أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند زكي - الحفرة ... !!















المزيد.....

الحفرة ... !!


مهند زكي

الحوار المتمدن-العدد: 6013 - 2018 / 10 / 4 - 23:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل اكثر من اربعين سنة جاء الاب ادريس هو ورفاقه الى منطقة شبه خاليه , تعاهدوا على جعل هذه البقعة محط انظار المناطق المحيطة بها , قام الاب ادريس ورفاقه بالسهر على هذه المنطقة وبنائها ووضع قانون لها , قانون يساوي الكل , ويرفع من هيبة الناس امام بعض وهيبة القانون امام الناس . الاب ادريس ورفاقه اتموا مهمتهم , وضعوا القانون , والتشريع وكل ما يدير هذا المكان , واطلقوا عليها اسم الحفــــرة ...!
الاب ادريس هو ذلك الرجل الشرقي , حاد الملامح , يرتسم على محياه شارب غليظ , رغم حدة ملامحه الا انه يمتلك ابتسامة تدفئ القلب , يشعرك بها بطمئنان الروح , يشارك الناس همومهم , يجول البيوت , يرى اكلهم وشربهم , لا يخذل من التجئ اليه .
مرت السنين والسنين , واصبحت في الحفرة اجيال بعد اجيال , يحمونها ويدافعون عنها من الغرباء , ويضحون بما هونفيس وغالي من اجل ان تبقى الحفرة شامخة لا تمسها ايادي الطامعين .
تعرضت الحفرة واهلها الى ازمة عمل وطعام , حاول المغرضون ان ينهوا عزيمة الاب ادريس ورفاقه وجعل الناس تنفر منه , الا ان الاب ادريس كان مؤمن هو ورفاقه بهذا المكان اكثر من ايمانهم بأنفسهم , فقاموا بعمل مطبخ ومطعم يقدم الطعام اليومي للناس مجانا مهما كان حجم العائلة , وسوق يقدم المواد التموينية والخضار الى الناس بسعر زهيد جدا من يريد ان يدفع ومجانا من لا يريد ان يدفع او من ليس لديه المال , كما كان الطلاب يدفع لهم الاب ادريس لاكمال دراستهم , وكان يتكفل بالايتام ومن لا مأوى له .
وبصبرهم وتكاتفهم , مروا من هذه الازمة , لكن استمر هذه النظام لانهم رأوا ان هذه النظام سوف يساعد المحتاجين واهل الدخل القليل
كان للاب ادريس ابناء من ضمن ابناءه ( سليم ) الذي طالما حلم بأن يكون هو الزعيم على الحفرة , لكن الاب كان يرى ان سليم لايصلح ان يقود الحفرة وان ابنه الاصغر هو الاصح لهذا المكان , لحكمته وطريقة تعامله مع المشاكل الداخلية والخارجية .
وبعد سنوات وسنوات من اطماع شركات الاستثمار ورجال الاعمال وبعض الجهات التي طالما عرف عنها التوسع والعداء التاريخي الدفين للحفرة , قرروا ان يسيطروا على الحفرة والاطاحة بالاب ادريس ورفاقه , والاستثمار في هذه المنطقة وانهاء هذا العهد الذي طالما ارقهم وكان شوكه في اعينهم وسد منيع لكل اطماعهم .
وفي ليل يوم ما شرقت الشمس بعده , قرروا ان يهاجموا الحفرة , ويقتلوا عائلة الاب ادريس وكل رفاقه السيطرة على الحفرة وكل مفاصلها ,
هجموا بغربانهم السود , وقتلوا من قتلوا , واخذوا من اخذوا
بيت الاب ادريس كان رمزا لمن يلجئ اليه , الان محصن لزمرة ( الغربان السود )
القانون تغير , تدفع تعيش , اغروا الناس بالمال في بداية الامر , لكن بعد اشهر , اتضح كل شيء .
شوارع الحفرة النظيفة ,اصبحت النفايات والمخدرات تملئها , الجريمة التي نادرا ماكانت تحدث وان حدثت يعاقب مرتكبها في موقع الحدث , الان الجريمة والتصفيات جزء لا يتجزء من احيائها , مجموعات تمتلك السلاح تنتشر في كل ازقتها لمن هم ولمن يعملون وما هي اهدافهم لا تعلم , وعندما تسألهم يقولون نحن ندافع عنكم , ممن ؟؟ وانتهم من تقتلوننا وتستبيحون اعراضنا , ان عارضتهم قتلوك ان اطعتهم اذلوك .
البطالة انتشرت , والجوع تفاقم , المطعم والمطبخ الذي عمله الاب ادريس تلاشى شيئا فشيئا , السوق المجاني انتهى , واصبحت بدل بضاعة الحفرة وخضرواتها , الان المستثمرين واتباعهم استبدولوها ببضاعتهم وخضرواتهم , التي تأتي من الممول لمجموعة ( الغربان السود )
شعار الحفرة القديم انتهى , وضعوا شعارا جديد , القوانين القديمة الغيت , لانها كانت تنصف الفقراء , حتى الطلاب الذين كانت دراستهم مجانية , الان اصبحت باهضة الثمن جدا , العوائل الذين فقدوا ابائهم دفاعا عن الحفرة وكانوا يستلمون الرواتب لعيش عوائلهم , الغيت هذه الرواتب , العوائل هربت من الحفرة , اصبحوا يتأملون اليوم الذي تعود فيه الحفرة الى سابق عهدها وقوتها , شباب الحفرة بعد ان كان لهم سطوتهم وهيبتهم , الان هربوا من الحفرة والتجأوا الى مناطق اخرى يعملون بها خدم وعمال , نساء الحفرة اللاتي عرفن بقوتهن وشرفهن وصبرهن , اغمن على العارة المبطنة والتسول وغيرها ,
قادة ( الغربان السود ) اتفقوا ان يجعلوا اهل الحفرة وشبابها تختلف فيما بينهم لكي يضمنوا سيطرتهم التامة , ولا يقوموا بثورة عليهم , حل النزاع فيما بينهم , والصديق اختلف مع الصديق , والجار خاصم الجار , والاخ قتل الاخ , هذه رغبة ( الغربان السود )
شغلوهم بالفرقة , والمصادر العيش , ومصاعب الحياة , ذهبت تلك الايام التي ما ان صاح احد محتاجا الا وهب له اهل الحفرة , الخوف يتعري الكل , السرقة تملئ الشوارع , المخدرات , تجارة الاطفال , تجارة الاعضاء , كل مالم يخطر على احد , اصبح الان رائجا في الحفرة
الحفرة كانت رمزا من رموز المحبة والتعايش , رمزا من رموز الاستقرار , رمزا من رموز سيادة القانون
اليوم يضرب بها المثل في مستوى الجريمة والفساد والقتل والدمار والسرقة والتفرقة وسيطرة الخارج على امور الداخل
الناس في الحفرة ... تتمنى لو انهم فعلا بذلوا الدم وانفسهم لحماية الحفرة , الان تذكروا كل ماقاله لهم الاب ادريس , لو ضعفت الحفرة سوف نمزق ويسيطر عليها الاعداء
طالما قالها الاب ادريس لو تمكن الاعداء من السيطرة على الحفرة , سوف قتلوا كل شيء ويحولوها الى تابعة , ذليلة , مأجورة الى منطقة اخرى
نعم قالها , نعم قالها
لهم اطماع , سوف يستعبدون اهلها
نعم قالها الاب ادريس , ولم يفقه له اهل الحفرة
الا بعد ان جربوا , ورأوا بأم اعينهم
قالها الاب ادريس ...
الحفرة ليست مكان فقط ,
الحفرة مبدأ , فكرة , حلم , الحفرة ايقوة حياة , فالنبقى ندافع عنها , فالحفرة هنا ... بالقلب , تجري مع الدم , مع مجرى النفس , لا ترحل عنك , معك حيثما تذهب واينما ترحل ...
فالحفرة وطـــــــــــــن
والوطــــــن لا ينتزع
لا تذهب بعيدا بمخيلتك ... فهذا مسلسل تركي اسمه الحفـــرة ...!!
ما اقرب حفرتنا لهذه الحفرة



#مهند_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اين نبدأ ...؟
- نحن ... ومجاهدي خلق
- انتخابات جنود ولاية السفيه
- نحن شعب ... جبان
- الدعارة ... مابين الحجاب والعمامة
- لي وطن كان اسمه ... العراق العظيم
- الثورة لنا
- رسالة من شعب مذبوح ....!
- السيرة الدموية الشريفة
- مافيا الاسلام ... وقادته
- عصائب الحق ... عصائب اهل الزنا
- كلاب الإسلام السائبة
- اقتدوا بنا ... لأننا الحضارة
- بعقلي وحضارتي ... اقاوم عهر عقيدتكم إلا أخلاقي


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند زكي - الحفرة ... !!