أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - رَحمة














المزيد.....

رَحمة


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 22:31
المحور: الادب والفن
    


رحْــمـــة

نجيب طــلال

ذات العمر العشريني ؛ تعلوها سحْـنة البداوة ؛ والبشرة الداكنة ؛ فارهة الطول ؛ وترتدي أسمالا مرتقة . لم تطق وضع الاستعباد والسخرة ؛ في مَـدشر زوجها . زوجها توفي في ظروف غامضة ؟ فهاجرت ليلا بطفليها لإحـدى المدن؛ لتتقاتل مع الفضاء وهول أيام أزماتها ، فلم تستطع الصمود؟ فرحلتْ إلى إحْـدى المدن الصغرى؛ لتبتاع بعض الخضر التي تستجلبها من شقاء يومها من إحـدى الضيعات ...سنوات على هاته الحالة؛ وطفليها كبرا ؛ ولم يلجا المدرسة ؛ كأقرانهم ! ليس لديهم وثائق تبوث اللقب والنسب والازدياد ! فتشردا في الأزقة. هذا يبيع السجائر بالتقسيط تارة ! وذاك يحاول غسل السيارات التي يتوقف أصحابها للاستراحة ؛ لتناول لحْم مشوي أو محمَّر أو مفروم أو مدَخن أومُفـوَّر ! وتارة يحْمل صناديق المشروبات أو الخضروات لأصحابها. والآخر يمارس النشل والسرقة في لحظة كـَساد سلعـته، حتى اعتقل متلبسا .
لم تطق - رحمة - تصرفات ابنها ؛ وإن كانت تزوره في سجنه . وتـُسلـَّم له ما استطاعت شراءه من حاجيات يحتاجها . حتى انقضت مدة عقوبته ؛ فهاجرت لإحدى المدن العتيقة . مكثرية بين الجيران، غرفة متوسطة المساحة في إحدى الأحياء الشعبية وسعت لطبخ الخبز البلدي وبيعه في بوابة السوق المركزي. وابنها الأكبر حاول أن يجد عملا في إحدى مصانع الخمور، والآخر تعاطى لبيع المتلاشيات في الجوطيات.
وهكذا ظل وضع – رحمة - هادئا ؛ لكنـه انقلب بشكل مفاجئ؛ حتى فكرت في الانتحار؟ بعدما تم اعتقال ابنها الأكبر؛ الذي عنف صاحب مصنع الخمور تعنيفا؛ لحظة طرده من عمله بدون تعويضات؛ ولحقه أخوه في سجْـنه ؛ بعْـدما اتهم ببيع المسروقات.
انقضت مُـدة عقوبة الأكبر؛ وبقي أخوه الأصغر في سجنه الأغبر. و- رحمة - تبحث عن الرَّحمَة والسكينة فما وجدتها؛ حينما طردها قائد المقاطعة من بوابة السوق المركزي.
ففكر ابنها ببيع الخمور للمتعطشين ولأصحاب الليل والمتشردين في الأزقة والحواري باتفاق وترويج بعض أموال والدته – رحمة- فكان له ذلك: حينما نسَّق مع أحد اصدقائه من المصنع الذي كان يعمل فيه ؛ فانتعَـشت حياتهم ؛ وأمست - رحمة - تلبس جلابيب جديدة وتأكل مأكلا نظيفا وتسافر إلى الحامات القريبة من المدينة العتيقة . لتسخين عظيماتها من البرد الذي سكنها ... لكن ابنها لم يفهم قانون اللعبة ؛ فترصدت له شرطة منطقته؛ فاعتقلوه وتمت مصادرة ما تبقى من خمور تلك الليلة . فناب عنه أخوه في بيع الخمور؛ فتم اعتقاله ؛ والمصادفة جاور أخاه في مَعْقله ؛ لكن تجارة الخمور السرية باشرتها – رحمة – حتى لا تضيع الخيرات والنعم التي أمست تعيش فيها؛ وحتى يظل الزقاق مزارا للسكارى والمعربدين.
أفـْرجَ على ابنيها في يوم واحـد . فَـسلمت المهام التجارية لصاحِـبها . بعدما استفاد وتعلـَّم في سجنه طريقة وأسلوب كيفية الهيمنة واكتساح المنطقة كلها . تحقق له ذلك؛ ونمت تجارتهم؛ فظلت- رحمة- تشتري العقارات في إحدى المناطق الهامشية ؛ التي أصبحت ( الآن) حضارية .
لكن للقدر مَـنطقه . فـقدت – رَحمة - صوابها؛ وأرسِلتْ بأمر قضائي للمارستان؛ كي تعالج ! حـينما تمرغت في دماء ابنها الأكبر المطعون بطعنة سكين من أحد منافسيه في بيع الخمور بالتقـسيط .
فواصل الابن في البيع ، حتى لا تتوقف تجارتهم ؛ لكنها توقفت لحظة اعتقله بوشاية بيع الخمور المغشوشة. فتضايق به الحال هاته المرة من السجن وطول عقوبته ؛ وأمسى يوميا يصرخ ويردد:
- ثـبا لزمان ولادتي... ما ذنبنـا أن نعيش بين الخوف والفقر والسجون ؟ قتلوه.. كلاب ... سفلة... الكلاب ... السفلة... جُـنَّـت والدتي... رحْمة بدون رَحمةٍ...قـدر أهبل... أهبل... أهبل...
تضايق منه السجناء والسجانون من صراخه اليومي ؛ المقلق؛ المزعج ؛ وترديد نفس النغمة ، التي لم يستحْـملها أحَـدهُـم. فصوب له ضربة طائشة لرأسه . افقدته الوعي ليعيش عوالم الإنعاش شهورا وشهورا. وفي ليلة ممطرة ؛ نهض متسللا وهو لا يدري ما اسمه ولا أين هو ؟ فخرج من المستشفى؛ ليسيـح في الأرض هائما يستول ويعاقر الكحول السامة ؛ ولا يتذكر سوى:
- رحْمة بلا رحْمـةٍ..... رحْمة ٌ بلا رحْمـةٍ.....



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باب ماجاء في احتفالية التكريم
- اليوم العالمي للمرسح
- باب ماجاء في احتفالية الدعم!! (02)
- باب ما جاء في احتفالية الدعم !!(01)
- دموع شهرزاد
- التحية
- باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (02)
- باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (01)
- المَسرحي - محمد ديالنا - خارج الذاكرة
- مسرحية « النشبة » في ذكرى رحيل: الطيب العلج
- مَحْضرٌ كَفيفٌ
- ما جاء في باب جوقة الإحتفالية
- فلاش باك: آفة المسرح
- موت أو صمت المسرحيين المغاربة
- هل المسرحيون لا يقرأون ؟
- المسرح الإستهلاكي
- دمعة عين لك يا جمال العَبراق
- من أهدر دم مسرح الهواة المغربي؟؟
- نسوك يا شيخ المسرحيين !!
- وداعا توهراش...المسرحي المتشائل


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - رَحمة