مارينا سوريال
الحوار المتمدن-العدد: 6063 - 2018 / 11 / 24 - 08:29
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
انه المنزل ذاته المطل على الناصيه القريبة من البحر ..لكن البحر هو من ابتعد عنه كثيرا..
بالامس فقط فوجئت بانحساره هل غضب منا اخيرا وقرر الرحيل ..فى الطابق الثالث قبل الاخير اجلس اشاهده متعجبة كيف يغضب منا الان ؟!كان يحق له فعل هذا منذ زمن ولكن تحمل معنا لم قرر فى لحظة عناد ان يرحل عنا ..هل يرحل عن تلك المدينة؟هل ترحل المدينة ذاتها وتترك البحر ولكن الى اين ستذهب بكل هذا الاسمنت والخرسانات!! ..الشتاء قد اقترب انها منطفئة ..هناك على الرصيف المقابل يتدافع الركاب على الاتوبيس القادم رائحة العرق تزكم الانوف..اشعر بالعطش الشديد.منذ خمسون عام قام هذا البيت لرجل غريب لم يكن من اهل المدينة يتحدث بثلاث لغات اكتفى منه بمحل بقالة اسفله وقام بتاجير بقية الادوار لابن عمه القادمه من الجنوب ..لطالما دونت كل ما حدث بين الجدران العتيقة فى ذاكرتى لم اغفل عن شىء داومت على الحفظ حتى بعد رحيل الجميع منهم من انقضى عمره بينها واخرون رحلوا بعيدا لمدن اخرى تتسع لما يريدوا من احلام بينما احلامى انا انحصرت فى التدوين فحسب يقولون مريم المجنونة انها تعيش فى الطابق الثالث مع قططها لايصعد اليها سوى عم حمزة العجوز بواب العمارة بالوراثة يحمل اليها الطعام مرة واحدة فى الاسبوع يضع المفتاح فى المزلاج يدلف بهدوء يعرف طريقة حيث المطبخ الواسع العتيق يفرغ محتويات الكيس ثم يغلق الباب من خلفه عائدا ادراجه حيث بسطته الموضوعة امام الباب الخارجى يضرب وجه هواء البحر وهو يرتشف الشاى الاحمر الثقيل ..كلاهما يعيش وحيدا فى بناية تأكل وجهها بفعل البحر يرتقب زيارة ابنه الاكبر المنتظره ويخشى منها ..اخر زيارة كانت منذ ثلاث سنوات صعد الى الاعلى ورحل علم انه لن يعود من جديد حتى اتصل به منذ اسبوع كامل يخبره عن موعده قدومه ..كيف يحيا فى تلك العاصمة لطالما ظن انها بعيدة بعيدة جدا تستغرق كل هذا الوقت للوصول لم يعش اخوه من ابوه له لذا كان حمزة اصغر ابناء ابيه ووحيده لم يدعه يغادر تلك المدينة قط حتى ظن انه لامدينة اخرى خلف تلك المدينة ..هو ايضا يتعجب لما يفعله البحر هل يغادر هل يوجد ميناء اخر غير هنا ليذهب اليه ؟!كلما اتى احدا من اولاده كان يراقبهم باهتمام هل هم ابناءه حقا ؟يشبهونه كثيرا لكنهم لايفعلون ..جميعهم احبوا الرحيل لكن البحر كان اخر من يفعلها .استيقظت تسمع ضحكات الاولاد قادمة من بعيد ..نهضت من فراشها على عجل تنبهت لمصدر الصوت اكثر لقد عدن ..سمعت صوتها تنادى امها تراقبها تتحرك فى ارجاء البيت ومن خلفها داده احسان ترفعان الستائر تتجه الام نحو الشرفة الواسعة تراقب ورداتها تنهض تتبعها تراقب المياه تتساقط على فروع الاوراقتنتهى بعد ان تمسح بيدها اوراقها وتغادر تسمع صوتها تتبع داده احسان حيث المطبخ اليوم حافل اقترب العيد تسمع صوت احسان تطمئنها بحضور بناتها وزوجة ابنها الاصغر لمساعدتها اليوم تنقبض مريم من الفتاة الكبرى سناء لاتزال نظراتها تتفحص المكان فى المره السابقة وكانها ستهاجم المكان المكان الذى عينت عليه مريم حارسة على تلك الجدران
#مارينا_سوريال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟