أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - تونس بين توافق الشيخ و الرئيس و تداعيات الصراعات الخفيّة















المزيد.....

تونس بين توافق الشيخ و الرئيس و تداعيات الصراعات الخفيّة


فتحي الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 6005 - 2018 / 9 / 26 - 06:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




في عالم الفكر والمعرفة، أضفيت على الطبيب الفيلسوف ابن سينا ألقابا كثيرة، لتعدّد مواهبه وريادته في الطبّ، لعلّ أشهرها لقب الشيخ الرئيس. فهو بالنتيجة ليس الشيخ وحسب بل وكذلك الرئيس، أي أنّ الرجل مزدوج الصفة أو لعلّه بلغة العصرالإشهاريّة، رجلان في رجل(2 في1). أمّا في عالم السياسة في البلاد العربية، و تحديدا في تونس ومنذ 2014 وحتّى قبل ذلك، فإنّ الأمر يختلف تماما وهو ليس على هذه الشاكلة فالشيخ شيخ والرئيس رئيس. ذلك أنّ المشهد السياسي والحزبي للبلاد، ، يسيطر عليه رجلان، متوافقان في الظاهر(1)، متنافقان ومختلفان في كواليس دوائرهما الحزبيّة. لكنّ لا يختلف إثنان في أنّهما يمسكان فعليّا على الأرض بمقاليد الحكم في تونس، حتّى بعد التصدّع التكتيكي الاخير للتحالف الإستراتيجي القائم بينهما منذ مدّة. إنّهما الشيخ والرئيس. وتعود الصفة الأولى الى راشد الغنّوشي زعيم حركة النهضة، وأمّا الثانية فالى الباجي قائد السيسي رئيس الجمهوريّة. ولكن غير مستبعد أن يصبح الشيخ في قادم الأيّام رئيسا، إن ترشّح إلى الإنتخابات الرئاسيّة لا سيّما بعد أن تعزّز موقعه في التوازنات السياسيّة إثر الإنتخابات البلديّة الأخيرة ، بما يفترض العود إلى إستعمال لقب الشيخ الرئيس الذي أفرد به عبر التاريخ وإلى اليوم الفيلسوف ابن سينا دون سواه.
إلاّ أنّ رجلا ثالثا، لا يترك الطريق للحكم سالكا لأحد، هو نجل الرئيس حافظ السبسي المدير التنفيذي لحركة نداء تونس، وهو غير جدير بالرئاسة ولا بالمشيخة، لكنّه يوظّف علاقته العائليّة برأس السلطة - رغم نفي الرئيس بشدّة لذلك حتّى في آخر ظهور تلفزي له - ويصرّ منذ سنوات، في سعي محموم ودون هوادة، على إمساك وتحريك خيوط اللعبة السياسية في تونس من وراء الستار، بصبيانيّة مفضوحة لا ترقى حتّى إلى المراهقة السياسيّة. وحجّته الوحيدة في ذلك، هي أنّ حزبه كان هو الفائز الأوّل في انتخابات 2014 التشريعيّة والرئأسيّة التي حملت والذه إلى سدّة الرئاسة. وقد أقحمته هذه المقاربة التي تجاوزتها التوازنات السياسيّة القائمة في صراع مفتوح مع كلّ من رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد والحالي يوسف الشّاهد، بما عقّد- في المرّتين- وزاد في تأزيم الحياة السياسيّة في تونس فباتت أقرب إلى السرك منها إلى شيء آخر، رغم تقدّم مسار الإنتقال الديمقراطي في البلاد بشكل لافت، ولا سيما على مستوى المكاسب في علاقة بحرّيّة التعبير والصحافة. وغير خاف على أحد اليوم في تونس أنّ نجل الرئيس حاول منذ البدء، معتمدا على صفتيه الحزبيّة والعائليّة، تطويق الحكومة باثارة المشاكل و الأزمات لعرقلة نشاطها، وتطويع يوسف الشاهد للإستجابة لبعض اقتراحاته في التعيينات في المناصب العليا، إلاّ أنّه لم يفلح في سعيه فناصبه العداء وتربّص به للإيقاع به في المأزق الذي يعسر عليه الخروج منه دون ضرر فادح. ولم يكتف بذلك بل إنّه نادى بعد ذلك بتغييره. وقد جاء سيناريو التغيير فيما يشبه ما كان اعتمده أبوه عند إقالة رئيس الحكومة السابق. إلاّ أنّه لم يفلح كذلك في هذا المسعى هذه المرّة رغم المساندة القويّة من الإتّحاد العام التونسي للشغل وبعض القوى الحزبيّة. إذ "ما كلّ مرّة تسلم الجرّة".حيث أظهرالشّاهد حنكة كبيرة في التصدّي وإفشال لا مناورات نجل الرئيس فحسب بل وكذلك مناورات الرئيس نفسه الذي دعى، في ذات السياق، إلى وثيقة قرطاج 2، لأنّه لم يعيّن يوسف الشاهد كرئيس حكومة، وهو الذي تعوزه التجربة إلاّ ليكون طيّعا له كوزير أوّل ليس أكثر. لكن إنقلب السحر على الساحر وجرت الرياح بما لا تشتهي سفينتي الرئيس الباجي قائد السبسي ونجله حافظ. وأسقط في يدي الرجلين الذين سلبت منهما كامل أوراقهما الضّاغطة بعد تحالف يوسف الشاهد مع حركة النهضة التي ظلّت الرقم الصعب على الدوام في المعادلة السياسيّة . في خضمّ هذا السرك السياسي من مناورات ومناورات مضادّة، لا يستفيد منها سوى الصائدين في الماء العكر، بلغت الأزمة الإقتصاديّة حدّا غير مسبوق، حيث تشهد تونس اليوم تفاقما في التداين الخارجي، وفي عجز الميزان التجاري، وفي نسبة التضخّم ، وفي البطالة. يضاف إلى ذلك ضعف حجم الاستثمار، وانخفاض في مدّخرات العملة الصعبة التي تزلت إلى مستوى حرج، وهو68 يوما فقط من التوريد، وتواصل الانزلاق الخطيرللدينار التونسي أمام العملات الأجنبيّة، بما عمّق تدهور المقدرة الشرائية للمواطن. إنّي أزعم، لا بل أجزم أنّ نجل الرئيس، هو أحد الأسباب الرئيسة التي أدّت بتونس إلى هذا الوضع الإقتصادي شديد القتامة.لأّنّه يحتّم على كلّ رئيس حكومة أن ينصرف إلى التصدّي إلى مناوراته المكشوفة وشطحاته البهلوانيّة- على معنى مقولة مكره أخاك لا بطل- بدل الإنصراف إلى مجابهة كبرى مشاكل البلاد المتعدّدة الابعاد، في المجال التنموي والإقتصادي والمالي والإجتماعي والصحّي والتربوي ونحو ذلك، فضلا عن الشروع في الإصلاحات الكبرى.
ما يثير الإستغراب والتعجّب، لأنّه من المفارقات، أنّ الرئيس بورقيبة المعروف بعدم ديمقراطيّته، كان قد أبعد نجله عن الحياة السياسيّة رغم تجربته الطويلة في المجالين السياسي والدبلوماسي. فيما أنّ الرئيس الباجي قائد السيسي الذي رفته بورقيبة من حزبه لمجرّد مطالبته، ضمن مجموعة أحمد المستيري، بدمقرطة الحزب الحاكم، لم يفعل ذلك رغم غياب التجربة السياسيّة لنجله. لا بل لا يزال إلى اليوم في ينحاز إليه وينفي عنه كلّ ما قيل ويقال في شأنه من تصرّفات خرقاء أحدثت شروخا هائلة طالت العمل الحزبي لنداء تونس لتؤدّي به إلى الشلل التام عن التواصل مع التّاس وتعبئتهم. ثمّ طالت العمل الحكومي فحدّت من نجاعته بما عمّق معاناة النّاس وعذاباتهم. ولكن لا بأس، فإنّ التاريخ سيقول كلمته الفصل ولو بعد حين.
المهندس فتحي الحبّوبي

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) يوم 24/09/ 2018 أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي فكّ الإرتباط مع حركة النهضة أي بينه وبين راشد الغنّوشي وذلك لمساندة حركته للشاهد حرصا على المحافطة على الإستقرار الحكومي قبل سنة واحدة من الإستحقاقات الإنتخابات القادمة.
.




#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل المقال بين ضروب التخريب وأشكال الإحتجاج
- دفاعا عن نساء تونس الماجدات من شطحات الإمارات
- خواطر و تأمّلات في كتاب: حصاد الغياب… اليد الصغيرة لا تكذب
- في الإعاقة والمعاقين وإبداعاتهم العديدة والمتعدّدة
- ماذا عن الخضوع الأعمى للإستبداد في المسيحيّة ؟
- أكذوبة المغالاة في حبّ الوطن وتراجيديا الإنسان العربي
- عندما تتتحوّل النوستالجيا إلى سكيزوفرينيا
- تناول معاناة الإنتظار بين صموئيل بيكيت وأونوريه دي بلزاك
- . الجوائز الأدبيّة.. بين التمدّد والتعدّد والقبول والرفض
- عندما تصبح المقاومة إرهابا عند العربان !!!
- مأساوية الواقع العربي عنوان لفشل الجامعة العربيّة وعطالتها
- نجم الدّين الحمروني رجل من رجال المرحلة بألف رجل له خصائص ال ...
- قراءة سريعة في حروب ما بعد الحرب العالميّة الثّانية وتواقيته ...
- ليس الحرّ من يفعل ما يريد، بل هو من لا يفعل ما لا يريد
- العرب بدو في سلوكهم وإن إدّعوا التمدّن و الحضارة
- في رفض الجديد وتقزيمه والتصدي للتجديد وتحجيمه
- في التراجع عن المواقف الخاطئة : جان جاك روسو نموذجا
- أي نصيب للعرب من طباعة وقراءة الكتب؟ !
- العرب بين ضرورة الحداثة وتمدّد التنظيمات السلفيّة الرجعيّة
- المثقّف وهواجس قول الحقيقة و فعل التغيير و استقلاليّة الموقف


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - تونس بين توافق الشيخ و الرئيس و تداعيات الصراعات الخفيّة