أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - فصل المقال بين ضروب التخريب وأشكال الإحتجاج














المزيد.....

فصل المقال بين ضروب التخريب وأشكال الإحتجاج


فتحي الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 5756 - 2018 / 1 / 13 - 02:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعيدا عن التطبيل للسلطة والتهليل لأدائها مهما بلغ من الكمال، و تأسيسا على أنّ العين لا ترى إلّا ما يراه العقل، فإنّه يتبدّى لكلّ ذي عقل راجح و عينين تبصران بوضوح، أنّ الاحتجاجات الليليّة التي تشهدها تونس منذ بداية الأسبوع الثاني من شهر جانفي (يناير/ كانون الثاني)، ليست حراكا شعبيا بالمفهوم الإجتماعي كما هو متداول إعلاميّا. وهي ليست بريئة لأنّها ببساطة شديدة، ليست اجتماعية خالصة، ترفع مطالب معيّنة عبر شعارات محدّدة، معبّرة وواضحة تنشد وضعا أفضل ممّا هو عليه اليوم. يستتبع ذلك، بداهة، أنّ قانون المالية الجديد (2018)، بما جاء به من زيادات في الأسعار، طالت بالأساس بعض المواد الغذائيّة والطبيّة، والمحروقات، وبطاقات شحن الهواتف، والانترنيت، والعطورات، ومواد التجميل، جرّاء إحداث ضرائب جديدة والترفيع في نسب القيمة المضافة الموظّفة على المنتوجات، ليس بالضرورة هو السبب الرئيس لهذه التحرّكات الليليّة المريبة والمشبوهة. فلو كان ذلك خلاف ذلك لكانت الاحتجاجات سلميّة مؤطّرة من الأحزاب ومنظّمات المجتمع المدني و في وضح النهار لا آنَاء اللَّيل، لأنّ ابنُ اللَّيل إنّما هو اللِّص كما جاء في المعجم العربي، و لأنّ من يحتج إنّما يريد من وراء ذلك ابلاغ صوته للسلطة المعنيّة، التي قد تصغي اليه أثناء أوقات العمل، فيما إذا كانت مطالبه مشروعة، بصرف النظر عن تلبيتها لطلباته من عدمها. بهذا المعنى فإنّ ما تشهده تونس راهنا من إحتجاجات لعصابات منظّّمة، بعد أن يبسَط اللَّيلُ رداءَه بتعلّة الزيادات في الأسعار التي، وإن كانت تثقل، قطعا، كاهل المواطن وتساهم بصفة مخصوصة في مضاعفة معاناته ومزيد تفقير الطبقات الفقيرة والوسطى، فإنّ اللافت للإنتباه والمثير للإستغراب و طرح التساؤل، أن من يقوم - في الأغلب الأعمّ - بهذه الاحتجاجات اللَّيليّة الغريبة التي ترافقها عمليات السرقة والنهب والسلب والتخريب، ليس ذلك المواطن العادي المتضرّر الفعلي والأساسي من إرتفاع الأسعار، بل هو ذلك المنحرف الخطير وذلك التكفيري الساذج، لغايات باتت لا تخفى اليوم حتى على السذّج فما بالك بغيرهم ممّن رجحت عقولهم فنظروا إلى ما يجري بصفاء ووضوح . والّا، فما معنى إغلاق الطرقات بالإطارات المشتعلة و حرق المراكز الأمنيّة ورشق من فيها بالحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة واتّساع رقعة الصدامات والتحرّكات التخريبيّة، غير إمكانيّة تسلّل الإرهابيين من الجبال الى المدن وانتصار، قوى الرجعيّة والظلام، وكذا رموز الثورة المضادّة من الأزلام والفاسدين،لا بل والإجهاز على التجربة الديمقراطيّة الوليدة. وما معنى نهب الفضاءات التجاريّة الكبرى واتلاف الوثائق الادارية غير تعثّر التنمية -المتعثّرة أصلا- وبثّ الفوضى وإضعاف الدولة والحكومة تحديدا، بما هي في مفهوم هؤلاء، طاغوتا يجب مقاومته "شرعا" بكل السبل، و بما هي في مفهوم بعض المعارضين، الخصم، بل العدو اللدود الذي يجب هزمه والاطاحة به للانقضاض على السلطة بدلا منه. وأخيرا ما معنى محاولة إحراق مدرسة يهودية بجربة، غير بثّ الفتنة الطائفيّة بدل التعايش الديني الذي يميّز تونس منذ الأزل. لذلك فإنّ الفاعلين الأساسيين وراء التحرّكات الليليّة المريبة، ليسوا بالتأكيد، هؤلاء الصبية والشبّان والمخرّبين المغرّر بهم، بل هم بالدرجة الأولى قادة التيّارات السلفيّة التكفيريّة الجهاديّة و والقيادات الحزبية و تنظيمات المجتمع المدني (حركة “فاش نستناو” ؟ بصفة مخصوصة)، التي دعت إلى التجييش و التهييج وتعبئة الشارع حال المصادقة على قانون المالية الجديد بما اشتمل عليه من إجراءات تقشفيّة، لم يكن ولن يكون لأيّة حكومة- مهما كان لونها السياسي- خيار آخر غيرها، للحدّ من عجز الموازنة الذي بلغ اليوم 6 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلّي،أي ضعف النسبة المقبولة إقنصاديا (3 بالمائة). وهو رقم مفزع ومخيف يمثّل صيحة فزع جدّية تؤشّر على الدنو من إفلاس الدولة إن هي تراخت في اتّباع سياسة تقشّفيّة باعتماد إجراءات مؤلمة.
المهندس فتحي الحبّوبي



#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن نساء تونس الماجدات من شطحات الإمارات
- خواطر و تأمّلات في كتاب: حصاد الغياب… اليد الصغيرة لا تكذب
- في الإعاقة والمعاقين وإبداعاتهم العديدة والمتعدّدة
- ماذا عن الخضوع الأعمى للإستبداد في المسيحيّة ؟
- أكذوبة المغالاة في حبّ الوطن وتراجيديا الإنسان العربي
- عندما تتتحوّل النوستالجيا إلى سكيزوفرينيا
- تناول معاناة الإنتظار بين صموئيل بيكيت وأونوريه دي بلزاك
- . الجوائز الأدبيّة.. بين التمدّد والتعدّد والقبول والرفض
- عندما تصبح المقاومة إرهابا عند العربان !!!
- مأساوية الواقع العربي عنوان لفشل الجامعة العربيّة وعطالتها
- نجم الدّين الحمروني رجل من رجال المرحلة بألف رجل له خصائص ال ...
- قراءة سريعة في حروب ما بعد الحرب العالميّة الثّانية وتواقيته ...
- ليس الحرّ من يفعل ما يريد، بل هو من لا يفعل ما لا يريد
- العرب بدو في سلوكهم وإن إدّعوا التمدّن و الحضارة
- في رفض الجديد وتقزيمه والتصدي للتجديد وتحجيمه
- في التراجع عن المواقف الخاطئة : جان جاك روسو نموذجا
- أي نصيب للعرب من طباعة وقراءة الكتب؟ !
- العرب بين ضرورة الحداثة وتمدّد التنظيمات السلفيّة الرجعيّة
- المثقّف وهواجس قول الحقيقة و فعل التغيير و استقلاليّة الموقف
- عندما يتقاطع الفكر التكفيري مع الفكر السياسي المعاصر


المزيد.....




- المتهم بمحاولة اغتيال ترامب -مصدوم- من التهمة الموجهة إليه
- الخارجية الروسية: نقل الولايات المتحدة منظومات -ثاد- إلى إسر ...
- دراسة مفاجئة عن عواقب شرب الحوامل للقهوة!
- الحمض النووي يحل لغز مكان دفن كريستوفر كولومبوس
- وزير الخارجية البريطاني يشارك في اجتماع للاتحاد الاوروبي لأو ...
- الجيش الصيني يجري مناورات ضخمة بالقرب من تايوان
- غوتيريش: أي هجمات على اليونيفيل قد تشكل جريمة حرب
- الدفاع المدني: مقتل 15 شخصا في قصف مدرسة تؤوي نازحين في غزة ...
- -استفزاز- صيني جديد قرب تايوان
- -كنا نلعب-.. غزة: أطفال بين أكثر من 40 قتيلاً في الغارات الإ ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - فصل المقال بين ضروب التخريب وأشكال الإحتجاج