أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - طقطقة الكعب العالي














المزيد.....

طقطقة الكعب العالي


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6089 - 2018 / 12 / 20 - 22:01
المحور: الادب والفن
    


تلهث الأنفاس ترتعد العيون المحدقة نحو لا شيء و تطقطق الأسنان رافعتا صفارها بابتسامة منكسرة
الشتاء لا يبدأ قبل أن تتصارع الشمس و تكسر الظلال و تقاوم الغيوم
لا شتاء يعرف في ذاك الحي و لا صيف يفهم في ذاك الرصيف
تتابع أقدامها صوت الأسنان تتناغم ركبتاها بالتنورة القصيرة مع أجراس القرط الذهبي على صدرها
الأقراط وضعت على (التي شيرت) الأبيض تقارب موضع الحلمه نحو  الثدي
تهتز الإقراط مع كل ممشى سريع و ريح بارده
لا تعرف متى بدأ الشتاء
لا أحد يعرف 
الكل  صيفا و شتاءا يلتحف بالسواد من اقدامهن لأعلى الرأس و الرحمه أطلقت عنانها نحو البعض منهن فكشفن الوجوه
الحرية المطلقه لديهن هي كشف الوجه من الجبهه نحو الحنك و للة الحمد يسجدن سجده شكر أن زوج إحداهن وافق لكشف الوجه أم يفرض عليها البرقع الأسود و الجلباب
لا تعرف إحداهن الشتاء من الصيف فالناس رأيها بملابس النساء  هو ذاته و المجتمع يصمت و يشجع صنع الملابس ذاتها السوداء و الملابس نفسها مغطاة فلا تحس ببرد كي تعرف الشتاء
و تلح على نفسها لكي تفهم الصيف لأن جسدها بدأ يتعرق و بحاجه للهواء النقي و عيونها تعبت تحتاج إلى ضوء نقي
الهواء و الضوء لن يكونا نقيين ابدا داخل الغطاء الأسود
لا تفهم معنى تلك الطقطقه أليس الحي بلا كعب عالي !!!!
من تلك التي تطقطق بجسدها و يتتمايل بالظلام
أبصرت النور وراء النقاب لكنها لم تكن ترى إلا ظلام دامس و الصوت ذاته يعاود ظهوره بقوة
حدثت نفسها أنها تتوهم فلا تلبس بنات هذا الحي الكعوب العاليه فهي دليل على سوء الأخلاق و الآداب العامه
لكن الصوت يفرض نفسه على مسامعها كأنه الكابوس الذي شارف الخروج من حالة العقل الباطن 
فادركت أن اذنها لا تكذب و أن صوت الكعب قادم و واقع لا محال
تمثل أمامها الجسد الممشوق يتراءا رويدا خلف سلال النفايات و عثرات الطريق
هل هو ذكر فاقد الرجولة و ارتدى تلك الملابس فلا يمكنها أن تتوقع أن يكون هذا الكائن أنثى فصفات الأنثى التي تربت عليها في ذاك الحي لا يمكن أن يكون غيرها صحيح
فامتلك الرجال السلطه جسديا و جنسيا على نساء هذا الحي و  ارغامهن على الرجوع إلى مله حق لا ينضب
ما هذة الصوت هل جاءت ساندي بيل أم سندريلا من التلفاز  لتمشي في هذا الحي !!!!
ظلت تكلم نفسها و تخمن في الشارع المظلم بلا إنارة ( رجال الحي لا يضعون إنارة في البيوت المطلة على الشوارع خوفا من الحسد و خوفا من رؤية ظلال أجساد نساءهم بانعكاس الإنارة على جسد إحداهن حتى الظل تم الحجر علية )
بدأت تتعثر بالحفر الموزعه بعشوائية في الشارع  كي تلاحق هذا الجسد الممشوق و صوت الطقطقه فلا يمكن أن يكون هذا إلا صوت الكعب العالي الذي لم تراه و تسمع صوته سوى في الأفلام الأجنبية و الكارتون .
طقطقه قديمه تداعب خيالها منذ الطفولة
طقطقه حلمت أن تفتعلها كما فعلت بطلات الكارتون و فنانات الجيل
طقطقه اختفت من مسامعها في هذا الحي فلم تسمعها من أي فتاة في هذا الحي
هل من المعقول أن يكون الجسد المسرع الذي تلاحقه جسد أنثى مثلها
اذ كانت  أنثى فلما شعرها يتطاير في الظلام !؟؟؟
لا يوجد شعر للنساء فالرجل وحده من يتطاير شعرة علنا في هذا الحي 
إذن هذه ليس أنثى
و أن كانت أنثى فلما تطقطق بالكعب ؟؟!!
صحوه الحديث مع النفس لا يمنعها أحد حتى أن كانت قنبلة نووية .
و بدأت ترفع نقابها بهدوء حذر و تتلفت في الظلام (فالوجه عورة في هذا الحي و له قدسية رجعيه لتسليع الجسد تحت مسمى العفه و الشرف ) قبل أن يراها أحدهم و يبلغ أهلها
فالجميع من رجال الحي لهم نفس السلطه في التدخل في جسد إحداهن حتى أن لم تراه في حياتها او حتى أن رآها مرة واحده فقط فله الحق في تقييم سمعتها و إبلاغ أهلها و تشوية أخلاقها  .
أرادت بكل قطرة ضمير حي في جسدها المغلف باكوام الملابس أن ترى من صاحب أو صاحبه الشعر و الطقطقه فلا يمكن أن تجتمع طقطقه أنثوية مع شعر رجولي في مخيلتها المحدوده
فالطقطقه للنساء و ظهور الشعر للرجال
إذن من هذا الكائن الذي جمع الاثنان في جسده ؟!!!
و بدأت تفكك النقاب و تمسكه بيدها و رأت النور في الظلام
أبصرت عيونها لأول مرة في الشارع لترى ما منعها الرجال من أن تراه
أنها لذة المعرفه لذه كسر المجهول و الدخول لاعماقه
فلا يوجد خوف الآن
و بدأت تركض في الحي المظلم لتلحق هذا الكائن قبل أن يختفي كما اختفت حذاء سندريلا في أفلام  الكارتون .
و لم ترى إلا الأفق 
إلا طريق يتلاشى نحو  لا شيء و لا شيء يقطعه او يتشبث به إلا ظلام دامس
و واصلت الركض بكل قوتها و لم ترى إلا الأفق
عادت هلاوسها تضغط عليها للركض  و ادركت أن لاشيء هناك
لاشيء سوى أحلامها سوى صوت الطفولة و نداء الأعماق للتخلص من الجلباب
وجدت نفسها في الحي أما الموت أو ظهور وجهها للشمس
ها قد بزغ الفجر و الهلاوس المحكومه بالخوف و الأحلام الطفولية تضغط معا  نحو الكسر
رمت ملابسها السوداء و ظلت تركض نحو لا شيء
و رمت النقاب و الحجاب و ضحكت عاليا و صرخت لايقاظ الحي من سباته المجنون المكبوت بجسدها
و بقى صوت الصراخ و نشوة الحرية في ضوء شمس الفجر الجديد يردد صداه على بيوت الظلام
خرجت جموع الناس من شرفات البيوت و أطلت لترى جسد حر يواجه الشمس بشعره
لم يصدق أحد هذا المنظر الذي كاد ينعدم في الحي
فاشفق الناس عليها و نزلت نساء الحي لتستر شعرها لانها فقدت عقلها
و كل  رجال الحي قالوا : لا حرج على فاقده العقل
فلا يوجد أنثى تخلع الحجاب و الجلباب إلا عند فقدان العقل
فايقن رجال الحي بفقدان عقلها فالعاقلات من النساء لا يخلعن شيئا إلا عند ارتداء الكفن .



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممتلكات العامه ليست عامه
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية/5
- النقاب و الهوية الانسانية
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية /4
- الابداع بين تشوية السمعة و الدعوات الاصولية /3
- احاديث دينية في سن السادسة
- الشمس تحدق في الزقاق
- حكاوي الموت و الطفولة .... هم ذاتهم !!!!
- ثقافة التطبيل و خطيئة حواء
- الله و الديمقراطية
- عملية الالهاء الشعبي و إلغاء الالهام
- الإبداع بين تشوية السمعه و الدعوات الأصولية /2
- الإبداع بين تشوية السمعه و الدعوات الأصولية /1
- عشتار تشاطر ام محمد النواح
- قبل بلوغ سن الهلوسه
- احذرك و ارجوك
- المساواة بين الجنسين في ظل الصراع الطبقي
- الحب وجهة نظر طفولية
- ثقافة الانفصام
- مرض (الخوف من الابداع )


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - طقطقة الكعب العالي