بمناسبة الوداع الأخير ل(حسقيل قوجمان) الذي لم يتزحزح ثقته عن(ستالين) قيد أنملة.(1/2 )

خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)

الحوار المتمدن-العدد: 6044 - 2018 / 11 / 4 - 18:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نشرت قناة روسيا اليوم (RT) من خلال برنامجها الأسبوعي (رحلة في الذاكرة) في الثامن من أب 2018 شريطاً بعنوان "ستالين قُتل إثر انقلاب سياسي! ملفات خطيرة تظهر للعلن لأول مرة"*
ومن الجدير بالذكر أن الراحل عنا حسقيل قوجمان (يوم 27أكتوبر 2018) سبق وأن نشر ترجمته لخطاب ستالين المتعلق بالموضوع في الحوار المتمدن تحت عنوان" خطاب لستالين ينشر لأول مرة" (8 مايس2009)** وللترابط الوثيق بين الموضوعين المنشورين اللذان يلقيان الضوء الساطع على حقائق تأريخية مُغيَّبة بسبب تعرضها الى التشويه نتيجة التسويق الديماغوغي والاجترار، عليه وجدت ضرورة تدوين نص الشريط ليكون الى جانب ترجمة الراحل حسقيل قوجمان للخطاب كوثيقتين يمكن العودة اليها و إعتمادها من قبل من يهمه التعمق في الموضوع والبحث في إنعكاساته، لربما ترابط ألية ما حصل في موسكو، على ضوء هاتين الوثيقتين، بأحداث لاحقة حصلت في أماكن أخرى من العالم.
نص المقابلة حرفياً:
ـ مشاهدينا الكرام من العاصمة الروسية موسكو أُحييكم وأُرحب بكم في حلقة هذا الأسبوع من برنامج رحلة في الذاكرة ويسرني أن أستضيف في هذه الحلقة السيد نيكولاي ناد، تابعوا هذا الملف ثم نبدأ الحوار: في الخامس من اكتوبر عام 1952 انعقد المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي السوفيتي لأول مرة بعدالحرب الوطنية العظمى لم يكن أحد يعرف ما حدث بعد المؤتمر في الاجتماع الموسع التقليدي للجنة المركزية للحزب حيث قامت مجموعة صغيرةمن الشيوعيين بحل قضايا مهمة متعلقة بالمستقبل السياسي للبلد إذ ظلت مواد هذا الاجتماع سرية فترة طويلة ولَم تظهر مذكرات شخصية لمن كان حاضراً فيه إلا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي حينها جاء في خطاب ستالين ما يلي:( لقد أعفينا الوزراء مولوتوف وكاغانوفيتش و فوروشيلوف وأخرين من واجباتهم واستبدلناهم بموظفين جدد لماذا؟ لأن عمل الوزير يتطلب جهوداً كبيرة ومعارف معينة ودقة، لهذا السبب عينا في مكانهم أشخاصاً أكثر تأهيلاً ومبادرة.) وانتقد ستالين بشدة وزير الخارجية مولوتوف والمسؤول الحزبي الرفيع ميكويان. كتب الشاعر قسطنطين سيمانوف الذي حضر هذا الاجتماع الموسع عن هذا الجز ء من خطاب ستالين ما يلي: (لقد أدت نبرة كلامه والطريقة التي تحدث بها وعيناه محدقتان في الصالة الى إصابة الحاضرين بحالة من الذهول). وذات مرة خلال العشاء مع الأعضاء الحزبيين البارزين قال ستالين بعد تناوله بعض النبيذ: (لقد شختم و سوف استبدلكم جميعاً). وتضمنت المذكرات الشخصية التي صدر ت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي كثيرا من المعلومات الجديدة إلا أنه لم يكن بالإمكان التأكد من معظمها لإبقاء السرية على معظم الارشيف الحزبي لتلك الفترة، لذلك تطلب الأمر وقتاً طويلاً كي يتمكن باحث التأريخ السياسي والصحفي والكاتب نيكولاي ناد من التعرف على بعض أرشيفات الدولة الروسية والوصول الى وثائق الحزب في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، وقد تسنى له ذلك بإقامته علاقات ودية مع قيادة لجنة أمن الدولة السوفيتية ال (KGB) وهكذا فقد جمع الباحث نيكولاي ناد مادة فريدة من نوعها وقام بتأليف كتاب من أربعة مجلدات عن ستالين و سياسته وشخصيته، والأهم عن ملابسات وفاته، و يرى نيكولاي ناد أنه ليس من قبيل الصدفة أن المعلومات الجديدة عما حدث إبان مؤتمر عام 1952 أصبحت مفتاحاً مهما لفهم فيما إذا كان ستالين ينوى حقاً إسقاط جميع الأحجار على طاولة الشطرنج بحركة واحدة بحسب تعبير ستالين شخصياً وبالتالي استبدال كُلِّ أعضاء القيادة الحزبية القديمة بكوادر شابة، ولأصبحت وفاة ستالين في الخامس من شهر أذار لعام 1953 نتيجة منطقية لهذه النوايا، سيتحدث نيكولاي ناد عن ذلك بالتفصيل بهذه الحلقة والحلقة القادمة من برنامجنا .
-السيدنيكولاي ناد مرحبا بك، يسرنا حضوركم في هذه الحلقة من برنامجنا. موضوعنا الْيَوْمَ كما يبدو لي مثيراً جداً للإهتمام، طبعا قرأت كتبك التي تتناول فيها حياة ستالين وأرى ما يزيد في أهميتها هو توقفك عند الظروف التي أحاطت بملابسات وفاة ستالين. سؤالي الأول الى من استندت بالدرجة الاولى في تأليف كتبك وماهي الأرشيفات التي تمكنت من الوصول اليها لوحدك دون غيرك .
+سأبدأ بالقول إن الحظ كان حليفي فمنذ العهد السوفيتي أُتيح لي أن أتعرف على شخصين كانا في أوقات مختلفة على رأس لجنة أمن الدولة(KGB) هما (الفريق أول فلادمير فنستجاني) و(المشير فلادمير كروتشكوف) ونشأت بيننا علاقات على أساس الثقة المتبادلة كان بإمكاني ببساطة الاتصال هاتفيا بكل منهما والحضور الى بيته لإجراء الحوار.
-كتبت سيرة حياة كل منهما.
+كان لهما موقف إيجابي من ما كتبت عنهما لذا أتاحا لي أن أستفيد من الأرشيفات السرية التابعة للجنة أمن الدولة.
ـ ولماذا قررت تناول الموضوع المتعلق بوفات ستالين؟
+بعد أن عملت مدة طويلة نسبيا مع رجال أمن الدولة شغل اهتمامي سؤال عن الأسباب التي كانت وراء تفكك الاتحاد السوفياتي، فأخذت أشتغل على هذه المسألة، وكلما تعمقت في دراستها كانت تلك الأسباب تبتعد نحو الماضي أكثر فأكثر. حينها وصلت الى استنتاج بأن جذور تلك الأسباب تعود الى بداية مرحلة الحرب الباردة.
-هكذا إذن.
+ولكن كما قال خبير العلوم السياسية الامريكي المعروف زبغينو بريجنسكي: (طالما بقي ستالين حياً لم يكن ثمة ما يهدد الاتحاد السوفياتي). كان قوة حقيقية لأنه يطور البلد وفق أخر منجزات العلم والتكنيك وحالما رحل ستالين و وصل الى السلطة أشخاص اخرون راح الاتحاد السوفياتي يخبو ببطء حتى وصل الى الانهيار في نهاية المطاف هنا برز عندي السؤال التالي : من هم هؤلاء الأشخاص الذين حلوا محل ستالين؟ ولماذا هم دون غيرهم؟ لماذا لم يحدد ستالين من كان بوسعه ان يواصل سياسته؟
-تقصد لماذا لم يُعين ستالين خلفاً له؟.
* نعم، بدأت بدراسة المسألة وتبين لي أن ستالين حدد خليفته، فماذا كان يريد ستالين ؟ كان يُريد نقل الخبرة من الحرس القديم الى الجيل الجديد ليتمرسوا بما يُتيح لهم مواصلة تطوير البلد في المجرى الضروري كما يرى ستالين شخصيا ولكن ماذا حدث؟ ما حدث هو ما يحثنا على البحث الأن في ملابسات مقتل ستالين، ما سأحدثك عنه الأن لم يُنشر سابقاً فأنا لم أحصل على الوثائق المتعلقة بذلك إلا مؤخراً.
ـ تقول في كتابك إن ستالين جُرّد من السلطة وقُتل نتيجة انقلاب على صعيد الدولة، الممرضة ميسيفا اعطته حقنة قاتلة. كان على رأس الانقلاب لافرين بيريا وهذا ما تثبته الوثائق في أرشيفات اللجنة المركزية السابقة للحزب الشيوعي السوفياتي وأرشيفات معهد الماركسية اللينية، وضعت هذه الكلمات بالخط العريض ولديك في النص الكثير من الإحالات الى وثائق مهمة تقتبس منها، أودّ أن أعرض ذلك للمشاهدين( يعرض مقدم البرنامج مجموعة من الوثائق- خسرو )كل هذه ادلة حقيقة ووثائق مقتطفات منها وهي معك أيضاً، صحيح؟
+نعم، لديّ نسخ طبق الأصل
ـ نعم، وأنا لديّ أيضاً مواد. هذه المواد خلاصات مثيرة جداً عن وثائق الاستجوابات وكنت في حاجة للكثير من الوقت كي أدرس كل هذه الوثائق، إذاً لنبدأ بنداً ببند. ما رأيك؟
+خير.
-إذاً انت تؤكد أن ستالين جُرّد من السلطة نتيجة انقلاب هذا أولاً، وثانياً ثمة شكوك في أن يكون ستالين توفي فعلاً في الخامس من مارس عام 1953 وثمة أدلة تستند عليه انت بأن ستالين تُوفِيَ على الأرجح في الثاني من مارس، صحيح؟
+صحيح.
ـ إذن خلال هذه الأيام الثلاثة كانت حاشية ستالين تتقاسم السلطة.
+كانت في السلطة العليا مجموعتان تتقاسمان السلطة، مجموعتان لهما مصلحة في التخلص من ستالين، كان الحرس القديم متخوفا من فقدان السلطة إذ أن ستالين أخذ يكرر عبارة (منصب الوزير عمل رجولي صعب ولذلك يلزمنا أشخاص شباب أما أنتم الحرس القديم فقدموا لهم الخبرة وانتقلوا الى الراحة المستحقة الى التقاعد). الحرس القديم، طبعاً، لم يكن راغبا في التخلي عن السلطة بل أراد البقاء فيها. وفي هذا الشأن كان بيريا على اتفاق تام مع الحرس القديم ولكنك تسأل لماذا كانت ل(بيريا) مصلحة في موت ستالين؟
-نعم، تفضل بالإجابة.
+كان بيريا معنيا في ذلك للسبب التالي: عندما بدأت الحرب الوطنية العظمى لم يكن الوضع سهلاً في الاتحاد السوفيتي، ومع اقتراب العام 1942 اضحى حرجا للغاية، حتى أن ستالين اعترف فيما بعد بأنه مرّ بلحظات يأس، أنذاك في تلك اللحظة العصيبة كشف بيريا عن وجهه الحقيقي، زوجة بيريا الحسناء نينا كيكشكوري هي إبنة أخ يفغيني كيكشكوري الذى كان وزير خارجية جورجيا الذي أُعلن قيامها بعد الثورة عام1918.
-كبلد مستقل عن روسيا.
+نعم هذه الجمهورية الجورجية حافظت على استقلالها حتى عام1921 وفي هذا العام وبمؤازرة من الجيش الاحمر أسقطت الحكومة التي كانت تتألف من خصوم البلاشفة أعضاء الحزب العمال الديمقراطي الاشتراكي، أحدهم كان يفغيني كيكشكوري وزير خارجية جمهورية جورجيا المستقلة الذي فرّ بعد الهزيمة أمام البلاشفة الى فرنسا حيث أسس مع جماعته المكتب الخارجي في باريس
-شكل حكومة في المنفى.
+صحيح و عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية سعى هتلر جاهدا لإجتذاب جميع الحركات المعارضة للنظام الستاليني التي كانت في أوربا. والجورجيون الذين كانوا في باريس ضمن تشكيلة حكومة المنفى آقدموا على صفقة مع هتلر. وبعد أن بدأت حرب ألمانيا ضد الاتحاد السوفيتي نضموا في ديسمبر عام1941 اللفيف الجورجي ضمن قوات ألمانيا النازية فيرماخت.
-تريدالقول بأن بيريا رتب عبر زوجته مطارا إحتياطيا كما يُقال في حال سقطت موسكو.
+هذا ما حدثت عمليا هذا واضح من المراسلات التي نشرتها في كتابي.
-وهل تعتقد أن ستالين لم يكن على علم بذلك.
+ستالين علم بذلك ولكن ليس قبل عام 1951.
-وما الأدلة على أن ستالين علم بذلك فقط في عام 1951؟
+بدأت قضية المنغريل.
-أي أن قضية المنغريل على صلة مباشرة بهذه المسألة.
+لكن الجميع فسروا ذلك على نحو أخر.
-دعني أن أوضح للمشاهدين ما هي قضية المنغريل هذا الملف فُتح للتحقيق في قضية انشاء مركز قوة سياسي في جمهورية جورجيا المكون أساسا من مجموعة إثنية جورجية تسمى المنغريل هؤلاء جعلوا من جورجيا ليس قانونيا ولكن كأمرٍ واقع على الأقل مايُشبه جيباً مستقلا عن الاتحاد السوفيتي.
=بالفعل.
-وكان بيريا زعيمهم واقعياً.
+كان الهدف من إقامة هذا الحكم الموازي كما يلي: فصل جورجيا عن الاتحاد السوفيتي بحسب الإمكانيات عندما تنشأ ظروف كتلك التي نشأت في السنوات الأولى للحرب الوطنية العظمى، وكما تعلم هذا ما حصل بعد عام 1991 وعلى أي حال فصلت جورجيا وفق برنامج بيريا، أودّ أن أعود الى تلك اللحظة عندما أحس بيريا بإمكانية الاستيلاء على السلطة. في الجز ء الأخير من ثلاثيتي عن ستالين نشرت مضمون مراسلات لافرينتي بيريا وعم زوجته، يناقشان فيها فرص فصل جورجيا عن الاتحادالسوفيتي. وقعت هذه المراسلات في يد ستالين خريف عام 1951 لعلك تسأل لماذا لم يطلع على هذه الرسائل قبل ذلك؟ الجواب: لأن لافرينتي بيريا أبقى في يده كل خيوط عمل الأجهزة الأمنية، بالرغم من أنه لم يبقى على رأس مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بعد عام 1946 أودّ الإشارة الى أن الجانب الرئيس في الأمر هو أن بيريا في عام 1942 أثناء الحرب وفي لحظات يأس الحكومة السوفيتية بات مستعداً لإرتكاب الخيانة وهذا واضح من المراسلات المنشورة في كتابي. يفغيني كيكشكوري كتب الى بيريا يقول بالحرف الواحد نعم يجب فعل شيء لينال وطننا العظيم حريته و استقلاله ولكن فيما بعد عندما حدث الانعطاف الكبير في الحرب الوطنية العظمى بإنتصار الجيش الأحمر في موقعتي ستالينغراد وكوسك وغير ذلك من الأحداث الهامة سرعان ما ادرك بيريا وجوب وقف تلك المراسلات، واصل يفغيني كيكشكوري كتابة الرسائل الى بيريا داعيا إياه الى العمل بنشاط لتحرير جورجيا، لكن بيريا لم يَعُد يرد على تلك الرسائل، أنذاك كان النصير المخلص ل(بيريا) رئيس هيئة أمن الدولة للإتحاد السوفيتي فيفولاد ميركولف يُخفي بشتى السبل تلك الرسائل وكلما تتضمنه من معطيات كان ميركولف وبيريا يحتفظان بكل المعطيات الاستخبارية وهذا أمر في غاية الأهمية. أنا أقتبس من الوثائق ومن ما عثرت عليه في الأرشيفات والوثائق هي ما يثبت أن بيريا خلال سنوات العمل في أجهزة أمن الدولة والداخلية نشر أنصاره في المناصب الهامة بأعداد كبيرة فبقيت المعلومات محجوبة عن (ستالين).
-من المعروف آنذاك أن الوصول إلى ستالين بات مستحيلاً دون المرور بمكتب بيريا.
+نعم، تصويبك في محلهّ هكذا كانت الأمور وتحديدا بأن بيريا كان قد وزع أنصاره في كل مكان وحتى عندما كان ستالين يظن أنه هو من يُعين أشخاصاً جُدداً في أجهزة الأمن لم يكن الأمر كذلك جميع الأشخاص كانوا يخضعون لرقابة بيريا عند قبولهم في العمل لعلك تسأل لماذا تسنى له ذلك لأنه وضع في كل قطاع هام من قطاعات عمل الأجهزة الأمنية شخصا عليه مستمكات و ملفات جاهزة للتشهير به وهكذا حتى ستالين صار يخشى من نفوذ بيريا جراء نشره لشبكة من الموالين له
-صار مركز قوة.
+نعم، لذلك تسنى له كل شيء.
-لربما حتى لو أراد أحد ما إبلاغ ستالين بشيء عن نشاط بيريا المشكوك فيه فلعله كان سيتراجع عن هذه الفكرة لخوفه من أن يعترض بيريا تقاريره الى ستالين فيذهب في خبر كانَ.
+سيرغو إبن بيريا كتب يقول( عندما بدأت قضية منغريل نشأ في أسرتنا وضع مأساوي كنّا ننتظر يوما بعد أخر إعتقال الوالد بل والأسرة كلها لكن والدي قال لي لا تخف لن أسمح بسوقنا الى المسلخ كقطيع غنم عندها فهمت أن الوالد مستعد لقتل ستالين إذا إقتضى الأمر ذلك) هذه الشهادة موجودة في الوثائق.
-موجودة، نعم.
+نعم، وثائق إبن بيريا سيرغو .
-عفواً أتسمح لي بإقتباس مقطع في غاية الأهميه.
+نعم، طبعاً.
-تقول في كتابك حتى سيرغو بيريا لم ينفي أن والده لافرينتي بيريا كان يستعد للحرب ضد ستالين وعلى النحو التالي كان يتذكر ذلك مؤكداً أن والده كان على علم بالتحضير لإعتقاله إذاً يقول سيرغو بالحرف:( في عام 1952 كان والدي قد أدرك أن ليس لديه مايخسره لم يكن جباناً ولا كبشأ يمضي الى المسلخ طائعا وأنا لا أستبعد أنه كان بإمكانه تدبير أمر ما ضد ستالين ولهذا الغرض كان أنصاره يعملون في أجهزة الأمن دائما وفضلاً عن ذلك كان لديه جهاز استطلاع غير خاضع لأيٍ من الهياكل القائمة إلا له). نهاية الإقتباس.
+وهذا هو الدليل. الوثائق تشهد لا أنا ولا أنت من يتحدث عن ذلك. هذا ماتقوله الشهادة.
-لذلك أتلو خصيصاً بعض المقا طع من أجل الدقة والمصداقية0
+أنت تعلم أنني اليوم سأتحدث لأول مرة عن بعض البنود لان من المتعذر تقويم كل شيء دفعة واحدة عندما بدأت قضية منغريل خريف عام 1951.
-وهذه القضية أُثيرت خصيصا لإعتقال بيريا صحيح؟
+نعم.
- ولكن لماذا لم يُقدم ستالين على التخلص من بيريا فورا ودون مقدمات يعني هذا ليس من طبع ستالين.
+أود القول إنه من غير الجائز الْيَوْمَ أن نُقدم بشكلٍ أعمى على وصف العدالة في تلك السنين بممارسة التعسف المطلق لقد درست العديد من القضايا في تلك المرحلة ووجدت أن معظمها كان قانونيا.
-ثمة عبارة أخرى معروفة لبيريا عندما ما قال: (لم يكن ستالين ليتجرأ أبداً على إعتقالي لأن ذلك كان سيؤدي الى تمرد في مفوضية الشعب للشؤون الداخلية).
+نعم هذه العبارة باتت معروفة بعد إعتقال بيريا ولذلك لا شك في أن قضية منغريل التي بدأت عام 1951 كانت موجهة ضد بيريا تحديداً ولكن ستالين لم يرغب في إعتقاله والتخلص منه دون أدلة دامغة ضده وقد أراد أن يتفحص نشاط بيريا وأيضاً من يعمل معه وخلفية هذا النشاط. الأن أنتقل الى الرئيسي الى ما سأقوله لأول مرّة بخصوص قضية منغريل لم أُفصح عن ذلك قبل الأن في أي مكان وأنت أول صحفي أحدثه عن ذلك؛ حالما أُتخذ قرار فتح قضية منغريل علم بذلك بيريا فوراً عن طريق جماعته. حذروه من أن هذه القضية موجهة ضده وهناك من يُدلي بإفاداته، أما ستالين فإنه يُشرف شخصيا على سير التحقيق عندها انتقل لافرينتي بيريا الى التحركات النشطة وبدأ باستخدام مستمسكات التشهير بحق أُناس من الدائرة المقربة ل (ستالين) أول ضحية كان الجنرال نيكولاي لاسك رئيس حرس ستالين بعد ذلك تُوفيَ في ظروف غامضة المسؤول الإداري في الكرملين الجنرال بيوتر كوسينكن أي أن جميع هؤلاء كانوا ممن عملوا مع ستالين طويلاً.
-طيب قال ستالين حينها عبارته الشهيرة (ابحثوا عن كبير المنغريليين) والمقصود بيريا وبالتالي اصدر ستالين إيعازا مباشرا لجمع الملفات ضد بيريا فكان يجب القيام بذلك.
+جُمعت ملفات ضده.
ـولكن لماذا لم يتمكن بذلك من التخلص من بيريا؟
+بل تم جمع الوثائق ولكن لم يتسنى إعتقاله. واضح أنك قرأت كتبي بإهتمام وكان يجب أن يلفت إنتباهك ما يلي: الأول من أذار مارس 1953 كان يوم أحد وفي الثاني منه كان من المفترض أن تعقد جلسة هيئة رئاسة اللجنة المركزية للحزب حيث يجب تقرير مصير لافرنتي بيريا هذا ما قاله لي أناتولي لوكيانوف إنه سياسي سوفيتي بارز وكان أول من فتح الأرشيفات السّوفياتية السرية في عهد غورباتشوف ولقد أعطاني أدلة خطية على أنه في الثاني من أذار عام 1953 أثناء جلسة هيئة رئاسة مجلس السوفيتي الأعلى كان من المفترض أن يُسلم ستالين السلطة الى باتليمون بانامارينكا .
-الأمين العام للحزب الشيوعي في بيلاروسيا.
+نعم وبحلول أذار 1935 أُستدعي ليعمل في موسكو وكان ضمن تشكيلة اللجنة المركزية للحزب جرى ذلك بعد المؤتمر التاسع عشر للحزب عام 1952 وهكذا في الثاني من أذار عام 1953خطط ستالين لنقل السلطة
-عندي هنا محاضر تعود لعام 1952 لجلسات المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي قال ستالين: ( وهكذا عقدنا مؤتمر الحزب جرى على نحو جيد قد يبدو لكثيرين أن لدينا وحدة تامة ولكن لا وجود لأية وحدة عندنا فالبعض يُعبِّرون عن عدم اتفاقهم مع مقرراتنا) ثم يتابع (يقولون لنا لماذا وسّعنا تشكيلة اللجنة المركزية أليس من الواضح يا تُرى أنه كان من المطلوب ضخ قوى جديدة في اللجنة المركزية نحن شيوخ وقريباً سنموت جميعاً يجب التفكير لأيدي من سنسلم الرايه لمواصلة قضيتنا العظيمة من الذي سيحملها ويسير بها الى الأمام هذا الأمر يحتاج إلى أناس مخلصين شخصيات سياسية أكثر شباباً.) نهاية الإقتباس طبعا من الواضح أن ستالين عندما تحدث عن ذلك فكان يخطط لإصلاح ما في اللجنة المركزية وقد أراد توسيع اللجنة حتى خمسة وعشرين عضواً
+وهذا ما قام به.
-بالضبط.
+كان من شأن ستالين أن يقوم بما يُشبه الدور الذي قام به( دنك شياو بينك) وكان يمكن أن يُسلم السلطة لكن مع الإحتفاظ بإشرافه على الحزب كزعيم عقائدي وهذا ما كان إن سعي ستالين هذا تُثبته الوثائق أيضاً في كل خطوة تحدثت لك بإيجاز عن ما كان ستالين يخطط له وأنه صار يطبق خطته بدأ من المؤتمر التاسع عشر أنذاك تحديداً وصلت الى السلطة شخصيات جديدة شابة ماورد في إقتباسك صحيح تماماً الجيل القديم من الشخصيات الحزبية كان مستاءً وكان يرى أنهم ليسوا مسنين الى تلك الدرجة وما زالوا قادرين على العمل لذا عندما إقترح بيريا عليهم جميعاً القيام بالإنقلاب لم يقف أحد من الحرس القديم ضد ذلك بالعكس من ذلك فكل واحد منهم استعاد سلطته بعد وفاة ستالين ف(مولوتوف) مثلاً عاد وزيرا للخارجية بعد أن فقد منصبه عام 1949 وكذلك الأمر بالنسبة ل(نيكولاي بولغانيف).
-وانستانس ميكويان.
+نعم وهو أيضاً استعاد سلطته.
-كل الحرس القديم.
+نعم الجميع والأهم وهذه حقيقة مدهشة أن الأشخاص الجدد الذى كان ينبغي بحسب خطة ستالين أن يكونوا على رأس الدولة بتأريخ الثاني من أذار عام 1953 كانوا يُفترض أن يُبعدهم بيريا جميعاً لأن تعينهم كان سيتزامن مع اعتقاله المحتم إنطلق ستالين من تلك الوثائق التي سبق جمعها ضدبيريا وهكذا كان لا بد ل(بيريا) من حسم هذه المسألة لصالحه قبل الاجتماع الحزبي في الثاني من أذار.
-طيب، دعني اؤكد بالوثائق ماذكرت؟
+تفضل.
ـأريد أن أقتبس من محضر يتعلق ب(مولوتوف) وكان يُعد الرجل الثاني في الدولة بعد ستالين طبعا.
+صحيح.
- وكان يُعد من رموز النصر في الحرب الوطنية العظمى ولذا سأقتبس مجدداً من كلمة ستالين في نفس المؤتمر الحزبي التاسع عشر يقول:( لا مناص من أن نتطرق الى التصرف غير السليم لبعض الشخصيات السياسية البارزة إذا كنّا نتحدث عن الوحدة في عملنا أنا أقصد الرفيقين مولوتوف وميكويان، مولوتوف إنسان وفِّيٌ لقضيتنا ومع ذلك لا يجوز إغفال تصرفاته غير اللائقة الرفيق مولوتوف وزير خارجيتنا أثناء وجوده تحت تأثير الخمر في حفل إستقبالٍ دبلوماسي أَعْطى موافقته للسفير الإنكليزي على إصدار صحف ومجلات بورجوازية في بلدنا لماذا وعلى أي أساس إقتضى الأمر بإعطاء مثل هذه الموافقة اليس واضحاً أن البرجوازية عدونا الطبقي ونشر المطبوعات البرجوازية بين الناس السوفيت لايأتي بشيء سوى الأذى)، ثم يتابع ستالين (وماذا بخصوص اقتراح الرفيق مولوتوف إعطاء القرم لليهود هذا خطأ فاحش من الرفيق مولوتوف فما كانت حاجته الى ذلك وكيف يمكن الاقدام على ذلك وعلى أي أساس طرح الرفيق مولوتوف هذا الإقتراح إذ عندنا كيان يهودي ذاتي الحكم في بريبيجان أفليس كافيا ستتطور هذه الجمهورية والرفيق مولوتوف لا يجدر به أن يكون محامياً لمطالب اليهود غير المشروعة بقرمنا السوفيتية) نهاية الاقتباس إذا لا أحد يعرف بخطابات ستالين هذه بينما هي مهمة جداً لفهم التأمر الذي حضَّر له الحرس القديم كضربة استباقية طبعاً.
+أُضيف ما لم يتيسر لك قراءته عندما وصلت ستالين رسالة من النخبة اليهودية في موسكو بشأن القرم بإيعاز من اللجنة اليهودية لمناهضة الفاشية كان رده هكذا:( في سبيل القرم أريق الكثير جداً من الدم الروسي فكيف نتخلى عن القرم لذلك تُسحب من التداول مسألة الجمهورية اليهودية في القرم) هذا قوله نقلته حرفيا تقريباً.
-تقول في كتابك تكلمت كثيراً مع أناتولي لوكيانوف بعد محاولات إستذكار جهيدة وبعد تأملات عميقة قال لي ما يلي :( قُدر لي أن أسمع ما يلي من اللجنة المركزية للحزب من أشخاص لا أستطيع ذكر أسمائهم علناً ولكن نزاهتهم لا تثير لديّ أدنى شك قبل بضعة أيام من وفاة ستالين أُعدت بمعرفته مذكرة تتضمن إقتراحاً بتعيين بتليمون باريامانكا رئيساً لمجلس الوزراء في الاتحاد السوفيتي بدلاً عن ستالين المصر على إستقالته لأسباب تتعلق بتقدمه في العمر وذهاب الهمة عنه وهو الذي طرح هذا الموضوع رسمياً في الاجتماع الكامل للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي أي قبل أربعة أيام من وفاته وقّع بالموافقة على هذا المشروع جميع شخصيات النسق الأول في الحزب بإستثناء بيريا و مالنكوف وخروشوف وبولغانين أي بإستثناء الذين استلموا السلطة كاملة بعد وفاة ستالين) هذه ناحية مهمة جداً إذا لنُتابع و في مطلع مارس من عام 1953 كان من المفترض مناقشة مشروع القرار هذا والخاص بنقل السلطة الى (بانامارينكا) في جلسة هيئة رئاسة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي غير أن مرض ستالين القاتل والمفاجىءقبل يوم واحد فقط من تلك الجلسة حال دون النظر في المذكرة أما بعد وفاة الزعيم فمن الطبيعي أن يؤجل الذين ألت اليهم السلطة النظر في ذاك المشروع أما بوصول خروشوف الى السلطة فقد إختفت تلك الوثيقة نهائياً نهاية الاقتباس.
+هل ترى كان ذلك جدياً إنه كحصول المحقق على المعلومات الضرورية.
-إذا السيد ناد أدركنا الوقت للأسف الشديد. نتوقف هنا ونبحث عن تفاصيل قتل ستالين في الحلقة القادمة شكراً لك.
+شكراً لكم.
-مشاهدين الكرام بهذا نكون قد وصلنا الى ختام حديثنا لهذا اليوم تحدثنا في هذه الحلقة مع الباحث نيكولاي ناد، تابعونا الأسبوع القادم في حلقة جديدة في أمان الله.

‏*https://youtu.be/SQ3BbWwl_qg.
‏**http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=171206

#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات