|
ابحثوا عن مسئولية الدولة في الجرائم الإرهابية.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6090 - 2018 / 12 / 21 - 01:59
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بداية ينبغي التنويه بجهود الأجهزة الأمنية في الكشف عن منفذي "عملية شمهروش" الوحشية التي قلت فيها سائحتان شر قتلة . كما ينبغي التذكير بأن هذه الجهود مهما تكثفت وتضافرت فهي تتصدى للنتائج وليس للأسباب التي تنتج الإرهاب والبيئة التي تفرخ الإرهابيين . وهذا الذي يفسر انفلات إرهابيي مراكش من كل مراقبة أمنية .من هنا نجد أنفسنا أمام سؤال مركزي: ما هي عوامل صناعة الإرهابيين ؟ أي كيف يتم إنتاجهم وتحويلهم إلى إرهابيين ؟ فالإرهابيون لم يولدوا إرهابيين بل صاروا كذلك . لذا وجب التصدي للعوامل التي حولتهم إلى إرهابيين ، أي تجفيف منابع التطرف والإرهاب . فقتلة السائحتين ليسوا أجانب تسللوا إلينا ، بل هم أبناء جلدتنا يعيشون بيننا لكن حولتهم عقائد التكفير وفتاوى القتل والكراهية إلى قتلة همجيين . فما مصدر هذه العقائد والفتاوى ؟ لقد وفرت الدولة ، منذ الثورة الخمينية ثم "الجهاد الأفغاني" كل الظروف المادية والسياسية والقانونية لإيجاد بيئة فكرية وثقافية مناسبة لاحتضان فقه التكفير وعقائد القتل باسم الجهاد . كانت حسابات الدولة ، من جهة ، مواجهة الثورة الخمينية بتشجيع التيارات الدينية التكفيرية ، ومن أخرى الانخراط في الإستراتيجية الأمريكية لمواجهة الاتحاد السوفييتي على أرض أفغانستان .وكان من نتائج الحسابات الخاطئة للدولة تفجيرات 16 ماي 2003 الإرهابية بإشراف وتخطيط العائدين من "الجهاد الأفغاني" . خلال تلك الفترة الممتدة من 1978 إلى 2003 ، رخصت الدولة لعشرات دور القرآن التي يشرف عليها التيار التكفيري ، ومكّنت دعاة التطرف من منابر المساجد وفتحت الأبواب للغزو العقدي والإيديولوجي التكفيري لملايين الكتب والأشرطة والأقراص المدمجة التي تحرض على الكراهية والتكفير والقتل . كما سمحت الدولة بالدعم الخارجي لتفريخ الجمعيات المرتبطة بالتيار التكفيري على امتداد التراب الوطني . أحداث 16 ماي الإرهابية كان من المفروض أن تقنع الدولة ، أولا بخطأ الرهان على التيار التكفيري في مواجهة التيارين الشيعي والاشتراكي .ثانيا ، بالتصدي الحازم لمنابع الإرهاب الفكرية والعقدية . إلا أن الدولة ظلت مترددة في تجفيف هذه المنابع مكتفية بالمقاربة الأمنية التي تركز على تفكيك الخلايا الإرهابية عبر الضربات الاستباقية . وهذه المقاربة تعالج النتائج دون الأسباب . وأية مقاربة أمنية ، مهما كانت فعاليتها ، لا يمكنها منع تنفيذ العمليات الإرهابية منعا تاما . فالإرهاب ليس كمثل الجريمة المنظمة ، يكفي تفكيك الشبكات لمحاصرة الأنشطة أو القضاء عليها . ذلك أن الإرهاب هو ثمر عقائد دينية تنتجها وتروجها تنظيمات وأطراف ودعاة وشيوخ ، من داخل مؤسسات الدولة ومن خارجها . ومادامت جهات معينة تنتج وتروج عقائد التكفير فحتما سيكون لها أتباع يحملون تلك العقائد ويعملون على تطبيقها. إذن مسئولية الدولة لا تنحصر في المقاربة الأمنية وتفكيك الخلايا الإرهابية رغم أهمتها ، بل أساسا في التصدي لمصادر ومروجي العقائد التكفيرية . وهذا يستوجب على الدولة : 1 ــ إصدار قانون يجرّم بشكل صريح التكفير ويشدد عقوبته . 2 ــ القطع مع الموروث الفقهي الذي يكفّر غير المسلمين ومصادرة المراجع والكتب الفقهية التي تضم هذا الموروث التكفيري أو تروج له . 3 ــ إلزام المجلس العلمي الأعلى بالتراجع عن فتوى قتل المرتد والانخراط في اجتهادات فقهية منفتحة على القيم الإنسانية والمواطنة وحقوق الإنسان . أي أنسنة الفقه الإسلامي . 4 ــ مراجعة المقررات والبرامج الدينية في التعليم والإعلام والمعاهد الدينية والمدارس القرآنية بما يقطع مع فقه التكفير والقتل وعقائد الولاء والبراء ويكف عن تفضيل الإسلام عن باقي الأديان الأخرى . 5 ــ إغلاق كل المدارس القرآنية التي لا تشرف عليها مباشرة وزارة الأوقاف لأنها بؤرة خطيرة من بؤر التطرف والكراهية . 6 ــ إحداث هيئة عليا مختلطة مهمتها إنتاج خطاب ديني عصري يساير حركية المجتمع ويرقى بالوعي العام للمواطنين يجعلهم يشعرون أنهم جزء من الإنسانية يقاسمونها نفس القيم النبيلة . 7 ــ محاكمة كل الأفراد والهيئات التي تروج لخطاب الكراهية وفقه التكفير . 8 ــ منع خطباء الجمعة من الدعاء على اليهود والنصارى والكفار والإشادة بالجهاد ونصر المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها. 9 ــ حل أي حزب أو هيئة تتحدث باسم الدين أو تزعم احتكاره أو الدفاع عنه . إن استمرار الدولة في التغاضي عن الفتاوى التكفيرية التي ينشرها دعاة التطرف ، أو التغاضي عن أنشطة جمعيات دعوية متطرفة ، أو التساهل مع أصحاب التدوينات التكفيرية أكانوا مسئولين في الدولة أو أعضاء في أحزاب سياسية أو مواطنين عاديين ، هو تشجيع للمتطرفين على استقطاب الضحايا وتجنيدهم لتنفيذ العمليات الإرهابية . إذن فالدولة مسئولة عن الأمن الروحي والفكري للمواطنين ، وأي تقصير يجعلها مسئولة عن الأنشطة والعمليات الإرهابية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لولا العلمانية لما تمتع المسلمون بجزء من الحقوق الإنسانية.
-
الدعوشة تغزو المجتمع وتنخر الدولة.
-
خلفيات إطلاق اسم منظّر الإرهاب -سيد قطب- على شارع بطنجة .
-
تونس تؤسس للدولة المدنية في العالم العربي.
-
احذروهم فهم يكيدون.
-
تثبيت التوقيت الصيفي تأكيد للتبعية وفقدان للسيادة.
-
الحكومة المغربية تحتجز الشباب في وطن لم يعد لهم .
-
لازال في الإمكان تصحيح ما كان .
-
دلالات الاعتداء على طالبة آسفي .
-
جذور الإرهاب عقائده .
-
أيها الريسوني ! الحداثة تجرّم التحرش والاغتصاب والابتزاز الج
...
-
أيها الريسوني :السبي والرق أشد خسة من الدعارة 1/2.
-
العنف ضد النساء جريمة تغذيها الإيديولوجيا الأسلاموية .
-
من يُنقذ حرية الفكر والتعبير من الاغتيال ؟
-
العرائض تفضح المتاجرين بالعقائد .
-
لله دركم آل المرابط .
-
حوار حول أسباب التحرش الجنسي
-
تولي المرأة منصب -عدل- خطوة لتكريس المساواة.
-
لنحتفل بالسنة الميلادية ولينعق الناعقون.
-
المساواة في البنوة يدعمها الدين والدستور.
المزيد.....
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
-
بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا
...
-
هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
-
ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
-
عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
-
فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|