أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - خوف الطغاة من الأغنيات















المزيد.....

خوف الطغاة من الأغنيات


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 6025 - 2018 / 10 / 16 - 11:41
المحور: حقوق الانسان
    


على مدار التاريخ، لم تكن العلاقة بين المثقف والسلطة علاقة جيدة، مع الإقرار بوجود بعض الاستثناءات والومضات القصيرة، لذلك، كان المثقفون يدفعون حيواتهم في سبيل قولهم ما يرونه صائبا، أو في سعيهم للتغيير، هذا تكرر في كل العالم تقريبا، ربما في الدول الديمقراطية يحتمي المثقفون بالقانون، وبالرأي العام، الذي له تأثير كبير في تلك الدول.

وقد شهد تاريخنا العربي الإسلامي عشرات الحالات لقمع وقتل أي صوت معارض، مثلا: قَتل سفيانُ بن معاوية عبد الله بن المقفع بسبب كتابه الرمزي "كليلة ودمنة"، فقطع يديه، وشواهما، وأجبره على أكل قضمة منها.. هشام بن عبد الملك قطع أطراف غيلان الدمشقي، وتركه ينزف حتى الموت، بسبب آرائه في القضاء والقدر.. وفي عهده قام والي الكوفة خالد القسري بذبح الجعد بن درهم ذبْح الشياه تحت المنبر في صلاة العيد.. وفي زمن المقتدر بالله أُعدم الحلاج، بسبب آرائه في التصوف.. وفي عهد المأمون والمعتصم سُجن وجُلد الإمام ابن حنبل لرفضه القبول بقول خلق القرآن.. وفي عهد المتوكل، جُرّد الكندي، فيلسوف العرب، من ملابسه وهو في الستين، وجُلد ستون جلدة في ميدان عام، لقوله بخلود الكون.. أما الخليفة الموحدي أبو يعقوب، فقد أحرق كتب ابن رشد، ونفاه إلى مراكش، بسبب آرائه الفلسفية.. وهذا غيض من فيض..

في تاريخنا الحديث، اغتالت وأعدمت السلطات الاستبدادية عشرات الكتّاب والمفكرين، بسبب آرائهم السياسية والفكرية؛ ولأن القائمة طويلة جدا، سنركز على البلدان العربية، ونبدأ بآخر قتيل؛ الصحافي جمال خاشقجي، الذي اغتيل في القنصلية السعودية في إسطنبول، وسط اتهامات بتورط النظام السعودي، الذي سبق له أن اختطف المفكر اليساري ناصر بن سعيد، وألقاه من الطائرة في صحراء الربع الخالي.

ولو عدنا قليلا بالزمن سنذكر على سبيل المثال: في السودان، زمن جعفر النميري، أُعدم المفكر محمود محمد طه بسبب آرائه حول الفترة المكية والمدنية، ورفضه تطبيق أحكام الشريعة.. وفي مصر أُعدم سيد قطب بتهمة المشاركة في مخطط ضد الدولة.. وفي العراق أُعدم محمد باقر الصدر صاحب كتب اقتصادنا، وفلسفتنا..

وطبعا جرائم الاغتيالات والإعدامات لم تكن من تنفيذ السلطات فقط؛ فقد نفذ متطرفون العديد من عمليات الاغتيال بحق مفكرين، أبرز تلك الحالات: اغتيال كل من مهدي عامل وحسين مروة، في لبنان، بسبب كتاباتهم اليسارية أواسط الثمانينات.. وفي مرحلة لاحقة، اغتيال الكاتب سمير قصير، وجورج حاوي أمين عام الحزب الشيوعي، والصحافي جبران تويني..

وفي مصر اغتيال الكاتب فرج فودة، والمؤرخ جمال حمدان، والأديب يوسف السباعي، ومحاولة اغتيال فاشلة للأديب نجيب محفوظ، والأديب مكرم محمد.. وفي الأردن اغتيال الكاتب ناهض حتر.. وفي الجزائر اغتيال الأديب مولد فرعون، والأستاذ الجامعي جلال اليابس، والهاني بليس.. وفي تونس اغتيال المفكر اليساري شكري بلعيد، والحاج محمد البراهمي.

أما إسرائيل فقد اغتالت كل من: الأديب غسان كنفاني، والمؤرخ عبد الوهاب الكيالي، ورسام الكاريكاتير ناجي العلي، والسفير وائل زعيتر، والسفير محمود الهمشري، والأديب ماجد أبو شرار.. وهؤلاء كان نشاطهم فكري ثقافي إعلامي..
في العراق، بعد الاحتلال الأمريكي، قُتل في غضون فترة قصيرة، وبطريقة منهجية نحو 5500 أكاديمي عراقي. نصفهم يحملون لقب أستاذ جامعي، فضلا عن قتل آلاف الأطباء.. ما بدا واضحا أن أطرافا خفية تقصد تفريغ العراق من المفكرين والكفاءات العلمية والأكاديمية، وخنق أصوات المعارضة، وهناك مؤشرات على تورط الموساد الإسرائيلي بهذا المخطط.

والأسلوب الثاني، الذي تلجأ إليه الأنظمة والجماعات المتشددة هو التكفير؛ تكفير كل كاتب أو مفكر يكتب ما لا يعجبهم، تمهيدا لهدر دمه وقتله، ربما أول تلك الحالات تكفير القضاء اللبناني لصادق جلال العظم على كتابه نقد الفكر الديني، وتكفير القضاء المصري لنصر حامد أبو زيد على كتابه نقد الخطاب الديني، وتكفير الخميني للروائي البريطاني سلمان رشدي بسبب روايته آيات شيطانية..

وإلى جانب الاغتيالات والإرهاب الفكري، تمارس السلطات أساليب قمع أخرى، أهمها السجن.. في الكويت مثلا، صدر حكم بالسجن 46 سنة، بحق النائب عبد الحميد الدشتي بسبب تغريدة انتقد فيها دول الخليج على موقفهم من التورط في حرب سوريا. وفي الإمارات قضت المحكمة بالسجن عشر سنوات مع غرامة مليون درهم على الناشط الإماراتي أحمد منصور بسبب تغريداته، كما سجنت الكاتب الأردني تيسير النجار ثلاث سنوات، بسبب بوست على فيسبوك، وفي السعودية حُكم على الشاعر الفلسطيني أشرف فياض بالسجن ثماني سنوات مع 800 جلدة، بسبب قصائده. وفي قطر، حكم على الشاعر محمد بن راشد العجمي بالحبس 15 عاما بسبب قصيدة، ثم أفرج عنه بعد أربعة سنوات.

وفي الأردن تم توقيف المدون عمر زوربا بتهمة القدح، وسجن القيادي الإخواني زكي بني أرشيد، سنة ونصف، بسبب بوست على فيسبوك، انتقد فيه قائمة التنظيمات الإرهابية الصادرة عن الإمارات. وفي لبنان، حُكم على الصحافي محمد نزال بالحبس 6 أشهر بسبب تعليق على فيسبوك انتقد فيه أداء بعض القضاة اللبنانيين. وفي الضفة الغربية تم استدعاء الناشطة نائلة خليل والمدون رامي سماره بسبب كتاباتهم على فيسبوك.

وأيضا، يدفع الصحافيون ثمنا باهظا لتمسكهم بحقهم في حرية التعبير، ومن أجل إيصال صوتهم للناس، وحسب تقرير لليونسكو، قُتل بين عامي 2006 ~ 2017 أكثر من 1050 صحفيا، في مختلف أنحاء العالم، وفي كل سنة يزيد العدد.

سواء اتفقنا أم اختلفنا مع هؤلاء الكتاب والأدباء والمفكرين، الذين أعدمتهم أو سجنتهم أنظمة القمع والاستبداد، أو اغتالتهم قوى التطرف والإرهاب.. لا بد أن نقف احتراما لتضحياتهم، ونحيي شجاعتهم في قول قناعاتهم، وأن ندين محاولات إسكاتهم، والتي هي محاولة لإسكات وإرهاب غيرهم، حتى تظل تلك الأنظمة ممعنة في غيها وفسادها، وتظل تلك القوى والجماعات الإرهابية ماضية في مشروعها الظلامي..

"لكل إنسان الحق في اعتناق آرائه دون مضايقة، والحق في حرية التعبير".. العهد الدولي لحقوق الإنسان، مادة 19.
"أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".. حديث شريف.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعدام ميت
- الأصوليّة الإسلامويّة الجديدة - تأملات في فكر وممارسات قوى ا ...
- الفقر، والانفجارات الشعبية في العراق
- بوح واعترافات شخصية
- وما زال حرق النساء مستمرا
- خزعبلات المشايخ
- الرجل والمرأة، كراهية أم خوف؟
- إيران تخلع الحجاب
- النيوليبرالية الإسرائيلية
- بماذا نؤمن؟ ولماذا؟
- ماذا يحدث في السعودية؟
- الجيل القادم من داعش
- قضية الأمازيغ
- الفيدرالية هي الحل
- يا مسيحيي الشرق، شكرا لكم
- تحصين التخلف
- انتحار جماعي للحيوانات، وللبشر
- المقدمات التاريخية والسياسية لوعد بلفور - دراسة بحثية
- تصفية آثار جهيمان
- لغز الكون الأعظم


المزيد.....




- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - خوف الطغاة من الأغنيات