أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد نبيل - من هو الألماني الصالح ؟















المزيد.....

من هو الألماني الصالح ؟


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 05:48
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


منذ تطبيق ما يسمى "اختبار الميول والنزعات الداخلية" في 44 سلطة تابعة لولاية بادن- فورتمبيرغ وهو اختبار يستخدم كجدول معايير لفحص المهاجرين والتأكد عما إذا كانت تتوفر لديهم الشروط الخاصة بالتجنس في ألمانيا، و الجدل يتفاعل بين السياسيين و رجال الإعلام الألمان حول هذا المنحى السياسي الجديد. فمسألة شروط منح الجنسية الألمانية بهذه الولاية وطبيعة الأسئلة المطروحة شجعت بعض وسائل الإعلام على طرح سؤال مثير جدا حول من هو الألماني الصالح ؟ هذا السؤال و بمجرد طرحه يفترض وجود خلفيات سياسية وشروط تساهم في إثارته لابد من توضيحها و تحليل مراميها.

أولا نجد العديد من الفاعلين السياسيين الألمان عبروا عن رفضهم لهذا الاختبار الذي يستهدف بالدرجة الأولى خلق متاعب لكل من يود من الجالية المسلمة الحصول على الجواز الألماني. فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد زعيم الحزب الديموقراطي الاجتماعي ماتياس باتسك الذي أكد بكون هذا الطريق خاطىء لمن يريد حل مشكلة الاندماج بألمانيا. دلالات هذا التصريح تجد مبرراتها في نوعية الأسئلة المطروحة في الاختبار و التي يتم من خلالها فحص مدى استعداد المرشح للحصول على الجنسية لتبني أفكار التسامح الديني، فضلا عن التسامح تجاه المجموعات الإثنية أو فيما يتعلق بالميول والنزعات المثلية لدى بعض الناس في المجال الجنسي.

ثانيا، إن النقاش الدائر حول هذا الموضوع يؤدي بنا لا محالة إلى إبداء ملاحظة أساسية حول كيفية تحويل الجنسية من مجال الحق التي تضمنه المواثيق الدولية و الدستور الألماني إلى مجال الامتياز، وفي هذا الأمر مخاطرة سياسية كبرى تحمل أكثر من معنى، إذ نسجل تأييد الحزب المسيحي الديموقراطي الحاكم بالولاية المذكورة للإجراء الجديد ضد خصمه التاريخي الحزب الاجتماعي الديموقراطي الذي يشكل حليفه السياسي في الحكومة الفدرالية ـ البونتستاغ ـ . هذا الصراع الحزبي حول مقترح تقنين الحصول على الجنسية الألمانية برمته إلى رهان سياسي و انتخابي لن تتبدد انعكاساته بسهولة، مما يدفعنا إلى طرح أكثر من علامة استفهام حول الأسباب التي جعلت اقتراح حكومة ولاية بادن- فورتمبيرغ يشعل فتيل الجدل و الصراع السياسي؟ لفهم هذا الأمر، لابد من الإشارة إلى أن طبيعة الأسئلة المقترحة في الاختبار تعد مستفزة بالدرجة الأولى للمسلمين المقيمين على الأراضي الألمانية لكون مضمونها يدل على ذلك. فالحصول على الجواز الألماني يفرض على كل مرشح الإجابة على أسئلة من قبيل: ما ذا سيكون موقفك أو رد فعلك عندما يأتيك أحد أبنائك و يصرح لك أنه مثلي أو أنها سحاقية ؟ في رأيك ،هل مرتكبي أحداث الحادي عشر يعدون من الإرهابيين أم محارببن من أجل الحرية ؟

إن هذا النوع من الأسئلة، الغرض منها هو تهميش المسلمين و حرمانهم بطرق ملتوية من حقهم في الحصول على جواز السفر. إنه إجراء يؤكد على فكرة خنقهم وتجريدهم من حق مضمون في بلد مازال يشكل فيه الانتماء إلى الوطن عقدة تاريخية لم يتخلص منها الألمان لحدود الساعة. فرجوعا إلى الإحصائيات الرسمية ،نجد أنه خلال سنة 2004 لم تتجاوز نسبة الحاصلين على الجنسية الألمانية 127. 153 شخصا، منهم 35في المائة من الأتراك و 5,9 في المائة من البولونيين . هذا العدد يعتبره العديد من المهتمين و المحللين جد قليل بالمقارنة مع حجم ساكنة ألمانيا و الذي يصل إلى 82,45 مليون نسمة دون نسيان أنه حتى هذه الكثافة السكانية تتناقص بشكل مهول كل سنة نظرا لارتفاع نسبة الشيخوخة و الإنخفاظ الكبير في نسبة الولادات.

العديد يعتبر أن وضع شروط لمنح الجنسية الألمانية يأتي في سياق استراتيجية محاربة الإرهاب المصنوعة من طرف إدارة بوش و التي تهدف إلى تركيع أصحاب القرار الألماني. فمكتب الأمن الداخلي و الذي وظيفته هي الدفاع عن الدستور الألماني يؤكد في إحدى تقاريره على أنه قرابة 32000 من الإسلاميين المتطرفين يعيشون بألمانيا. فمثل هذه التقارير من جهة و السياسة الأمريكية الحالية من جهة ثانية، كلها تعزف على نفس الوتر وتساهم بشكل أو بآخر في خلق عدو وهمي من أجل تبرير التدخل الأمريكي في كل بقاع العالم بما فيها ألمانيا التي لم تخرج بعد من نتائج الحرب العالمية الثانية. وهذا الأمر يبرره ما يطلب من المرشحين من إجابات تفصح عن مواقفهم تجاه الإرهاب المنمط بدواعي دينية ومبادئ المساواة الاجتماعية والسياسية الخاصة بالمرأة وحقها في تقرير مصيرها إضافة إلى قيم الشرف والعادات والتقاليد. أما الخلفية الأخرى التي تقف وراء هذا الإجراء الألماني الجديد هو التخوف الذي أصبح تدركه أوروبا إزاء المسلمين و هو أمر يؤكده تقرير اتحاد هلسنكي الدولي لحقوق الإنسان الصادر في مارس/ آذار 2005 والذي يرى أنه منذ أحداث الحادي عشر بدأت الأغلبية السكانية في كافة أنحاء أوروبا تشعر على نحو لم يكن معهودا من قبل بأن المسلمين يشكلون خطرا عليها في عقر دارها الأوروبي. هذه الفوبيا لم تكن في أي وقت مضى بهذه الحدة كما يحدث الآن، حيث أمسى المسلمون بأوروبا يشعرون بوطأة التمييز والنظرة السلبية في حياتهم اليومية.

رفض هذا الاختبار الذي يفتقد إلى روح المسؤولية ويقوم على قاعدة الاستهزاء لرفع درجة القلق وخلق البلبلة لم يكن فقط من قبل السياسيين و المجتمع المدني و الجمعيات الإسلامية بألمانيا بل صدر كذلك عن ممثلي إتحاد المنظمات المدافعة عن حقوق المثليين جنسيا و الذين اعتبروا أن إجراء حكومة بادن- فورتمبيرغ يعد مسا بصورة المجتمع العصري وضربا للحق في الانتماء المضمون لجميع المواطنين كيفما كانت ديانتهم، لونهم، عرقهم... هذا الموقف جعل أحد ممثلي الإتحاد يتساءل ساخرا حول أحقية البابا في الحصول على الجنسية الألمانية و هي إشارة إلى موقف هذا الأخير الرافض لزواج المثليين !

عموما، يمكن القول بأن نتائج قرار حكومة بادن- فورتمبيرغ ـ التي تعتبر ثالث ولاية من حيث الأهمية و يصل عدد سكانها إلى 10 مليون نسمة ـ ستكون معاكسة لكل تدبير أو سياسة ديموقراطية من شأنها إدماج المهاجرين في المجتمع الألماني.فحسب ياسمين كراكش أوغلو، أستاذة في جامعة بريمن ، "إذا أردنا حماية أنفسنا من خلال اختبارات الميول والنزعات، فهذه التجربة قد فشلت مراراً في استبعاد المثقفين والمتطرفين اليساريين من الحياة العامة. كانت كل المحاولات في الدخول إلى عقول الناس وتحديد ميولهم وقناعاتهم تتعارض مع القناعة الديمقراطية ".

قرار اختبار الميولات و القنا عات و تدابير أخرى تساهم كلها بشكل كبير و بدعم من بعض وسائل الإعلام في إنتاج صور نمطية عن الدين، الزواج و غيرها من الأشكال الثقافية و الدينية للجاليات المسلمة. في هذا السياق تميز ذ. ياسمين كراكش أوغلو بين المفاهيم و تحاول التدقيق في معناها. فهي ترى أنه "يوجد فرق بين الزيجات المنسقة من قبل الأهل وبين الزواج القسري. إنه من حق المرء أيضاً عن طريق التنسيق المسبق بمشاركة شخص ثالث، بالدرجة الأولى الأقارب والأهل أو حتى أشخاص آخرين، إبرام الزواج والموافقة عليه. هذا لا يسمى مسبقاً بالزواج القسري. هذا التمييز مهم بالنسبة لي وللأسف فان الرأي العام غير مدرك له لأنه مقتنع بتعريف واحد لا غير".

مما لا شك فيه أن مبادرة حكومة بادن- فورتمبيرغ أدت بالعديد من المؤسسات الصحفية الألمانية إلى استغلال الموضوع لإثارة جدالات مبالغ فيها لتغذية الصراع و الاستفادة منه إعلاميا. و على سبيل الذكر، جريدة بيلد ذائعة الصيت التي تساءلت حول إمكانية حرمان حتى الحاصلين سابقا على الجنسية و الذين ولدوا بألمانيا، وهذا يجد مبرراته في كون الاختبار السالف الذكر مبالغ فيه و متجاوز حتى لمعارف الألمان حول بلدهم.

يبقى إذن على وزراء الداخلية بجميع الولايات الألمانية أن يقرروا في شهر ماي المقبل خطة عمل موحدة للخروج من هذا المأزق السياسي المضر بصورة ألمانيا الديموقراطية. و إلى حدود ذلك التاريخ يظل التساؤل المحوري: من سينتصر في النهاية، هل ألمانيا الديموقراطية المتبنية للحوار والمحتضنة لكل المواطنين بكل انتماءاتهم والمعتمدة على سياسة ترمي إلى إدماج المهاجرين باعتبارهم جزءا طبيعيا من المجتمع مع اتخاذ إجراءات محددة لدفع اندماجهم المدرسي والمهني قدما أم هي ألمانيا الديماغوجية المنبطحة لقرارات الإدارة الأمريكية و الرامية إلى تنميط صورة الألماني الصالح و جعلها في قوالب جاهزة ضاربة عرض الحائط كل القيم الرامية إلى احترام الاختلاف الحر في كل أبعاده ؟



#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال الموت
- سؤال الصحافة بمغرب اليوم
- حقيقة مفهوم صراع الحضارات
- سكوت، نحن في تونس !


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد نبيل - من هو الألماني الصالح ؟