أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - وداعا توهراش...المسرحي المتشائل















المزيد.....

وداعا توهراش...المسرحي المتشائل


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 5853 - 2018 / 4 / 22 - 19:52
المحور: الادب والفن
    


وداعا توهـراش…المسرحي المتشـائـل
نـجيب طــلال

ابن مدينة الـحمراء( مراكش) ذاك- عبد الهادي توهراش- تلك الطاقة المبدعة الخلاقة فوق الركح ؛ ركح بقدسيته المعلنة لأهــل المعنى في رحاب ديونيزوس ؛ رحاب موكبه الهوس والعِـشق الأبـدي؛ عشق وهوس غير معلن الإحساس ؛ إلا للذين أثـخنوا في الركح توهجا كالمبدع –توهـراش- لكن حـركية جـسـده وبلاغـته ؛ والتي كانت تخفي قصـر قـامته؛ لتحوله عن طواعية لعملاق وشخصية، تكتسح الركح بكل وثوقيه وإبداعية ؛ أمست تلك الحركية؛ تستسلم للمرض ، فتكاثرعـليه وأوهنه وأضعـفه ! فتوقف الإثـخان وألمعـية العطاء الفني ؛ لـكن - الوفاة - أوقـفـت صـراعه مع المـرض؛ ليصارع قـبره ؛ إنها تراجـيديا الوجـود أيها – المتشائل- كنت بيننا تحمل في أعماقك التفاؤل والتشاؤم وتدمجهما في صمتك المعهود؛ ونكران الذات وابتسامتك التي لا تفارق محياك ؛ رغـم أنك كنت تميل للانطواء والانزواء الجميل؛ وليس المرضي ؛ لأنك ضمنيا تقاسم لوعة المسرح مع نفسك ودواخلك؛ وسؤال المـتشائل يلاحقك؛ يوم جسـدته بكل تلقائية وبراعـة أنا: أمتشائم أنا أم متفائل؟
أنت بـحـَق ِّ كنت مبدعـا فاعلا ؛ وفـنانا أصيل الطينـة في رحاب مدينتك { الحمراء} والتي حولتها {خضراء} بالعطاء الإبـداعي المتميز رفقة العـديد من الأسماء؛ التي – كانت - تنازعك حـق الوجود فوق الركح؛ ولكـن ساهمتم بنضالية فـنية ؛ بناء ثقافة مسرحـية ؛ بعـيدة عن الغـَوغائية وحشـو الكـلام . فكنت من مؤسسي العـديد من الجمعيات المسرحية فرق كالضياء /نادي خشبة الحي / ورشة إبداع دراما /.. أيام مـجـد وتألـق مسرح الهواة.. الذي اغـتالته أيادي الخـبث ؟
فتاريخ تجربتك التي صقلتهـا بعـرق عصامـيتك؛ وهَـوسك الجنوني للفعل المسرحي؛ منذ1968 رفقة الصديق الأعـز– عبدالله المعاوي- الذي لـم أراه منـذ سنوات؛ فمن جمعية - الجيل الصاعـد - كانت البداية المسرحية ؛ التي أبعَـدتـك عمليا عن فرقة الناشئين التابعة للكشفية الحسنية المغربية . وفـعلا كنت من ضمن الجيل الصاعـد الذي أغنى الساحة المسرحية بأعـذب العـروض وجمالية أيقـوناتها وخـفة إيقـاعاتها.
فـقـدمت الجمعية مسرحية على ما أعتقـد - عمية بلا عكاز- لكن التطور الذي حَـدث في عطائك يتجـلى في مسرحية { النمرود } سنة 1975 – بأكادير؛ وبعْـدها " { دردبة فالحمام } " والتي ساهمت أسـاسا في تكوين علاقتك بجيلك من الفنانين المسرحيين في مدن أخـرى سنة 1977 إثر تلك الجولة في عـدة مـدن مـغـربية؛ ومـا أروع تلك الجـولات التي كانت ؛ قبل المشاركـة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة بتطوان سنة 1980 ؛ فكسبك لتجربة إبداعية خلاقة ؛ فـرضت أن تلتحق/ تؤسس رفقة المبدع : عبد الرحمان السبـطي وعـزيز بـوزاوي و جلال عواطف ومحمد قـريشي وعبد الله الشويخ.... وجملة من الأصدقاء الذين لا زلت أتذكر بعضهم وحماسهم في- نادي خشبة الحي . فكـنت لا أرى في مسرحية "المفتاح " أو" الخرابة " إلا أن هناك طاقة صوفية تحمل دررا ربانية؛ من الصعب وصفها أو تفسيرها؛ لأنها - كانت - في دواخل الراحل عـنـا – عبد الهادي توهـراش- إنـه غادرنا و رحـل بشكـل مفاجئ ! إذ شخصيا ماكنت أتوقع أن المنية كـانت له بالمرصاد و تلاحقه؛ يوم سألت عـنه في أواخر شهـر مارس. رفيق دربه وهمومه وضحكاته وقفـشاته من عهد مسرحية – دردبة فالحمام؛ إلى يوم وفاته – المبدع – عـبد العـزيز البـو زاوي-
فرحمه الله كان محبوبا عند الجميع؛ مقبول العشرة والمجالسة ؛ رغم خجله وصمته ؛ كان له حضور قوي في المجالس وفي مختـلف التظاهرات والملتقيات المهرجانات المسرحية ؛ وذلك من خلال وثيرة الاستمرارية والعطاء غير المبتذل أو المميع .
فكل هـذا وغيره من السلوك النبيل الذي تميز به ؛ فالسر لا يَـكْـمُن في تواضعه أو نكران ذاته ؛ بل في صوفيته الغامضة ؛ التي جعلته يؤمن أن الآخـر ذاتـه ؛ وذاته هي الآخـر؛ فكان لا يتـواني عـن خـدمة الآخـر و مساعـدته بما يستطيع أو يسمح به المقام ؛ فإن كان الإخوة المراكـشيين يلقبونه ب [ العـشير] فـللقب دلالة خاصة؛ ولكن بالنسبة لي؛ كنت أراه – النبيل – في علاقته وحميميته والتي لا تقـدر بثمن ( مـا ) لأنـه كان يعيش صوفية خاصة ؛ صوفية غامضة ؛ لا يمكن أن توصف؛ ولكنها تلمس ؛ إن عـدنا بذاكرتنا لمسرحية – المتشائل – في طبعتها الأولى مع جمعية ( الضياء ) ومحاولة ربطـها وتشريحـها بمسرحية { تخـريفة هرما } والتي تـعـد في ( نظري) أروع ما قـدمت جمعية ( ورشة الإبداع دراما ) علما أن أعمالها الأخرى كانت بحق متميزة ؛ من الناحية الجمالية والفنية .
فـإن كان الفن المسرحى فـَن جمـعـوي بالدرجة الأولى؛ و يقوم على تضافر عناصره الإبداعية بتكافؤ منطـقى؛ حـسب أهمية كل عنصر من العناصرالتي تتداخل وتتكامل كمنظومة شمولية لبناء العرض المسرحي ؛ فإن المبدع – توهراش- بحـركيته الجسدية وإلقائه السلس والمسموع ؛ يتخطى تلك العناصر؛ باستثناء الإضاءة التي كانت أقوى منه في جل العروض.
إذ ففي العملين[ المتشائل/ تخريفة هـرما] نستشف ذاك التحول الفيزيائي الرهيب؛ الذي يحـدث لجـسد الفنان الراحل – توهراش- جـسد ما هو تشريحي ولا بلاغـي؛ بل جسـد نابض بروحانيته ونفحات – ميتاجــسد - والذي يـملأ الركح بخفته وحركيته المضبوطة ؛ ولا ارتجال فـيها؛ ولا تصـنع . وهاته ميزة لـدى أغلب المسرحيـين المراكشيين؛ مع التفاوت طبعا. وهـنا :فـمن الصعب حصرهـم وكذا من باب الإجحاف ذكر البعض عن البعض.
لكن الذي غادرنا ولم نستمتع باستمراريته ؛ فانـمحـاء قِـصر قامته ، فوق الركح. قضية تحتاج لوقفات خاصة .
إذ نعلم أن قصر القامة بالكـاد لا تستطيع تجـسيد المأساة أو التراجيديا؛ بقـدرما تجـسد الكوميديا وتـبدل جهـدا متميزا في نوعيتهـا؛ باعتبار أن طبيعة الأقزام لهم خاصية الإضحـاك . لكن - توهراش- لم يكن فنانا كومـيديا ؛ ولم يكن يحمل في جـسده رسالته إضحاك الجمهور؛ بل كان فنانا مهيب الحضور– متشائلا- يحمل عمق رسالة المسرح الحقيقي والجاد وليس التهريجي والبهـرجي؛ فمن هاته الزاوية ؛ كان رحمه الله من ألمـع الفنانين وأصدقـهم عطاء ؛ ومساره المسرحي وتـجـربته الفنية لشهادة مــعـه ؛ لا يمكن لأحـد أن يزايد عليها أو ينقص من قيمتهـا .
فطوبى: لتوهـراش المتشائل في عطائه وتضحياته ونضاليته المتميزة في مســاره الإبداعي؛ وطوبـى: لأخـلاقه العالية ؛ ونـبله النابع من طـينة الجـذر الصحـراوي المتأصل؛ فنم قرير العين في مثـواك الأخير؛ لأن نـُبْـلـك وأخـْلاقـك : لم تترك لـك جفاء وخصامات وحسابات ضيقة بين رفاق دربـك . والبقاء لله الواحـد الـديان .



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نَشوة الصمت في اليوم العالمي للمسرح !
- المرأة والصنم - 02 -
- المبدع والمخابرات -03 -
- المبدع والمخابرات -02 -
- المبدع والمخابرات -01 -
- المرأة والصنم -01-
- لماذا حبال الرحيل ؟
- فساد أم انحطاط ثقافي ؟؟
- أين المثقف المغربي من التأجيل ؟
- إشكالية الإنتحار ؟؟
- اعترافات ( شاهد عيان) ليلى الشافعي
- رحيل مفاجيء يامصواب ؟؟
- عتمة الرؤيا لصنم الكتبة - 09 -
- عتمة الرؤيا لصنم الكتبة - 08 -
- عتمة الرؤيا لصنم الكتبة - 07 -
- المرأة الحاضرة الغائبة
- عتمة الرؤيا لصنم الكتتبة - 06 -
- الكفيف والمسرح- 2-
- الكفيف والمسرح
- تفاهات عربية في انتخابات أمريكية


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - وداعا توهراش...المسرحي المتشائل