية تحدّدها قيادة التجمُّع,لتدارس مختلف القضايا التي تهم التجمُّع,التنظيمية والسياسية والبرنامجية والفكرية,ويصدر الاجتماع وثائقه وتوصياته وفق مايراه مفيداً.
11- تحل الخلافات الفكرية والسياسية والبرنامجية والتنظيمية في إطار القيادة المشتركة وعبر الحوار,ويمكن في حال تعذّر الإتفاق إحالة ملف الخلاف إلى المؤتمر التداولي الذي يمكن أن يعقد اجتماعاً استثنائياً إذا دعت الضرورة.
12-تؤخذ القرارات في القيادة المركزية بالتوافق,وهي ملزمة لمن يوافق عليها,ويحق لمن لايوافق على أي قرار عدم المشاركة في تنفيذه,دون المساس بأي من حقوقه,على أن لايشمل ذلك الوثيقة التأسيسية التي تحتاج إلى الإجماع بين الفصائل الموقعة لتعديلها.
13- تؤخذ القرارات في هيئات التجمُّع الأخرى بالتوافق,وفي حال تعذّره يتم الرجوع إلى القيادة المركزية التي يكون قرارها ملزماً في القضية موضع الخلاف.

دمشق , 20نيسان2007
الموقعون:
1- حزب العمل الشيوعي في سوريا( فاتح جاموس)

2-الحزب اليساري الكردي في سوريا(محمد صالح عبدو)

3-هيئة الشيوعيين السوريين( منصور الأتاسي )

4-التجمع الماركسي- الديموقراطي في سوريا- تمد ( د . نايف سلوم )

5- لجنة التنسيق لأعضاء الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي( كان هذا هو الاسم الذي اتخذ بعد الكونفرانس المنعقد بديرالزور في 20أيار2005لأعضاء الحزب الذين رفضوا تغيير اسم الحزب واستبدال الماركسية بالليبرالية في رفض لمشروع رياض الترك الذي اتجه نحو تأسيس (حزب الشعب).أصبح الاسم هو :الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي بعد الكونفرانس الذي عقده الحزب بدمشق في يوم25تشرين أول2007. قام الحزب الشيوعي - المكتب السياسي بالتحفظ على الفقرة الواردة حول الموضوع الكردي في الوثيقة بجانب توقيعه على نص الوثيقة.)- ( الموقعون على الوثيقة:محمد سيد رصاص - سهيل الشبلي المدلجي )

6- د.عبد العزيز الخيِر

7- سلامة كيلة .

------------------------------------------------------------------------------------------------

9. قصة : رجولة الحرب وطفولة الحب
- بهاء الشايب -

كان يتمتم في أذنها قائلا : سنكون يوماً "ما" ...
فتبتسم بحرقة وحسرة وتقول إن شاء الله ....
كانا كليهما يعلم ما مدى تأثير الحرب على حبهما ولكنهما آمنا إيمانا مطلقا بانتصار الحب ...هو شاب وسيم الشكل دقيق التعابير رهيف الحس ..ثابت القرار ..ملازم للمسجد لا يقعد مرتاحاً إلاَّ ليقوم الليل وهي فتاة توازيه سناً ولا تتقاطع معه لا شكلاً ولا خلقاً ..ولكنه أحبها ..
في قرية صغيرة من قرى سورية التي أحبتها الحرب.. ،أبصر قلب شاب يدعى سامي على فتاة تدعى بسمة ،وكان هذا الشاب مقاتلا في صفوف المعارضة بينما كانت الفتاة خريجة من إحدى جامعات دمشق .....
كان سامي ينظر لفقره المدقع نظرة المتفائل، وكان يحيل أسباب تعاسته لظلم الحكم والحكام ...وكانت بسمه لا تأبه بما يدور حولها من أحداث سياسية، فكانت نرجسية التفكير وكريمة المشاعر لذواتها ومقتنياتها ..لا تكترث إلاَّ للعواصف التي تدور في كينونتها، وكلُّ ما هو خارج عن شخصها ومصالحها لا يهمها إطلاقا ...
وبعد إنطلاق الأزمة في سوريا بأكثر من عام ..بدأ سامي ينخرط اكثر فأكثر بصفوف المعارضة المسلحة ،ويجلس مع زملاءه في المعارضة لساعات طويلة يشرح فيها لهم عن رغبته الملحّة وأصراراه الشديد في قتال قوات النِّظام و الأسباب التي دفعته للقتال..فكانت أجندة يومياته تبدأ بشتم قوات النظام وتنتهي بمقاتلته لها من خلال مشاركته بمعارك المعارضة..
سامي كان يملك مخزونا لا ينضب من المشاعر، لا سيما أنَّه بلغ الواحدة والعشرين من عمره، ولم يسمع كلمة واحدة تخدش مشاعره، التي أضحت أرشيفا عتيقا يغطيه الغبار حيث مكتبة قلبه ...ليس هذا فحسب بل كان يظهر لأصدقاءه المقربين جدا أنَّه لا يؤمن بالحب ويعتبره مشروعا دخيلا على مجتمعاتنا من قبل الدول الغربية، التي تعمل جاهدة في إبعاد الشباب المسلم عن عباداتهم ...فإذا تجرّأ صديق له في إحدى السهرات وتكلّم عن العشق، وما يفعله بالقلوب.. تجد سامي نفر من حديثه وطلب منه تغيير الموضوع ....سامي في كل يوم يكبر فيه تكبر معه قناعاته بمحاربة النظام، ويكبر ايضا سريره الجاف ووسادته المتعطشة لرأس أخر يطري من قساوتها ...صار سامي ينفتح لمشاعره أكثر وأكثر، وخصوصا بعد خسارة المعارضة لعدة معارك مع قوات النظام، فأصبح يفكّر في الزواج تفكيرا عاتيا، ويضع في مخيلته شروطاً وصفاتاً يرغب ويشتهي أن يجدها فيمن ستكون زوجة له ..وعلى غير عادته، صار يخزن في هاتفه الخاص أغنيات لأم كلثوم ويجلس بعيدا عن مقر المعارضة لوحده، يفكر في الفتاة التي رسمها في مخيلته ..فتارة يضيع في ليل شعرها وتارة أخرى يغرق في بحر عيناها ...وأخيراً غرائز سامي غلبت عفته، وأخيراً قلب سامي غلب عقلانيته ،فانطلق سامي يبحث عن الفتاة التي تليق به، وبمخيلته الواسعة، وكل من حوله، لاحظ التغيير الذي طرأ عليه ..من ألق متناثر وأناقة قصوى وعينان مبرقتين...ومساءا وبينما كان سامي يندب حظ مشاعره وهو متكئا على نافذة غرفته المطلة على الطريق......سمع صوتا عذبا على مسامعه، وكلّما دنا الصوت منه اكثر كان يرتجف اكثر، وعندما حدَّق وركَّز بعينيه من خلال نافذته، التي علمت شباكها على أنفه وجبهته، وإذ بالفتاة التي رسمها بمخيلته ....ومن هول ما رأى صار يمسح عينيه بيداه كما تمسح المساحات زجاج السيارة ،من أجل أن يقطع شك مخيلته بيقين واقعه ...نعم إنّها بسمة...الفتاة العصامية، والمتفانية بدراستها، والمتشوفه لنفسها ... بسمة الوحيدة المدللة لدى ابويها ...كانت من وقع ولأول وهلة بقلب سامي ..ما برح سامي أن رآها وباشر بالتفكير سائلاً نفسه.. كيف سأقول لها! ولما سأقول لها !..هيا لا تعرفني وأنا أيضا سوى بعينايا إلى حد اللحظة لم أعرفها ..يا ترى ما اسمها.. بالتأكيد اسمها راق ورائع كطلتها.. هكذا كان يجيب سامي نفسه !!!لا سيما أنه ليس لديه الخبرة في كيفية التعامل مع الجنس اللطيف، فقد أمضى مراهقته بالمسجد وقراءة القرآن الكريم ،فما الحل وما السبيل وما هي الطريقة المناسبة المؤدية للوصول إلى قلب بسمة .. ؟
بدأ سامي، كطفل فضولي، يحاول أن يضع أذنيه في أي مكان، ساعيا أن يعرف أكثر عن بسمة، فيتقصى مشاكل النساء، ويقتفي أثر تفكيرهن، ويسأل عن كل أمر يستحسه ملبيا لمشاعره من جهة، وإقناع الفتاة التي استوطنت في منفى قلبه من جهة أخرى ..وبعد أيام من البحث، توصَّل في نهاية الأمر إلى اسم الفتاة وإلى أي عائلة تنتمي ..بسمه ابنة ذات الشخص الذي يسعى سامي ويعد العدّة لاغتياله جراء موالاته للنظام حيث يعد والد بسمة بوقا من أبواق النظام في هذه القرية التي ذاقت الأمرين ...
فكان والد بسمه يجنّد خفية شباناً فقراء، ويمّدهم بالأموال اللازمة للتغلغل بين قوى المعارضة، وتسريب كل ما هو مخطط من اعمال عسكرية ،ولوجيستية للمعارضة...فيا ويح سامي وما أشد حيرته بين نضاله وبين قلبه وبين البينين دمعة بسمة وحسرة سامي الذي لم يحتاج اصلاً للمفاضلة بين الأمرين، ومضى قدما في عشق بسمة، ووصل اهتمامه بها لدرجة الصيرورة ،ّحتى أنَّ بسمة لاحظت هذا الأمر، وقرأت ما تقول نظرات سامي إليها، إن كان عند خروجها للعمل صباحاً أو عند رجوعها للبيت في المساء ...كان يقف سامي على بعد بضعة امتار من باب بيتها.. متجنّداً ببندقيته ومعتزاً بنفسه، وما أن تخرج بسمة يرتبك ويدنق رأسه كالنعامة، خوفا من أن تبوح عيناه بعبوديته لها وتقديسه أياها ،ولطالما تكرَّر ذات المشهد، حتى وصل الأمر به أن استوقف بسمة في وضح النهار وبين جمع من الناس، وقال لها دون أن يدري ما يقول :اتحتاجين حماية ريثما تصلين عملك، وما كان من بسمة إلاّ أن ضحكت بصوت عال ملأ القرية بأسرها، وكأنّ بضحكتها هذه، تؤكّد دونما أن تدري، بأنّ هذا المقاتل الشاب قد وقع في قلبها، فاختصرت كل ما أكن لها من اهتمام، بضحكة حّولت مشاعرها لعصفورة تتزود صباحاً ومساءاً من الحنطة الفائضة من عيون سامي.
وسرعان ما بدأت تتحول العلاقة من قلب واحد الى قلبين، حيث توصّل سامي إلى رقم هاتف بسمة، وأصبحا يتكلّمان من ساعات الصباح وحتى ساعات الصباح، عبر وسائل التواصل الأجتماعي، كالواتساب، ويستعرض كلّ واحد منهما عضلاته الذوقية ومقتنياته الفنية ويتبادلا الأغاني والفيديوهات...
ومع أنّ سامي كان متحجرا بعض الشيء بآرائه وخاصة السياسية منها، إلاّ أنّه بدأ يتحرَّر ويتنازل عن قناعاته العائدة لأكثر من 1400 عام، جرّاء ثقافة بسمة العارمة، والشاملة، فحديثهما كان يتخلّله مواضيع شتّى، ولكنّهما كان يحاولا قدر الإمكان أن يبتعدا عن المواضيع السياسية، بحكم أنّ بسمة تدرك أنّ سامي مقاتلا بالمعارضة وسامي لديه علم مسبق بوجهات وبأراء والد بسمة ...
أخذ الحب منعطفا أوسع من مخيلة سامي، وأشد من كبرياء بسمة، حتىّ أنهّ صار يتّكئ على جمل تترك أثر الإصفرار على محيا سامي، وأثر الرضا المطلق لدى بسمة ..
ماذا فعلت بسمة بقلب سامي وما الذي فعله سامي بطباع بسمة؟!! ...الحب وحده يدري
فإذا التقيا ضاع حياء سامي وتاه كبرياء بسمة، فتبادلا القبل بشغف وانصهرا ببعضهما حتى لحظات الندى الأخيرة ..فلا يوقظهما ويفصل بينهما سوى بزوغ الشمس ..فيتفاجئ كلّ واحد منهم كيف حصل هذا وكيف قد قلع كل ما عليه من ملابس دون أن يحس على شيء ......
سامي قد أطلق العنان لشهواته فلم يعد يلتزم باجتماعات المعارضة ،ولم يعد كما قبل ،فبدلا" من أن يقرأ القرآن صار يتلو ويرتل أطياف بسمة الكثر ..حتى بندقيته أضحت بين يديه قيثارة يعزف عليها ألحاناً من وحي بسمه وتأليفه...وبسمة قد كبحت جماح كبريائه، فلم تعد تأبه لأحد، وإن عادت للبيت في وقت متأخّر أو تغيّبت عن عملها يوم أو يومين ...
وفي الصيف الثاني للأزمة ، وبينما سامي يرسل لبسمة قصائد من تأليفه، واصفاً فيها ساحرية طيفها، وإذ بوابل من الرصاص يعم البلدة بأكملها.. وللوهلة الأولى، ظنَّ سامي بأنَّ النظام قد سقط وماهي إلاَّ لحظات ترادف بعدها قصف مدفعي على البلدة ..بسمة تسأل سامي؟ ما الأمر؟ وسامي لا حول له ولا قوة.. وعند خروج سامي من بيته بعد ارتداءه البزة العسكرية للمعارضة، توالى على واتسابه صورا لأطفال نائمين بجنب بعضهم البعض فتوقف عن سيره، وتمعّن بصور الأطفال ،فأيقن أنّه قد اُستخدم السلاح الكيماوي .....
وكأنّ حب بسمه سبب له انفصاما بشخصيته ،فبعد مشاهدته الصور، عاد سامي المقاتل والمناضل.. رجع بتفكيره إلى سامي ما قبل بسمة ،ولكنّه لم يرجع للحظة بعواطفه أبدا"
وعند وصوله إلى مقر المعارضه وجد المقاتلين يتهيّئون للمعركة ويهيّئون ويخطّطون لها تخطيطاً سريعاً فطلب سامي منهم أن يضعوه في صف الأقتحاميين ...وعند موافقتهم لطلبه عاد إلى البيت ليودع أمه وأخوانه وتعطر بعطر قد أهدته اياه بسمة بعيد الحب... وبالفعل بدأت المعركة وتمكنت المعارضة المسلحة من ضرب النظام .
وبسمه قد أضرمت نيران خوفها على سامي الذي لا يتجاوب لاتصالاتها التي تجاوزت مائة مكالمة هاتفية فائتة ....
وغداة مجزرة الكيماوي في الغوطتين ترجل والد بسمة من عربته مرتديا أبهى وأجمل لباس ... وقد ظهر على ملامحه سروراً في حالة من الشماتة " لا متناهية " ..فغير من مشوته المعتادة وصار يمشي كما الطاووس متفاخرا بنفسه وجارا وراءه ذيل النكاية المتعمدة ...
وعند مروره بجانب سامي تقهقر بطريقة أفرعت كل ما في سامي من حقد ...
ومن دون سابق إنذار أخرج سامي من جيبه هاتفه النقال وأرسل رسالة نصية لبسمة مفادها أن غرور والدك سيكلفه ثمناً غالياً...
سامي أراد فقط أن يدب الرعب في قلب والد بسمة لأنه كان يعلم ما مدى حب بسمة لوالدها...
وسرعان ما تلاحقت الأحداث وبعد أسبوع تقريبا من المجزرة هدأت نفس سامي فما لبث أن هدأت حتى رجع سامي المولع والمتعلق بشفتي بسمة ... فاعتذر منها عن رسالته النصية وقد تقبلت اعتذاره وشرحت له كم تحب والدها ..وماذا يمثل لها أباها وكم يحبها وتحبه ................
وفي ذات الليلة طوق عدد من رجال المعارضة بيت بسمة وقاموا بقتل والدها ..ولسوء حظ سامي كان قد أخبر بسمه في آخر مكالمة لهما بأنه في هذه الليلة لديه أعمالا دون أن يوضح لها ما ماهية هذه الأعمال ...
سامي كان يوزع أموالا وأغذية لذوي وزوجات الشهداء في تلك الليلة
(يا لهول المشهد ويا لهول القدر ويا لقلب سامي ...ويا لصبر بسمة )
نهضت بسمه من مضجعها وركضت باتجاه غرفة والدها فوجدته يحدق بعينيه إلى السماء دونما أن يرتمش رمشة واحدة ..اقتربت منه اكثر فسمعت أنيناً بعيداً فظنت انه ما زال على قيد الحياة إلا أن الأنين كان أنين سامي الذي ترقرقت عيناه بالدمع على ما جرى وما إن وصل سامي لمسرح الجريمة حتى لقي بسمة قد دخلت بغيبوبة فحملها وركض بها على أحد المشافي الميدانية للمعارضة وبعد عدة محاولات لإنقاذها تمكن الأطباء وبعد تعريضها لأكثر من صدمة كهربائية بإرجاعها إلى مرار القدر ... وكأن ما يحصل بقدر سامي قدرا متداخلا بذاته لدرجة أن القدر لا يعي ماذا يفعل ...
سامي كان سببا بعودة بسمه للحياة فكان يضل جانبها حتى أنّه استقل سريرا وضعه بجانب سريرها ...والأخيرة قد مر عليها اسبوعين متواصلين ولم تستيقظ من غيبوبتها يا لها من مسكينة ..
أسبوعين كانا كفيلان بانسحاب سامي من صفوف المعارضة ليتفرغ لخدمة بسمة في المستشفى...
صار سامي يطالع قصصاً وروايات ويقرأها بالقرب من مسمع بسمة ..
كان يعاملها على أنَّها تسمعه فيدلّلها ويختلق المزاحات معها ويلعب معها ويذكرها بأبرز وأروع ذكريات مواعيدهما ..وبعد أن فتحت عيناها ورجعت تأكل وتشرب دون حاجة للسيرومات ...
طلب الطبيب الخاص ببسمة إخراجها من المستشفى فحملها سامي وذهب بها إلى بيته ليرعاها ويقدم لها كل ما تطلبه من أدوية ....
كانت تفتح عيناها لساعات طويلة وتومي بيداها بإيماءات لم يفهمها أحد ولا حتى سامي ...
والجميع ، سامي وأهله، ينتظرون أن تتفوه بنصف حرف أو ربع كلمة ولكن لا جدوى ...
استعان سامي بكتب جده وصار يبحث عن أعشاب من شأنها أن تحسن حال بسمة. بل ما وفر وسيلة إلاّ وقطعها في سبيل أن يشفى من اسوداد ضميره ...كان يضع مأساة بسمة في عينيه .. فلا دموعه تتوقف ولا حسراته تحصى ولا دعواته تنضب..
فاشتدت حيرته وتعقدت حساباته ولكنّه لم يفقد الأمل ...
كان دواء بسمه مكلف وباهض الثمن بالنسبة للأحوال المادية لسامي فكان يعمل ثماني عشرة ساعة متواصلة ليتمكن من تأمين الدواء حتّى أنّه صار يتحايل على نحول جسده خوفا من أن لا يرد جميل ذكريات بسمة ..وعندما ضاقت به كل السبل ..قرّر أن يسلم نفسه للنظام بعد أن أودع مع أمه مبلغا يلبي حاجة بسمه من دواء لشهرين متواصلين ...
حيث أن العمل في البلدة لا يدخر له سوى ثمن الدواء وبعض الأحتياجات الأساسية كمادة الخبز ...
وبالفعل قام بتسليم نفسه عن طريق لجان المصالحة في بلدته والتي كان يرأسها فيما قبل والد بسمة ...
ومضى عام بأكمله ولا جديد يذكر بخصوص سامي ومن سوء حظه.. عادت بسمة لعافيتها التامة بعد أن سلّم نفسه لقوات النظام بشهر تقريبا ...فأخبرت أم سامي حقائق الأمور لبسمة ووافتها بكل التفاصيل التي حصلت منذ دخولها بغيبوبتها وحتى تعافيها
...وكأنّ قد كتب ل سامي وبسمة ..دورانية المصائب وانعكاسية الهموم وتبادلية التضحيات ف سامي الذي كان يرعى بسمه يوما "ما ".. ها هي بسمة تستغني عن كل ما تملك بسبيل أن تخفف من أعباء أم سامي المادية والمعنوية .... وبيت والدها هو أول شيء ضحت به .....
وبثمنه تكفلت بمصروف عائلة سامي فكانت تخرج يومياً مع أم سامي للتسوق وتقوم بطهي الطعام وبغسيل الملابس وترتيب البيت راجية أن تسدي بصيصاً بسيطاً من جمائل سامي وأمه ....
أين سامي؟ ... كثر السؤال مع مرور الأيام فقد مضى عامين ولم يأتي أي خبر أو حتى إشاعة عنه وبالفعل سامي بنفسه أجاب على كل التساؤلات عندما طرق باب بيتهم بوقت متأخر من الليل واستقبلته والدته وبسمه بدموع سخية وبأحضان متعطشة لرأسه ...
وأمه تتساءل وهي تحضنه وتذرف الدمع على كتفه هل يا ترى السجن جعل من ابني قاسياً لهذه الدرجة حيث أنّه لم يقل لها ولا أية كلمة وعيناه لم تذرف دمعة واحدة ....
وبعد أن عانق والدته وبسمة وأفراد عائلته راح يضحك لخمس دقائق ثم قلع ثيابه وتناول قلما من جيبه وخط بعض العبارات الغير مفهومة على الحائط ..
لقد جن سامي جراء ما مر به من تعذيب وتوبيخ وإهانات دون رحمة أو هوادة بأقبية هذا النظام ..
فصار يتجول بطرق البلدة منذ طلوع الفجر ويلقى عطفا من أهلها ليعود مساءا إلى البيت وجيوبه مملوءة بالنقود ....
وعندما صار غيابه يطول ليوم وليومين خارج البيت قرّرت والدته إيداعه بمصح للمجانين وصار يتداور على زيارته كل من والدته وبسمة ...
( الحب في زمن الحرب)لنهاية العلاقات تفاصيل صغيرة إذا ما عاد إليها أحد طرفيها لفاضت عيناه بالبكاء وأثقل الندم جفنيه .كان حريا" بالحب أن يضمد كل ما خلفته الحرب من مآسي ونكبات (إلا في سوريا)فأنّ الحرب حرية أن تنكأ كل جرح تناساه الحب.....
ثراء القلب في الحرب أوهن من ثراء البطش في الحب (في سوريا فقط)..
-----------------------------------------------------------------------------------------------





___________________





زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135






#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان بمناسبة عيد الجلاء
- المسار- العدد 26
- حول الجولان العربي السوري
- المسار- العدد (25) – كانون ثاني /يناير 2019
- المسار- العدد (24) – كانون ثاني /يناير 2019
- رسالة تضامن مع انتفاضة الشعب السوداني والحزب الشيوعي السودان ...
- المسار- العدد 23
- الرؤية سياسية المعتمدة من اللجنة التحضيرية لتشكيل الجبهة الو ...
- بيان إشهار (الجبهة الوطنية الديمقراطية /القطب الديمقراطي)
- المسار- العدد 22
- المسار- العدد (21)
- سلامة كيلة.. وداعاً
- المسار - العدد 20
- المسار - العدد 19
- المسار - العدد 18
- المسار - العدد 17
- المسار - العدد 16
- المسار - العدد 15
- 17 نيسان تجدد معركة الاستقلال
- المسار - العدد 14


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 27