أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عصام مخول - في ذكرى القائدة الشيوعية فيليتسيا لانغر: حقوق الانسان نابعة عن معركة الشعب الفلسطيني التحررية وليست اختزالا لها!















المزيد.....

في ذكرى القائدة الشيوعية فيليتسيا لانغر: حقوق الانسان نابعة عن معركة الشعب الفلسطيني التحررية وليست اختزالا لها!


عصام مخول

الحوار المتمدن-العدد: 6013 - 2018 / 10 / 4 - 10:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


من أجل ارتكاب جريمة حرب يفترض ان تتوفر ثلاثة شروط : توفر المجرم – وتوفر الضحية وتوفر ملايين الناس الذين ينظرون في الاتجاه المعاكس بعيداً عن موقع الجريمة... في فلسطين كانت هذه الشروط حاضرة بقوة بعد عدوان حزيران 1967 واحتلال اسرائيل لفلسطين كلها وإطلاق مشروعها التاريخي لإخضاع الشعب الفلسطيني كاملا ونهائيا وصولا الى صفقة القرن.
في هذه الظروف ظهرت فيليتسيا لانغر في القدس لتواجه مجرمي الحرب.. وتعيش في ثنايا نضال شعب بطل يتحسس طريقه الى الحرية ويبني مقاومته للاحتلال من قلب عتم النكسة معلناً إصراره على تحقيق استقلاله الوطني..
كانت مهمة فيليتسيا الشيوعية اليهودية وخياراتها مركبة، في مركزها مهمة لفت أنظار الملايين في كل أنحاء العالم وشدّها الى حيث ترتكب الجريمة والى ما تشهده هي بـ"أم عينها"..
خلقت فيليتسيا لانغر، المناضلة الأممية الكبيرة والقائدة الشيوعية - نموذجا كفاحيا ثوريا يتجاوز الانتماء الى حدوده القومية والدينية الضيقة، وجدلت مفهوما متميزا للتضامن الأممي ينتمي الى الموقف التقدمي والثوري العالمي، والى المعركة التحررية المجيدة للشعب الفلسطيني وحقوقه القومية العادلة.. من موقعها في قلب المجتمع الاسرائيلي المشبع بالشوفينية والعداء للشعب الفلسطيني والاستعلاء عليه في أعقاب حرب حزيران العدوانية عام 1967، انبرت المحامية الشابة فيليتسيا لانغر تمارس مفاهيمها الثورية الشيوعية من قلب القدس الغربية لتصبح عنوانا للمناضلين الفلسطينيين من مقاومي الاحتلال الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة وأسرى الحرية والمعتقلين الاداريين والمبعدين عن الوطن، وبلسما لمعاناتهم ولمعاناة عائلاتهم.
وسرعان ما تحول مكتبها الى مدرسة تمرّس فيها وتخرّج منها عشرات المحامين الوطنيين التقدميين الذين ساروا على هذا الطريق وأصبحوا قوة أساسية في مجابهة الاحتلال. وكما أن معركة الشعب الفلسطيني الوطنية لم تعتمد على منح "دول مانحة"، فإن انخراط فيليتسيا في الدفاع عن المناضلين لم تعتمد على صناديق التمويل ولا على أَنجَزَة (NGOs) النضال.. كثيرون ممن يشيدون بفيليتسيا لانغر يركزون، بروح العصر، على أنها مناضلة عنيدة دفاعا عن حقوق الانسان الفلسطيني في المناطق المحتلة بشكل خاص.. وهذا صحيح ومثير للاعتزاز والتكريم.. لكن ما يميّز فيليتسيا لانغر– القائدة الشيوعية الاسرائيلية، في دفاعها عن حقوق الانسان الفلسطيني – أنها لم تنظر الى حقوق الانسان الفرد بمعزل عن النضال من أجل حقوق الشعوب وحرياتها وقضاياها القومية العادلة، ولم تتعامل مع قضايا المناضلين الفلسطينيين بمعزل عن سياق هذا النضال التحرري. وانطلقت من الاعتراف بحق الشعب الواقع تحت الاحتلال –وواجبه – في مقاومة الاحتلال،وحقه وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي، في اختيار كل وسائل النضال المتاحة التي يرتئيها والتي تدفع قضيته التحررية الى الامام حتى إزالة كابوس الاحتلال..



فيليتسيا مجّدت حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال

رفضت لانغر جوهرياً أية مماثلة بين حق الشعب الواقع تحت الاحتلال في مقاومة المحتل، وبين ما يدعيه المحتل من مصداقية لاستعمال وسائل القمع والاضطهاد والتنكيل دفاعا عن أمن احتلاله.
خلقت فيليتسيا مفهوما جديدا للدفاع عن المقاومين الفلسطينيين ضد الاحتلال ودولة الاحتلال، فأصبحت جزءا من المعركة السياسية منخرطة حتى النخاع في النضال لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي وتحرر الشعب الفلسطيني.
إن مشكلة المؤسسة الصهيونية الحقيقية مع فولا اليهودية، نابعة عن أن فيليتسيا تكره العدوانية الاسرائيلية، وتدين التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وتعادي الاقتلاع والقمع والطرد من الوطن، والاحتلال الاسرائيلي والاستيطان والفاشية وتقاومها بالأدوات التي تتوفر لها، وتعتبر أن الصهيونية هي مصدر خطر حقيقي ليس على الشعب الفلسطيني فحسب، بل على اليهود أيضا. وتعتبر أن تخليص الشعب الفلسطيني، من الاحتلال ومن الهيمنة الصهيونية هو الشرط المسبق لتخليص اليهود من هيمنة الفكر والممارسة الصهيونية العنصرية ايضا.
إن أهم أسلحة التضليل التي تحاول المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة اللجوء اليها، هو الخلط المقصود بين اليهود والصهيونية وإسرائيل واحتلالها.. ليتسنى لها الخلط بهدف الابتزاز السياسي، بين الحق الأخلاقي في رفض الصهيونية، وفي إدانة السياسة الاسرائيلية، وملاحقة جرائم النخب الحاكمة فيها، وبين "ظاهرة اللاسامية"..
لذلك حولت المؤسسة الصهيونية الحاكمة في اسرائيل فيليتسيا الى "عدو الشعب في اسرائيل" ورمزا "لخيانة" يهوديتها كما حرضت عليها.. ويسوق الصديق الكاتب والصحفي البارز المقيم في لندن الياس نصر الله، والذي عمل الى جانبها في مكتبها في القدس، تفاصيل خطيرة لما كانت تتعرض له لانغر في محيطها الاسرائيلي، ضمّنها في كتابه الرائع: "شهادات على القرن الفلسطيني الاول" ما يلي :
"أذكر في أحد الايام، وكان يوم جمعة، أن لانغر عادت الى بيتها في رمات غان من زيارة للمعتقلات الفلسطينيات في سجن النساء في نفيه ترتسا، فاتصلت بي في المكتب (مكتبها)، لمعرفة ما إذا كان أي جديد. بعد دقائق معدودة عادت الى الاتصال بي مرة أخرى مستنجدة، وبان من طريقة كلامها أنها في حالة رعب شديد. إذ كانت وحدها في البيت فسمعت قرعا على الباب، ففتحته وصدمت عندما مدت لها يد غليظة دُست بها من الباب المشقوق باقة ورد أزهارها سوداء، فصرخت وسدت الباب بسرعة، ولاحظت وجود قصاصة ورق مع باقة الازهار السوداء، كتبت فيها عبارة :" مع تحيات طي.إن.طي".. وهي الآحرف الاولى من الاسم العبري لمنظمة טרור נגד טרור أي إرهاب ضد الارهاب.. وهو تنظيم شكله متطرفون يهود بعد حرب 1967، فألقت بباقة الورد في المدخل خشية أن يكون بداخلها ما يؤذيها.... قبل أن تهدأ لانغر من هول الصدمة سمعت همهمة غير عادية في الشارع خارج بيتها فأزاحت الستار ووقع نظرها على مشهد رهيب. كان في الخارج جمهور كبير من اليهود المتعصبين يتظاهرون وهم يرتدون ثيابا سوداء في ما يشبه الجنازة، وحملوا نعشا مطليا باللون الاسود، كتب عليه بخط عريض اسم "فيليتسيا لانغر"...
إن ما قدمته فيليتسيا لانغر لم يقتصر على الانخراط حتى النخاع في الدفاع عن المقاومين الفلسطينيين للاحتلال والدفاع عن الارض الفلسطينية والحق الفلسطيني، وانما ساهمت في تدوين وتوثيق معركة الشعب الفلسطيني اليومية التي شهدتها وكانت شاهدا عليها بـ"أم عينها"، ودونت ووثقت بطولات المقاومين الفلسطينيين فصار "أولئك إخوانها" وأبطالها الشخصيين.. وصارت ذاكرتها ومذكرتها أرشيفا وطنيا فلسطينيا مجيدا وثّق بطولات المقاومين الفلسطينيين وتجاربهم الكفاحية العينية المتراكمة في مقاومة الاحتلال وداخل زنازينه، وجعلت منها جزءا مركزيا من التراث الثوري والانساني التقدمي العالمي.
فيليتسيا لانغر وإن رحلت، فقد كانت وما زالت حيّةً فينا، أنشودة على ألسنة أجيال من المناضلين الفلسطينيين، وكوكبا مضيئا في سماء فلسطين وفي وجدان أجيال من التقدميين في المجتمع الاسرائيلي وفي ضمير الشعوب المكافحة على امتداد العالم، لم تكن فيليتسيا محاميةً أمميةً بارعةً ومتحدية للظلم فقط، وانما كانت قبل كل شيء قائدة ثورية أممية مرموقة وبارزة في قيادة الحزب الشيوعي الاسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.. على شاكلتهما ومثالهما.


لقاء مقدسي متميز لذكرى لانغر

خصصت "ندوة اليوم السابع" في القدس المحتلة ندوتها الأخيرة لإحياء ذكرى المحامية الشيوعية المناضلة الرائدة فيليتسيا لانغر في لقاء مقدسي متميز في مركز يبوس الثقافي، ترأسته وأدارته الروائية الفلسطينية ديمة السمان، وتحدث فيه على التوالي، المحامي علي أبو هلال منسق التحالف الاوروبي لنصرة الاسرى الفلسطينيين ونصرة نضال الشعب الفلسطيني، وعصام مخول رئيس معهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والاسرائيلية، والمطران عطاالله حنا، والكاتب الفلسطيني محمود شقير والمحامي محمد عليان والد الشهيد بهاء عليان، والاستاذ فريد الطويل والاديب جميل السلحوت.



#عصام_مخول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى تل ابيب!
- الراحلة باولا أبرامز والباقي فيصل حوراني(*): لحن يراوح بين ا ...
- التغيير الثوري في القرن ال 21 هدف مُلِحّ وقابل للتحقيق!*
- ألترنراتيف– رواية بديلة- من الألم الشخصي الى النضال السياسي ...
- منذ البدء.. أقلعنا عكس الزمن الأمريكي!
- 100 عام على الحركة الشيوعية في البلاد، و-المارّون بين الكلما ...
- الولايات المتحدة تغامر وتقامر بمصير العالم !
- ترباية (تربية) نمر مرقس!
- قرار التقسيم: عصبة التحرر الوطني - وطريق فلسطين الى الحرية
- قرار التقسيم بين الصهيونية التي قبلته قولا ورفضته فعلا، وبين ...
- مئوية ثورة اكتوبر: هبّوا ضحايا الاضطهاد
- -وعد- بلفور الامبريالي – ومشاريع الصهيونية التي سبقت الصهوني ...
- احتلال المسجد الاقصى من احتلال القدس العربية وتحرره من تحرره ...
- في مناقشة السياسة و-السياسي-!
- -الحب- و-الكره- ليسا من ميدان السياسة!
- عودةٌ الى -لبّ الصراع- و-فرصة الحل-!
- إنتفاضة
- الياس نصرالله -الدالول- على القرن الفلسطيني الاول!
- الكومندانت.. القائد - فيدل ما زلت تملؤ نفوسنا !
- مجزرة كفر قاسم ليست خللاً في السياسة وانما السياسة بعينها!


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عصام مخول - في ذكرى القائدة الشيوعية فيليتسيا لانغر: حقوق الانسان نابعة عن معركة الشعب الفلسطيني التحررية وليست اختزالا لها!