أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - كيف خدعتُ أمي ... لقراءة الكتب الممنوعة














المزيد.....

كيف خدعتُ أمي ... لقراءة الكتب الممنوعة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6137 - 2019 / 2 / 6 - 10:19
المحور: حقوق الانسان
    



أكّدتِ الأبحاثُ العلمية والميدانية أن كبارَ السنّ النُشطاء ذهنيًّا قليلا ما يُصابون بمرض آلزهايمر، مقارنةً بأشخاص لم يعتادوا على إعمال عقولهم وتنشيطها على مدى أعمارهم. وتُعدُّ القراءةُ وقايةً مؤكدة من أمراض الشيخوخة الذهنية مثل الخَرَف والنسيان والتراجع العقليّ وفقدان المقدرة على التحكم في الوظائف الحيوية. لهذا وجهت مجلة "الوُجهةُ الطبيّة" الفرنسية: Destination Santé نصيحتَها لكبار السنّ قائلةً: "اقرأوا الكتبَ، الصُّحفَ، المجلات. العبوا الشطرنج، ولا تستسلموا أبدًا للكسل!" وفي تلك الكلمة الموجزة تتلخّص نتائجُ دراسات مكثفة قام بها العلماء خرجوا على إثْرِها بتوصيات تؤكد أن على الإنسان أن يُشغِّلَ ويُفعِّلَ خلاياه الذهنيةَ والعصبيّة باستمرار، وطيلةَ عمره. فخلايا الدماغ ليست إلا عضلاتٍ كأي "عضلة" في الجسم؛ تفقدُ قواها وتعجزُ عن أداء وظائفها إن رَكنَتْ إلى الكسل والرخاوة، فيما تنشطُ وتُستحَثُّ قواها إن هي مُرِّنَتْ وأُجهِدَت في العمل والتدريب المستمرين. تمامًا كما يُمرّن الرياضيون عضلاتهم بالركض اليوميّ والإحماء والتريّض. فالدماغُ، كما أكّد الباحثون، شأنه شأنَ الساقين والذراعين والخِصْر، يحتاجُ إلى تمارينَ دائمةٍ، من أجل إبعاد شبح آلزهايمر وسائر الأمراض العقلية والجسدية الأخرى. وربما لهذا أطلقتِ العربُ اسمَ "رياضيات" على ال Mathematics التي تضمُّ علومَ الجبر والتفاضل والتكامل وحساب المثلثات واللوغاريتمات والهندسة الفراغية والهندسة الديكارتية الخ؛ ذاك أنّ كل ما سبق ليس إلا "رياضةً" للذهن، مثلما الرياضة الجسمانية للبدن. وهنا نقطةٌ تُحسَبُ لعبقرية اللغة العربية.
وفي اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في ثوبه الجديد ومكانه الجديد، الذي يجري هذه الأيام على أرض القاهرة مثل جدول ثريّ هادر من الذهب السائل، أتذكّر دراسة أجرتهاالأمم المتحدة منذ عدّة أعوام حول معدلات المطالعة بين مختلف شعوب العالم. خَلُصَت النتائج إلى أن العالم العربي بطوله وعرضه، لا يتجاوز معدلُ قراءة الفرد فيه أكثر من (ربع صفحة) سنويًّا! نسبة مخيفةٌ ومحزنة! ورغم ذلك، فإن مشاهِد الزحام في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذه الأيام، وتوافد الرحلات المدرسية المنظمة لزيارة المعرض خاصة في أيام الجمعة، ومعدلات البيع التي سألتُ عنها الموزعين في أجنحة المعرض، تُبشِّر بالخير، وتشي بأن الشعب المصري بدأ يعود إلى “عِزّ” عادة القراءة التي كانت من صميم يوميات آبائه وأجداده . وأتمنى أن أشهدَ اليومَ الذي تغدو فيه مقولة "موشي ديان" الخبيثة: “العربُ أمّةٌ لا تقرأ!" كلمة مُتحفية مدفونةً في سراديب النسيان.
ويتزامنُ معرض الكتاب بالقاهرة دائمًا مع بدايات كل عامٍ جديد؛ وكأنما ليغسلَ متاعبَ عام مضى مشحونٍ بالكفاح والوجع، لندخل العام الجديد وقد تطهّرنا من أحمال الشهور الثِّقال. نعم، ليس مثل "الكتاب" دواءٌ للتعب والهموم.
لكن للإمهات عادةً رأيًا آخرَ، حين يرين أن قراءة كتاب خارج إطار المناهج الدراسية تُعدُّ "تهديدًا" للتفوق الدراسي. كانت أمّي رحمها الله من هذا الفصيل الشهير من الأمهات اللواتي يؤمِنّ أن الحصول على الدرجات النهائية في سنوات الدراسة، هو غايةُ المنتهى، ومُنتهى المُبتغى. وكانت زيارة معرض الكتاب هي "المكافأة" التي ننالها في إجازة نصف العام بعد شهور من حُكمٍ ديكتاتوري طاغوتي من أمي بالاستذكار ليل نهار طوال الوقت، حتى وقت تناول الطعام. ولكن "شراء" الكتب، لا يعني السماح "بقراءتها". فدائمًا ما يؤجلُ هذا السماح، إلى أجل غير مسمّى: بعد اختبارات الشهر، بعد امتحانات نهاية العام، بعد صدور النتيجة والحصول على الدرجات النهائية الخ. وحين تأتي العطلة الصيفية وشهادة التفوق الساحق الماحق المنشود، أجد مكتبي الصغير وقد رُصَّتْ فوقه كتبُ مناهج العام المقبل، للانتهاء منها قبل بداية العام الدراسي الجديد! فمتى وكيف وأين أقرأ ما لديّ من كنوز الكتب، في ظلّ أمٍّ تحظرُ أيَّ كتاب إلا "كتاب المدرسة"؟! وكانت "الحيلة الماكرة": تخبئةُ الكتاب المنشود داخل الكتاب الدراسي، وقراءته خلسةً. وكانت الأزمة في الكتب الضخمة، التي لا تستوعبها الكتبُ المدرسية النحيلة. فقطّعتُ، وأنا أبكي، كتاب "الفردوس المفقود" إلى "فراديسَ" صغيرة، خبئتُها في صندوق اللعب تحت سريري. وكلَّ ليلة أدسُّ "فردوسةً" في كتاب التاريخ (الذي لا أحبه)، وكأنني أعاقبُ "مِلتون" على ضخامة ملحمته الشعرية. ولا أعبأ بنظرات الغضب التي كانت تتطاير من عينيه الزرقاوين وهو محبوسٌ في الكتاب المدرسيّ المُضجر. وحين كبرتُ قليلا عَزَّ عليَّ تقطيع "الإلياذا والأوديسا”! فكان عليّ ابتكار حيل جديدة، سأحكي لكم عنها في مقال قادم. رحم الله أمي وأعزّ الوطن بمَن يحبّه. “الدينَ لله، والوطنَ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبطالٌ ... أخطأهم سهمُ الشهادة
- مقالي عن ثورة يناير والإخوان الذي منعه (اليوم السابع) | “هل ...
- من مصر… الرئيسُ يُطلقُ طائرَ المحبة
- في فِقه الدهشة… وقتلها!
- حملة 100 مليون صحة … شكرًا لدهشتي
- في الإمارات … مسجدُ مريمَ أمَّ عيسى عليهما السلام
- المصحفُ في بيتي …. جوارَ البتول
- الرئيسُ يصفعُ الطائفيةَ ... بكاتدرائية ومسجد
- الرئيسُ يضمُّ المحرابَ والمذبح
- سعد والاسكندراني …. ومسيو موريس
- سيناءُ البهيةُ ... التي عادت عروسًا
- كيف كسر الرئيسُ الحائطَ الرابع؟
- الرئيسُ يكسرُ الحائطَ الرابع
- مَن الذي يغازلُ إسرائيل؟
- هدايا الكريسماس … من الرئيس لأطفال مصر
- في المعبد اليهودي … بالقاهرة
- على هامش الفستان… طاقيّةُ التقيّة
- كلامٌ هادئ في شأن تونس والأزهر
- زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة
- عمرو سعد … والصبايا الجميلات


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يعلق على اعتقال جندي أمريكي في روسيا
- صحيفة إسرائيلية: السجون لم تعد تتسع للمعتقلين الفلسطينيين
- NBC: اعتقال عسكري أمريكي في روسيا
- إعدام دفعة جديد من المدانين بـ-جرائم إرهابية- في العراق
- عاجل | مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار العملية ...
- اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 أ ...
- نائب رئيس حماس: تبادل الأسرى والمحتجزين سيتم على 3 مراحل
- الأمم المتحدة تدعو إلى تجنب التصعيد بعد إعلان موسكو عن تدريب ...
- غزة.. فرحة عارمة بين أوساط النازحين في رفح بعد إعلان حماس قب ...
- الاتحاد الأوروبي: أمر الإخلاء الإسرائيلي لسكان رفح ينذر بمزي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - كيف خدعتُ أمي ... لقراءة الكتب الممنوعة