أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد خداش - نوم أبله كالفراغ














المزيد.....

نوم أبله كالفراغ


زياد خداش

الحوار المتمدن-العدد: 1522 - 2006 / 4 / 16 - 11:37
المحور: الادب والفن
    


كنت نصف نائم، او نصف مستيقظ، فالأمر سيّان، اليس كذلك؟ زوجتي والكلب لا يكفان عن ازعاجي، هي تتحدث أثناء نومها بسخافات مللتها، تخبط بيدها وجهي، تنهض أحياناً، تتمشى في الغرفة هائمة على غيبوبة حمقاء، تفعل أشياء مخجلة لا اجرؤ على ذكرها " حتى لو ذكرتها مدعيا العفوية والصدق والعذرية الفنية فسيتم اقتلاعها من نسيج القصة كما يتم اقتلاع نبتة وحشية شعثاء من حديقة ازهار غضة طاهرة " وهو لا يكف عن النباح الهستيري منذ عشرين ليلة تقريباً ، لم يجعلني فيها اتذوق طعم النوم، لم اكن احب زوجتي او لأكن اكثر دقة، لم اعد احبها، فقد تزوجتها في زمن غريب، زمن الموت المجاني المرعب، والخسارات والاوهام المجنونة، وقتها كانت رشيقة، طويلة، كان طعم شفتيها يصيبني بالدوار، الآن هي قصيرة وبدينة، لا تجيد صنع الحلوى التي لم اكن اعرفها من قبل ، لا تحسن استقبال اصدقائي الجدد الذين يقولون عنها انها قديمة وغير مريحة، ولا تشاطرني الهوس الدائم بالانتقال الى بيت جديد في مكان جديد، فقد تغيرت اشياء كثيرة.



* لحم بشري زائد عن الحاجةآه، ماذا يريد هذا الكلب اللعين؟ كيف اوقف ازعاج زوجتي؟ اجتاحتني على حين غرة كعاصفة نبيلة فكرة طريفة ايقظت النصف النائم من كياني، لماذا لا اقتل زوجتي واخرس باطرافها شراهة ذلك الحيوان الوغد؟ بهذه الطريقة سأتخلص من الاثنين، سيكون سهلاً ان أبرر غياب زوجتي بحادث غامض وقع لها أثناء خروجها ليلاً من المنزل نائمة، راقت لي الفكرة تماماً، قفزت عن السرير، ركضت باتجاه المطبخ، احضرت سكيناً حادة، وقفت برهة امام زوجتي وهي تمشي متعثرة بأشياء الغرفة، داهمني شعور غريب هو مزيج من الاعتذار والضجر والفرح، انهلت على جسدها القصير والبدين تقطيعاً وشتماً، تكومت اشلاؤها الغبية امامي، انداح دمها ابلها، ذاهلاً تحت قدميّ، نباح الكلب يتصاعد شراسة ولؤماً، حملت ساقيّ زوجتي، فتحت النافذة، القيتهما اليه، التهمهما وانا انظر اليه مصدرا صوتاً غريباً قريباً من غطيط شيطان نائم، اتبعت الساقين بالذراعين، فالردفين، فالثديين، فالرأس، اقفلت النافذة على صوت طحن الكلب لعظام زوجتي، رميت باللحاف الثقيل فوقي، حاولت ان امارس ذلك السلوك الطبيعي الذي يفعله كل الناس كل يوم، لم اكد اصل لضفاف ذلك البرزخ اللذيذ الغامض حتى انفجر نباح مرعب جديد، هز اركان سريري، فكرت في الموضوع طويلاً، ما العمل الآن؟ هل أخطأت فيما فعلته مع زوجتي؟ كيف أتصور ان بدانة جسدها ستكفي معدته عدة اشهر قادمات، هذا الكلب اللعين لن يتوقف عن النباح الا اذا شبع، هو بحاجة الى مزيد من اللحم اذن، جاءني هاتف مضحك، خجول، وشوش في اذني ان القي اليه ببعض اطرافي واجزائي الزائدة عن الحاجة، اصابع القدمين مثلاً، الأجزاء اللحمية من ردفيّ أو فخديّ، شحمتا اذني، العين اليسرى او اليمنى لا فرق.



* موت جاري المدرس عمروجدتني أخرج من البيت متسللاً من باب خلفي بعيداً عن موقع الكلب، طرقت باب جاري عمر الذي يعمل مدرساً، وقف امامي مندهشاً من ابتسامتي الغريبة الثابتة ومنامتي الملوثة بالدم .

- جاري العزيز: انا بحاجة ماسة الى اطراف جسدك او جسد زوجتك، سأدفع لك المبلغ الذي تشتهيه .

صفق المدرس الباب في وجهي، متلفظاً بسباب قاسٍ بذيء، مما دعاني الى الاستنتاج الفوري انه يرفض الموضوع وبغضب أيضاً، عدت أدراجي الى البيت محاذراً ان يراني الكلب الذي يزداد نباحه جنوناً وتوحشاً بعد أن ذاق طعم اللحم البشري، لكني سمعت لغطاً حاداً في غرفة نوم المدرس عمر ( فهكذا هي حياة المخيمات بيوت تحاذي بيوت وانفاس تجاور انفاس ) عذرا قارئي العزيز على هذا الاستطراد، فقط احاول ان أقول لك انني اسكن في المخيم ولا ادري ان كان هذا التنوء الصغير في جسد نصي يسئ الى فنيته ام لا؟؟



* لا أجرؤ على ذكرهادسست خوفي وقلقي مع جسدي في الفراش، رحت افكر بطريقة سريعة للخروج من مخالب هذه المعضلة، سيحدّث جاري عمر الناس غداً عن مطلبي الدموي وعن منامتي الملوثة بالدم، ستنشر الصحف الخبر، خبر المدير العام في مؤسسة.....

" لا اجرؤ على ذكرها " الذي ذبح زوجته واطعم لحمها لكلب متوحش، يا للفاجعة !! سأخسر منصبي اذن، سمعت طرقات خفيفة على الباب، كان جاري عمر يقف امامي مرتجف الانفاس والاطراف يضم بذراعه اليسرى الوحيدة الى صدره ذراعه اليمنى وساق زوجته، كان الدم يدفق شقياً وناعماً على صدره ورجليه نقدته المبلغ الذي طلبه، انصرف وهو يحاول بقلق وقف نزيف كتفه اليمنى ولكن دون جدوى، فتحت النافذة لألقي بالأطراف الجديدة، كان الكلب اللعين منشغلاً بلذة صامتة فائقة بطحن عظام جديدة بين فكيه، لا أدري حقاً لماذا احتجت الى طويل تفكير حتى عرفت ان العظام الجديدة لم تكن الا عظام المسكين عمر.



* هزيمة الوهمالساعة الآن هي الرابعة فجراً، عليّ أن انهي المهزلة قبل بزوغ الشمس، يالقسوة هذا النباح الغامض!! ألا يتعب الكلب ابداً ابدا؟! ألا يشبع هذا المخلوق!!! جاءني الهاتف جديا هذه المرة، وصارم النبرات :

- اطراف جسدك او اجزاؤها المكتنزة هي الكفيلة بتعطيل عواء هذه المعدة الخرافية القاتلة .

بدأت بعيني اليمنى، لماذا اليمنى؟ لا ادري " لكني اقسم ان لا علاقة للموضوع بمسألة اليمنى واليسار " ثم اتبعتها لذراعي اليمنى، فساقيّ فالطبقة اللحمية من عجيزتي، ففخذي، فجلدة رأسي، فأنفي، فأسناني، خمسة اجزاء من جسدي لم أجرؤ على لمسها : عضوي، معدتي، لساني مثانتي، ذراعي اليسرى، زحفت على بطني الى الفراش، توقف النباح المجنون، اختفى تماماً، غطست في عدة ساعات ممتلئة من النوم الرائع، نشيطاً نهضت في الصباح، اتأهب ليوم جديد، في الشارع وأنا اهم بدخول مؤسستي بعد أن اوقفت السيارة في مكانها المعتاد، لم أشعر بالحرج أبداً، كما - كنت اتوهم - لمنظري وانا ازحف على بطني باتجاه المصعد، فقد كان يسير امامي وخلفي وبجانبي عشرات الزملاء، وهم يزحفون على بطونهم، يلقون على بعضهم البعض تحايا الصباح، ويبتسمون..

كاتب فلسطيني، رام الله المحتلة.



#زياد_خداش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعرة والاعلامية السورية ليلى الصفدي
- انا سارق كتب فاحذروني
- حوار غير مالوف مع سميح القاسم
- رجل ايل للبكاء
- رسالة الى الصديقة الاسرائيلية عنات جوب
- حين تكتب المراة يطمئن الندى
- بانتظار نهوض الغزالة
- جماليات التخريب وسحر اللامتحقق
- الى مستوطنة اسرائيلية : هل تعرفين حقا معنى كلمة شجرة ؟؟
- انكسارات امراة شرقية
- انظر عيون الاستاذ ثمة لمعان مبلل هل تراه؟؟
- ماذا تفعل الدبابة تحت نافذة صديقي
- الانوثة حين تغادر عتمتها
- ما يشبه الشهادة على الجمال والالم
- جسد المراة - غابة من الاسئلة- عاصفة من الحنين
- غريبات واقفات على حافة العالم
- مينودراما _امراة سعيدة - على مسرح القصبة برام الله - جماليات ...
- حين روى عطش توفيق عطشي
- صورة المراة في منهاج اللغة العربية للصف الثامن في فلسطين
- الشعر في غزة ، الموت في غزة


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد خداش - نوم أبله كالفراغ