أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - لماذا يتناول أبناؤنا المخدرات















المزيد.....

لماذا يتناول أبناؤنا المخدرات


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6119 - 2019 / 1 / 19 - 12:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتعاطى المخدرات عدد هائل من الشباب في العالم ، وحسب إحصائيات الأمم المتحدة سنة ٢٠١٥ أن ربع بليون شخص أو ٥٪ من سكان العالم يتناولون المخدرات لمرة واحدة على الأقل في حياتهم . أما النسبة الكلية للمدمنين في العالم فهي أعلى بكثير وخاصة في مناطق الصراعات السياسية والعسكرية وفي المناطق الفقيرة تزامناً مع الأوضاع الإقتصادية للبلد المعني . وتقوم المخدرات بدورها كعامل مثبط للنمو الإقتصادي لإستهلاكها للطاقات البشرية والإقتصادية كذلك إستهلاكها للجهود الأمنية ويبدو هذا واضحاً في دول أمريكا اللاتينية حيث تشتهر مافيات المخدرات التي تكسب مليارات الدولارات من هذه التجارة لكنها تستهلك الطاقة الإقتصادية والأمنية .
قد يقول البعض بأن تجارة المخدرات تزدهر أيضاً في دول غنية ومتطورة مثل الولايات المتحدة وإيطاليا حيث تنشط عصابات السلاح والمخدرات وتربطها شبكة واسعة من الرؤوس الإقتصادية والمالية ، لكن من الواضح أن هذه التجارة تزدهر أينما وجدت بيئة مناسبة وظروف موضوعية جيدة لنموها ، فالمشاكل النفسية والإجتماعية تتواجد أيضاً في البيئات الغنية كما في الفقيرة لكن الأسباب هنا مختلفة والنتيجة واحدة حيث يحاول المدمن القفز فوق الواقع وتهميشه وخلق واقع جميل وبديل تصنعه المخدرات .
تُعتبر الدول العربية سوق رائجة لهذه الآفة وهذه التجارة ، وتتزامن في الدول العربية مع تجارة السلاح وكلاهما يعضد الآخر ويعطيه زخماً . فاليمن مثلاً هو مسرح للصراعات والفقر والجهل والأمراض الجسدية والنفسية وينتشر فيها القات والحشيش وأنواع أخرى من المخدرات ، ويبلغ عدد السكان الواقعين تحت خط الفقر حوالي ١٢،٨ مليون نسمة أي ٤٨،٦ ٪ من إجمالي السكان . وتبلغ نسبة مدمني الحشيش في المغرب ٥٠٪ بين الشباب حسب إحصاءات غير رسمية بين عمر ١٦ ١٨ وبين تلاميذ المدارس والمراهقين . أما في الجزائر فيبلغ عدد المدمنين بين تلاميذ المدارس ١٣٪ منهم . وحسب تقرير الوكالة الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة فإن نسبة متعاطي المخدرات من سكان الجزائر هي ٥،٧٪ .
إن الثقل الأكبر لتعاطي المخدرات بين الشباب تعاني منه مصر وحسب مدير مكافحة وعلاج الإدمان ( عمرو عثمان ) إن نسبة تعاطي المخدرات بين المصريين تجاوز الـ ١٠٪ أي نحو ١٠ مليون مصري وهي نسبة تحتل ضعف المعدلات العالمية ، ويضيف هذا المسؤول أن المستشفيات التي يتعامل معها صندوق المكافحة قد إستقبلت ١٠٤ ألف مريض العام الماضي . وقد أطلقت مصر حملة ( أنت أقوى من المخدرات ) منذ سنتين شارك بها لاعب الكرة المصري المشهور عالمياً ( محمد صلاح ) وقد أحدثت هذه الحملة ضجة إعلامية دفعت بالكثير من المدمنين للعلاج .
أما في الكويت فتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة الإدمان تصل إلى ٧٪ أي ٧٠ ألف شخص مدمن وهناك حالات وفاة شهرية . ويأتي الأردن في المرتبة الثالثة بنسبة المدمنين التي هي ٣٪ . وفي السعورية يصل أعداد المدمنين إلى ١٥٠ ألف شخص وتنحصر أعمار ٧٠٪ منهم بين عمر ١٢٢٠ .
أما في العراق فليست هناك إحصاءات رسمية عن عدد المدمنين إلا أن تقارير منظمات المجتمع المدني تكشف بأن هناك عشرات الآلاف من المدمنين الشباب وخاصة في مناطق الجنوب حيث تزداد نسبة الفقر والبطالة ، وتتنوع إستخدامات المخدرات بين أوساط الشباب والأطفال مابين الحبوب المخدرة والحشيش والهيراوين والمورفين وحيث تشير الصحافة العراقية إلى وجود عدة مداهمات للصيدليات الليلية وجرائم قتل لأجل الحصول على هذه المخدرات التي قد تباع في هذه الصيدليات لأغراض طبية . وتقوم الشرطة العراقية بجهود مكثفة لتفكيك الكثير من شبكات المخدرات في العراق . ومن المعلوم أن ١٨،٩٪ من إجمالي السكان في العراق يعيشون تحت خط الفقر حسب إحصائيات ٢٠١٢ وأعتقد أن النسبة قد إرتفعت الآن بعد النشاط العسكري للقضاء على المنظمات الإرهابية وإنتشار الملايين من النازحين واللاجئين .
أما في الأردن فأن ١٤،٤٪ من السكان هم دون خط الفقر ، وفي مصر يبلغ عدد السكان القابعين تحت خط الفقر ٢٦،١ مليون شخص .
إن التزامن والترابط الحاصل بين الفقر والأوضاع الإقتصادية المتردية وإرتفاع نسبة البطالة بين الشباب وفوضى الأوضاع السياسية وتراجع الأوضاع الإجتماعية والضغط الحاصل على كينونة المرأة والطفل وبين الإدمان على المخدرات هو نتيجة حتمية ومحصلة لكل المطبات السياسية والإجتماعية في المجتمع العربي ، وهنا يحاول الشاب العربي أن يفك الحبال من حول رقبته بواسطة المخدرات . ولا يخفى أن الفقر والإدمان قد يكون نتيجتهما الجريمة والسرقة وقد تصل إلى القتل لأجل الحصول على الكفاية من المخدرات والتي تتصاعد دفعاتها شيئاً فشيئاً مع تعود وتكيف الجسم لها حيث يطلب الجسم عادة ( دوزات ) أعلى فأعلى ، ولكن يجب التأكيد هنا على أن الأمراض النفسية لا تخص الفقراء فقط بل كثيراً ما تنتشر بين الأغنياء وفي الدول الغنية لأسباب إجتماعية وعائلية وقد تكون مهنية مرتبطة بالنجاح والفشل المهني أو الفشل الحسي والعاطفي . وتعطي المخدرات هنا الطريق الأسهل والأسرع للقفز فوق الواقع وخلق واقع ملون كما يرغب به المدمن وحيث أن الواقع الحقيقي هو خارج نطاق إرادته وقدراته . وهذا لا يعني أن هذا المريض هو إنسان شرير أو مجرم بطبيعته بل هو مريض لا أكثر وهو يحاول معالجة نفسه بالطريق الأمثل لديه ، فهو يصل إلى الحلول وهو قابع في سريره أو في حمامه أو في مدرسته أو ربما في الحدائق العامة حيث قد يبقى إلى الصباح متجمداً في شتاء أُوربا الثلجي وقد يُصبح ميتاً .
ولو تساءلنا ما الذي يدفع بأبنائنا لأن يطرقوا باب المخدرات . أقول وماذا قدمنا لشبابنا ، هل قدمنا لهم فرص عمل كافية ، وهل إستطاع خريجوا الدول العربية العمل في بلدانهم ، وهل إستطاعوا الزواج في سن مناسبة ، وهل قدمنا لهم من خيرات بلادهم وثرواتها أم إمتصصناها لنشتري به مزيداً من السلاح ولنقمع بعضنا بعضاً ، وهل قدمنا لهم عالماً يأخذ أفضل ما في الحضارة الإنسانية ويقدسه أم بثثنا بهم الكراهية والشوفينية ، وقلنا لهم نحن الأفضل ، بتخلفنا وجهلنا نحن الأفضل ، ما علينا إلا أن نكره كل من لا يشبهنا وكل من تعدانا في الحضارة ولندعهم يبحثون في المجرات عن أرض جديدة وفي جسد الكائن البشري وفي أسراره ، وما علينا نحن إلا أن نُقّطِع هذا الجسد ونبيعه ( كخردة ) . هم يجعلون الأطفال ملوك الأرض ونحن نصنع منهم دروع بشرية تحمي البالغين . هم يعلمون أطفالهم بأن يتكلموا بأربع لغات أو خمس ونحن نعلم أطفالنا كيف يلعبون بالجماجم البشرية بدل الكرة . هنا حينما يتأكد الشاب العربي بأن لا بديل بواقعه ولن يُسمح له بأن يغيره حينها يضع هذا الشاب شهادته في درج المطبخ لسنين طويلة ثم يطرق بعدها أبواب الحانات ودور الدعارة ، ويجب أن لا نستغرب أن نجده ذات صباح ملقياً على ظهره وحول شفتيه وأنفه مسحوق أبيض هو البديل الأمثل للعمل الذي حلُم به والزوجة التي حلُم بها والبيت الذي لم يستطع أن يبنيه والوطن الذي لم يستطع أن يحتويه .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يحتمي الرجل بالقوانين في ممارسة العنف ضد المرأة
- البصرة ثغر العراق الباسم أم الباكي
- موت وردة الأقحوان البيضاء
- العرب من تجارة النفط إلى تجارة البشر
- مشاكل أبناء المهجر
- الهبوط نحو الأسفل
- قيمة الذات العربية - بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- نصب الحرية المظلم
- أطفال التوحد هم نتاج صراعاتنا
- قراءة نقدية للمجموعة القصصية ( غسل العار ) للقاصة صبيحة شبر
- حين بكى البابا على فقراء المسلمين .
- الإرجوحة
- لونوا العالم بالبرتقالي
- حين ضاعت المرأة العراقية على طاولة الصراع البرلماني
- الأطفال وقود النزاعات
- لماذا نقتل أطفالنا
- الجذور التحتية للقاعدة وداعش
- أمهات الدواعش
- واقع المرأة العربية المعاصرة
- قراءة نقدية لكتاب قواعد العشق الأربعون


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - لماذا يتناول أبناؤنا المخدرات