أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - العدلُ أساسُ المُلكْ 1/2














المزيد.....

العدلُ أساسُ المُلكْ 1/2


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6155 - 2019 / 2 / 24 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من حكايات ألف ليلة وليلة أن رجلاً من حجاج الشام نام نومة طويلة في الطريق إلى مكة، وحين استيقظ لم ير لقافلة الحجاج أثراً، فقام يمشي، فضلَّ الطريق، وسار إلى أن رأى خيمة. ورأى امرأة عجوزاً، فسلَّم، وطلب طعاماً، فقالت العجوز: امض إلى ذلك الوادي، واصطد من تلك الحيَّات بقدر كفايتك، لأشوي لك منها، وأطعمك. فتردَّد الحاج، فقالت العجوز: أنا أمضي معك وأتصيَّد منها فلا تخف. ومضت معه، فاصطادت من الحيَّات بقد الكفاية، وجعلت تشوي منها، فلم ير الرجل الحاج من الأكل بداً، وخاف من الجوع فأكل من تلك الحيَّات. ثم إنه عطش، فطلب من العجوز ماء للشرب، فقالت: دونك العين فاشرب منها. فمضى إلى العين، فوجد ماءها مراً. ولم يجد من شربه بداً مع شدة مرارته, لما لحقه من العطش, فشرب ثم عاد إلى العجوز وقال لها: عجباً منك أيتها العجوز ومن مقامك بهذا الطعام وشربك من هذا الماء, فقالت: فكيف تكون بلادكم؟ قال: إن في بلادي الدور الواسعة الرحبة والمياه العذبة والأطعمة الطيبة ، وكل شيء طيب والخيرات حسان، فقالت العجوز: لقد سمعتك فقل لي: هل يكون لكم من سلطان يحكم عليكم ويجور في حكمه، وأنتم تحت يده وإن أذنب أحدكم أخذ أمواله وأتلف رزقه وإذا أراد أخرجكم من بيوتكم واستأصل شأفتكم؟ فقال الرجل: قد يكون ذلك. فقالت العجوز: إذاً والله يكون ذلك الطعام اللطيف والعيش الرغيد والنعم اللذيذة مع الجور والظلم سماً ناقعاً وتعود أطعمتنا مع الأمن والحرية ترياقاً نافعاً.
1
الحكاية تُقرُّ بأنَّ "عدل السلطان خير من خصب الزمان" ورد هذا القول أول مرة في كتاب عهد أردَشير، فقد نقل المبرد في كتابه الكامل عبارة من عهد أردَشير تقول: عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان، أو رشاد الوالي خير للرعية من خصب الزمان. يقول أردَشير: يجب على السلطان أن يكون فائض العدل، فإن العدل جماع الخير، وهو الحصن الحصين من زوال السلطة وتخرمها، وأن أول مخايل الإدبار في السلطة ذهاب العدل منها. وكان يقول: ما شيء أضر على نفس الحاكم من بطانة فاسدة، لأن النفس تصلح على مخالطة الشريف كذلك تفسد بمعاشرة الخسيس حتى يقدح ذلك فيها ويزيلها عن فضلها ويثنيها عن شريف أخلاقها، وكما أن الريح إذا مرت بالطيب حملت طيباً تحيا به النفوس وتقوى به جوارحها كذلك إذا مرت بالنتن فحملته ألمت به النفس وأضرت بأخلاقها إضراراً تاماً والفساد أسرع إليها من الصلاح إذ الهدم أسرع من البناء.
2
فمن يكون أردَشير وما حكاية عهده؟ وهل يمكن القول إن عهد أردَشير هو أول عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم؟

يحتل أردَشير في تاريخ الفرس مقاماً عليّاً رفيعاً، فهو الذي قضى على حكم ملوك الطوائف، وأعاد للإمبراطورية الفارسية، بعد توحيد أجزائها وتوسيع رقعتها، مجدها القديم الذي كان لها أيام كورش ودارا الكبير، وردَّ لعقيدة زرادشت مكانتها القديمة وعمد إلى إحياء رسومها، وبذلك هيأ للفرس الوحدة السياسية وقوة الرابطة الدينية، وكان مؤسس الدولة الساسانية التي ظل ملوكها يتولون الحكم حتى ظهور الإسلام.
3
كان الدين، بعد أمر الدولة، أكبر شيء استأثر باهتمامه، ذلك أنه وجد أن مذهب زرادشت قد اضمحل، فعمد إلى إحيائه بكل وسيلة، فأمر بتحطيم الأصنام وإزالة الصور وبنى بيوت النار في كثير من البلاد وأمر بإيقاد النار بعد أن كانت قد أطفئت. وإلى أردَشير يعزى الفضل في كثير من القواعد والنظم الإدارية وضبطاً لنواحي الدولة وتحقيقاً للعدالة التي جعلها أسمى هدف له كان يتحرى عن أحوال الرعية تحرياً دقيقاً ويدقق في أحوال حكام الولايات ورجال إدارتها. ولم تكن أفعاله نائية عن أقواله في هذا المجال فقد ضُرب به المثل في حسن السيرة. وقد رفع أهل إصطخر رقعة إلى أردَشير يشكون فيها إمساك السماء مطرها وبخلها به، وسوء أثر القحط الذي أصاب زرعهم وضرعهم فكتب إليهم: إذا بخلت السماء بقطرها جادت سحابتنا بدرها، وقد أمرنا لكم بما يجبر كسركم، ويغني فقركم والسلام.
4
يشير الباحثون إلى أن كتاب «عهد أردَشير» تُرجم إلى العربية مبكراً وأنه ربما تمت ترجمته في أواخر العصر الأموي أي إبان ذلك الدور الأول الذي التفت فيه التراجمة إلى الثقافة الفارسية في الحكم وقواعده. والعهد في صورته العربية الإسلامية تألف من ست وثلاثين فقرة ومجموعة متفرقة من أقوال أردَشير التي تناقلتها كتب التاريخ والسير. وربما كان العرب في جزيرتهم على علاقة وثيقة بأهل فارس قبل ظهور الإسلام. وهناك خبر - إن صحَّ - أورده المسعودي في مروج الذهب يقول:
كانت أسلاف الفرس تقصد البيت الحرام وتطوف به تعظيماً له ولجدهم إبراهيم عليه السلام، وتمسكاً بهديه وحفظاً لأنسابه وكان آخر من حج منهم ساسان بن بابك جد أردَشير. وكانت الفرس إذا أتت البيت طافت به وزمزمت على بئر إسماعيل، فقيل إنما سميت زمزم لزمزمتها عليه بأصوات أعجمية. وكانت الفرس تهدي إلى الكعبة أموالاً في صدر الزمان وجواهر وقد كان ساسان بن بابك أهدى غزالين من ذهب وجوهراً وسيوفاً وذهباً. وقد ذهب قوم من مصنفي الكتب في التواريخ وغيرها من السير أن ذلك كان لجرهم حين كانت بمكة. ويعلق المسعودي: وجرهم لم تكن ذات مال فيضاف إليها، ويحتمل أن يكون لغيرها، والله أعلم.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى رحيل القاص السوري تاج الدين الموسى
- أوائل الأمثال المُدوَّنة
- الحاج مراد ...رواية تولستوي المنسيَّة
- ثعالب مصر ونواطيرها
- الزمكان... في نص الروائي السوداني الطيب صالح
- هل ذيل السعادة أملس؟
- هل يسكر الحيوان؟
- أيها المُعرضون عن الكلام
- الرَّقصُ في حقول البرتقال
- بالروح بالدَّم نفديك يا عدنان
- كتبٌ تعيشُ ولا تموت
- جنوسة الوعي...حواء النمط المبدئي للجنس البشري
- تعلَّم الحريَّة في سبعة أيام
- ثلاثية الخروف السوري والدولار الأمريكي
- لا تنشر بيدك غصن الشجرة الذي تجلس عليه
- الحُكّام يأكلون الحصرم
- ثلاثية الكلاب
- علي الشوك وداعاً ... هل كتبتَ روايتكَ الأخيرة؟
- الفلسفة في جذورها اللغوية
- أُفّ من الحُكّام


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - العدلُ أساسُ المُلكْ 1/2