أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - الفرق بين مشروعهم (الحداثة) ومشروعنا (التحديث)!؟















المزيد.....

الفرق بين مشروعهم (الحداثة) ومشروعنا (التحديث)!؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 6111 - 2019 / 1 / 11 - 23:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفرق بين مشروع العلمانيين الراديكاليين (الحداثة) ومشروعنا نحن المسلمين الليبراليين (التحديث)!؟
*******************
محور هذه المقالة يدور حول ضرورة فهم الفرق بين مشروعين سيتصارعان منذ الآن عقب هذا الفراغ الكبير الذي نتج عن فشل ثورات الربيع العربي وسقوط مشروعات الأصولية الاسلاماوية مع هذا الفشل الكبير المدوي لجماعات الإسلام السياسي سواء في شقها الاخواني أو الوهابي الداعشي!.. فضلًا عن افلاس نموذج الدولة الإسلاماوية بوجهها الشيعي الخميني في ايران الذي لم يعد يُغري لا شباب أهل الشيعة أو أهل السنة كما كان في بدايات عهده في الثمانينيات!.. فهذه الدولة الخمينية تمر بطور التحلل والفشل المزمن، وما محاولاتها لتصدير مشروعها ونفوذها في العالم العربي إلا محاولة بائسة للهروب من الفشل الداخلي المحلي العميق!.. لذا تحاول نقل المعركة للخارج كمحاولة للهروب من واقعها المرير في الداخل!.. وهو نفس ما دفع الدول الأوروبية الاستعمارية بعد الحرب العالمية الأولى للاستعمار !.. فهي كانت حركة للهروب من الفشل الداخلي ونقل الأزمات الداخلية للساحة الدولية!!... وهكذا حال دولة الخميني ذات الطابع الشيعي المتشدد فهي يبدو أنها ستلفظ أنفاسها في وقت قريب وإلا سيتسبب استمرارها في أوجاع كبيرة وخطيرة للمجتمع الإيراني كحال السن التي ضربها التسوس وتقاوم الخلع والسقوط!!.. أو حال الميت السريري الذي لا عاش بشكل طبيعي ولا تُرك ليموت بشكل طبيعي!، فظل أهله ساهرين بجواره في المستشفى بدون عشاء والجوع يقطع أمعائهم!.
***
نعم!، أيها السادة والسيدات، يجب التفريق – منذ الآن - بين مشروعيْن سيتصارعان في بلداننا ومنطقتنا على صياغة وتوجيه حركة هذه المجتمعات نحو المستقبل ونحو تحقيق أمل النهوض الحضاري لمجتمعاتنا، حيث قد يختلط فيهما الأمر على القُرّاء والسامعين بسبب التقارب اللفظي بين الأسماء دون المسميات!.. أقصد التشابه الشكلي والحرفي بين لفظ (التحديث) ولفظ (الحداثة) والذي قد يؤدي إلى التباس في فهم الفرق الجوهري بين المشروعين!.. فالحقيقة أن مشروع (الحداثة) الذي تدعو إليه بعض النخب العلماناوية (الراديكالية) العربية وغير العربية من سكان منطقتنا هو غير مشروع (التحديث) الذي يطالب به الشارع العربي ونطالب به كذلك نحن أصحاب التوجه الليبرالي الاسلامي!.
مشروع العلمانيين الأصوليين (الراديكاليين) في مجتمعاتنا العربية والمسلمة وهو مشروع قائم على فكرة (الحداثة) أي القطيعة مع الماضي وتراث الأمة، واحداث تغيير جذري جوهري (بنيوي) (أصولي) في أساس مجتمعنا العربي المسلم وانتزاعه من جذوره البنيوية وأصوله الدينية واقامته على أصول علمانية لا دينية صرفة!.. فهذا هو مشروع العلمانيين الذي يخفونه تحت لافتة (الحداثة)!، وأما مشروع الأصوليين الاسلاماويين بسنتهم وشيعتهم فمعروف بل بات أثره ملموسًا ومشمومًا!.. لمسناه وشممناه في مشروع الثورة والدولة الخمينية، وفي الدولة ذات العقيدة السلفية الوهابية والذي تحاول العائلة الحاكمة في المملكة السعودية التحرر من ربقته!، وشاهدناه في دولة الدواعش ومغامرات جماعة الاخوان المسلمين!... فهذه هي مشروعات من نختلف معهم حول منطلقات مشروع النهضة وطريقة النهوض بمجتمعاتنا وهي – في تقديرنا - مشروعات طوباوية (اصولية) وراديكالية سواء بوجهها العلماني المتستر بشعار الحداثة أو بوجهها الاسلاماوي المتستر بتطبيق الشريعة أو استعادة الخلافة الإسلامية!!.. أما مشروع الليبراليين الوطنيين المسلمين فهو مشروع يقوم على مبدأ (التحديث والتنوير) أي الاصلاح التجديدي والتطويري للوضع الاجتماعي القائم بما يدفع في اتجاه النهوض الحضاري والاقتصادي والسياسي وليس هدم هذا المجتمع وانتزاعه من جذوره بدعوى تغييره جذريًا كما يحاول هؤلاء المغامرون العلمانيون الحداثيون منذ عقود!؟... مشروعنا الليبرالي (التنويري التحرري) يقوم على مراعاة ثوابت الهوية الوطنية والدينية لمجتمعاتنا ثم الانطلاق للتحديث والتجديد والتطوير.... ويقوم على أساس فكرة أننا لا نحتاج لا إلى (الاصولية الدينية) ولا (الأصولية العلمانية) بل نحتاج إلى الكثير من (العقلانية) و(الواقعية) في إعادة الفهم وإعادة البناء!.
***
العلمانيون في منطقتنا – عربًا وغير عرب – مسلمين وغير مسلمين - يستعملون هذه الكلمة أو اللافتة المطاطة الفضفاضة أي كلمة (الحداثة) كستار لإخفاء مآربهم الحقيقية في معركتهم ضد الاسلام – واحيانًا حتى ضد العروبة! - كخصم لدود يريدون استئصاله أو ازالته من طريقهم نحو الحكم والسلطة وبالتالي علمنة المجتمع والدولة على هواهم الايديولوجي والسياسي ومحاولة إقامة مجتمع جديد حديث بأصول علمانية ولا دينية!.. فمشروع الحداثة في منطقتنا هو مشروع العلمانيين الذين يدعون إلى ((القطيعة التامة والجازمة)) مع الماضي العربي والاسلامي ومع تراث الأمة الديني بشكل تام بل ويدعوننا إلى القائه في مزبلة التاريخ!، ويدعوننا استبعاد الدين وحصره في المسجد أو الكنيسة ثم الركض بكل سرور وغرور وراء الحضارة الغربية – وربما تحديدًا وراء النموذج الفرنسي لا البريطاني !!! – فنسير على خطا المجتمعات الغربية بقضها وقضيضها وغثها وسمينها باعتبارها النموذج الملموس والمشموم للدولة الحديثة!!... وهذا المشروع في حقيقته وطبيعته - بل وفي نتيجته ومحصلته - هو مشروع طوباوي انتحاري كمشروعات الأصوليين الدينيين وعلى رأسهم مشروع الدواعش ولكن مشروع العلمانيين (الراديكاليين) الانتحاري يقوم على انتحار بطريقة ناعمة كمن يموت وهو في حالة انتشاء من شدة السُكر وتعاطي المخدر اللذيذ!، يموت وهو يشعر بأنه سعيد ويعيش في حلم لذيذ بينما مشروع الدواعش مشروع انتحاري يتم بل وتم بطريقة فجة وخشنة ومُروِّعة بطريقة تقديم الذبائح البشرية للآلهة الوثنية!.
مشروع العلمانيين الراديكاليين الجذريين الذين يريدون (هدم مجتمعنا التقليدي) الحالي القائم على جذور وأصول دينية واقامته على (أصول وجذور علمانية لا دينية) أي خلق مجتمع آخر جديد (!!؟؟) ، هو أولًا مشروع طوباوي يشبه إلى حد بعيد مشروع الراديكاليين الشيوعيين الذين يحلمون بخلق انسان نموذجي شيوعي جديد!!.. وهو أمر غير ممكن واقعيًا وعمليًا كما ثبت حتى بالتجربة الطويلة والمريرة!!، فليس ثمة في الواقع البشري الملموس والمنظور والمشموم غير هذا الإنسان الطبيعي العتيق والعريق والعتيد!.. هذا الانسان القديم بالفطرة التي فطره الله عليها - أو كما كونته الطبيعة الأم لمن لا يؤمن بوجود خالق مصمم لهذا الكون العجيب! - وبالتالي فلا يمكن اختراع وخلق انسان آخر غير انساننا هذا (الفطري/الطبيعي) - هذا الانسان الفرد وهذا الانسان المجتمع بهذه الغرائز والمقومات العميقة والعريقة والعتيقة التي لا يمكن محوها واستئصالها من طبيعته وخلقته حتى لو غيرنا أسلوب الإنتاج ألف مليون مرة!! - ولكن - مع قولنا باستحالة تغيير هذا الانسان العتيد جوهريًا وبنيويًا وأصوليًا وجذريًا - إلا أننا يمكننا – بالفعل – وبجهود ذكية وحكيمة - اصلاحه وتحسين أفكاره وطريقة تفكيره وتهذيب اخلاقه وسلوكه من خلال وسائل الإيمان والتربية والتعليم من جهة ومن جهة من خلال وسائل السلطان والتقنين والتنظيم!.. أي من خلال أساليب الضبط الداخلي الذاتي الاخلاقي الروحي والضبط الخارجي الواقعي الاجتماعي والمادي!.. فهذا (التغيير الادراكي والسلوكي) هو الممكن الوحيد، أما اختراع وخلق انسان آخر نموذجي وفريد غير هذا الانسان القديم والعتيد فهذا المطلب هو قمة الطوباوية!!... الطوباوية التي ظاهرها الرحمة والحكمة وطلب الكمال والمثال وباطنها ونتيجتها العملية العذاب والخراب والسفاهة وطلب المحال وتحطيم هذا الانسان وتشويهه وزيادة طينته بلة وعلته علة فيكون حاله كحال من جاء ليعلم (الغراب) بشكل قسري مشية الحمامة فكانت النتيجة أن هذا الغراب المسكين نسي وفقد مشيته الأصلية الطبيعية ولم يتعلم مشية الحمامة!، فصار يتخبط بشكل غريب تارة يثير الشفقة وتارة يثير الضحك!.. وهذا ما فعلته أنظمة الحكم الشمولية ذات العقائد والايديولوجيات الطوباوية كالشيوعية والنازية والفاشية والاشتراكيات القومية كما فعل البعثيون والناصريون ومن حذا حذوهم!... وهكذا حال مشروع العلمانيين الراديكاليين في بلادنا اليوم الذين يحاولون استغلال هزيمة الأصولية الدينية وجماعات الإسلام السياسي لصالح تمكين مشروعهم العلماني الطوباوي الراديكالي وهم يتمحكون بقصة (الحداثة)!!... فهم أصحاب مشروع طوباوي (مثالي نموذجي) راديكالي ظاهره جميل ونبيل ولكنه في حقيقته ينم عن جهل مركب عميق وسينتهي كغيره من المشروعات النموذجية الطوباوية الراديكالية إلى خراب كبير وفساد خطير وافشال كل محاولة للنهوض الحضاري الحقيقي والعميق والقابل للبقاء والارتقاء!.. حالهم حال من جاء يريد مداواة أو تكحيل وتجميل العين (الحولاء) فكانت النتيجة أنه أصابها بالعمى فباتت عمياء!.. وأصبح صاحبها (المسكين) يقول في أسف شديد وحزين: (يا ليتني ظللتُ أحول على حالي الأول!، فالحول خير من العمى ألف مليون مرة!) .. أو حالهم كحال من ضاق ذرعًا بوجود فأر ماكر وخبيث في بيته، حاول اصطياده مائة مرة بطرق مختلفة ولكن دون جدوى!، فقد باءت كل محاولات اصطياده وقتله بالفشل الذريع!، فكان الحل الجذري والنهائي لدى صاحب البيت هو أنه أحرق البيت برمته - في لحظة نقمة جنونية عارمة على الوضع القائم - بسبب وجود هذا الفأر الماكر الخبيث اللئيم في بيته!.. ومع ذلك - أي بالرغم من أنه أحرق بيته على بكرة أبيه كحل جذري راديكالي لمشكلة وجود هذا الفأر المتنمر في البيت - فإن شهود عيان أكدوا بأنهم قد رأوا رأي العين ذلك الفأر المخضرم العتيد وهو يفر بجلده من ذلك الحريق الرهيب الهائل!.. فلقد أحرق صاحب الدار داره ومع ذلك الفار تمكن من الفرار!.. بل والأدهى والأمر أن صاحب هذه الدار حينما تمكن بعد جهد جهيد من بناء بيت جديد على أحدث طراز حديث اكتشف بعد عدة أيام أن فاره العتيق العتيد عاد يصول ويجول داخل غرف هذا البيت الجديد كما لو أن شيئًا لم يكن!... هكذا حال هؤلاء العلمانيين (الراديكاليين) وغيرهم من أصحاب الحلول الطوباوية الجذرية!، فهم يُفسدون مجتمعاتهم ويخربونها من حيث يعتقدون جازمين بأنهم يصلحونها ويعيدون بنائها على أسس ومقومات جديدة وحديثة!!... وهؤلاء العلمانيون الاصوليون (الراديكاليون) لا يختلفون في شيء عن الاسلاماويين الأصوليين (الراديكاليين)!.. هم جميعًا وجهان لشيء واحد هو الجهل العميق والمركب!.. الجهل بحقائق الواقع وطبائع البشر وثوابت مجتمعاتنا العربية والمسلمة!.. لهذا هم يُخربون مجتمعهم ويُدمِّرونه من حيث يظنون أنهم يُحررونه ويُعمرونه!!، وهم يُفسدون من حيث يعتقدون أنهم يصلحون! [2]
***
أما مشروع (المسلمين الليبراليين غير العلمانيين) الذي ننتمي إليه وندعو إليه – وهو المشروع الأساسي والأصلي الذي بدأ حركته في آواخر القرن التاسع عشر مع بوادر النهضة العربية وقبل ظهور الأصولية الاسلاماوية ذات النزعة السلطوية والسياسية – فهذا المشروع – مشروع الإسلام الليبرالي القائم على مبادئ العدل والتسامح والتنوع والتعدد وحفظ قيمة العقل وكرامة الانسان - لا ينتمي لا للأصولية الدينية ولا الأصولية العلمانية بل يقوم على المحافظة على ما هو من ثوابت هويتنا وشخصيتنا الوطنية والدينية وخصوصياتنا الاجتماعية ثم الانطلاق من هذه النقطة نحو عملية (الإصلاح والتحديث والتجديد) ابتداءً من اصلاح وتحديث وتجديد وتطوير طريقة فهمنا لديننا وطريقة فهمنا لدنيانا وطريقة فهمنا للدولة وطريقة فهمنا لواقعنا المعاصر وطريقة فهمنا لتاريخنا وطريقة فهمنا للبشر الآخرين وما عندهم من إيجابيات وسلبيات وحسنات وسيئات، هؤلاء الآخرين ممن يعيشون معنا على هذا الكوكب وعلى متن هذه (المركبة الفضائية) التي تسبح بنا جميعًا في هذا الكون الواسع المهول والمجهول!، فالتحديث والاصلاح والتجديد الذي تتبناه (الحركة الليبرالية المسلمة) – أو حركة بعث الفكر الإسلامي الليبرالي - يبدأ بإصلاح وتحديث وتجديد فكر وثقافة وأخلاق الناس، عامتهم وخاصتهم، فعملية الإصلاح والتحديث التي نتبناها وندعو اليها أمتنا تقوم على اصلاح وتطوير وتحديث طريقتنا في التعامل مع النصوص الدينية وتراثنا الديني والتاريخي، وتحديث طريقة تعاملنا مع تجارب المجتمعات الأخرى بحيث نأخذ النافع منها عن وعي وفهم وإرادة، وننبذ ما هو ضار منها أو ما يتناقض مع ثوابتنا الاجتماعية والدينية والاخلاقية أو ما ثبت ضرره على الحياة الانسانية والاجتماعية الطبيعية بشكل ملموس يتحدث عنه عقلاء هذه المجتمعات أنفسهم اليوم بصوت عالٍ وصريح كالعلل والانحرافات والتشوهات التي نتجت عن (الغلو والتطرف الليبرالي) – أي الغلو في الفردانية والحريات الشخصية على حساب مصالح المجتمع الوطنية والقومية العامة أو على حساب ثوابت الفطرة الإنسانية أو على حساب توازن البيئة الطبيعية - فالغلو الليبرالي كالغلو الجماعي والأصولي هو أمر ضار يعود بالضرر على المجتمع ككل، فما زاد عن الحد انقلب إلى الضد!.. لهذا قيل (لكل حق حد) فمن يتجاوز الحد في ممارسة حقوقه سينتهي الأمر به إلى الجور والطغيان على حقوق الآخرين!، الآخرين كأفراد أو الآخرين كمجموع!.. وهذا ما يُسمى في فلسفة الحقوق والعدل بـ(التعسف في استعمال الحقوق!)، لهذا فالمطلوب ليس العدل وحده أي ممارسة الحقوق بل المطلوب أيضًا الالتزام بالواجبات!.. فهذا الوجه الآخر للعدل!.. فالعدالة تقوم على الحقوق والواجبات، فالحق الفردي واجب على المجتمع حفظه ومراعاته، والحق الاجتماعي الجماعي واجب على الافراد حفظه ومرعاته، ومع هذا المفهوم للعدل بشقيه (حفظ الحقوق والواجبات) نحتاج للاعتدال في ممارسة الحقوق حتى لا نقع في متاهة (التعسف في استعمال الحقوق) سواء من قبل الافراد أو المجتمع أو حتى الدولة!.. فالاعتدال هو ما يحقق التوازن والتعادل العام في المجتمعات والدول!... هكذا هي فلسفتنا الليبرالية الاجتماعية المتوافقة مع فلسفة الإسلام الاجتماعية القائمة على العدل والاعتدال ومراعاة التوازن وعدم الاخلال بالفطرة والطبيعة للإنسان الفرد والعائلة والمجتمع!.. كما أن مشروع (التحديث الليبرالي) – في ظل ثوابتنا الثقافية وفلسفتنا الاجتماعية العامة - يدعو إلى تحديث وتجديد مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والقانونية والتعليمية والتربوية نحو تحقيق مزيد من العدالة والحرية والكفاءة والفاعلية والرشاد العام في إدارة الدولة وقيادة المجتمع، وفي تنمية وتوزيع الثروة البشرية والطبيعية والاقتصادية للأمة بما يعود بالنفع على الجميع .. الأمة كأفراد، والأمة كمجموع.
الشاهد أن مشروع الحداثة الذي يدعو إليها معظم العلمانيين العرب (ليبرالييهم ويسارييهم)[2] هو مشروع جذري راديكالي يقوم على القطيعة التامة مع الماضي ومع تراث الأمة وجذورها والسير على خطا المجتمعات الغربية في كل شيء حتى لو دخلوا جحر أفعى دخلوه خلفهم !!، بينما مشروعنا (مشروع التحديث الليبرالي) المنضبط بثوابت هويتنا وفلسفة مجتمعنا، يقوم على احترام تاريخ وتراث الأمة وجهود وتضحيات أجدادنا ولكن بدون غلو ولا تقديس ويقوم على المحافظة على جذور مجتمعاتنا وثوابتها بدون جمود إذ يدعو مشروعنا إلى اطلاق (العقل المسلم) من عقال السلفية وقيود وأغلال الفقهاء والمذاهب التقليدية لكي يخوض معركة التنوير والتجديد في الفهم وفي التطبيق على السواء، كما يهتم بعملية غربلة وتنقيح التراث الديني والتاريخي وفق منهج عقلاني صارم بأدوات حديثة أكثر صرامة من غرابيل السلف السابقين!... وهذا هو الفرق بين مشروع العلمانيين التغريبي التدميري ومشروعنا الليبرالي (الاسلامي) و(الوطني) التجديدي التنويري!... كما أن هذا هو الفرق بين مشروعنا نحن المسلمين الليبراليين وبين مشروع الاسلاماويين الأصوليين ... وهذا هو الطريق!.
**************
سليم نصر الرقعي
[1] العجيب هنا أن الله تعالى في القرآن الحكيم أخبرنا عن هذا الصنف من البشر ممن يُسيئون لمجتمعاتهم من حيث يعتقدون أنهم من المحسنين!، وهذا ليس بسبب سوء النوايا في الغالب بل بسبب الجهل المركب الذي يتحول إلى عقيدة دينية أو سياسية تجعل المرء يعتقد بأنه على الحق المبين والصراط المستقيم، بينما الحقيقة هو غارق في جهله المركب الذي يُعمي بصره وبصيرته ويُعمي عقله بغطاء ايديولوجيته فينطلق يُفسد من حيث يظن أنه يُصلح ولكنه آخر من يدري!.. بل لعله يهلك في سبيل عقيدته هذه دون أ، يدري بأنه على خطأ !!.. جاء في القرآن في سورة الكهف: {قُلْ: هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا!!؟؟.. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}!!!.. وجاء في سورة البقرة ما يلي: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ!، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}!!.
[2] بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وانكشاف عاره وعواره وفشل مشروع الاشتراكيات والديموقراطيات الشعبية وتحولها إلى أنظمة حكم شمولية بوليسية بائسة ومرعبة، قاهرة للبشر ومحطمة للأخلاقيات العامة فر معظم الشيوعيين العرب نحو جلباب فضفاض يحاولون من خلاله إخفاء شيوعيتهم القديمة وماركسيتهم العتيدة وهذا الجلباب الفضفاض تارة يظهر باسم (اليسار الجديد!) وتارة باسم (الليبرالية الاجتماعية والديموقراطية الاجتماعية!) وتارة ثالثة باسم (الحداثة)!!!.



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجاء دور الاسلام الليبرالي الآن !؟
- آفات الديموقراطية االخمس!؟
- تجربة سلطة الشعب في ليبيا في الميزان!؟
- تجربة عبد الناصر والقذافي الاشتراكية الشعبية، الفروق والمواف ...
- حول مشكلة غناء الفنانة (ماجدة الرومي) في المدينة المنورة !؟
- توسيع مبدأ الفصل بين السلطات يغنينا عن العلمانية!؟
- رحلتي من الأصولية إلى الليبرالية !؟
- الفرق بين المثليين والمولودين بالتباس جنسي عضوي!؟
- الإيمان ورهان باسكال!!؟؟
- سألني هل رأيت الله رأي العين حتى آمنت به؟ فأجبت!
- المثلية أم الشذوذ الجنسي؟ محاولة للفهم!؟
- تعدد الزوجات وزواج الصغيرات!. محاولة للتفسير لا للتبرير!؟
- الرجال ومرحلة فقدان خصائص الذكورة!؟
- هل ستتم إعادة الاستفتاء في بريطانيا؟ وما التداعيات؟
- ماهي الليبرالية؟ وهل تتناقض جوهريًا مع الاسلام!؟
- نظرية المؤامرة والكُتب المُؤسَّسة لها!؟؟
- لماذا فرنسا بالذات !؟؟
- حوار مع رفيقي المُلحد!؟
- الإلحاد!.. محاولة للفهم!؟
- من سيحصد ثمار حركة السترات الصفراء يا تُرى!؟؟


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - الفرق بين مشروعهم (الحداثة) ومشروعنا (التحديث)!؟