أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرزاق دحنون - قصة انقلاب عسكري














المزيد.....

قصة انقلاب عسكري


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6211 - 2019 / 4 / 25 - 18:38
المحور: الادب والفن
    


في أحد أيام شتاء عام 1980 و كانت الساعة قد قاربت العاشرة ليلاً, كنتُ أقفُ خائفاً مرتجفاً في مكتب رئيس فرع مخابرات أمن الدولة في مدينة إدلب يسألني ما علاقتي بالسيدة "ملك كامل عبدالله مروة" ماذا أقول يا سادتي, تلعثم لساني, واصطكت أسناني, وجفَّ ريقي, وفقدتُ النطق, و غابت الكلمات في ضباب كثيف, وتاهت أحرف اللغة العربية في ذهني المثقل بالتساؤلات والرعب عن تشكيل جملة مفيدة. سكتُ لأنني لم اسمع باسم هذه السيدة من قبل. ألحَّ في السؤال:
- يا بني آدم تكلَّم, ما علاقتك بالسيدة "ملك كامل عبدالله مروة" كيف تعرفها, هل هي من أقاربك, من معارفك, من تكون حتى تُراسلها؟
في ذلك الشتاء البارد كنت في الصف الحادي عشر علمي حين جاءت سيارة بيجو 404 بيضاء بأربعة عناصر من مخابرات أمن الدولة إلى ثانوية المتنبي-رحمك الله يا أبا الطيب- استدعاني مدير المدرسة الأستاذ محمود حميداني على عجل من حصة مُدرس الرياضيات عبدالكريم شامي, وكان المُدرس يشرح لنا درساً في الهندسة الفراغية. قالوا رئيس الفرع يُريدك في أمر ما, لا تتأخر في الحضور, الساعة الخامسة بعد العصر يجب أن تكون "مزروعاً" في الفرع. سألني المدير بعد ان رحلوا:
-ماذا فعلت؟
قلتُ:
-لم أفعل شيئاً.
عدتً إلى درس الهندسة الفراغية فاختلط أمامي على السبورة الحابل بالنابل, مثلث متساوي الساقين خرج من ربع الدائرة, و الزاوية الحادة انفرجت نحو مستقيم مماس محيط الدائرة, و متوازي الأضلاع تفككت أضلاعه في الفراغ.
قلتُ:
-والله العظيم لا أعرفها يا سيدي.
قال:
-كيف لا تعرفها يا بني آدم وأنت تُراسلها!؟
ثمَّ راح يُفتش بين أوراق مكتبه, فجأة, لمحتها, ورقة مكتوبة بخط يدي مغروزة في ظرف رسالة زُينت حواشيه بالأحمر والأسود رفعها رئيس فرع مخابرات أمن الدولة بين أصابع كفه اليمنى, ففهمت الأمر بلمح البصر, وحمدتُ الله في سري لأنني فهمت أخيراً سبب استدعائي.
قال:
-أليست هذه الرسالة لك؟
قلت:
- نعم, هذه رسالتي.
قال:
- من تكون هذه السيدة؟
قلتً:
-يا سيدي هذا عنوان مجلة الهدف الفلسطينية التي تصدر في بيروت وهي ناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي يرأسها جورج حبش وأنا أنشر فيها بعض المقالات والخواطر والقصص.
كنت قد تعرَّفتُ إلى مجلة الهدف على واجهة مكتبة "ولي زكي" في شارع الجلاء وسط مدينة إدلب, اشتريت العدد بليرة ونصف ليرة سورية وكان العدد يحمل الرقم 449 تاريخ 11/8/ 1979وعلى غلاف العدد صورة ملونة لجورج حبش وكنتُ اسمع بالحكيم ولا أعرف صورته قبل شرائي ذلك العدد.
المهم, خرجت من فرع مخابرات أمن الدولة بعد منتصف الليل, وكنتُ قد أخبرت أصدقائي أن يسألوا عني إن تأخرت حتى الصباح, ولكن-الحمد لله- حُلَّت قضيتي بأسهل السبل وعدتُ إلى البيت سالماً. حكاية الرسالة بسيطة لا تستحق كل ذلك العناء. قصة قصيرة كتبتها تلك الأيام وحملت عنواناً لا فتاً "انقلاب عسكري" وأرسلتها بالبريد العادي على عنوان مجلة الهدف: بيروت-لبنان-كورنيش المزرعة-ملك كامل عبدالله مروة-صندوق بريد /212/ فوصلت إلى فرع مخابرات أمن الدولة. وقد كان مكتب مجلة الهدف في بيروت في بناية ملك السيد كامل عبدالله مروة. اشتبه من يفتح الرسائل بالعنوان و بجملة أو جملتين في القصة فوضع تحتها "خط أحمر" سألني رئيس فرع أمن الدولة عما أقصده من تلك الجُمل, فشرحتُ له. وما كنتُ أعلم يومها أن الرسائل تُفتح وتُراقب.
بقيت النسخة الوحيدة من قصة "انقلاب عسكري" عند رئيس فرع مخابرات أمن الدولة. بعد سنوات وجدت بين اوراقي مسودات القصة فكتبتها من جديد وأرسلتها إلى مجلة الهدف فنشرتها في صفحاتها الثقافية. وكي تكتمل القصة لم يصل ذلك العدد الذي نُشرت فيه إلى المكتبات, صادره جهاز رقابة المطبوعات في سورية, ولم يسمح ببيعه في المكتبات العامة, لا تظن ظنوناً سيئةً , لا ليس من أجل قصتي صُودر العدد, بل كان يحمل رسماً على الغلاف للرئيس المصري حسني مبارك مرتدياً علماً أمريكياً, وكانت علاقة سورية جيدة تلك الأيام مع مصر, فمُنع العدد. ولكنني حصلت عليه في أحد زيارتي لمكتب مجلة الهدف في دمشق عن طريق مُدير التحرير الأستاذ هاني حبيب. بقي هذا العدد في مكتبتي بعد الرحيل عن مدينة إدلب مع أكثر من خمسمائة عدد من مجلة الهدف التي أسسها غسان كنفاني وصدر العدد الأول منها في 16/8/1969.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غسان كنفاني في تراجيديا أرض البرتقال الحزين
- وَحْيُ الشيوعيَّة
- بيان الشيوعيَّة
- حبوبتي كنداكة
- مُذنَّب كرولز يومض في سماء السودان من جديد
- كيف تعلَّم أبي القراءة والكتابة؟
- الهوية والعنف ... ماذا حدث, وما أسباب حدوثه, و إلى أين نحن م ...
- الحُكَّام في أغاني الشيخ إمام
- ماركس بالصيني
- الدولة أفهم من بني آدم
- نساء حسيب كيالي الجميلات
- ابنة البقَّال
- غرفة سبينوزا على السطح
- يوميات آدم وحواء
- الشيوعية أنجيلا ديفيس...الطريق طويل من أجل الحرية
- خطبة امرأة فدائية
- المُسْتَطْرَفُ في حِكْاياتِ النّساءِ
- العدلُ أساسُ المُلكْ2/2
- العدلُ أساسُ المُلكْ 1/2
- في ذكرى رحيل القاص السوري تاج الدين الموسى


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرزاق دحنون - قصة انقلاب عسكري