أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة تميم - عقدة التفاوت الطبقي تُكلّل بجائزة الكونكور














المزيد.....

عقدة التفاوت الطبقي تُكلّل بجائزة الكونكور


نجاة تميم

الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 15 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


جميل أن تُكلّل رواية صادرة في السنة نفسها بجائزة. هذا ما حدث مع الكاتب الفرنسي نيكولا ماتيو الذي حاز، يوم الأربعاء 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2018، على جائزة الكونكور، وهي من أهم الجوائز الأدبية الفرانكوفونية، عن روايته الموسومة "أطفالهم من بعدِهم" والتي تقع في 432 صفحة، والصادرة يوم 22 آب / أغسطس 2018. بدأ الكاتب حياته كروائي مع الرواية الموسومة "الحرب على الحيوانات" وهي رواية سوداء، متعددة الأصوات. تلقي، في 360 صفحة، الضوء على الطبقة العاملة، في منطقة فوجا الفرنسية، التي وجدت نفسها بين يوم وضحاه مسحوقة، تعاني من البطالة والفقر بعد ان أغلق المعمل أبوابه وقضى على أحلام العمال وأبنائهم.
وبعد أربع سنوات، عاد الروائي، من جديد، ليفرض صوته من خلال روايته الثانية الموسومة "أطفالهم من بعدِهم". نص حاد، كبير ويحمل طموحا أكبر. إن الكاتب يقدم لوحة اجتماعية تجري أحداثها في وادي لورين الفرنسي الذي هشمته أزمة السنوات الأخيرة من فترة حكم متران وبداية حكم شيراك.
كان الراوي أنطوني، عام 1992، في الرابعة عشرة من عمره. في هذا العام، بدأ سرد القصة التي غطت أربعة فصول متتالية؛ صيف 1992، وصيف 1994، وصيف 1996،وصيف 1998. كان يتساءل كما الكاتب إذا ما حان وقت مغادرته سن المراهقة. تعرف على ستيف وأحبه. وفي حفلة تعرفا على شابين آخرين، حسن وكْلِم من اصل جزائري. هكذا أصبحت الرواية عبارة عن بورتريه جماعي على شكل موزاييك يمثل كل مكونات المجتمع التي حاول الكاتب أن يعيد بناؤها دون حكم مسبق عليها، منطلقا من فكرة لكل مكون صغيرأسبابه ودوافعه.
غلب هؤلاء الشبان الأربعة الملل والفقر المحيط بهم فقرروا مغادرة المراهقة بهدوء والتحقوا، بدون استعجال، بسن البلوغ. خلال أربعة فصول الصيف المتتالية يقضيها أنطوني وأصدقاؤه في مدينة نهشتها البطالة وجعلتها دون مستقبل واضح المعالم. يقع في فخ أسلاك شائكة لحياة لا مفر منها؛ حياة طفل تعيس بالمدرسة، طائش، من عائلة مكسورة الجناح بعد فقدان الأب لعمله.
هذه الرواية تحكي قصة أنطوني والمجتمع الذي يعيش فيه هو ووالده وأمه وستيف وحسن وكْلِم، وسط سلسلة انطلاقات خاطئة وأحلام متوقفة، ومشاريع فاشلة وانغماس في دوامة الخمر، والانعزال الاجتماعي.
هؤلاء الشبان يحلمون بمغادرة الوسط الذين يعيشون فيه، لكن القليل منهم يفلح في ذلك. لا ننسى أن الهياكل الاجتماعية والتفاوت الطبقي يلعبان دورا كبيرا. فالأغلبية مضطرة ومحكوم عليها أن تتحمل هذه الحياة المشابهة لحياة آبائهم كلعنة هالكة.
كان الكاتب، أيضا، يعيش في وسط بين الشعبي والطبقة الوسطى. كانت مهنة أبيه ميكانيكي كهرباء وأمه محاسبة. وهو وحيد والديه. سُجل في مدرسة خاصة. لكنه سرعان ما اكتشف الفوارق الطبقية من خلال ملابسه وما يرتديه أبناء البرجوازيين. فكان يتمنى أن يكون كاتبا وأن ينتقل إلى وسط ثقافي نخبوي. وهو متأثر جدا بالعالم الاجتماعي الفرنسي بيير بورديو (1930-2002) الذي كان مهتما بعدم التكافؤ الاجتماعي وآني إرنو (1940) المتأثرة أيضا ببورديو والتي غالبا ما تعود في كتاباتها إلى الوسط العمالي الذي ترعرعت فيه. ويتميز أسلوبها بالحيادية والموضوعية دون إصدارحكم مسبق، ومعروف عنها أنها تتجنب أسلوب البلاغة كالمجازات أو المقارنات.
يتوق الكاتب إلى الانتقال إلى الضفة الأخرى، حرية وحياة أفضل، كما تتوق إلى ذلك الروائية الهولندية الشابة (1991) ماريكَ لوكاس غِينْفلد وشخصيتها الرئيسة "معطف" في روايتها الأولى الموسومة " الليلة إزعاج" ( 2018)،والتي وجدت صدى طيبا لدى النقاد وقراء نوادي الكتاب والقراء عموما. الكاتبة كما "معطف" يريدان الإفلات من ضغط القوانين الصارمة لعائلتهما البروتستانتية المتشددة والوسط الضيق الذي يطبق على أنفاسهما.
نعود إلى روايتنا، إن آليتها مظلمة لكن الرواية بحد ذاتها ليست كذلك. فإنها تعكس طاقات هؤلاء الشبان وضوء وحرارة فصل الصيف المكهرب بالرغبة الجنسية وهوس عيش هذه الشخصيات. فالنص يتحرك ويرقص ويشد القارئ إليه بحدته الرائعة وبحساسية اللانهائية؛ حدة نظرة مزعجة وحوارات، وجمال مفجع يحبس الأنفاس.
إنها تراجيديا وهي نتيجة فشل خدعة جماعية تنتهي بشكل هزلي إلى وهم الوحدة والإخاء خلال نهاية كأس العالم لكرة القدم لعام 1998.



#نجاة_تميم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد الدلالي للألوان رواية -كانت السماء زرقاء- انموذجا
- تقنية السرد التصويرية في رواية -الكائن الظل- لإسماعيل فهد إس ...
- رحلة -كبش الفداء- التناص في رواية -هذه هي الأسماء-
- اغتراب الكاتب الملعون
- الغيرية في رواية -هروب الموناليزا، بوح قيثارة-
- اشكالية الهوية في الرواية الهولندية ``Bad Boy``
- بين التمرد والرهبنة - الهوية النسائية في قصص أليس مونرو
- الذات والوعي الاجتماعي - السيرة الذاتية لمحمد شكري أنموذجا
- الأسلوب الروائي وهيكلة البنية النصية في رواية الكاتب الهولند ...
- رواية -السجادة الحمراء- تُناقش في نادي الكِتاب في هولندا
- المونولوج الداخلي في رواية -سوق مريدي- لقاسم حول
- فؤاد التكرلي وسرﱠعقدة أوديب
- القرين في سرديات المهجر (3)رواية -صوت أمي- لعبد القادر بنعلي ...
- القرين في سرديات المهجر (2) رواية -صوت أمي- لعبد القادر بنعل ...
- القرين في سرديات المهجر رواية -صوت أمي- لعبد القادر بنعلي أن ...
- ميشيل هولبك بلزاك زمانه
- آخر الكتاب الثلاثة الكبار في هولندا
- الأدب العجائبي:(2) الفانتاستيك الداخلي
- الأدب ألعجائبي: أهو واقع أم خيال؟(1)
- مليون نسخة من رواية -أوروخ- مجانا بالمكتبات العامة في هولندا


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة تميم - عقدة التفاوت الطبقي تُكلّل بجائزة الكونكور