أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نبيل - رسالة من برلين














المزيد.....

رسالة من برلين


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1512 - 2006 / 4 / 6 - 09:32
المحور: الادب والفن
    


أعرف أنك لا تجيدين النطق بحروف هذه اللغة و لا تعرفين كيف تركبين كلماتها، لكنك قادرة على فهم دلالات جسدي المنهك أكثر من بصمات أصابعك الناعمة. عندما أخرج عن ذاكرتي تكونين في الموعد. تنظرين إلي بغرابة و بلكنتك التي أحبها تقولين لي:
ـ هل تريد مرة أخرى أن ترحل عن الوجود لتشم رائحة الأرض هناك.
عندما أسمع مثل هذا الكلام، أدخل غرفتي و أغلق بابها الصدأ ثم أضحك حتى يغمى علي. بطني يعشق ملامسة غطاء السرير الأملس عندما أبدا في إدخال عنقي الطويل في مخدتك الوردية. أحب أن أغرس رائحة دموعي المالحة في كل الأشياء التي تستعملينها سرا و علانية.

في كل صبيحة، أهوى البكاء و أنا تحت تلك البطانية، لا أسمع سوى حركات يديك و أنت تعدين القهوى. لا أجازف بصوتي، أقطع كل أحباله كي لا أعكر صفوة الجلوس، لذة الأكل و نكهة الحليب.أنتظر مغادرتك البيت كي أمزق ملابسي الداخلية و أعض أوراق كتبي حتى استنشق رائحتها الموحية بصراع غائر.

هل تعلمين أن كلماتك المبهمة تتطابق مع ما يلوج بصدري بل تنسجم مع تنهدي. أتذكر و أنت خارج الغرفة كيف تمررين أناملك فوق رأسي الذي اشتعل شيبا. إنني أراك في صورة المرحومة و هي تنظف ملابسي المطلية ببقعات البول النتن . دون أن أتردد ،أقول لك كلاما عجيبا لم تسمعه أذناك في بلاد الضباب:
ـ عندما بدأت في تمزيق أوراقي البالية تذكرت محجوبة، جدتي عندما طالبتني يوما ما بالتبول في صحن كبير حتى تتمكن من شربه. قالت لي و هي تضحك باكية حتى برزت نواجذها: هذه هي المعزة يا وليدي.
لم أكن أعرف كيف أن الحب يساوي شرب البول.

بالأمس تحولت و على غي عادتي إلى كائن نهاري لا يرى ظلمة الليل الحزينة. بدأت أرى وجوها وقد استولى عليها الحقد و الضغينة. أيادي تتطاول على أرزاق الغير. بدأ القبح يصنع من الأجساد جثثا مترامية على الحواشي. غادرت ذلك المكان لأ لتقي بك و أقول حقيقة ما:
ـ هناك، الخوف هو سيد المكان، هو المهيمن، الجبار، هو ذات الإنسان. نفكر بالخوف و نأكل بالخوف، حتى أحلامنا أصبحت خائفة من بطش اللاشعور. كثيرا ما أردت أن أتحول إلى عصفور أو حمار لا يرى و يسمع عنف الآدميين و هم يصرخون من شدة الألم.

في وقت ما، لم أكن افهم هدوءك و رزانة مواقفك. فهل تعلمين أن لعنة الشرطي ما زالت تطاردني باستمرار. لا أريد أن أنساك و لا أن أتخلى عن ذلك النسيم المنبعث من بين أصابعك و أنت تحاولين إطفاء نار الحسرة و الاغتراب التي تمزق أحشائي. فأنا كبقعة صغيرة من الدم لا تجفف بسهولة، تتسرب بسرعة الضوء إلى كأسي وكأنها سم يسري في شراييني. هناك وهنا، أناس لا يفهمون العلاقات الأبدية، يجهلون نشيد الحرية. اندهش عندما أرى اغترابي اللانهائي و هو يرفض أن يطلق سراحي.

اليوم ، وبعد مرور تلك الساعات النارية ، تعاكسني ألفاظك، روحك الإنسانية ، أطيافك ووصاياك التي تبشر بموت السجان و إطلاق سراح السجين . لكن وأقولها بصوت مرتفع:
ـ لو غادر السجان سجينه لن يتخلى عن مغادرة جسدي، لقد سكن ضلوعي وتحول إلى جزءا مني .

عليك أن تعرفي أن كل الكلمات عندي أمست من رصاص، و حتى الحروف تحولت إلى ذوات مسجونة، قابعة وراء قضبان فولاذية. وبالرغم من كل هذا، سأعود إليك و أنت مستلقية فوق ذلك الكتاب الموزون بالمعاني، تنظرين إلى فضاءات بيتنا الجميل، تتأملين زمن الغدر عسى أن تخففي عني عذاب العزلة.

محمد نبيل ـ صحافي و كاتب مقيم بألمانيا
[email protected]



#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو الألماني الصالح ؟
- سؤال الموت
- سؤال الصحافة بمغرب اليوم
- حقيقة مفهوم صراع الحضارات
- سكوت، نحن في تونس !


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نبيل - رسالة من برلين