أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - حصان الثورة














المزيد.....

حصان الثورة


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6061 - 2018 / 11 / 22 - 01:35
المحور: الادب والفن
    



الحصان , هذا الكائن الحيوي العجيب الذي عشقته البشرية كلها , بكل قومياتها واجناسها منذ بدء الخليقة الى اليوم , وهام في حبه الفنانين والشعراء والكتاب على مر العصور , وجعلوه رمزا للالوهية والقوة والفحولة والمجد , تذكرته هذه الايام ملطخا بدماء قتلانا وضحايانا جيلا بعد جيل , وحاولت رسمه وانا اراقب وجه الشمس متى تشرق , لا كثائر منتصر بل كضحية مثلنا من ضحايا القوى الشيطانية التي تدير العالم والتي كبلتنا منذ ستين سنة بكل سافل ودنيئ .

وعدت الى زماننا اليوم الخالي من الخيول والثورة ، زمن التكنولوجيا الكونية والعالم الحر وأربعين سنة من دمار الشرق ونشر الجهالة ، وتساءلت : لماذا إذا أراد الغربيون التكفير عن ذنوبهم ومعاصيهم فانهم يسعون الى أعمال البر والتقوى وجمع التبرعات والعمل الشعبي بينما الشرقيون فانهم ينسحبون الى عالم العزلة والصلاة وشل الدماغ ؟ لاحظ عدد المصلين الذين يبالغون بهذه الطقوس لتعرف عدد المجرمين والانتحاريين بينهم

تأمل اعمال الفن العراقي القديم قبل الغزو الاسلامي لبلادنا في القرن السابع الميلادي عندما هجموا بقسوتهم وبطشهم وجاؤنا بزخارفهم التافهة وخطوطهم العمياء عديمة المعنى ومسحوا كل صورة وتمثال وقتلوا كل من يرسم الانسان وينحته , وشاهد خيول الاشورين العظيمة بجمالها وروعتها لتعرف كم فقدنا من الفن العظيم على مدى 1400 سنة تحت حكم البدو.
ليس غريبا عندنا ان المرأة القوية والمعطاء تقارن دائما بالفرس وهذا تقليد في ثقافات الاقدمين ورجال البطولات , ولا اعرف شاعرا عربيا واحدا من عصور القدماء لم تلهمه الخيول واجوائها بابيات من الشعر وربطها بالحكمة والجمال والحب والبلاغة , وكلها معاني سامية , للاسف لم تصور بالرسم او النحت بسبب بربرية الفقهاء وكراهيتهم للصورة مثل نبيهم .
وفي العصور الاوربية الحديثة لا يوجد رسام او نحات منذ عصر النهضة وحتى القرن العشرين لم يرسم الحصان , مرة كخيول الملوك والاباطرة واخرى كرموز الاديان والعقائد , وقد اغدق الرومانتيكيون عليه اكاليل الغار والتبجيل , فقد جعله الفرنسي ديلاكروا مركزيا في اعماله بانفعالات وتعابير ألهمت الكثيرين من الذين جاءوا بعده , فأوصله بيكاسو في اعماله الى قمم التضحية والايثار والثورة , ومنه تعلم جواد سليم الفكرة فجعل حصانه بعد ان كساه بطابع محلي في بداية جداريته الشهيرة في بغداد رمزا للتمرد والحرية والانعتاق .
واستحمام الحصان الأحمر واحدة من اشهر لوحات الفن الروسي / السوفيتي رسمها بتروف فودكين سنة 1912 بعد ان شاهد لوحة بحصان احمر لاحد طلابه ثم زيارته لمعرض خاص بالأيقونات القديمة , وقد كرر رسم هذا الحصان الاحمر بمضمون جديد بعد ثورة اكتوبر
حصان , حصان , مملكتي كلها مقابل حصان , قالها الملك ريتشارد الثالث في احدى مسرحيات شكسبير التي تحمل نفس اسم الملك , وهو مصاب يبحث عن حصان للهرب في واحدة من اشهر معارك الانكليز جرت سنة 1485 وتعرف باسم حرب الوردتين الحمراء والبيضاء , فقد صوره بالمسرحية كطاغية قاتل احدب مشوه ومهزوم , وفي اب من سنة 2012 عثر على الهيكل العظمي لريتشارد الثالث هذا في مرأب للسيارات بمدينة ليستر حيث اقيم , وذلك بعد اكثر من خمسمائة عام على مقتله وكانت حدثا مدويا في العالم الغربي كله , والمكان يبعد عشرة امتار من بناية كانت تضم مؤسسة فنية كنت احد اعضائها وقدعرضت بها لوحاتي لاول مرة في بريطانيا

تذكرت حصان الثورة الجميل هذا وغيره الكثير وكأنه ذكرى ازمنة غابرة في القدم , وانا اجلس في وحدتي على كرسي عتيق ، أنصت الى صوت المطر ، حيث تطاردني الأفكار وتجعلني مشتتا، وانا انظر في المرآة، وأُمعن النظر في تجاعيد وجهي وإنفاسي التي ستخمد ذات صباح او مساء، والاضطراب الفكري الذي لا اريده يعتريني , فهو يحمل افكارا كثيرة متداخلة عن الزمن القادم الخالي من كل نبالة وفروسية وهذا ما يشغلني ويشتت عمل دماغي , فكم انا سف لاني عشت في زمن حكام سفلة , , كم انا اسف لاني لم اسمع من بلادنا ولاربعين سنة غير قصة القاتل والقتيل , كم انا اسف لاني لم اعد اضحك ولا ابكي
لقد كان فيثاغورس يداوي المرضى بالموسيقى والشعر والألوان يعني بطريقة سيكولوجية لانها اهم من الطريقة الفسيولوجية بمعنى التداوي بالعقاقير، وهذا تقليد أوربي في عالم اليوم أما عندنا فيا قوم من يشتري دينا بدينار ؟



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة في مجتمع يكره الصورة
- تأملات في الذكرى المئوية لثورة اكتوبر البلشفية
- الزوال , السرعة , والميكانيكا الكلاسيكية
- العباءة السوداء والعمامة السوداء
- التقدمية وخيبة الامل الحديثة
- جواد سليم في معرض للمخابرات المركزية الامريكية
- من دولة الخروف الاسود الى دولة العمامة السوداء
- ربع قرن في تدمير العراق
- عوالم الانسان الحي
- حرب الالوان العالمية
- الاله اشور ملحمة ومأساة جديدة
- الفن واختراع الكتابة والقراءة
- البعد الرابع في الثقافة والتفكير العالمي المعاصر
- وسط هذا الصخب
- الاحمر والاسود والاول من ايار
- الوظيفة الاجتماعية والفكرية للالوان
- فنان الحواس المعانة محمود صبري ..وداعا
- العَلم العراقي والنشيد الوطني واليوم الوطني
- البعوض يحارب الملاريا في العراق
- الفن والحرية والابداع


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - حصان الثورة