أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - الحُكَّام في أغاني الشيخ إمام














المزيد.....

الحُكَّام في أغاني الشيخ إمام


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6182 - 2019 / 3 / 24 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(الكلمة عفيفة وإنسانة, لا بتدخل تسكر ف الحانة, ولا ترضى الباب ف الاستانة)

أنتَ مُغنٍّ أيها الشيخ, فمالك والحُكَّام؟ و هل كان موقفكَ صريحاً واضحاً من حُكّام عصرك؟ أزعم، نعم، فنحن نجد فيما وصل إلينا من آثاركَ الغنائيِّة وأحاديثكَ الصحفيَّة ما يدل على مذهبكَ في هذه الشأن. فقد سخطتَ على ما رأيتَ من ظلم الحُكَّام واستهتارهم بالرَّعية وهضمهم حقوق البلاد و العباد. ويوم متَّ وضع رفاق دربكَ عنقوداً من العنب على قبركَ, لأنكَ عشتَ حياتكَ فقيراً جائعاً مشرَّداً مطارداً.
1
ها نحن ندخل معكَ أيها الشيخ الجليل في صراع مرير بين الحاكم والمحكوم, بين أغانيكَ الممنوعة وصوتكَ الذي يأتينا من زقاق "حوش قدم" في حيِّ الغورية في قلب قاهرة المعزِّ لدين الله, ولا ندري لماذا يذكِّرنا صوتكَ الحادي للضمير بالربيع كلَّما سمعناه, أنتَ الذي لم نسمع لكَ صوتاً إلاّ وهو مضمَّخ بحشرجة العمر في خريفه. حشرجة أو بحَّة أو سعال لا يخلو منها تسجيل من تسجيلات حفلاتك، كانت تزعجكَ وتزعجنا وتزعج حُكَّامنا أيضاً. و سرعان ما تعايشتَ أنتَ معها, وتعودنا نحن عليها, وما استساغها حُكَّامنا -أصلحهم الله- فمنعوكَ من الغناء, ثمَّ سجنوك. فأمعنتَ في السُّخرية وأسمعتنا قصيدة الشاعر الشعبي المصري مصطفى زكي "تسقيف" والذي يقول فيها :(الكلمة عفيفة وإنسانة, لا بتدخل تسكر ف الحانة, ولا ترضى الباب ف الاستانة, ولا تبقى ذليلة ومهانة, أو فرشة طرية و دفيانة, غير للشغيلة الشقيانة, الكلمة الصادقة بتتحول, وبتنزل ع الظالم دانة, ودمر عرشه اللي سبانا, وتخلي نهاره وليله مخيف) فإن غابت هذه البحَّة مرَّة, رحنا نبحث عنها بلهفة. قال لي ذات يوم صاحب "صوت بغداد" في ساحة السبع بحرات في حلب الشهباء في الشمال السوري مبتسماً مستبشراً: اسمع هذه التسجيل للشيخ-وكنا نبتاع تسجيلاتكَ من دكانه- عالجت صوته ونقيته قليلاً. قلتُ: لا يا سيدي, خلينا ع التسجيل القديم الذي يسعل شيخنا فيه "هو زيّ ما تقول توقيعي الشخصيّ" هذا ما قلته لصاحبكَ الشاعر التونسي آدم فتحي الذي غنيت له:(لا تَبْـكِ فأحلامُ الصِغَرِ تمضي كالحُلْمِ معَ الفجرِ, وقريباً تَكْبُرُ يا ولـدي, وتٌريدُ الدمْعَ فلا يجْرِي) يردُّ الشاعر: كنّا نخبي أغانيك تحت معاطفنا، حيث توضع الممنوعات كي لا تُدركها أعين العسس، فإذا بلغنا مأمناً, اختلينا بك, مجتمعين, خاشعين, صاخبين, في تلك الحلقات الحميمة الشبيهة بالصلوات.
2
أرغب في القول أن ألحانك أيها الشيخ سهلة, مذهلة, تنسرب إلى النفس الإنسانية فتحيها, وإلى القلب فتوقده. اخترتَ من لحن الحياة تلك النغمات الباقيات عبر تاريخ طويل من كدح الإنسان وعذابه. إن هذا الانسياب العفوي للحن هو الذي يبعث الفرح في داخلنا. أعني أن هذا الانسياب العفوي يُطلق في داخلنا تحرراً, فتنتقل عدوى العفوية إلى داخلنا. إننا نستوعب الإيقاع, نستعيض به عن إيقاعنا اليومي, فنتحرر.
ها أنا استمع إلى صوتك في قصيدة أحمد فؤاد نجم المشهورة: (شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الوتر جيت عملوا لك قيمه وسيما سلاطين الفول والزيت) تُنشد, تَروى, تَقصُّ, تعرض فنّاً نادراً وموهبة فذَّة في الأداء الصوتي. فما الذي يجعل ألحانكَ تلمس وجداننا بكل هذا العمق. ألحانكَ أيها الشيخ, تبدو, في أحد مستوياتها, سهلة مباشرة, ولكنها تترك أثراً عميقاً في نفوس مستمعيك.
3
ولو أردنا الاقتراب منكَ أكثر لذهبنا إلى تلك الأمسية الحلبية التي أحييتها في صالة معاوية في حيِّ الجميلية في المدينة السورية العريقة حلب الشهباء مساء يوم الأثنين 5/11/1984. كانت خشبة المسرح مُبهرة, جلستَ على كرسيّ من الخيزران متأبطاً عودكَ تخبط الأرض بقدمكَ اليُمنى خبطاً متواتراً, وعن يمينك جلس الفنان التشكيلي وضارب الايقاع رفيق دربكَ محمد علي, وبين ركبتيه الطبلة المصرية الشهيرة يضبط ايقاع الغناء. غصَّتْ صالة مُعاوية بالجمهور الذي أصبح أسيركَ تصنع به ما تشاء. كنتَ تترنم بفاليري جيسكار ديستان والست بتاعه كمان, ساخراً, متهكَّماً, تهكّم العارف بموروث شعبي تراكم في النفوس من ظلم الحُكَّام وقهرهم للعباد زمناً مديداً. سخرية لاذعة جعلتها جسراً ممدوداً بينكَ وبين مُحبيك. تترك ديستان وتُمسك بتلابيب محمد أنور السادات تُغني من كلمات الشاعر المصري محمود الطويل, وقد كُتبتْ القصيدة قبل مقتل السادات بشهر واحد: (كان في بلادنا غول أنتيكـا, أسـود زي الليـل والهـم... لأجل يبوس رجلين أمريكـا, يشفط عرق الناس والدم... لما النار بتطـق فـي عينـه بفكـر محنـاش كشفينه... الرعشة في ايده و رجلينـه بسلامتـه فاكر نتخـم... الكلب بيعبد أمريكا, ويطاطي ولا مرة يشم... ح يموت مدهول بالدم) وفعلاً مات مضرَّجاً بدمه.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس بالصيني
- الدولة أفهم من بني آدم
- نساء حسيب كيالي الجميلات
- ابنة البقَّال
- غرفة سبينوزا على السطح
- يوميات آدم وحواء
- الشيوعية أنجيلا ديفيس...الطريق طويل من أجل الحرية
- خطبة امرأة فدائية
- المُسْتَطْرَفُ في حِكْاياتِ النّساءِ
- العدلُ أساسُ المُلكْ2/2
- العدلُ أساسُ المُلكْ 1/2
- في ذكرى رحيل القاص السوري تاج الدين الموسى
- أوائل الأمثال المُدوَّنة
- الحاج مراد ...رواية تولستوي المنسيَّة
- ثعالب مصر ونواطيرها
- الزمكان... في نص الروائي السوداني الطيب صالح
- هل ذيل السعادة أملس؟
- هل يسكر الحيوان؟
- أيها المُعرضون عن الكلام
- الرَّقصُ في حقول البرتقال


المزيد.....




- غضب في إسرائيل بشأن تصريحات نتنياهو عن أهداف حرب غزة
- 29 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة ومنظمة الصحة تندد بتقاعس ...
- تغير المناخ والجفاف يقوضان الثروة الحيوانية بالعراق
- وزارة الدفاع الروسية تنشر وثائق عن اقتحام الجيش الأحمر لبرلي ...
- تجدد إطلاق النار في كشمير مع إجراء البحرية الهندية تدريبات ع ...
- الإكوادور.. وفاة 8 أطفال بسبب عامل معدٍ لا يزال مجهولا
- الدفاعات الجوية الروسية تصد محاولة هجوم بالمسيرات على سيفاست ...
- الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة لن تلعب بعد الآن دور ال ...
- تحذير صحي هام.. منتجات غذائية شائعة للأطفال تفتقر للعناصر ال ...
- الدروز يغلقون عدة مفارق مركزية شمال إسرائيل في مظاهرات مطالب ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - الحُكَّام في أغاني الشيخ إمام