أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - دفاعا عن نساء تونس الماجدات من شطحات الإمارات















المزيد.....

دفاعا عن نساء تونس الماجدات من شطحات الإمارات


فتحي الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 28 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دفاعا عن نساء تونس الماجدات من شطحات الإمارات
لعلّي لا أبالغ مطلقا إذا ما جزمت أنّ، من سخريّة القدر ومهازل التاريخ الحديث ما يقوم به راهنا، ساسة الرعونة والإرتباك والتخبّط، الحاكمين بأحكامهم في الخليج- باستثناء الكويت- وخاصّة في الإمارات المتّحدة أو المشايخ البتروليّة، بتعبير أدقّ، من تجاوزات في حقّ لا بلدانهم فقط، بل وفي حقّ المجتمع الدولي ككلّ. فهم الذين لا تقاليد لهم في مارسة قواعد ونواميس السياسة الدوليّة ولا في انتهاج الاعراف الديبلوماسية، لا بل ولا يفقهون عموما، حتّى في مجرّد الابجديات البسيطة لهذين المجالين، يسعون في غرور وصلف- قلّ نظيره- لقيادة العالم العربي المثخن اليوم بالجراح الكثيرة فيضيفون له جراحا جديدة بركضهم نحو الزعامات الوهميّة والعنتريّات التي ولّى زمانها . بما جعلهم يكثرون من أعدائهم كلّما أشرقت الشمس وبعثت بأشعّة الاخاء والمحبّة والتعاون في سماوات غير سمائهم التي، لاتعجّ- للأسف الشديد- الاّ بالمؤامرات التي تحاك وتدبّر بليل وبالدسائس والفتن التي ما إن تخبو حتّى تعود للبروز مجدّدا.
إنّهم يتنافسون اليوم على امتداد الساحة العربية والاقليمية وحتّى الدولية، لا على بعث المشاريع الاستثمارية العملاقة المضمونة النجاح اقتصاديا، بما تعنيه من تحقيق انجازات ضخمة تستفيد منها، لا فقط الأجيال الراهنة، بل وكذلك الاجيال القادمة حين ينضب بترول الخليج، الذي بات اليوم نكبة العرب الكبرى التي لا تضاهيها سوى نكبة فلسطين، بل إنّهم يتنافسون فقط على إفتعال الازمات والحروب هنا وهناك على امتداد الوطن العربي بمحيطه وخليجه وشرقه وغربه. وذلك بدءا من اليمن، أصل العروبة ومهد لغة الضاد، المنكوب بصواريخهم العشوائية، رغم القول بأنّها ذكيّة، مرورا إلى، ليبيا الجريحة التي لا تزال تنزف دما وتذرف دموعا حارّة لم تجد من يكفكفها، وسوريا المدمّرة بحجرها وشجرها وانسانها المبدع رغم شموخها ورمزيتها التاريخية كأوّل خلافة اسلامية، وصولا الى بلد الحضارات الضاربة في القدم، العراق المجتاح بعد غدره، بل وحتّى إلى دولة قطر المتآمر عليها من محيطها الخليجي وذويها الذين هم أقرب إليها من حبل الوريد. ولعلّ آخر المهازل، وهي من المضحكات المبكيات، ما أتته دويلة الإمارات العربية المتحدة، حديثة الانبعاث، في حقّ تونس دولة وشعبا، وبصفة مخصوصة، في حقّ نسائها الماجدات، حفيدات علّيسة مؤسسة قرطاج، والكاهنة التي هزمت الرومان وحكمت شمال أفريقيا، وأروى القيروانية زوجة الخليفة المنصور التي اشترطت عليه "ألّا يتزوّج غيرها" وإلا فإنّ طلاقها بيدها ...
فقد أقدم الإماراتيون على منع التونسيات من ركوب الطائرات الاماراتية بدعوى ورود معلومة أمنية تفيد إمكانية القيام بعملية إرهابية من قبل إمراة تونسية أو حاملة لجواز سفر تونسي. وهي دعوى مفبركة ولا تنطلي على وعي وذكاء التونسيين عموما ولا يمكن إدراجها الّا في خانة "ربّ عذر اقبح من ذنب" لأنّ العمليات الإرهابية يمكن التصدّي لها والتوقّي منها بالتفتيش المشدّد في المطارات والرفع من درجة اليقضة، وليس بالمنع لجنس النساء من السفر عبر الناقلة الاماراتية بما هو تعبير لا واعي عن المكانة المتدنّية للمرأة في البنية الذهنية للحكّام الإماراتيين وبما هو عقاب جماعي تمييزي وعنصري تجاوزه التاريخ وأصبح يتندّر به في الجلسات الخاصة، فما بالك في المجال السياسي والتعامل بين الدول.
اللّافت في الأمر - الذي يثير الدهشة بقدر ما يثير الإستغراب- ليس ما عمدت إليه وقصدته دويلة الإمارات من تقزيم لتونس وشعبها ولنسائها بصفة مخصوصة، رغم أنّهن في طليعة نساء العرب من حيث التمدرس والحصول على أعلى الدرجات العلميّة واكتساب الحقوق المدنية والإسهام الفاعل في الحقل المعرفي والثقافي والمشاركة القويّة في الحياة السياسية، فهذا الصنيع لا يلام عليه من جادت عليه السماء بسخاء ب"الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ " الأسود فانتقل بسرعة البرق ودون المرور عبر مراحل التطور الندريجي ، من مرحلة رعي الإبل بقدمين حافيتين أو تكاد، إلى مرحلة الثراء الفاحش بفضل البترو- دولار المكتسب باعتماد اقتصاد ريعي غير منتج ولا مستثمر لغياب البيئة المحفّزة. إنّ تطاول الإمارات -غير المقبول- على تونس عبر الإجراء التعسّفي المذكور في حقّ نساء تونس، ليس مردّه، أن تونس "قزم" سياسي واقتصادي وعسكري وديمغرافي- وهي ربما تكون كذلك في المطلق ولكن في كل الأحوال ليس بالمقارنة مع الامارات، هذه الدويلة الوليدة التي لا ماض ولا مستقبل لها، فلا تاريخ لها ولا حضارة. وهي رغم أبراجها الشاهقة المسجّلة بكتاب غينيس للأرقام القياسية فهي تبقى دولة مصطنعة بلا تراث عقاري متنوّع يحكي التاريخ ويبطنه لكل زائر. ذلك أن الحضارة تكتسب بالتراكم عبر التاريخ ولا تبرز فجأة كالفقاع.
ليس هذا فقط بل إنّ تطاول و تعملق الامارات على تونس، ليس مردّه أيضا، أنّ شعب تونس -رجالا ونساء- متخلّف قياسا بشعب الامارات-رجالا ونساء- كما يمكن أن يتبادر الى البعض من فاقدي الذاكرة والقافزين على التاريخ، الذين لا تهمّهم الا اللحظة الراهنة بمظاهرها الخادعة، بل إنّ مردّه، أنّ الماسكين اليوم بمقاليد السلطة- عموما- مراهقون سياسيون قزّموا ذواتهم بحصول أحزابهم على مساعدات، سخيّة أحيانا، من جهات إماراتيّة ألجمت أفواههم عن الكلام المباح، رغم ما عرف عنهم من إسهال لغوي، فقزّموا بالنتيجة شعبهم وبلادهم ذات الحضارة العريقة الممتدّة على اكثر من 3000 الاف سنة. وذلك لتهافتهم على فتات موائد شيوخ البترول الذين ظنّوا بسذاجة وغباء أنّهم قادرون على شراء ذمّة وكرامة شعب تونس بأكمله، ولكن "هيهات منّا الذلة" كما يقول الشيعة تأسّيا بالحسين شهيد كربلاء.
كما إنّ مردّه أيضا، أنّ الامارات التي تصطفّ مع الحلف المعادي للاسلام السياسي لم "تغفر" لتونس نجاح ثورتها دون باقي ما سمّي بالثورات العربية، ولا سيما تشريك حركة النهضة ذات المرجعيّة والبعد الاسلامي، في حكومات ما بعد ثورة 14 جانفي/يناير2011، وتعاملت مع الشعب التونسي العظيم الذي أسقط أحدى أعتى الدكتاتوريات العربية، كما لو أنّها وصيّة عليه. إلّا أنّها نسيت أو لعلّها تناست أّنّ الشعب التونسي لا يقبل الوصاية عليه من أيّة دولة، حتّى على افتراض أنّها قوّة اقليمية أو دولية، فما بالك بدولة فتيّة لا تزال تتلمس طريقها الى لعب دور جهوي لكنّه ثانوي.وهو مع ذلك، أي الدور، يلاقي اعتراضا شديدا من المجتمع الدولي، لا بل من المجتمع الخليجي ذاته، المنقسم على نفسه بين متحالف مع الاسلام السياسي ومعاد له. ويستخلص من ذلك بالنتيجة أنّ الموقف الاماراتي من تونس قد يكون مردّه الأساسي، إنّما هوالخلاف الخليجي الخليجي في علاقة بالموقف من الاسلام السياسي الذي أدّى فيما أدّى إليه من تداعيات، الى حصار قطر المساندة لثورة تونس ولحركة النهضة وللاسلام السياسي عموما، وهو مربط الفرس. ولا يعني ذلك مطلقا أنّ دولة قطر بريئة تماما من الممارسات التآمرية على بعض البلدان الشقيقة.
هذه قراءة أولى وسريعة لدواعي الأزمة المفتعلة بين تونس والامارات. ولكن إن عادت العقرب عدنا لها، ولكل حادث حديث. و حديث المستقبل قد يكون أكثر عمقا و إفاضة.
المهندس فتحي الحبّوبي



#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر و تأمّلات في كتاب: حصاد الغياب… اليد الصغيرة لا تكذب
- في الإعاقة والمعاقين وإبداعاتهم العديدة والمتعدّدة
- ماذا عن الخضوع الأعمى للإستبداد في المسيحيّة ؟
- أكذوبة المغالاة في حبّ الوطن وتراجيديا الإنسان العربي
- عندما تتتحوّل النوستالجيا إلى سكيزوفرينيا
- تناول معاناة الإنتظار بين صموئيل بيكيت وأونوريه دي بلزاك
- . الجوائز الأدبيّة.. بين التمدّد والتعدّد والقبول والرفض
- عندما تصبح المقاومة إرهابا عند العربان !!!
- مأساوية الواقع العربي عنوان لفشل الجامعة العربيّة وعطالتها
- نجم الدّين الحمروني رجل من رجال المرحلة بألف رجل له خصائص ال ...
- قراءة سريعة في حروب ما بعد الحرب العالميّة الثّانية وتواقيته ...
- ليس الحرّ من يفعل ما يريد، بل هو من لا يفعل ما لا يريد
- العرب بدو في سلوكهم وإن إدّعوا التمدّن و الحضارة
- في رفض الجديد وتقزيمه والتصدي للتجديد وتحجيمه
- في التراجع عن المواقف الخاطئة : جان جاك روسو نموذجا
- أي نصيب للعرب من طباعة وقراءة الكتب؟ !
- العرب بين ضرورة الحداثة وتمدّد التنظيمات السلفيّة الرجعيّة
- المثقّف وهواجس قول الحقيقة و فعل التغيير و استقلاليّة الموقف
- عندما يتقاطع الفكر التكفيري مع الفكر السياسي المعاصر
- الإنتخابات الرئاسية التونسيّة والإختيار المرّ


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - دفاعا عن نساء تونس الماجدات من شطحات الإمارات