أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم الوادي - عندما باع علي ذمته مقابل لعبة اليويو














المزيد.....

عندما باع علي ذمته مقابل لعبة اليويو


مريم الوادي

الحوار المتمدن-العدد: 6203 - 2019 / 4 / 17 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


لمحتهما.. فغضضت الطرف حتى لا يشعرا بملاحقة نظراتي.. انتابني الفضول أنا المعلمة لمعرفة كيف تنتهي معركة المساومة بين تلميذي من يربح منهما ومن يخسر، من يبيع منهما ومن يشتري؟
خلال حصة الاستراحة وقف أحمد بشخصيته القوية أمام علي وأخذ يداعب لعبة اليويو الخضراء ويرميها من يمناه الى يسراه وعينا علي تتابعان وتكادان تخطفانها..
فهمت من حركات كليهما أن اليويو هو موضوع العرض..
انتهت فترة الاستراحة وانتهت معها معركة الذمة والشرف
سلم أحمد اليويو لعلي.. علي باع وأحمد اشترى..
ضربا خمسة بخمسة وفرقهما صوت الجرس..
وما ان دخلنا الى الفصل حتى جاءني المدير باحثا بين الوجوه الصغيرة عن متهم، ومعه ضحية ترشده الى الفاعل الذي جردها من كل الأدوات المدرسية ومزق كرزها الجديد..
وقبل أن تستقر عين الضحية على أحمد كنت قد عرفت أنه هو المبحوث عنه، وعرفت أن لوقفة المفاوضة على اليويو قبل قليل دخل كبير بالموضوع..
اشتكت تلميذة السنة الثانية  وبكت من الظلم الذي طالها، وترك لي المدير حرية التصرف وذهب..
سألتها: من يشهد معك؟
قالت: علي كان معه يا أستاذة ورآه يفعل..
واقتربت الصورة من الاكتمال في ذهني، وأنا أشاهد ارتباكة علي وتحسسه المتوالي للعبة اليويو في جيب سترته الأيمن.
واما ان ناديته حتى قال بأعلى صوته: لا يا أستاذتي انها تكذب أحمد بريء.. وأنا لم أر شيئا مما قالت هذا الصباح في الصف..
اكتملت الصورة..
لقد باع علي ذمته وشهد زورا مقابل لعبة اليويو..
وقفت حائرة كيف اتصرف؟ ومن أين أبدأ؟
لم أنشغل كثيرا بعقوبة الطاغية الصغير الذي جرد زميلته من ادواتها ثم راح يقدم رشوة لزميل آخر تسترا على فعلته..فهذا أمره سيحل في الادارة باستدعاء ولي أمره وبعدها يأخذ درسه الخاص..
لكنني انشغلت أكثر لمصيبة الكذاب والمزور الصغير الذي قبل على نفسه المساومة وباع بأرخص ثمن شرفه الثمين..
لقد انزلقت عن توازني وبدأت اصدر أحكاما قاسية وكبيرة نفوس صغيرة. اذا كنت أنت أرى اليويو شيئا عاديا وبسيطا فعلي يراه شيئا كبيرا ومهما، وككل الأطفال هو يحلم بامتلاكه..
لكنه لا يعرف بعد قيمة الشرف والكرامة وقيمة الرجولة والذمة فكلها معان مجردة لم تبنى بعد ولم يفعل حسابها في نفس صغيرة طور التكوين..ولذلك قامر بها كلها مقابل مايلمس ويحس ويرى..
هذا الدرس لا يحتمل التأجيل ويجب أن يعطى الآن..
لم أتأخر  كثيرا في التصرف وقررت ان أسحبه الى جانب  بعيد عن مسامع ونظرات الآخرين..
ثم تراجعت.. هذا الدرس مهم جدا ويجب أن يأخذه الجميع..
غيرت عنوان الحصة وكتبت على السبورة البيضاء بحبر أحمر:
أنا شريف أنا لست للبيع..
وأخذت أحرك النفوس الصغيرة، كقطع على رقعة السطرنج،
حولت الصغار كلهم الى فرسان من الشهامة والرجولة والمروءة..
تحدثنا عن الذي يقبل قطعة الحلوى كرشوة .. وعن التي لا تنجز طلبات أمها الا اذا أعطتها مقابلا.. عن الذي يكذب ارضاء لزميله، أو خوفا منه..
تحدثنا وتفاجأت بقصة أحدهم.. أخذ الكلمة وقال: أستاذتي أمي أيضا أعطت نقودا كي يصدر جواز سفرها بسرعة..
من قال ان الصغار لا يفهمون؟ 
نحن من لا يفهم ولا نختار بعناية ماذا نعلمهم ..
كأننا نستهين بهم فنمدهم بالقليل والصغير والمنقح والخفيف.. بينما هم بحاجة الى دروس كبيرة، يواجهون بها هذه الحياة الكبيرة والخطيرة..
انتهى الدرس..
لملم الصغار أدواتهم وعيون علي لم تفتر من الدموع طوال الحصة.. فرأيته يتحرك باتجاه أحمد يمد له لعبة اليويو ويتوجه نحوي برأس مطأطأة:
لن أعيدها يا معلمتي..
قلت: ارفع رأسك ياعلي.. الرجال لايبكون انهم يصححون أخطاءهم وها قد فعلت..
انهم ليسوا للبيع وها قد أصبحت..
هيا ابتسم.. واعلم أن الذي ساومك اليوم على ذمتك وقبلت..
سيأتي غيره  ويساومك غدا على أشياء لا ينفع معها الندم..

مريم الوادي في 4:09 م



#مريم_الوادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة انا..
- صباح الخير أيها المعلم.. الوفاء للقسم أية امتيازات؟
- لعبة الكتابة -٢
- لعبة الكتابة..
- ظل أبي.. قصة قصيرة
- الى تلميذ بلا نسب ..
- السور الذي يعبر المدينة


المزيد.....




- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم الوادي - عندما باع علي ذمته مقابل لعبة اليويو